كتبت لمياء شرف
قرر مجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية، الخميس 21 نوفمبر/تشرين الثاني 2024، قرارا رسميا، ينتقد إيران بدعوى عدم تعاونها بشكل كافٍ في الملف النووي، وأنه على طهران العمل على تحسين التعاون مع المنظمة على وجه السرعة، وطالبت الوكالة بإصدار تقرير شامل يهدف إلى الضغط على إيران للدخول في محادثات نووية جديدة.
تمت الموافقة على القرار بأغلبية 19 صوتا وامتناع 12 عضوا عن التصويت و3 أصوات معارضة، ويطلب من طهران اتخاذ الإجراءات الضرورية والعاجلة لحل قضايا الحماية المزعومة.
وفي هذه الوثيقة، يُطلب من إيران تقديم تفسيرات موثوقة وإبلاغ الوكالة بالموقع الحالي للمواد النووية والمعدات الملوثة في ما يتعلق “بجزيئات اليورانيوم الاصطناعية في موقعين غير معلنين بإيران” دون تأخير.
جاء هذا القرار نتيجة لمشروع القرار المقدم الثلاثاء 19 نوفمبر/تشرين الثاني، من قبل ثلاث دول أوروبية بريطانيا وفرنسا وألمانيا، بدعم من الولايات المتحدة الأمريكية، إلى مجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية يتهم إيران بعدم تعاونها في المشروع النووي.
ورفضت الدول الثلاث اقتراح إيران وقف زيادة مخزونها من اليورانيوم المخصب بنسبة 60%؛ في محاولة لتجنب إصدار قرار ضدها خلال اجتماع مجلس المحافظين، ووصفته الدول الأوروبية بأنه غير كافٍ وغير صادق.
رد فعل إيران على القرار
عقب القرار، أصدر رئيس منظمة الطاقة الذرية الإيرانية، محمد إسلامي، أمرا باتخاذ إجراءات فعالة، من ضمنها إطلاق سلسلة من أجهزة الطرد المركزي الجديدة والمتطورة بمختلف أنواعها.
وأصدرت وزارة الخارجية ومنظمة الطاقة الذرية الإيرانية بيانا بشأن القرار الصادر عن مجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية بشأن البرنامج النووي الإيراني.
أدان البيان موقف الدول الأوروبية الثلاث والولايات المتحدة الأمريكية، مستنكرا عدم التزامها بالاتفاقات وخطط العمل، واللجوء إلى العقوبات القاسية والضغوط غير القانونية ضد إيران.
ووصف البيان زيارة مدير الوكالة للطاقة الذرية بأنها “بناءة” ولكن الدول الأوروبية الثلاث لم تنتظر نتائج الزيارة وقدمت قرارا تصادميا وغير مبرر ضد إيران.
واعتبر أن هذا نهج مسيس وغير واقعي، وما هو إلا ذريعة لتحقيق أهداف أوروبية غير مشروعة.
وأكد أن إيران على استعداد للتعاون البناء حسب المعايير القانونية الدولية مع الحفاظ مع الحفاظ على مصالح إيران.
واعتبر مندوب إيران لدى الوكالة، محسن نظيري أصل، أن القرار ذو دوافع سياسية، ولم يحظَ بالدعم الكبير الذي نالته قرارات سابقة.
وأكدت البعثة الدائمة لإيران لدى الأمم المتحدة والمنظمات الدولية بفيينا في مذكرة، ردا على تقرير الوكالة الدولية للطاقة الذرية، أنه لا يجب التوقع من إيران أن تفي بالتزاماتها الواردة في خطة العمل المشتركة الشاملة بالكامل مع استمرار العقوبات الأحادية غير العادلة وغير القانونية.
واعتبر محسن نظيري عسل، سفير إيران وممثلها بمقر الأمم المتحدة في فيينا والوكالة الدولية للطاقة الذرية، أن القرار “غير بناء”، مؤكدا أن إيران سوف تتصرف بمسؤولية ولن تتخذ إجراءات استفزازية.
وفي وقت سابق، حاولت إيران منع الموافقة على هذا القرار من خلال إعلانها أنها ستحد من إنتاج اليورانيوم وتصدر تأشيرات لمفتشي الوكالة.
وحذر وزير الخارجية الإيراني، عباس عراقجي، في اتصال هاتفي مع غروسي، من أنه إذا تجاهلت الأطراف الأخرى حسن نية إيران ونهجها التفاعلي، وتم إصدار قرار ضد طهران، فإن إيران سترد بشكل “مناسب ومتناسب” وستتبع مسارا مختلفا.
من جانبه، أشار رئيس الوكالة الدولية للطاقة الذرية، رافائيل غروسي، إلى تقدم محدود مع إيران خلال زيارته الأخيرة لطهران. وأكد أن إيران وافقت على خطوات لوقف توسع مخزونها من اليورانيوم عالي التخصيب.
ووصف غروسي هذا التطور بأنه خطوة ملموسة في الاتجاه الصحيح، لكنه حذر من أنَّ تبني القرار الجديد قد يدفع إيران إلى التراجع عن هذه الالتزامات.
وأبرزت صحيفة إيران الحكومية الخلافات داخل الوكالة، مشيرة إلى أن القرار يعكس فجوة بين الموقف الغربي وموقف غروسي الذي يسعى للحفاظ على مسار الدبلوماسية.
وتدمر الاتفاق النووي لعام 2015، المعروف بـ”خطة العمل الشاملة المشتركة”، الذي كان يهدف إلى تخفيف العقوبات على طهران مقابل ضمانات بعدم تطويرها أسلحة نووية، في عام 2018 بعد انسحاب الولايات المتحدة منه خلال رئاسة دونالد ترامب.
وبناء على ذلك، اتخذت إيران موقفا وعملت على رفع مستوى تخصيب اليورانيوم إلى 60%، مقتربة من نسبة 90% اللازمة لصنع قنبلة نووية، مقارنة بالسقف المحدد في الاتفاق عند 3.67%.
إجراءات نووية متوقعة
لم تقل طهران أي شيء عن القرارات التي ستتخذها في مواجهة مثل هذه الأجندة والعواقب القادمة؛ ومع ذلك، قبل سنوات، أنه إذا تم استخدام آلية إعادة فرض العقوبات ضد إيران، فإن طهران لن تتردد دقيقة واحدة في الانسحاب من معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية.
وضع البرنامج النووي الإيراني يظهر أن إيران لديها أدوات مختلفة للرد على القرار المحتمل لمجلس المحافظين.
يمكن لإيران أن تنتج معدن اليورانيوم التي بدأت بالفعل في إنتاجه عام 2019، ويعتبر اليورانيوم نوعا متطورا من الوقود النووي لمفاعل طهران، في منشآت أصفهان النووية.
وأعلنت الوكالة الدولية للطاقة الذرية أن إيران أحرزت تقدما في إنتاج معدن اليورانيوم، وجاء الإعلان عن هذا الخبر بعد رد فعل حاد من الدول الأوروبية، لأنها زعمت أن التكنولوجيا والمعرفة بكيفية إنتاج معدن اليورانيوم يمكن استخدامهما لصنع أسلحة نووية؛ لكن إيران نفت هذه التهمة وأعلنت أن هذا الجزء من النشاط النووي كان لتصميم نوع مطور من الوقود لمفاعل طهران البحثي.
ويعد إنتاج معدن اليورانيوم أحد الإجراءات التي يمكن أن تضعها طهران على جدول الأعمال ردا على صدور قرار مجلس المحافظين.