حوار مصطفى أفضل زادة، مراسل “زاد إيران” في طهران
ترجمة: علي زين العابدين برهام
انطلقت جولة جديدة من المفاوضات النووية بين إيران ودول الترويكا الأوروبية بريطانيا وألمانيا وفرنسا، كما يترقب العالم مفاوضات محتملة بين طهران وواشنطن بعد تنصيب الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب.
حول مستقبل هذه المفاوضات، أجرى “زاد إيران” حوارا مع علاء الدين بروجردي، عضو لجنة الأمن القومي بالبرلمان الإيراني، والمساعد الأسبق لوزير الخارجية الإيراني.
انطلقت جولة جديدة من المفاوضات النووية بين إيران ودول الترويكا الأوروبية. فما السبب، برأيك، الذي دفع هذه الدول لإجراء هذه المفاوضات في الوقت الحالي؟
كان الاتفاق النووي حدثا إقليميا ودوليا مهما، وحظي بدعم قرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تحت عنوان “خطة العمل الشاملة المشتركة” المعروفة بـ(برجام). ومع ذلك، انهار هذا الاتفاق نتيجة انسحاب الولايات المتحدة المفاجئ خلال الفترة الأولى من رئاسة دونالد ترامب. فحذرت إيران الدول الأوروبية، مؤكدةً ضرورة أن تكون هذه الدول أكثر فعالية في تنفيذ بنود الاتفاق ورفع العقوبات.
ولكن هذه الدول، بسبب افتقارها إلى الاستقلال السياسي وتبعيتها للولايات المتحدة، لم تتمكن من القيام بأي خطوة فعالة، فاعتبرت إيران هذا الاتفاق مفترق طرق، وبالتالي لم تعد ملزمة بالاستمرار في الوفاء بالتزاماتها. ونتيجة لذلك، أصبحت إيران تمتلك كميات هائلة من اليورانيوم المخصب، الأمر الذي أثار قلق هذه الدول.
مع الأخذ في الاعتبار أن الأوضاع السياسية في المنطقة تطورت بطريقة دفعت- رغم انتهاك جميع المبادئ الإنسانية وحقوق الإنسان من قبل الدول الغربية- الولايات المتحدة، وإسرائيل، إلى توجيه ضربات متعددة لقادة جبهة المقاومة. إلا أن هذه الجبهة صمدت بقوة وقاومت، مما أدى في النهاية إلى هزيمة إسرائيل.
إن قبول هذه الهزيمة وكل هذه التطورات جعلهم يدركون أنهم لم يحققوا أي مكسب في هذه اللعبة غير المنطقية، مما اضطرهم إلى الجلوس على طاولة المفاوضات. وبناء على المبادئ التي تم إقرارها في الاتفاق النووي (برجام)، فإننا لن نقدم أي تنازلات إضافية في هذه الجولة من المفاوضات، شرطنا الأول هو رفع العقوبات بالكامل، إضافة إلى إنهاء الظلم الذي فُرض على شعبنا لعقود. مهمة حكومة إيران هي الوقوف ضد هذا الظلم ومحاربته واستعادة حقوق الشعب الإيراني.
مؤخرا، فُرضت عقوبات جديدة على قطاع الشحن البحري الإيراني وبعض الأفراد العاملين في هذا المجال بذريعة استخدام إيران السفن لنقل الطائرات المسيّرة إلى روسيا. فهل لهذه العقوبات علاقة بالمفاوضات الأخيرة؟
فُرضت العقوبات تحت ذرائع مختلفة منذ البداية، أما العقوبات الأخيرة التي استهدفت الخطوط الجوية الإيرانية وقطاع الشحن البحري، فتأتي في السياق نفسه. هذه الإجراءات تتعارض تماما مع أي رغبة في التفاوض أو تحقيق التفاهم. إذا كانت الدول الأوروبية تسعى بصدق إلى الحوار، فعليها أن تمتنع عن اتخاذ مثل هذه الخطوات، فهذه التصرفات من الممكن أن تؤدي إلى فشل المفاوضات.
هل ستثمر المفاوضات النووية مع الدول الغربية عن نتائج لإيران؟ وما هي النقاط الإيجابية والسلبية للمفاوضات بالنسبة لإيران؟
هدفنا الأساسي هو إنهاء الظلم التاريخي الذي تعرض له شعبنا، ورفع العقوبات المفروضة علينا دون وجه حق، والتي لم تراعَ فيها أي معايير إنسانية، فقد طالت حتى الأدوية المخصصة لمرضى السرطان والحالات الحرجة، في انتهاك واضح لكل المبادئ الإنسانية وحقوق الإنسان. إننا نسعى من خلال هذه المفاوضات إلى رفع هذه العقوبات الظالمة واستعادة حقوق الشعب الإيراني.
نظرا إلى أن هذا الأمر ثنائي ومعادلة ذات طرفين، فإذا كانت الأطراف الأخرى مهتمة بالتزامنا بالمبادئ الأساسية للاتفاق النووي، فعليها أيضا أن ترفع العقوبات غير الإنسانية في أسرع وقت ممكن. وبالتالي، إذا لم تسفر هذه المفاوضات في النهاية عن نتيجة ملموسة، فلن نتضرر كثيرا، لأننا نعيش تحت وطأة العقوبات بالفعل.
لكنهم يشعرون بالقلق إزاء الخطوات الكبيرة التي نخطوها يوما بعد يوم نحو ممارسة حقنا في تخصيب اليورانيوم بأي مستوى نحتاج إليه. هذا القلق، من وجهة نظرنا، غير منطقي ولا يستند إلى أي أسس مبدئية. إذا كانوا يريدوننا أن نلتزم بالقيود، فعليهم رفع القيود المالية التي يفرضونها علينا.
تحمل المفاوضات بين إيران والغرب أبعادا متعددة، لكن السؤال هو: لماذا يركز الغرب على القضية النووية بهذا الشكل؟
إنهم يعتقدون أننا نسعى لصنع القنبلة النووية. لدينا القدرة لفعل ذلك، لكننا قبلنا بعدم صنعها بموجب معاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية NPT. إضافة إلى ذلك، هناك فتوى من المرشد الأعلى علي خامنئي، بتحريم الأسلحة النووية، ولكن إذا أرادوا استغلال هذا والاستمرار في فرض العقوبات، فمن الممكن تغيير هذه العقيدة في المستقبل.
هل توجد أي فروق بين إدارة الولايات المتحدة الجديدة ونهج ترامب السابق في التعامل مع إيران والمفاوضات النووية؟
من الممكن أن يكون هناك اختلاف، لكن يجب أن نرى أولا ما هي خطة الإدارة الأمريكية في ما يتعلق بالعقوبات. لدى ترامب سجل أسود، فقد أصدر أوامره باغتيال قاسم سليماني، قائد فيلق القدس بالحرس الثوري، وأعلن ذلك بكل وضوح. هذا الملف لم يغلق إلى الآن، وهو ملف يجب متابعته في الوقت المناسب.