ترجمة: علي زين العابدين برهام
نشرت صحيفة “آرمان ملي” الاثنين 10 مارس/آذار 2025 تقريرا حول تطورات المفاوضات بين إيران وأوروبا، في ظل التوترات بين طهران وواشنطن، فلا تزال الولايات المتحدة الأمريكية ترسل رسالتها إلى العالم بشأن الملف النووي الإيراني من خلال ثنائية “التفاوض أو الحرب”.
وذكرت أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب روّج لهذه السياسة عبر وسائل الإعلام، ساعيا إلى زيادة الضغط على طهران. في المقابل، أكدت إيران بوضوح استعدادها للتفاوض، ولكن ليس تحت الضغط، ما يُعدّ ردا مباشرا على سياسات ترامب. ويبدو أنه ما لم تتراجع واشنطن عن هذه الضغوط، فإن طهران ستواصل تمسكها بسياستها تجاه المفاوضات النووية.
وأضافت أنه على صعيد آخر، أصدر ترامب أوامر بتكثيف الضغط على الأساطيل البحرية، لمنع إيران من بيع نفطها بسهولة. وتفيد بعض التقارير بأن الصين تواجه أيضا تحديات في شراء النفط الإيراني. ومع ذلك، ادّعى ترامب في مقابلة حديثة أنه أرسل رسالة إلى المرشد الأعلى لإيران، وهو ما نفته السلطات الإيرانية، إذ أكد كل من وزير الخارجية والمتحدث باسم الوزارة أن أي رسالة من هذا النوع لم تصل إلى طهران.
الوسطاء في الميدان
ذكرت الصحيفة أنه في ظل العقبات التي وضعها ترامب أمام المفاوضات النووية، تسارعت جهود بعض الدول، بما في ذلك القوى الإقليمية والعالمية، لفتح مسار جديد لاستئناف المحادثات. من بين هذه الجهود، المشاورات الروسية-الأمريكية حول البرنامج النووي الإيراني، حيث أعلنت موسكو رغبتها في لعب دور أكثر فاعلية في هذا الملف. وفي هذا السياق، جاءت زيارة وزير الخارجية الروسي الأخيرة إلى طهران، التي اعتُبرت خطوة في هذا الاتجاه، رغم تأكيده أن حل الخلافات بين إيران والولايات المتحدة يجب أن يتم عبر الحوار المباشر.
وأضافت أنه في موقف يعكس اهتمام روسيا بالملف، صرّحت ماريا زاخاروفا، المتحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية، بأن الكرملين مستعد للمساهمة في إيجاد حل للأزمة النووية الإيرانية، قائلة: “نحن بصدد التخطيط لمحادثات منفصلة مع الولايات المتحدة بشأن البرنامج النووي الإيراني”. كما رجحت موسكو أن توافق إيران على الحد من برنامجها النووي وجعله أكثر شفافية، مقابل رفع العقوبات الغربية.
وأردفت أنه في المقابل، تسعى قطر أيضا للعب دور الوسيط في هذه القضية. فبعد نجاحها في التوسط لوقف إطلاق النار بين حماس وإسرائيل، تأمل الدوحة في أن تضطلع بدور رئيسي في الملف النووي الإيراني. وكان لدول الخليج العربية دور في الماضي في تهيئة الظروف لمفاوضات غير مباشرة بين طهران وواشنطن استضافتها الدوحة، فيما عُرف بـ”محادثات خفض التوتر”، والتي أسفرت عن اتفاق على استمرار الحوار ضمن فرق عمل متخصصة. إلا أن هجوم 7 أكتوبر/تشرين الأول والتطورات اللاحقة أديا إلى توقف هذا المسار.
الأوروبيون وآلية “سناب باك”
تابعت الصحيفة بأنه إلى جانب روسيا وقطر، تسعى الترويكا الأوروبية (فرنسا، ألمانيا، وبريطانيا)، باعتبارها أحد الوسطاء التقليديين في المفاوضات بين إيران والولايات المتحدة، إلى لعب دور أكثر فاعلية في دفع المحادثات قدما. ورغم تراجع العلاقات بين طهران وأوروبا في السنوات الأخيرة بسبب الحرب في أوكرانيا وبعض التطورات الداخلية في إيران، إلا أن الفترة الأخيرة شهدت عدة جولات حوارية بين الجانبين، أسفرت عن توافقات مبدئية لإعادة إحياء المفاوضات.
وأضافت أن الجولة الأولى من هذه المحادثات انطلقت على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة، وتبعتها جولتان إضافيتان، فيما أُعلن مؤخرا عن إدراج جولة جديدة من المفاوضات بين إيران وأوروبا ضمن جدول الأعمال.
وأوضحت أن آلية “سناب باك” تشكل إحدى القضايا المحورية في هذه المحادثات، حيث تسعى إيران إلى منع تفعيلها من قبل الأوروبيين عبر التفاوض. ومع ذلك، قد يلجأ الأوروبيون، تحت وطأة الضغوط الأمريكية والتطورات داخل حلف الناتو والحرب في أوكرانيا، إلى استخدام هذه الآلية كورقة ضغط على طهران.
وأردفت أنه في هذا السياق، صرّح إسماعيل بقائي، المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية، ردا على احتمال لجوء أوروبا إلى تفعيل “سناب باك”، قائلا: “لا نرى أي مبرر لتفعيل هذه الآلية، ونعتقد أن الأطراف الأخرى أدركت أنها ليست أداة فعالة للضغط”. كما شدد على أن الأوروبيين على دراية كاملة بتبعات أي خطوة من هذا القبيل.
وأشارت إلى أنه بشأن مسار المفاوضات بين إيران وأوروبا، فقد أوضح بقائي أن من المتوقع عقد الجولة الجديدة من المحادثات خلال مارس/آذار 2025، وأضاف أن هذه الجولة ستُجرى على مستوى الخبراء.
آفاق المفاوضات
في ظل استمرار الضغوط الأمريكية على إيران وتصاعد جهود الوساطة الدولية، يبقى السؤال المطروح: هل ستُسفر المفاوضات النووية هذه المرة عن نتائج ملموسة؟ في هذا الإطار، سيكون لدور روسيا وقطر والترويكا الأوروبية تأثير حاسم في تحديد مسار المحادثات.
من جهتها، تؤكد إيران تمسكها برفض التفاوض تحت الضغط، وتسعى جاهدة لمنع تفعيل آلية “سناب باك”. ومع ذلك، تشير التطورات الأخيرة إلى أن المسار الدبلوماسي لا يزال مفتوحًا، ورغم التحديات التي تعترض طريق المفاوضات، فإن فرص استئنافها بوساطة دولية لتخفيف التوتر لا تزال قائمة.
وخلال الأسابيع المقبلة، ستشهد الساحة الدبلوماسية مشاورات مكثفة، وستحدد نتائج هذه المفاوضات مستقبل الملف النووي الإيراني ومدى تطور العلاقات بين طهران والغرب.