ترجمة: علي زين العابدين برهام
تسببت التوجهات السياسية السائدة بالبرلمان في حماية بعض الوزراء من الاستجواب، رغم أدائهم الضعيف للغاية، في المقابل، يصر بعض النواب على استجواب عبد الناصر همتي، وزير الاقتصاد، بسبب ارتفاع سعر الدولار، بينما لا يزال محمد رضا فرزين يشغل منصب رئيس البنك المركزي منذ بداية حكومة إبراهيم رئيسي.
نشرت صحيفة “هم ميهن” الأحد 16 فبراير/شباط 2025، حوارا مع مجيد نصير بور، النائب وعضو لجنة الشؤون الاجتماعية وعضو كتلة المستقلين في البرلمان، حول مسألة استجواب الوزراء، وفي ما يلي نص الحوار:
كيف تقيّمون أداء علي آبادي، وزير الطاقة؟ وهل عدم استجوابه ناتج عن توافقه مع التيارات السياسية المسيطرة على البرلمان؟
الاستجواب، بغض النظر عن أي اعتبارات جانبية، حق مشروع وأداة رقابية أساسية بيد البرلمان ونوابه، وإذا قرر البرلمان اللجوء إليه في أي فترة، فلا ينبغي معارضته أو التشكيك في شرعيته، إذ يعد جزءا طبيعيا من الدور الرقابي للبرلمان.
أما من حيث التوقيت وآلية الطرح، فيمكن مناقشة مدى ملاءمة هذا الاستجواب في المرحلة الحالية، وبعد ذلك، يأتي التحليل السياسي لمعرفة ما إذا كان القرار مدفوعا باعتبارات سياسية أم أنه استجابة لضرورات رقابية حقيقية.
في النهاية، استجواب الوزراء حق أصيل للبرلمان، وعلى الوزراء الامتثال لهذا القرار، فيما ينبغي للحكومة التعاون مع البرلمان، سواء عبر إقناع النواب بتأجيل الاستجواب أو معالجة أسبابه لتجنب تصعيد الموقف.
هل الاستجوابات تتم في التوقيت المناسب؟
أرى، بصفتي نائبا في البرلمان، أن التوقيت الحالي غير ملائم لاستجواب الوزراء، خاصة في القطاعات الاقتصادية ووزارة الاقتصاد التي طُرحت مؤخرا لهذا الغرض، فالحكومة لم تُكمل عاما واحدا منذ توليها السلطة، ولم تتجاوز بعدُ ستة أشهر، لذا من غير المنطقي توقع أداء مثالي من جميع أعضائها، أو الادعاء بأن كل الفرص قد استُنفدت دون حلول، ما يستوجب اللجوء فورا إلى الاستجواب.
علاوة على ذلك، فإن النظام الداخلي للبرلمان يتيح عدة أدوات رقابية قبل اللجوء إلى الاستجواب، ومنها:
- إعداد تقارير رقابية: حيث تقوم اللجان المتخصصة بمراجعة أداء الوزارات لتحديد مدى استغلالها لإمكاناتها في حل المشكلات.
- التحقيق والتفتيش البرلماني: وهو خطوة إضافية لضمان الرقابة الفعالة.
- توجيه الأسئلة للوزراء: لمنحهم الفرصة لتوضيح أدائهم قبل اتخاذ أي قرار نهائي.
إذا لم تؤدِّ هذه المراحل إلى نتائج مُرضية، يمكن حينها اللجوء إلى الاستجواب كإجراء أخير، أما طرحه في هذه المرحلة المبكرة، فهو أشبه بالبداية من النهاية، وهو أمر غير منصف.
إضافة إلى ذلك، فإن المرشد علي خامنئي، شدد في بداية عمل الحكومة، على ضرورة دعمها ومساندتها، ما يتطلب التريث قبل اتخاذ قرارات قد تؤثر على استقرارها ومسار عملها.
هل الاستجواب الموجه إلى همتي ناتج عن دوافع سياسية؟
السؤال الأهم هنا هو: لماذا أصبح عبد الناصر همتي مستهدفا بالاستجواب في هذا التوقيت؟ هل أدت بقية الأجهزة والمؤسسات الحكومية واجباتها بالكامل؟ على سبيل المثال، إلى أي مدى قامت وزارة الإرشاد بتنسيق العمل بين المؤسسات الثقافية؟ وهل تحملت مسؤولياتها بجدية؟
إذا كان النهج البرلماني في الرقابة يقوم على هذا الأساس، فالأجدر استجواب جميع الأجهزة الحكومية، بل حتى مساءلة الحكومة ككل، لأن العديد من القطاعات لم تحقق الأداء المطلوب، لكن لماذا يتم استهداف همتي تحديدا؟
هل الاستجواب مدفوع بحسابات سياسية؟
يبدو أن البعض لا يزال يعيش في أجواء الانتخابات، وينظر إلى همتي كمرشح رئاسي أكثر من كونه مسؤولا حكوميا، مما جعل الاستجواب أداة سياسية للضغط على الحكومة بدلا من كونه وسيلة لمساءلة الأداء الفعلي.
هل الأزمة الاقتصادية محصورة في همتي وحده؟
أكثر من 37% من الاقتصاد الوطني مرتبط بشركات وزارة العمل، فهل يتم تجاهل دورها؟ هل يمكن التقليل من تأثير وزارة الصناعة على الاقتصاد؟ من المؤكد أن البنك المركزي يلعب دورا محوريا في السياسة النقدية وسوق العملات والاستثمار، ولكن هل وزير الاقتصاد هو المسؤول المباشر عن أداء البنك المركزي؟
هل نحن في ظروف طبيعية لنطالب بأداء مثالي؟
تواجه إيران حربا اقتصادية وعقوبات قاسية تؤثر على القطاع المالي، والبنوك، والواردات، وصادرات النفط، وتأمين الاحتياجات الأساسية، فهل من المنطقي تجاهل هذه التحديات وإلقاء اللوم بالكامل على همتي؟
هل استجواب همتي سيحل المشكلة؟
حتى لو قرر البرلمان استجواب همتي وسحب الثقة منه، ما الذي سيتغير؟
- هل سترفع العقوبات المفروضة على إيران؟
- هل ستتحسن الأوضاع المعيشية فورا؟
- هل ستُحل مشاكل نقص السيولة والخلل الإداري؟
إذا كان الهدف هو إيجاد حلول حقيقية للأزمات الاقتصادية، فلا يمكن اختزال المشكلة في شخص واحد، بل يجب التعامل مع الواقع الاقتصادي بمنهج شامل ومسؤول، بعيدا عن التوجهات السياسية الضيقة.
هل التوجهات السياسية تحمي علي آبادي من الاستجواب رغم فقدان الثقة الشعبية بسبب أخطاء وزارته؟
على الرغم من أن أداء علي آبادي يستحق النقد، خاصةً أنه استمر في الحكومة الحالية تحت شعار “الوفاق” الذي اتخده الرئيس بزشكيان، فإنه لا يتعرض للاستجواب أو المساءلة، والسبب على الأرجح هو تقاربه الفكري والسياسي مع التيار المسيطر في البرلمان.
هل أزمة الطاقة سببها سوء إدارة وزارة الطاقة؟
من المؤكد أن علي آبادي مسؤول عن تأمين الطاقة، لكن الخلل الأخير في توازن الطاقة، الذي أثر على حياة المواطنين خلال الأشهر الماضية، لم يكن نتيجة ضعف الإنتاج.
بحسب المعلومات المتاحة، فإن النقص في الطاقة لم يكن بسبب تقصير الوزارة الحالية، بل نتيجة فشل الحكومة السابقة في تخزين الوقود الاستراتيجي، إذ كان من المفترض أن تقوم الحكومة السابقة في أشهرها الأخيرة بتأمين احتياطي الوقود لمحطات الطاقة، لكنها أهملت ذلك. وإذا تم التحقيق في هذه المسألة، فقد يتبين أن هذا الإهمال لم يكن عفويا.
لماذا لا تكشف الحكومة الحقيقة؟
من المؤسف أن الحكومة الجديدة لا توضح للمواطنين حقيقة الأزمة، ولا تُحمّل الإدارة السابقة مسؤولية الإخفاق في تأمين الوقود، مما أدى إلى اضطراب الوضع الاقتصادي والمعيشي.
لذلك، تحميل علي آبادي وحده مسؤولية أزمة الطاقة ليس إنصافا، لأن المشكلة الحقيقية تكمن في سوء إدارة احتياطي الوقود خلال أشهر الصيف، وليس في أداء الوزارة الحالية فقط.