ترجمة: أسماء رشوان
نشرت صحيفة “هم ميهن” الإيرانية الإصلاحية حوارا، يوم الأربعاء 19 فبراير/شباط 2025، أجرته مع كل من جبار کوجكي نجاد، نائب رشت وعضو لجنة التخطيط والميزانية والمحاسبات في البرلمان، وحسين علي حاجي دليكاني، نائب شاهين شهر وميمه وبرخوار ونائب رئيس ثاني لجنة المادة 90 من الدستور، ومحمد جلالي، نائب مدينة محلات ودليجان وعضو لجنة الزراعة والموارد الطبيعية في البرلمان، حيث شاركوا بآرائهم حول نصيحة تجنب التطرف والتجاوزات في البرلمان.
ذكرت الصحيفة أن النزعة المتشددة لدى بعض النواب داخل البرلمان قد تصاعدت إلى مستوى غير مسبوق، لدرجة أن السياسيين الأصوليين المخضرمين بدأوا يوجهون انتقادات وتحذيرات متزايدة ضد هذه السلوكيات، وسط تزايد عدد المنتقدين داخل التيار الأصولي نفسه.
لكن التطرف لم يقتصر على أروقة البرلمان، بل امتد إلى الشارع، حيث قام بعض النواب بتحويل الساحات العامة إلى منصات للتصعيد والتوتر.
وأضافت أن هؤلاء المتشددين لا يترددون في اللجوء إلى أي وسيلة للقضاء على خصومهم، حتى لو كان ذلك على حساب الأمن القومي. فهم يتخذون قرارات عشوائية دون التفكير في العواقب، مما دفع رئيس البرلمان محمد باقر قاليباف، إلى وصفهم خلال الانتخابات الرئاسية بـ”المتطرفين الثوريين” الذين باتوا يتعدون حتى على كبار الأصوليين.
وقالت إن سلوكياتهم المتناقضة أصبحت مثيرة للسخرية، إذ يخرجون في مظاهرات بالدراجات النارية ضد إلغاء الحظر على الإنترنت، ثم في المساء يكتبون عن نشاطاتهم على تويتر المحجوب، ويحتجون على تعيين محمد جواد ظريف في منصب نائب للرئيس، ويشاركون في صلاة الجمعة فقط لتوجيه الإهانات للمسؤولين الحكوميين!
وأضافت أن رؤساء البرلمان أنفسهم لم يكونوا بمنأى عن هجمات هؤلاء المتشددين، الذين يستخدمون شعار “الثورية” كغطاء للحصول على حصانة سياسية، بينما في الواقع يهاجمون حتى زملاءهم. ولهذا السبب، خرج غلام علي حداد عادل، رئيس مجلس تحالف القوى الثورية، عن صمته محذرا من هذه الظاهرة، قائلا:
“أحيانا نقول لبعض الإخوة في البرلمان أو في أماكن أخرى: لا تكونوا متطرفين! علينا أن نتجنب التجاوزات والمغالاة، وندرك أن السياسة الداخلية تقوم على مبادئ الحكمة، والمصلحة، والشرف”.
وفي هذا الصدد صرح حداد عادل ابأن عام 2024 شهد تحولات غير مسبوقة لا يمكن مقارنتها بالأعوام الـ46 الماضية، مما أفرز تحديات وفرصا سياسية. وأشار إلى أن مهمة القوى الثورية، وفق توجيهات المرشد، هي دعم الحكومة، مع التمسك بالإيمان والعدالة والعقلانية كنهج أساسي لمجلس التحالف. كما شدد على أن العقلانية تعني تجنب التطرف، موضحا أن تحذير المرشد من إقصاء القوى الثورية لم يكن نفيا لوجود التطرف، بل كان موجها لمن ابتعدوا عن الخط الثوري.
وأكد أن السياسة الداخلية، شأنها شأن السياسة الخارجية، يجب أن تقوم على العزة والحكمة والمصلحة، محذرا من أن الانقسامات والصراعات الداخلية ستوفر أرضية خصبة لتنفيذ مخططات الأعداء، مما يستدعي التلاحم الوطني كضرورة استراتيجية في ظل الظروف الراهنة.
وأشارت الصحيفة إلى أن الخلاف بين المتشددين وفصيل من مجلس تحالف القوى الثورية بقيادة حداد عادل، قد برز خلال الانتخابات البرلمانية الأخيرة، خاصة بعد تصريحاته حول تعدد قوائم الأصوليين، حيث شبّه المنافسين بـ”الفروع الصغيرة” التي تنمو بجانب “الشجرة الطويلة”. وردا على ذلك، هاجمه أمير حسين ثابتي، النائب البرلماني المتشدد، معتبرا تصريحه استعلائيا، وقال ساخرا: “أنا الفرع الصغير الأساسي!”، كما وصف حداد عادل بـ”الشجرة الطويلة عديمة الثمر”، متهما إياه بالتعامل بفوقية مع المرشحين الجدد، وطالبه بإثبات كفاءة قائمته.
وأردفت أنه “قبل هذه الدورة، شهدنا انتقادات من الأصوليين التقليديين، من علي أكبر ناطق نوري إلى علي لاريجاني، مستشار المرشد الاعلي، كما واجه بعض (الأصوليين الجدد) انتقادات بسبب تطرفهم. وربما يمكن اعتبار هذه التصريحات الجديدة إشارة إلى بدء انقسام بين الأصوليين التقليديين والمتشددين، حيث أصبح المتشددون غير مرحب بهم ليس فقط بين الإصلاحيين والمجتمع، بل حتى داخل تيارهم الفكري. يبدو أن الشخصيات الجذرية في التيار الأصولي أدركت أن المتشددين يهددون مستقبل النظام، ولهذا السبب لم يعد أحد داخل النظام مستعدا لتحمُّل مسؤوليتهم”.
وفيما يلي نص الحوار:
في حديث مع جبار کوجكي نجاد، نائب رشت وعضو لجنة التخطيط والميزانية والمحاسبات في البرلمان، حول الأسئلة المطروحة، سُئل:
صرح حداد عادل بأن النواب سيبتعدون عن التطرف، هل كان هناك تطرف داخل البرلمان لدرجة الحاجة إلى هذه التوصية؟
– النواب يطرحون قضايا مهمة مثل المعيشة والحجاب، وهم حساسون تجاه القضايا الاقتصادية، خاصةً تراجع قيمة العملة الوطنية، وقد وصل الأمر إلى حد المطالبة بإقالة وزير الاقتصاد. ربما طرح حداد عادل هذا الموضوع لمساعدة وزير الاقتصاد. لكن يجب أولا تعريف معنى “التطرف” في المجتمع، فمتابعة مطالب الشعب حق مشروع للنواب.
هل تعتقد أن البرلمان الثاني عشر لم يشهد أي تطرف؟
– التطرف ظاهرة موجودة في جميع البرلمانات. فقد يستخدم نائب لهجة حادة أثناء دفاعه عن مطالب الشعب، وهذا أمر طبيعي لا يمكن اعتباره تطرفا بالمعنى السلبي.
صرح حداد عادل بأن التطرف بعيد عن العقلانية، محذرا من أن غياب التوافق قد يؤدي إلى نزاعات داخلية تتيح للعدو تنفيذ مخططاته. فهل يسير البرلمان في اتجاه التوافق مع الحكومة؟
– حتى الآن، يبدو أن البرلمان متعاون مع الحكومة، حيث منح الثقة لجميع الوزراء المقترحين.
بالنظر إلى تصريحات كبار الأصوليين مؤخرا، هل يمكن القول إنهم يسعون إلى التمايز عن المتشددين؟
– في رأيي، التيار الأصولي كيان واحد يجمع وجهات نظر متنوعة. يظهر هذا التنوع في قضايا مثل الحجاب، والقطاع الخاص، وسياسات التخصيص الحكومي، إضافة إلى القضايا الاجتماعية والاقتصادية والسياسية.
وفي هذا السياق، رد حسين علي حاجي دليكاني، نائب شاهين شهر وميمه وبرخوار، ونائب رئيس ثاني لجنة المادة 90 من الدستور، على الأسئلة المطروحة.
حداد عادل قال: “طلبنا من بعض الأصدقاء في البرلمان عدم التطرف”. هل تمت مناقشة هذا الأمر داخل مجلس التحالف؟ وكيف طُرح هذا الموضوع على النواب؟
– لم أسمع بأي نقاش خاص حول هذا الأمر بين النواب. نحن أيضا نرى أن التطرف أمر سلبي، لكن لا ينبغي وصف الأداء البرلماني المنطقي بأنه تطرف. في الواقع، هناك أحيانا بطء في عمل البرلمان.
المواطنون يتوقعون من البرلمان متابعة مطالبهم العادلة بجدية أكبر، وهذا حق لهم. فالشعب يريد إصلاحات في بعض القضايا التي تضغط عليه، ومن الطبيعي أن يعبر النواب عن آرائهم وفقا لرؤاهم، وأحيانا يتخذون خطوات جماعية. في النهاية، الهدف الأساسي للنواب هو أداء واجباتهم بالشكل الصحيح.
هل الوضع الحالي غير مسبوق خلال الأعوام الـ46 الماضية؟ وهل ينبغي دعم الحكومة في هذه الأزمات؟
– نحن نؤمن بأنه رغم التهديدات الحالية، هناك أيضا فرص يجب استغلالها. دعم الحكومة لا يعني تأييدها المطلق، بل يشمل أيضا توجيهها وتصحيح مسارها عند الضرورة، بل حتى المطالبة بإقالة أي مسؤول غير كفء. هذا أيضا شكل من أشكال دعم الحكومة والمجتمع.
وأشار إلى وزير الاقتصاد في الحكومة الرابعة عشرة كمثال، مشيرا إلى تناقض مواقفه السابقة والحالية، مما يثير التساؤلات حول كفاءته.
هل يجب استغلال الفرص الكامنة في التهديدات؟ ما هي هذه الفرص التي تقصدها؟
كما قال قاسم سليماني: “في التهديدات فرص لا توجد حتى في الفرص العادية”. فرض العقوبات علينا اعتبره البعض تهديدا، لكن شبابنا استغلوا الموقف لإظهار إبداعهم، مما جعل العقوبات بلا تأثير. حتى خلال حرب السنوات الثماني، رغم الدمار، نجحنا في بناء قوة دفاعية غير مسبوقة في تاريخ إيران.
ما مدى توافق البرلمان مع الحكومة، فقد أكد حداد عادل أنه إذا تفكك المجتمع ولم تتحقق الوحدة الوطنية، سينشأ صراع داخلي يوفر فرصة للعدو لتنفيذ مخططاته. فإلى أي مدى يتفق البرلمان مع الحكومة؟
– التوافق جيد طالما أنه يخدم مصالح الشعب، لكنه لا يمكن أن يكون على حساب القانون أو حقوق المواطنين. التوافق الحقيقي هو تعاون جميع المؤسسات من أجل تحسين الأوضاع، ولكن وفقا للقانون ومصلحة الشعب.
لماذا يُتهم بعض نواب البرلمان الثاني عشر بالتطرف؟
– على العكس! البعض يرى أن البرلمان متساهل للغاية. أين هو التطرف الذي يتحدثون عنه؟ الواقع أن البرلمان يُنتقد بسبب عدم قيامه بما يكفي، وليس بسبب التطرف.
وفي هذا السياق، أجاب محمد جلالي، نائب مدينة محلات ودليجان وعضو لجنة الزراعة والموارد الطبيعية في البرلمان، عن الأسئلة المطروحة:
عند سؤاله إن كان قد طُلب منه كنائب تجنب التطرف، قال: “السيد حداد عادل شخصية بارزة في البلاد، ولكن إن عُقد اجتماع حول هذا الموضوع، فلم أكن حاضرا. ومع ذلك، فإن ما قاله أو أي حديث عن خطورة التطرف أمر منطقي يصب في المصلحة الوطنية وأمن البلاد. وهذا هو نهجي السياسي والاجتماعي أيضا”.
وأضاف: “في خطاباتي الأخيرة بالمدن والقرى، أكدت ضرورة أن يتخلى أنصار الحكومة عن عقلية الاحتكار، وألا يتصرفوا بطريقة تجعل الآخرين يشعرون بأنهم يستأثرون بالمشهد السياسي. في المقابل، على منتقدي الحكومة أن يكونوا منصفين في نقدهم”.
ما المقصود بـ”احتكار أنصار الحكومة”؟
– في بعض المدن، يظن البعض أن توافقهم السياسي مع الرئيس بزشكيان يمنحهم حق تعيين المسؤولين والتحكم في القرارات، وهذا احتكار غير مقبول. الحكومة نفسها لا تتبنى هذا النهج، لكن بعض الأشخاص يدّعون أنهم كانوا سببا في وصول الرئيس إلى السلطة، مما يجعلهم يبالغون في نفوذهم. هذا السلوك لم يكن محصورا بهذه الحكومة بل كان موجودا في الحكومات السابقة، ويجب وضع حد لهذا التفكير.
هل يتم تطبيق مبدأ الإنصاف في البرلمان الثاني عشر؟
– لا أود التعليق على ذلك الآن، ربما أقدم رأيي في المستقبل.
وحلل البعض تصريحات السيد حداد عادل الأخيرة في إطار التطرف لدى بعض النواب. لماذا يرى البعض أن جزءا من البرلمان الثاني عشر متطرف؟
– أي شخصية بارزة في النظام، سواء كان حداد عادل أو غيره، عندما يتحدث عن خطورة التطرف، فهذا يدل على أنه يدرك مشاكل المجتمع، ويعلم أن الحل يكمن في الابتعاد عن التطرف وتعزيز الوحدة.
حداد عادل حذر من أن غياب التوافق الوطني قد يؤدي إلى نزاعات داخلية ويمنح الأعداء فرصة لتنفيذ مخططاتهم. هل البرلمان متماشٍ مع هدف الحكومة في تحقيق التوافق الوطني؟
– لن أتحدث عن البرلمان ككل، لكني أعتقد أن البرلمان، والحكومة، والقضاء يجب أن يكونوا إلى جانب الشعب، ونعمل جميعا في إطار التوافق الوطني. هذه كانت رؤية الإمام الخميني، حيث دعا مرارا إلى “وحدة الكلمة”، وكذلك المرشد الأعلى، الذي طالما أوصى المسؤولين والشعب بالوحدة والتكاتف لتحقيق أهداف البلاد.