ترجمة: يسرا شمندي
تواجه إيران تحديا كبيرا يتمثل في هجرة نخبها بسبب الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية الصعبة، حيث يتأثر الشباب المتخصصون بعدم توفير الفرص المناسبة داخل البلاد، مما يدفعهم إلى البحث عن بيئات أكثر استقرارا وتطورا.
وحول ذلك التحدي نشرت صحيفة ستاره صبح تقريرا بتاريخ 15 يناير/كانون الثاني 2025، أفادت فيه بأن الهجرة قضية بارزة في إيران، لكنها لا تحظى بالاهتمام اللازم، فخروج الكوادر البشرية يشبه بيع النفط دون الحصول على عائداته.
ما العوامل التي أدت إلى تشكُّل ظاهرة الهجرة؟
وأضاف التقرير، أن هجرة النخب هي عملية يغادر فيها نخب دولة معينة بسبب قيود علمية، أو اقتصادية، أو تكنولوجية، أو سياسية، أو بسبب نقص الإمكانيات البحثية والخدماتية، إضافة إلى عجز المجتمع عن الاستفادة من خبراتهم وقدراتهم المعلوماتية. ويسعى هؤلاء لتحقيق خبرات جديدة، وتقدم علمي، ومكانة اجتماعية، ورفاه اقتصادي، والوصول إلى مصادر علمية حديثة ومتنوعة، في مجتمعات توفر ظروفا أكثر ملاءمة.
وتابع التقرير، أن جامعات البلاد تركز على توجيه عقول الشباب نحو الحصول على درجات عالية دون إيلاء اهتمام لموضوع المهارات والتقنيات، وهو أمر يتماشى مع رغبات الجامعات الأجنبية.
ولو أن الجامعات في إيران جعلت المهارات العملية إلزامية، لكان ذلك دافعا للطلاب للتركيز على هذه المهارات. وفي تلك الحالة، كان الشباب سيندمجون في البيئات الصناعية ويشعرون بأنهم جزء من الدورة الاقتصادية للبلاد. إن تجربة الطلاب في المجال الصناعي تكاد تكون معدومة، والمذنب الرئيسي في هذا الوضع هو الحكومات والنظام الحاكم.
وهذا يعني أن الساسة تهربوا من مسؤولية معالجة قضية مهمة مثل الهجرة. كما أن إقرار قانون يجعل الأنشطة الصناعية إلزامية للطلاب وإضافة وحدات عملية لهم ليس أمرا صعبا أو معقدا.
وتابع التقرير: إن التقلبات الاقتصادية والاجتماعية، إضافة إلى عدم المساواة في هذه المجالات، تعد من أبرز العوامل التي تؤدي إلى هجرة النخب من البلاد. ويعاني هؤلاء من غياب الدعم المالي المناسب، مثل الرواتب والمزايا المجزية التي تُحفزهم على البقاء. ورغم المحاولات المبذولة لاستقطابهم وتوظيفهم داخل الوطن، فإن الأجهزة التنفيذية لم تحقق النجاح المطلوب في تطبيق السياسات والإجراءات الكفيلة للحد من هذه الظاهرة.
وأردف التقرير: للأسف، يُلاحظ غياب معايير الكفاءة في المنظمات والإدارات. ويعبّر عدم التخصص عن ظاهرة يتم فيها تعيين بعض المديرين في المناصب الإدارية دون مراعاة مهاراتهم التخصصية أو العلمية أو خبراتهم.
وبدورهم، يقوم هؤلاء المديرون بتعيين أفراد ذوي قدرات أضعف وأقل تخصصا في المناصب المتوسطة والتنفيذية داخل مؤسساتهم، مما يؤدي إلى امتداد هذه الظاهرة إلى المستويات الإدارية الأقل.
وفي هذه الحالة، إما أن يتم استبعاد المتخصصين والكفاءات أو يُدفعون إلى العزلة. كما أن المديرين الكبار، خوفا من الانتقاد أو ظهورهم في ظل أشخاص ذوي كفاءة عالية، يمتنعون عن تعيين هؤلاء الكفاءات في المناصب الإدارية، مما يؤدي إلى إحباطهم ويساهم في هجرتهم أو تهميشهم في النهاية.
بينما، عندما يُستقطب هؤلاء الأفراد من قبل البلدان المستقبلة، تكون المزايا الاقتصادية والاجتماعية من أولى المكافآت التي يحصلون عليها. علاوة على ذلك، فإنهم يُمنحون المناصب العلمية والبحثية المناسبة التي تُعد من أول احتياجاتهم.
البدائل أو الحلول
أكد التقرير، أنه تم طرح العديد من الحلول للحد من هجرة النخب، ولكن تنفيذها واجه تحديات وشكوكا كثيرة. ويتعلق الأمر بضرورة إشراك النخب في عملية التنمية، بحيث يُنظر إلى نقص التنمية على أنه مشكلة لهم، مما يدفعهم إلى الصمود في الظروف الصعبة والاستعداد للتعاون. ومن خلال هذا النهج، يدرك النخب ارتباطهم بالصناعة المحلية ويشعرون بأنهم في موقع مؤثر داخل المجتمع.
وأضاف: من الضروري توفير الظروف المادية بشكل يساهم في عودة الأفراد الذين غادروا؛ وقد حققت هذه الحلول نجاحا في كوريا الجنوبية. فالوضع الاقتصادي الهش ونقص الدعم المالي يؤديان إلى إحباط النخب. على سبيل المثال، وفقا للإحصائيات المنشورة، منحت البنوك في إيران أكثر من 130 تريليون ريال كقروض لنفسها. وإذا تم تخصيص نسبة ضئيلة من هذه القروض للنخب، كان من الممكن أن يحدث تحول كبير في البلاد.
وتابع: جدير بالذكر أن تطبيق نظام الكفاءة واستخدام النخب في المناصب الإدارية والمؤسسات العلمية يساهمان في تعزيز شعور النخب بالانتماء إلى الوطن. وبدلا من التعيينات العائلية وتخصيص المناصب الإدارية لأبناء المسؤولين، يجب أن يشغل النخب هذه المناصب لإنقاذ إيران.