حوار: مصطفى أفضل زادة مراسل “زاد إيران” في طهران
ترجمة: هاجر كرارة
حول مستقبل الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، ودعم بعض أصوات المعارضة الإيرانية للاحتلال الإسرائيلي، يناقش “زاد إيران” المفكر الإيراني البارز، وأستاذ العلوم السياسية بجامعة طهران صادق زيبا كلام.
لماذا تستمر إسرائيل في الحرب ضد غزة على الرغم من التدهور الذي طرأ على صورتها في الرأي العام العالمي؟
إن أي إعلان عن وقف إطلاق النار أو أي نوع من التسوية في غزة سيواجَه نتنياهو بعاصفة من الانتقادات، وسيطرح السؤال التالي: إذا كانت عملية السابع من أكتوبر/تشرين الأول قد تم التخطيط لها، فما الذي كانت تقوم به أجهزتكم الاستخباراتية والأمنية؟
وهناك مشكلة أخرى سيواجهها نتنياهو وهي أنه لم يعط الأولوية لإنقاذ حياة الرهائن الإسرائليين البالغ عددهم مائة تقريبا، ولم يبذل أي جهد عمليا لتحريرهم. على الرغم من كل الضغوط والانتقادات التي يتعرض لها نتنياهو، فإن ذلك شجع الحكومة الإسرائيلية على المحافظة على مواصلة عملياتها العسكرية ضد الشعب الفلسطيني.
هل تولي ترامب السلطة سيؤدي إلى تفاقم الوضع المتدهور في غزة؟
لا شك في أن تولي ترامب السلطة أمر يلقى ترحيبا من الحكومة الإسرائيلية المحافظة، ويعلم الجميع أن نتنياهو كان لديه العديد من المشاكل مع حكومة بايدن. وبالطبع، يجب أن نأخذ في الاعتبار أنه على الرغم من الخلافات التي قد تنشأ بين واشنطن وتل أبيب، فإن وجود ما بين 5 و6 ملايين يهودي في الولايات المتحدة يضمن وجود دعم عميق وجذري لإسرائيل في أمريكا.
لذلك، فإن الخلافات التي قد تنشأ لن تمنع أبدا الولايات المتحدة من تقديم المساعدات الحيوية والحاسمة لإسرائيل، سواء كانت مساعدات عسكرية أو سياسية أو دولية، أي إنها لن تؤثر على مصالح إسرائيل على الساحة الدولية. لكن، من الجدير بالذكر أن إدارة بايدن مارست ضغوطا شديدة على إسرائيل، وعلى نتنياهو تحديدا، من أجل التوصل إلى وقف لإطلاق النار واتفاق مع حماس في غزة، بل هددت بوقف إرسال الأسلحة، وذلك بسبب عدم التزام إسرائيل بالتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار، إضافة إلى الانتقادات والضغوط الشديدة التي مارستها واشنطن على نتنياهو بسبب منع دخول الأدوية والغذاء والوقود والمياه إلى قطاع غزة. وبالتالي، كان نتنياهو تحت ضغط كبير من حكومة بايدن. ومع ذلك، يُعتقد أن العلاقات ستكون أكثر ودية مع ترامب.
كيف تقيّمون مستقبل التطبيع بين السعودية وإسرائيل في ظل الظروف الحالية؟
بالنظر إلى الوضع الحالي للحكومة الإسرائيلية، وما ستؤول إليه العلاقات بين السعودية وإسرائيل، نتذكر أن الإسرائيليين والسعوديين كانوا على وشك التوصل إلى اتفاق بعد تولي محمد بن سلمان مقاليد الحكم.
وينص الاتفاق على اعتراف السعودية بإسرائيل وتبادل السفراء بين البلدين، مما يعني تطبيع العلاقات. وكان هذا الاتفاق يمثل آخر حصن يسعى الإسرائيليون للاستيلاء عليه في عالمهم العربي، فباعتراف السعودية بإسرائيل، كانت مصر والأردن والدول الأخرى مثل المغرب وتونس، والتي كانت قد اعترفت بإسرائيل سابقا، ستجد نفسها مدعومة بشكل كبير، مما يمنح الإسرائيليين انتصارا دبلوماسيا كبيرا.
ومع ذلك، جاءت أحداث السابع من أكتوبر/تشرين الأول والتي عرقلت عملية التطبيع هذه، لكن جميع الدلائل تشير إلى أن السعوديين سيعترفون بإسرائيل في النهاية، على الرغم من إصرارهم على حل الدولتين، ويبدو من غير المحتمل أن تستمر السعودية في رفض العلاقات مع تل أبيب في ظل حكومة ترامب.
أدليت مؤخرا بتصريحات انتقدت فيها المعارضة خارج إيران لعدم إدانتهم جرائم إسرائيل. برأيك، لماذا لا يدينون هذه الجرائم؟
من المؤسف حقا أن العديد من الإيرانيين لا يعربون عن أسفهم إزاء أعمال إسرائيل في قطاع غزة، بل يؤيدونها بطريقة ما، ويعتبرون الفلسطينيين إرهابيين.
وهكذا. تدعم المعارضة، خاصةً حفيد الشاه رضا بهلوی والملكيين، نتنياهو دعما غير مشروط، في حين نرى في الغرب وفي أوروبا وأمريكا أن الأشخاص الذين يقدرون الديمقراطية وحقوق الإنسان يدينون بشدةٍ تصرفات إسرائيل في غزة.
ولا يوجد أي شخص يؤيد حقوق الإنسان والديمقراطية، يمكن أن يوافق على العمليات الإسرائيلية ضد الشعب الفلسطيني منذ عملية السابع من أكتوبر/تشرين الأول.
فما قام به الإسرائيليون في قطاع غزة على مدار الأشهر الخمسة عشر الماضية، يمثل بالفعل جريمة ضد الإنسانية بالمعنى الدقيق للكلمة، والحكم الذي أصدرته محكمة لاهاي بحق نتنياهو وغالانت وزير الدفاع الإسرائيلي السابق، يؤكد ذلك .
ولكن لماذا على الرغم من كل هذه المجازر والقتل الجماعي في قطاع غزة، يدعم عدد من الإيرانيين المعارضين الذين يدعون أنهم يسعون للديمقراطية وحقوق الإنسان، نتنياهو ويدافعون عن هذه الجرائم؟
هذا أمر مثير للدهشة والحزن حقا! فكيف لأشخاص يدعون التمسك بالقيم الديمقراطية وحقوق الإنسان، وإن كان ذلك بدافع الكراهية للنظام الإيراني، أن يدعموا مثل هذه الأعمال؟
من هو صادق زيبا كلام؟
وُلد صادق زيبا كلام عام 1948 في أسرة شيعية متدينة بطهران، وكان والده من رجال الدين، ويحمل زيبا كلام شهادة الدكتوراه في العلوم السياسية من جامعة بردفورد البريطانية، وهو عضو الهيئة العلمية بجامعة طهران.
وكان معارضا لنظام الشاه وسُجن في عهده لمدة عامين، وعمل رئيس تحرير لصحيفة شاهد الناطقة باسم حزب الكادحين المعارض .
وبعد الثورة احتل زيبا كلام مناصب حكومية متعددة، ولعب دورا بارزا في “الثورة الثقافية” التي تم بموجبها طرد كثير من الأساتذة الجامعيين والطلاب من أصحاب الفكر الآخر، ولكن لم يتردد في التعبير عن أسفه لهذا الدور وقدم اعتذارا مباشرا عما قام به.
والمعروف عن زيبا كلام أنه لم ينتمِ إلى أي حزب، فهو ينتقد الإصلاحيين والمحافظين، ويؤيد عودة إيران للملكية.