ترجمة: أسماء رشوان
نشرت وكالة “خبر أونلاين” الإيرانية، المحسوبة على مكتب علي لاريجاني، مستشار المرشد الأعلى للثورة الإيرانية علي خامنئي، يوم الخميس 13 فبراير/شباط 2025، حوارًا لها مع كل من محسن كوهكن، الناشط السياسي الأصولي والنائب السابق في البرلمان، وحسن رسولي، الناشط السياسي الإصلاحي، حول مصير ملف FATF في مجمع تشخيص مصلحة النظام.
ذكرت الوكالة أنه مع اقتراب موعد إعلان الرأي النهائي لمجمع تشخيص مصلحة النظام بشأن مشروعي قانون باليرمو وCFT، تتصاعد المعارضة للانضمام إلى منظمة FATF. ورغم الإشارات الإيجابية التي أرسلها رئيس المجمع، صادق آملي لاريجاني، حول احتمال الموافقة على FATF، حيث صرّح مؤخرًا بشأن مراجعة الملف قائلاً:
“نحن نقوم بعمل علمي دقيق، لكن يجب الانتباه إلى أن FATF لم يُحال إلى المجمع مباشرة، بل هناك مشروع قانون باليرمو، اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الجريمة المنظمة، واتفاقية مكافحة تمويل الإرهاب (CFT) ما زالت قيد الدراسة.”
وأضافت أن التحركات الأخيرة لمعارضي FATF داخل المجمع والبرلمان الثاني عشر تُظهر أن الأجواء لا تزال غير مواتية للموافقة على الملف، رغم بعض الإشارات الإيجابية.
وفي هذا السياق، قال محسن كوهكن، الناشط السياسي الأصولي والنائب السابق في البرلمان: “لست ممن يميلون إلى التكهنات، فأنا شخص قانوني وأفضّل انتظار القرار الرسمي من الجهة المخولة. وأي قرار يُتخذ ويصبح قانونًا سيكون ملزمًا للحكومة والجهات الأخرى، وينبغي دعمه.”
وأشار إلى حجج المؤيدين والمعارضين قائلاً: “ملف FATF من القضايا النادرة التي عندما استمعت فيها إلى الطرفين، وجدت أن المؤيدين لم يكن لديهم تفوق استدلالي كامل على المعارضين، بينما كانت لدى المعارضين مخاوف ملموسة. لذلك، من الطبيعي أن تتم دراسة جميع الأبعاد بعناية، مع الأخذ في الاعتبار الفوائد والتكاليف.”
وأضاف كوهكن: “يجب توجيه رسالة إلى أولئك الذين يعتقدون أن المصادقة على FATF ستؤثر على العقوبات، بأن الأمر ليس كذلك. المؤيدون لديهم حجج قوية، لكن أيضًا مخاوف المعارضين مشروعة. والتأخير الطويل في المجمع يعود إلى الخلافات القائمة، لكنه ليس خلافًا سياسيًا بين التيارات، بل اختلاف في وجهات النظر بين الأفراد.”
وتابع: “أتوقع أنه إذا تم التصديق على FATF، فهذا يعني أن المجمع رأى فيه مصلحة، وإذا لم يُصدق عليه، فهذا يعني أن أضراره تفوق منافعه. الجدل الأساسي حول هذا الملف يدور حول ما إذا كانت منافعه تفوق أضراره. علينا أن ندعو لكي يكون القرار الذي سيتخذه أعضاء المجمع قابلاً للتنفيذ بسهولة من قبل الحكومة.”
وعن تأثير FATF على تقليل آثار العقوبات، أوضح كوهكن: “هناك فرق بين النقاش النظري حول العلاقات الخارجية وبين تحليل الواقع الفعلي. بعض الدول اختارت لنفسها طريقًا أحادي الاتجاه في العلاقات الدولية، وعلينا أن ندرس كيف تتعامل مع هذه القضايا. لهذا يجب التعامل مع هذا الملف بحساسية أكبر.”
وأضاف: “يتحدث البعض عن العقوبات وكأن رفعها بالكامل بيد رئيس الولايات المتحدة، لكن في الحقيقة، القرار النهائي بشأن العقوبات يتم اتخاذه في مجلس الشيوخ الأمريكي، الذي وقف 45 مرة للتصفيق لرئيس معروف بسياساته القمعية. القول بأن FATF لا فائدة منه إطلاقًا ليس دقيقًا، لكن المخاوف قائمة حول إمكانية أن يؤدي انضمام إيران إلى هذه المنظمة إلى مشكلات جديدة تتعلق بالعقوبات. لهذا، أعتقد أنه يجب التعامل مع FATF بحذر شديد.”
وعن الضغوط على أعضاء المجمع لرفض الملف، قال كوهكن: “أنا لا أؤمن بوجود هذه الضغوط، ولا ينبغي أن يكون هناك أي ضغوط. علينا أن نترك المجال للأعضاء لمناقشة الموضوع بدقة، وأي ضغوط فهي غير أخلاقية وغير مقبولة.”
وأشارت الوكالة إلى رأي الناشط السياسي الإصلاحي حسن رسولي، حيث صرّح: “أعتقد أن إعادة إحالة هذا الملف إلى مجمع تشخيص مصلحة النظام تهدف إلى دعم طلب رئيس الجمهورية، وهو تطور إيجابي في مسار انضمام إيران إلى FATF.”
وأضاف: “جميع الخبراء الاقتصاديين والمصرفيين يؤكدون أن الموافقة على هذا الملف ستكون خطوة حاسمة في تحسين التبادل التجاري السلس وقليل التكلفة بين القطاعين العام والخاص في إيران والنظام المصرفي العالمي. وبحسب معلوماتي، فقد أحال رئيس المجمع ملف FATF إلى اللجان المختصة، وطلب منها دراسة توجيهات القيادة في جلسات مكثفة.”
أما بشأن التوقعات حول المصادقة أو الرفض، فقال رسولي: “أسوأ سيناريو محتمل هو رفض FATF مرة أخرى، وهو ما سيكون خبرًا سيئًا للغاية للحكومة والمصالح الوطنية والشعب. هناك احتمال آخر بأن يتم التصديق على اتفاقية باليرمو بينما يتم رفض CFT، لكن هذا لن يكون مفيدًا جدًا للمصالح الوطنية.”
وأوضح: “أفضل سيناريو هو أن يصادق المجمع على FATF، خاصة أن البرلمان العاشر قد وافق عليه بالفعل. وإذا تم التصديق عليه الآن، فإن ذلك سيسهم في حل بعض المشكلات الاقتصادية التي تواجه البلاد.”
وأكد: “الوصول إلى الخيار الأفضل، أي المصادقة على FATF، وتجنب السيناريو الأسوأ، يعتمد على مدى اهتمام الحكومة وجهودها في هذا المسار. أي أن الأمر مرتبط بمدى قدرة رئيس الجمهورية والوزراء المعنيين، مثل وزير الاقتصاد ووزير الصناعة والتعدين والتجارة، إضافة إلى محافظ البنك المركزي والمساعد القانوني للرئيس، على تقديم معلومات دقيقة، مقنعة، ومحدثة إلى أعضاء المجمع واللجان المشتركة، مما يسهم في إقناعهم بشكل فعال.”
وحذّر رسولي من أن أي تقصير من جانب الحكومة، أو إذا حصل أعضاء المجمع على المعلومات من مصادر غير رسمية وغير حكومية بدلاً من تلقيها من الجهات المختصة، أو إذا تُركت زمام المبادرة في يد أولئك الذين سعوا منذ البداية إلى عرقلة التصديق على FATF، فإننا قد نشهد تحقق أسوأ السيناريوهات الممكنة.
وأضاف: “لذلك، فإن دور الحكومة في إخراج البلاد من هذا المأزق الذي استمر لسنوات أمر بالغ الأهمية. يجب أن تُزوّد أعضاء المجمع بأحدث المعلومات الفنية والمقنعة لكي يتم اتخاذ القرار بناء على معطيات سليمة.”
وأشار رسولي إلى الضغوط الخارجية التي تُمارَس على أعضاء مجمع تشخيص مصلحة النظام لرفض FATF، موضحًا: “ليست جميع المعارضات لتمرير FATF من طبيعة واحدة. فهناك بعض الأطراف التي تعارضه بدافع الحرص على المصلحة الوطنية، ولديهم مبرراتهم واستدلالاتهم الخاصة. لكن هناك فئة أخرى من المعارضين تستفيد ماليًا من استمرار عزلة النظام المصرفي الإيراني ومنع انفتاحه على الأسواق العالمية.”
واختتم حديثه قائلاً: “إذا نجحت الحكومة في تحييد حملات التضليل التي تنشرها هذه الجهات ذات المصالح الخاصة، فسيكون بالإمكان كسب الفئة الأولى من المعارضين من خلال تقديم أدلة واضحة ومقنعة تدعم المصادقة على FATF.”