ترجمة: علي زين العابدين برهام
يرى بعض أعضاء البرلمان ضرورة حسم مسألة مشروع قانون “تعيين الأفراد في الوظائف الحساسة”، إذ إن العديد من الشخصيات، بما في ذلك السفراء السابقون، يُجبرون على الخروج من دائرة السلطة والمسؤولية.
نشرت صحيفة “هم ميهن” الثلاثاء 25 فبراير/شباط 2025 حوارا مع ولي داداشي، نائب أستارا وعضو هيئة رئاسة لجنة الشؤون الاجتماعية بالبرلمان الإيراني، حول القضايا التي ناقشتها اللجنة بشأن “تعيين الأفراد في الوظائف الحساسة”، وفي ما يلي نص الحوار:
ما القضية المطروحة حاليًا بشأن الوظائف الحساسة في لجنة الشؤون الاجتماعية، وما الجوانب التي يجري بحثها؟
قدمت الحكومة مشروع قانون سابقا، لكنه واجه بعض الإشكالات القانونية، ما دفعها إلى سحبه قبل نحو أربعة أشهر لإدخال تعديلات عليه، ثم أعادت تقديمه إلى البرلمان. يقتصر نص المشروع على سطر ونصف، ويهدف إلى استثناء الأبناء والزوجات من قيود القانون، بحيث لا يُمنع تعيين المسؤولين الذين يحمل أفراد عائلاتهم (الأبناء أو الزوجات) جنسية مكتسبة قسرا، خلافا لما ينص عليه القانون الحالي الذي يحظر تعيينهم في الوظائف الحساسة.
بموجب قرار لجنة الشؤون الاجتماعية، تم تشكيل فريق عمل لدراسة المشروع، وقد أجرى الفريق بعض التعديلات على نص القانون لجعله أكثر مرونة، ما أدى إلى خلاف بين أعضاء اللجنة حول التعديلات المقترحة.
ما التعديلات التي أجراها فريق العمل على مشروع القانون؟
كان مشروع القانون الأصلي قصيرا، يتألف من سطر ونصف، وينص على أن “الأشخاص الذين يحمل أبناؤهم أو أزواجهم جنسية مكتسبة قسرا في الخارج، لا يخضعون لقانون حظر التعيين في الوظائف الحساسة”.
إلا أن فريق العمل أعاد تفسير المشروع واقترح تشكيل لجنة خاصة تتولى مراجعة هذه الحالات بشكل منفصل. وبدلا من الإبقاء على النص البسيط، قدم الفريق مسودة قانون مطوّلة أثارت جدلا حادا بين أعضاء لجنة الشؤون الاجتماعية، حيث انقسموا بين مؤيدين ومعارضين لتشكيل هذه اللجنة، ما أدى إلى موجة من الانتقادات.
ما نتيجة هذا الجدل بين المؤيدين والمعارضين؟
حتى الآن، لم تتوصل لجنة الشؤون الاجتماعية في البرلمان إلى قرار نهائي بشأن هذا المشروع، ومن المحتمل أن يُطرح للنقاش خلال الأسبوع الجاري، وإذا أُدرج مجددا على جدول أعمال اللجنة، فستُستأنف المناقشات حوله.
تحت إشراف أي جهة كان من المفترض أن تعمل اللجنة المقترحة؟
كان فريق العمل يعمل تحت إشراف لجنة الشؤون الاجتماعية في البرلمان، لكنه أوصى بأن تكون اللجنة الجديدة تابعة للحكومة، بحيث تتولى مراجعة أوضاع الأشخاص المعنيين وإقرار مدى أهليتهم لشغل الوظائف الحساسة.
ما أبرز نقاط الخلاف بين المؤيدين والمعارضين؟
يرى المؤيدون أن اللجنة المقترحة، التي انبثقت عن فريق العمل، قدمت مسودة متكاملة تساهم في تعديل القانون الحالي بشكل أكثر دقة وفعالية. ويعتبرون أن هذه المسودة جاءت نتيجة دراسة معمقة، وبالتالي تمثل إصلاحا ضروريا.
في المقابل، يؤكد المعارضون أن التعديلات المقترحة أضعفت بنية مشروع القانون الحكومي، ويرون أن الإبقاء على النص الحكومي الأصلي دون تغيير هو الخيار الأفضل. لذا، يصرون على ضرورة طرح المشروع الحكومي للتصويت كما هو، دون التعديلات التي قدمها فريق العمل، وقد أدى هذا التباين في وجهات النظر إلى خلاف حاد داخل البرلمان.
هل يمكن أن يُقر هذا المشروع في اللجنة والبرلمان؟
يمر المشروع أولا بمرحلة التصويت داخل لجنة الشؤون الاجتماعية، حيث سيتم تحديد مصيره إما بالقبول أو الرفض، وفي حال الموافقة عليه داخل اللجنة، سيتم عرضه لاحقا للتصويت في الجلسة العامة للبرلمان، حيث سيقرر النواب ما إذا كان سيُقر كقانون أم لا.
هل هناك مستويات محددة للوظائف الحساسة؟
نعم، يحدد القانون بشكل دقيق ما يُعتبر “وظائف حساسة”، وليس كل منصب إداري يخضع لهذه التصنيفات، ومع ذلك، يدور نقاش حول نطاق هذه الوظائف، حيث يرى بعض النواب أن القيود المفروضة تمتد حتى إلى رؤساء الأقسام في الجامعات، وهو ما أثار جدلا واسعا بشأن مدى شمولية القانون وتطبيقه.
هل يمكن اعتبار أي وظيفة، مهما كانت بسيطة، “وظيفة حساسة”؟
يعتقد بعض المنتقدين، استنادا إلى ما حدث مؤخرا مع قتل اثنين من القضاة، أن حتى الوظائف البسيطة، مثل عامل البوفيه قد تكون حساسة.
لكن تحديد “حساسية الوظائف” يعتمد على طبيعة المؤسسة والمنصب. فبعض الجهات، مثل الأجهزة الأمنية والاستخباراتية، تصنف جميع وظائفها ضمن الفئة الحساسة، بدءا من أعلى المستويات القيادية وصولا إلى أدنى المناصب. في المقابل، هناك مؤسسات أخرى، مثل وزارة الزراعة، لا تُعد وظائفها ضمن هذه الفئة. أما في وزارة الخارجية، فبينما تُعتبر بعض المناصب حساسة، فإن البعض الآخر لا يندرج ضمن هذا التصنيف.
هل يساهم قانون “حظر تعيين الأفراد في الوظائف الحساسة” في الحد من الاختراق والتجسس؟
يُعد الاختراق الأمني أحد الهواجس الأساسية للدولة، حيث تسعى الجهات المعادية باستمرار إلى التغلغل داخل المؤسسات الحكومية. يهدف هذا القانون إلى تقليل مخاطر الاختراق عبر فرض قيود على تعيين الأفراد في المناصب الحساسة.
ومع ذلك، من الخطأ الاعتقاد بأن هذا القانون وحده قادر على منع جميع أشكال الاختراق، لأن أساليب الاختراق متعددة ولا تقتصر فقط على تعيين الأفراد في هذه المناصب. لذا، فإن الجهات المختصة بحاجة إلى آليات رقابية شاملة لضمان الحماية الكاملة من عمليات التجسس والتأثير الخارجي.
لماذا يُمنع من لديهم زوجة أو أبناء يحملون جنسية أخرى من تولي الوظائف الحساسة، بينما لا يشمل ذلك حاملي البطاقة الخضراء (Green Card)؟
في الأساس، امتلاك جنسية أجنبية ليس جريمة، لكنه يطرح سؤالا جوهريا: هل يمكن لشخص يحمل جنسية أو إقامة دائمة لدولة أخرى تولي منصب حساس؟
وفقا للقانون الحالي، يُمنع تعيين الأفراد الذين يحملون جنسية أخرى، أو الذين يحمل أبناؤهم أو أزواجهم جنسية أجنبية، في الوظائف الحساسة، لكن الحكومة تسعى إلى تعديل هذا القانون بحيث يتم استثناء الأفراد الذين حصل أبناؤهم أو أزواجهم على جنسية أجنبية “قسرا”، أي دون اختيار مباشر منهم.
هل يخضع حاملو “البطاقة الخضراء” (Green Card) لهذا القانون؟
نعم، فلبطاقة الخضراء تُعتبر شكلا من أشكال الإقامة الدائمة، لكنها تمنح صاحبها حقوقا شبيهة بالجنسية، بما في ذلك العيش والعمل في دولة أخرى بشكل دائم. ووفقا للقانون الحالي، لا يجوز لحاملي البطاقة الخضراء تولي مناصب حساسة.
لماذا يُسمح لبعض حاملي “البطاقة الخضراء” (Green Card) بشغل مقاعد في البرلمان؟
لا توجد معلومات مؤكدة حول وجود نواب في البرلمان يحملون البطاقة الخضراء، لكن من المعروف أن بعض الدول تمنح حامليها حقوقا قريبة من المواطنة، ما يثير تساؤلات حول تأثير ذلك على أهلية شاغلي المناصب الحساسة.
أما بشأن كيفية تمكن بعض حاملي البطاقة الخضراء من الترشح للبرلمان، فهذا يعتمد على الجهات المختصة التي راجعت أهليتهم القانونية قبل الانتخابات. ويعود الأمر إلى معايير الترشح التي وضعتها هذه الجهات ومدى التزامها بتطبيق القانون.
ومع ذلك، عندما يتعلق الأمر بالمناصب ذات الطابع الأمني أو الاستراتيجي، فإن مخاوف “النفوذ والاختراق” تظل قائمة، ما يستدعي مزيدا من التدقيق في حالة الأفراد الحاصلين على جنسية أو إقامة أجنبية.
هل يشمل القانون السفراء الذين يولد أبناؤهم في الخارج أثناء فترة عملهم؟
وفقا للنص الحالي، يُحظر على المسؤولين الذين يحمل أبناؤهم جنسية أجنبية تولي مناصب حساسة، حتى لو حصل الأبناء على هذه الجنسية بسبب ولادتهم في الخارج أثناء فترة الابتعاث أو المهام الدبلوماسية.
لكن مشروع القانون الجديد الذي قدمته الحكومة إلى البرلمان يسعى إلى تعديل هذه الفقرة، بحيث يُستثنى السفراء والمسؤولين الذين وُلد أبناؤهم في الخارج نتيجة طبيعة عملهم، باعتبار أن حصول الأبناء على جنسية أجنبية في هذه الحالة كان قسرا وغير اختياري، وترى الحكومة أنه من غير المنطقي معاقبة هؤلاء المسؤولين على أمر خارج عن إرادتهم، لذا تسعى إلى تعديل القانون لمنحهم استثناء من هذه القيود.