ترجمة: شروق السيد
في ظل التحديات الاجتماعية والسياسية التي تواجهها النساء في إيران، عُقدت ندوة متخصصة بعنوان “النساء وما بعد الانتخابات” بمشاركة نخبة من الأكاديميات والناشطات في مجال قضايا المرأة، استعرضت الندوة، التي تناولتها الصحيفة الإيرانية “هم ميهن” في تقريرها، مطالب النساء في ظل الحكومة الحالية لمسعود بزشكيان. كما سلطت الندوة الضوء على قضايا مثل التمثيل السياسي، ودور المرأة في التنمية الوطنية، وناقشت المتحدثات، ومنهن كتايون مصري والهه كولائي، التقدم المحدود الذي تحقق في تمكين النساء، مع التركيز على العقبات السياسية والاجتماعية التي تعيق تطورهن.
كتبت الصحيفة الإيرانية “هم ميهن“: أُقيمت ندوة متخصصة بعنوان “النساء وما بعد الانتخابات” لطرح مطالبات النساء من الحكومة الرابعة عشرة (الحكومة الحالية لمسعود بزشكيان)، بمشاركة كل من إلهه كولائي، أستاذة العلوم السياسية بجامعة طهران وعضو مجلس إدارة الجمعية الإيرانية لدراسات المرأة، وأعظم حاجي عباسي الأمينة العامة لجمعية زينب، ومريم نصر أصفهاني عضو هيئة التدريس في معهد العلوم الإنسانية والدراسات الثقافية، وكتايون مصري الباحثة في دراسات المرأة والنوع الاجتماعي، وذلك في بيت المفكرين في العلوم الإنسانية.
كانت كتايون مصري، أمينة الندوة وباحثة في مجال المرأة، أولى المتحدثات، حيث أكدت أن الرسالة الأهم لهذه الانتخابات هي رغبة النساء في التغيير، سواء عبر المقاطعة أو المشاركة الفعالة، ومن وجهة نظرها، كانت النساء مقتنعات بضرورة التغيير، ولديهن مطالب لا يمكن تجاهلها بسهولة: “عندما طرح السيد بزشكيان شعار العدالة، لم يكن يحمل توجها محددا في وعوده، لكن نحن النساء نظرنا إليه من منظور مختلف، حيث رأينا أنه يشمل العدالة الجندرية، والقومية، وحقوق الأقليات أيضا”.
وأضافت أن النساء من مختلف مناطق البلاد، إن منحن أصواتهن لأي مرشح، كانوا يعبرن عن رغبة واضحة في إحداث تغيير في المجتمع؛ وهو مفهوم يمكن النظر إليه من عدة زوايا، إن إيمان النساء بالتغيير هو إرادة للتحرك، وهو ما نراه فيهن.
وتحدثت عن إحصائيات تحقيق وعود مجال المرأة خلال أول 100 يوم من الحكومة قائلة: “إلى جانب تعيين ثاني وزيرة وأول ناطقة باسم الحكومة، شغلت نحو 28 امرأة مناصب إدارية متوسطة، لكن بالنظر إلى نسبة النساء السكانية وحجم مطالبهن وقدراتهن في مجالات متعددة، إذا توقف هذا المستوى عند هذا الحد، فسيكون الأمر محبطا، وقد شدد نائب الرئيس مؤخرا على الاستعانة بالنساء والشباب والأقليات في المناصب الاستشارية والإدارية الوسطى، ولكن هذا التوجيه صدر سابقا، ومع ذلك لم تتحقق النقطة المضيئة التي توقعناها، وهو على الأقل 30% من تواجد النساء في المناصب الإدارية”.
واستعرضت مصري في حديثها خارطة الطريق الحالية لنائب الرئيس لشؤون المرأة، والتي تتمثل في برنامج التنمية السابع، موضحةً أولويات هذه الإدارة: “يُخصص الفصل السادس عشر من هذا القانون للمرأة، والأسرة، والسكان، ويشمل تعزيز النماذج الصحيحة لاختيار الشريك، وتشجيع الزواج السهل والمستدام وفقا للثقافة الإسلامية والإيرانية، بالإضافة إلى ورش تدريبية للمهارات الوظيفية، ومراكز استشارات أسرية متخصصة، وورش لمنع الطلاق، وزيادة الابتكار في مجال المرأة والأسرة… ويتعين على هذه الإدارة تنفيذ برنامج عملي بحلول عام 2028، لكن إلى أي مدى اهتم هذا القانون، باعتباره وثيقة مرجعية عليا، بتغطية جميع احتياجات النساء نظرا للتوزيع الجغرافي الواسع وتنوع قضاياهن؟”
وأشارت إلى أن حديثها ركز على نظرة برامج التنمية في البلاد الخاص بالمرأة، حيث انتقدت عدم مراعاة احتياجات النساء من مختلف الطبقات الاجتماعية وعدم إجراء دراسة لاحتياجاتهن: “في هذه البرامج، لا يتم النظر إلى المرأة ككيان مستقل، فجزء كبير من هذه البرامج يسعى إلى إعادة إنتاج الزواج، والإنجاب، والأدوار التقليدية والصور النمطية للنساء، أنا لا أنكر إطلاقا أن معدلات الطلاق قد زادت وأن السكان يتجهون نحو الشيخوخة، وأنه من الضروري منع بعض الأضرار التي تطال النساء والأسر، لكن قضية المرأة في مجتمعنا أوسع بكثير، وتأتي الأسرة ضمنها”.
وتوضح عواقب النظر إلى احتياجات المرأة على قدم المساواة في برامج التنمية الوطنية: “كم من احتياجات النساء في النقاط الجغرافية المختلفة تم أخذها في الاعتبار في هذه البرامج؟ كم من احتياجات النساء من القبائل والريف، ومن فتيات الأجيال (زد وألفا) قد تم الاعتناء بهن؟ على أي حال، هذه البرامج من المفترض أن تُعتبر وثيقة مرجعية حتى عام 2028، في أي جزء من هذا البرنامج تم النظر في احتياجات النساء اللواتي بلغن سن العزوبية النهائية؟ في البرنامج السابع للتنمية، حتى في مناقشة قضايا الإدارة النسائية، لا يتم التركيز أو إعطاء الأولوية لها، فأهم مطالب النساء في المرحلة الأولى يتطلب دراسة احتياجاتهن والتعرف على حالتهن وظروفهن، ولا يمكن تحقيق ذلك إلا إذا كنا على دراية بتجارب النساء في مختلف أنحاء البلاد ونخطط على أساسها”.
وأضافت مصري أن معاونة شؤون النساء لا تأخذ الأولويات الحديثة في الاعتبار، من جهة أخرى، فإن المؤسسات الموازية في هذا المجال تؤثر بشكل سلبي على تنفيذ الوثائق المرجعية: “لدى معاونة شؤون النساء والأسرة خارطة طريق جاهزة، وفي المرحلة الأولى على سبيل المثال، تعقد جلسات قانونية بشأن شروط الزواج، أشعر بأن هذه المعاونة متأخرة في هذا المجال؛ لأنه في البداية هناك أولويات وأعمال أهم، ويجب أن تعمل على تحديد المشاكل القانونية، إذا كان هناك مثل هذا الوثيقة، فيجب أن يتم العمل على دراستها من قبل الخبراء ووضع الأولويات، مشاكل النساء الريفيات والبدويات تختلف عن مشاكل النساء في المدن وحتى في ضواحي طهران”.
ومن وجهة نظر السيدة مصري، فإن كيانا موازيا مثل “المركز القومي للمرأة والأسرة” لا يتوافق مع مكتب المرأة برئاسة الجمهورية، وهو أحد الأسباب التي تجعل السياسات المرجعية لا تُنفذ هو: “إننا نطرح كل هذه المقترحات ولكن بلا آلية تنفيذ، لأن لدينا مؤسسات هي ما تصنع السياسات، على سبيل المثال، الهيئة الوطنية للمرأة والأسرة لديها كيان غير متجانس تماما مع نائب شؤون المرأة، وعدم التوافق هذا مثل العظم في الجرح، ومن جهة أخرى، فإن نائب شؤون المرأة لا تمتلك الميزانية الكافية، والنسبة المئوية التي كان يجب تخصيصها من ميزانيات الأجهزة الحكومية لها لم يتم اعتمادها بعد، كما لو أنهم لا يعيرون اهتماما لمناقشة استشارات النساء ولا يهتمون بها في كافة الأجهزة المختلفة”.
الإرادة السياسية للتغيير
كانت إلهه كولائي، أستاذة العلوم السياسية في جامعة طهران وعضو بالدورة السادسة للبرلمان، المتحدثة الثانية بهذه الندوة، في جزء من حديثها، تناولت فقدان الإنجازات في مجال المرأة في السنوات الأخيرة، وأكدت ضرورة التركيز أولا على الواقع، بمعرفة ما هي الإنجازات التي فقدناها وما هي الظروف التي نعيش فيها الآن: “يجب أن نعرف ما هي التصورات التي كانت لدينا والتي كنا نعتقد أنها قابلة للتحقق، لماذا فقدناها؟ يجب أن نأخذ الواقع كأساس للتحرك، ونعلم أن الطريق صعب، لقد كنتُ في عدة دورات في الأحزاب الإصلاحية وكنت أرى أنه إذا وصلوا إلى السلطة، فإن النساء سيكون لديهن فرصة للوصول إلى المناصب القيادية وصنع القرار؛ لكن هذا يحدث عندما نقبل أنه يجب أن نكون منظمين وناشطين في الأحزاب السياسية، تكلفة العمل السياسي في بلدنا مرتفعة جدا ومن الطبيعي أن نواجه هذه المشكلة في الأحزاب أيضا، نحن نذكر نسبة 30% للنساء في الأحزاب، ولكن هذه النسبة ليست كافية لوضع النساء في المناصب العليا داخل هيكل الحزب؛ لأن العمل الحزبي مكلف جدا”.
وأضافت: “يجب أن نتحرك وفقا للواقع وأن تكون سرعتنا متناسبة مع قدراتنا، إذا ارتفعت تكلفة العمل السياسي، فلن يدخل أحد إلى هذا المجال، رأينا أنه إذا حصلت قائمة حزب ما على أصوات، فإن جميع النساء في تلك القائمة يدخلن البرلمان؛ وهذا يدل على أن إرادة الأحزاب ترتبط بوصول النساء إلى السلطة، ولكن يجب على النساء أن يعملن أكثر من الرجال عدة مرات لكي يتمكنّ من الحصول على الفرص نفسها التي يحصل عليها الرجال، أي إنهن يجب أن يفتحوا هذه الطرق بجهد”.
قلة وجود النساء في المناصب الإدارية العليا
وتابعت كولائي بالحديث عن قلة وجود النساء في المناصب الإدارية العليا والانخفاض الملحوظ لذلك في السنوات الأخيرة: “في بلادنا يجب أن نثبت أولا أننا بشر ولسنا مجرد أدوات جنسية، قدرات النساء في العديد من الحالات يمكن أن تكون أعلى بكثير من مجرد الأعمال المنزلية، واستمرار النسل، وأدوار الزوجة، لقد أثبتت النساء أنهن قادرات على أداء مهامهن في المناصب الإدارية العليا بشكل جيد، وفي الوقت نفسه يكن لهن حضور نشط في الأدوار التقليدية.”
وأضافت: “لماذا المجتمع يواجه هذه الفجوة، والحكومة تكتب برنامجا وتريد فرضه، لكن المجتمع لا يقبله؟ المجتمع له احتياجاته أيضا، في هذه الفترة التي امتدت 46 عاما، تم خلق توقعات كانت نتيجة هذا التغيير، وهي أن النساء يمكنهن ويجب أن يكنّ جزءا من الحياة العامة، لا يوجد مانع ديني لوجود المرأة في الحياة العامة، إذا كانوا قد حددوا مكان المرأة في المجتمع في ظل الشريعة قبل الثورة، فإن هذا الحاجز تم رفعه بعد ذلك، فلماذا لا يُسمح للنساء بالنمو؟ السبب واضح؛ لأن الهيمنة الذكورية والأبوية سادت في مجتمعنا لقرون، وهذه الأسس لا تتغير بين ليلة وضحاها”.
كولائي أوضحت أنه يجب أخذ هذه الحقيقة في الاعتبار، وهي أن الإرادة السياسية للحكام في المنطقة هي التي تغير وضع النساء، ومثال على ذلك تجربة دول جنوب الخليج العربي والسعودية: “لقد شاهدت مرارا وتكرارا كيف كانت النساء في الدول الإسلامية يتحدثن عن نموذج النساء الإيرانيات فيما يتعلق بتمكنهن من فتح طريقهن في مواجهة جميع العوائق والصعاب، ولكن هناك حقيقة واحدة؛ وهي أن الإرادة السياسية للحكام في منطقتنا هي التي تغير وضع النساء، لقد تقدمت السعودية والإمارات وقطر ودول الجنوب في هذا المجال، بينما تراجعنا نحن إلى نهاية التصنيف للتفرقة بين الجنسين”.
وتحدثت الأستاذة الجامعية عن مؤشرات إيران في مجال التنمية والفجوة بين الجنسين والمشاركة في الاقتصاد، مشيرة إلى أنه وفقا لهذه المؤشرات، ظل عدد النائبات ثابتا عند خمسة بالمئة طوال هذه السنوات، في حين أن رؤساء الدول والوزراء من النساء وصلوا إلى السلطة في دول مختلفة حتى في منطقة الشرق الأوسط، ولكن في إيران يجب أن نكون راضين بوزيرة واحدة: “عندما ضاعَتْ فرصنا، أصبح التيار الفكري المنافس هو السائد، في فترة أحمدي نجاد، تم السعي بشكل منهجي لعودة النساء إلى المنازل، وفي فترة رئيس الجمهورية روحاني، كانت هناك بعض المحاولات لكننا عدنا مرة أخرى إلى فترة السنوات الثلاث التي كانت كأن لا وجود لشيء اسمه المرأة في المجتمع”.
وأضافت: “ما زلنا في نفس مستوى المشاركة الاقتصادية والاجتماعية للنساء كما كان قبل 50 عاما، ما زلنا نواجه تحديا في مسألة تعيين النساء محافظات للمناطق؛ لأنهم لا يقبلون بذلك ولا توجد إرادة سياسية لهذا التغيير، إما أن الأسس يجب أن تتغير وهذا يتطلب وقتا طويلا، أو أن الحكومة يجب أن يكون لديها إرادة للتغيير ولكن توجهاتها تنكر قدرات النساء البشرية على النمو ورفع مستوى المجتمع، لا يمكن أن تتحقق التنمية والتقدم دون مشاركة كاملة لطاقات النساء”.
وأوضحت كولائي أيضا أنه ما لم يتم التركيز على الوضع الاجتماعي للنساء في العالم والمنطقة والدول الإسلامية، فلا يمكننا أن نفهم بشكل جيد، الوضع في العالم: “مثل جميع النساء في العالم، تواجه نساء مجتمعنا أيضا العديد من الموانع للحصول على حقوقهن، بما في ذلك الحصول على حصة من السلطة، الانتخابات هي محاولة للوصول إلى السلطة، وتعتبر مؤسسة الانتخابات في بلادنا مستوردة، وجميعنا نعلم أن الأسس والبُنى التحتية لها غير موجودة”.
وأضافت: “البذرة التي لم نزرعها، لا يمكننا جنيها، نحن كناشطين وأشخاص نسعى للتغيير، لا نرضى بالوضع القائم ولا نراه مناسبا للشعب، ولكننا نُقلل من التفكير في الطرق التي سلكها الآخرون، قضية النساء جزء من قضايا الديمقراطية في أي مجتمع، وضعهن لا يمكن فصله عن وضع الرجال؛ رغم أنهن يتعرضن للظلم المزدوج الذي لا يتعرض له الرجال، جميعنا نشهد هذه التقدمات والتراجعات المكلفة”.
وتعتقد كولائي أن قضية النساء لا يمكن أن تكون منفصلة عن قضايا الرجال والديمقراطية وحقوق الإنسان وتحولات المجتمع: “نحن مثل باقي الدول الإسلامية والعالم، اليوم ترى النساء في أوروبا يتبوأن مواقع بارزة جدا مثل المناصب القيادية العليا في الأنظمة السياسية؛ وهذا يعود إلى تراكم تاريخي دام 200-300 عام، حيث قاموا ببناء المؤسسات وخلق ثقافة، لا يمكننا الحديث عن حقوق الإنسان في ظل الجوع.
لا يمكننا وضع احتياجات جميع النساء جنبا إلى جنب واعتبار اختلافاتهن وتوقعاتهن على أنها واحدة، إن فهم هذه السياقات مهم جدا بالنسبة لنا، لدينا نية صادقة في المجتمع، نريد الوصول إلى الظروف المثلى، ولكن كيف؟ ما هو الطريق؟ نحن في العالم نحتل مكانة الدول الأقل تطويرا، وكل مؤشرات التخلف التنموي تظهر في بلادنا، وهذا يعني أنه لا يمكننا تجاهل نماذج الآخرين للخروج من التخلف، لدينا تاريخ وحضارة لها تأثير كبير، ولكن أين مكانتنا الآن؟”.
هل الشبكات السياسية النسائية ناجحة؟
“إذا أردنا الانتقال من الوضع الحالي إلى الوضع المنشود فيما يخص النساء، فما الإجراءات التي يجب أن نتخذها خطوة بخطوة؟”.. كان هذا هو السؤال الذي طرحته أعظم حاجي عباسي، الناشطة السياسية والسكرتيرة العامة لجمعية زينب، في هذه الندوة، واعتقدت أن حلولا مثل إنشاء أحزاب نسائية وانتخاب السياسيات من خلال الآليات السياسية الخاصة بهن يمكن أن يكون جزءا من هذا المسار، حاجي عباسي هي إحدى أعضاء “جمعية زينب” و”ائتلاف النساء الإسلاميات”، وطرحت وجهات نظرها من خلال هذه الأنشطة السياسية.
ووفقا لها، في ظل الظروف الحالية، أصبح النشاط الحزبي في إيران أكثر صعوبة وواجه المزيد من القيود، من بين الأمثلة على ذلك، البيان الذي أصدره لجنة النساء في “بيت الأحزاب” في عام 2017 بشأن العنف ضد امرأة بسبب الحجاب: “بعد هذا البيان، تعرضنا لهجوم شديد وقالوا إنه لا يمكن للأحزاب ممارسة النشاط السياسي، بل يجب أن تقتصر أنشطتها على النشاطات النقابية، قلنا لهم إنهم حتى قيدوا النشاط النقابي لنا، في فترة أحمدي نجاد، تم إغلاق بيت الأحزاب، وفي فترة حكومة روحاني، تم تشكيل المجلس المركزي للأحزاب، وفي فترة رئيس حكومة رئیسی، بسبب عملية (التصفية)، تم وضع عوائق أخرى أمام الأحزاب”.
اعتبرت حاجي عباسي أن نتيجة نشاط الأحزاب النسائية كإصدار قوانين لصالح المرأة أو منع صدور قوانين ضدها: “في عام 2007، وباقتراح من السلطة القضائية، تم إرسال قانون دعم الأسرة إلى حكومة أحمدي نجاد، وتمكنا من منع بعض بنود المادة 23 من هذا المشروع الذي كان يسمح للرجال بالزواج مرة أخرى دون علم أو موافقة الزوجة، مثال آخر هو تعديل قانون نصيب المرأة من الميراث في الزواج، وهو تحول كبير في هذا المجال، وبمساعدته تمكّن النساء الشيعة من وراثة الأرض بعد قرن من الزمن”.
طرحت حاجي عباسي حلولا للخروج من الوضع الحالي، بعضها يتعلق بوسائل الإعلام؛ حيث اعتقدت أنه يجب إنشاء قناة خاصة بالنساء في الإذاعة والتلفزيون الإيرانية، يتم فيها طرح قضايا النساء وزيادة الوعي: “في الفترة الأخيرة، أصبح موضوع عدم وجود رئيسة جمهورية امرأة أكثر أهمية، ولكن برأيي يجب أن تسبق هذه المطالبات خطوات أخرى حتى نتمكن من المطالبة بذلك، لقد كافحنا لسنوات من أجل أن تكون هناك وزيرات وللنساء حصة في مقاعد البرلمان.
يجب أن تُقدّم النساء إلى هذه المناصب من خلال قنوات خاصة بهن؛ لأنه إذا تم تعيينهن بواسطة الرجال أو تم تضمينهن في القوائم، فلن نصل إلى هدفنا، يجب أن تتولى النائبات في البرلمان تمثيل نساء البلاد إضافة إلى تمثيل دوائرهن الانتخابية، علاوة على ذلك، يجب تشكيل جبهة موحدة للنساء تتسم برؤية غير حزبية، وعلينا التركيز على القواسم المشتركة بيننا”.
القضاء على التمييز هو المطلب الرئيس للمرأة
كانت آخر متحدثة في هذه الندوة مريم نصر إصفهاني، عضو معهد العلوم الإنسانية والدراسات الثقافية، التي تحدثت في جزء من كلمتها عن كيفية حضور النساء في هذه الدورة من انتخابات الرئاسة، واعتقدت أن العلاقات بين النساء والحكومة قد تغيرت بعد أحداث عام 2022، وكان انعكاس ذلك واضحا في الانتخابات.
جزء من ذلك يتعلق بحضور النساء لتسجيل أنفسهن في الانتخابات من جميع الأطياف داخل الحكومة، وجزء آخر يتعلق بمقاطعة النساء وصرف نظرهن عن صناديق الاقتراع: “أصدقائي في الحملات الانتخابية كانوا يقولون إن النساء قد أدرن وجوههن عن الانتخابات ولم يعدن مستعدات للمشاركة في النقاشات الانتخابية بسبب ما يعانين منه من أشكال التمييز”.
وأضافت نصر إصفهاني أنه “بناء على الدراسات الاستقصائية الوطنية، نعلم أن المطالبة الرئيسية للنساء هي القضاء على التمييز، الذي يعني شيئا مختلفا في كل منطقة وطبقة اجتماعية، واحدة من الطرق المحتملة لتقليل التمييز قد تكون من خلال مشاركة النساء في السلطة، وعندما نتحدث عن المطالبة بمشاركة النساء في السلطة، لا يعني ذلك جميع النساء، لأننا نعلم أنهن يجب أن يكن نساء مسلمات، شيعيات، ملتزمات دينيا، متخصصات، وربما مقيمات في طهران ومتعلمات، ويفضل أن يكنّ مرتديات الحجاب، وإذا كانت لديهن صلات أسرية أو نسبية مع رجال في الحكومة، فربما يكون وصولهن أسهل، في الآونة الأخيرة، يجب أن تكون استفسارتهن أيضا إيجابية، يقع هذا التمييز في قلب تمييز أكبر وقد تسبب في هجرة عدد كبير من النساء المتخصصات من إيران، بلدنا فقد الكثير من طاقاته النسائية المتخصصة”.
وأضافت أن النساء أصبحن مؤخرا موضوعا في السياسة، ولم يكن العدالة والسياسة تهتمان أبدا بقضايا النساء: “المنزل لا يزال مكانا للتمييز والتسلسل الهرمي والسلطة التي يكتسبها فرد فقط بسبب جنسه، وهذه القوانين لا تزال موجودة في قوانيننا، هناك عقبات أمام دخول النساء إلى المناصب الإدارية، وهذه العقبات مضاعفة في بلادنا”.
وفقا لما قالته، يعود جزء من عوائق حرمان النساء إلى القيود التاريخية والقانونية، والمعايير الثقافية، وسيطرة الأدوار الجندرية، والمشاكل السياسية والحزبية، والحرمان من شبكات السلطة واتخاذ القرار، إضافة إلى القيود الاقتصادية، والتحيزات المؤسسية، وضعف سلطة النساء: “أعتقد أن الحزب النسائي وفصل النساء ليس فقط لا يعزز قوتهن، بل يضعفهن أيضا ويؤدي إلى دور شبيه بدور نائب شؤون المرأة الذي ليس له مكان حقيقي، في الـ100 يوم التي مرت من عمر الحكومة الجديدة، نرى أنواعا من التمييز ضد النساء اللاتي تم تعيينهن في هذه الحكومة، ومن أبرزها التمييز الإعلامي.
يتم وضع معايير أعلى للنساء، وعندما يأتي دورهن، يجب أن يتمتعن بكثير من الخبرات والخصائص التي لم تطلب من الرجال قبلهن، يجب القضاء على مثل هذه الأمور من خلال تعزيز الحساسية الجندرية وزيادة الوعي العام،يجب أن يكون المجتمع يقظا وألا يسمح لهؤلاء النساء اللاتي حصلن على منصب أن يتركوه هكذا، لقد رأينا هذا التدمير في الفترات السابقة ضد النساء اللاتي كن في الحكومة”.
أكدت نصر إصفهاني أن كون السياسي امرأة فقط لا يساعد في تقليل التمييز، وأن النساء اللواتي يدخلن السياسة يجب أن يكنّ لديهن وعي جندري ويتابعن قضايا العدالة وهموم النساء: “شعار السيد بزشكيان باسم الوفاق الوطني، هو الأقرب إلى هذه الأفكار التي تسعى النساء في إيران والعالم لتحقيقها، بغض النظر عما فعله بهذا الشعار، وهذا الوفاق تم مع الأفراد من الطبقات المهيمنة وليس مع المستبعدين والمهمشين، يمكن للنساء إضافته إلى شبكة مفاهيمنا السياسية”.