ترجمة: علي زين العابدين برهام
نشر موقع “ديده بان إيران” تقريراً 26 يناير/كانون الثاني ذكر فيه تصريحات أدلى بها فدا حسين مالكي، النائب وعضو لجنة الأمن القومي في البرلمان الإيراني، حول إمكانية تفاوض الحكومة الإيرانية مع الإدارة الأمريكية برئاسة دونالد ترامب.
ذكر الموقع أن دونالد ترامب، الرئيس الأمريكي الجديد الذي شغل منصب الرئاسة أيضاً في الفترة من 2017 إلى 2020 وطبق سياسة الضغط الأقصى وتشديد العقوبات ضد إيران، أرسل مؤخرا إشارات إيجابية حول احتمال إجراء مفاوضات والوصول إلى اتفاق مع الجانب الإيراني. فقد صرح بعد أيام قليلة من حفل تنصيبه في مقابلة مع شبكة فوكس نيوز قائلاً: “كل ما أريده بشأن إيران هو أن تكون دولة عظيمة، لديهم إمكانات جيدة، وشعب رائع، كل ما قلته عنهم هو أنهم لا يمكن أن يمتلكوا أسلحة نووية”.
وأضاف الموقع أنه قد أرسلت بعض الجهات الإيرانية أيضاً إشارات إيجابية مؤخراً حول إمكانية التفاوض مع الولايات المتحدة. على سبيل المثال، قال الرئيس الإيراني، في مقابلة الأسبوع الماضي مع شبكة NBC الأمريكية، رداً على سؤال حول ما إذا كانت إيران مستعدة لإجراء مفاوضات مباشرة مع الحكومة الأمريكية الجديدة: “مشكلتنا ليست في الحوار، مشكلتنا تكمن في الالتزام بالالتزامات التي تنتج عن الحوار. لقد التزمنا بجميع الالتزامات الناتجة عن المفاوضات التي أجريناها مع مجموعة 1+5، والتي استمرت لفترة طويلة، ولكن للأسف كان الطرف الآخر هو الذي لم يلتزم بهذه الالتزامات. عندما ذهبنا إلى نيويورك، تفاوضنا مع الأوروبيين، وكان لدينا أيضاً حوار غير مباشر مع الأمريكيين أنفسهم. والآن، لا يزال الحوار بين إيران والدول الأوروبية مستمراً”.
وأوضح أن بزشكيان أشار إلى المفاوضات التي جرت مرتين خلال الشهرين الماضيين في مدينة جنيف السويسرية على مستوى نواب وزراء الخارجية بين إيران والاتحاد الأوروبي والدول الأوروبية الثلاث: بريطانيا وألمانيا وفرنسا. ومن المقرر عقد الجولة الثالثة من هذه المفاوضات قريباً. هذه المحادثات، التي بدأت بعد اعتماد القرار الأخير لمجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية بشأن الأنشطة النووية الإيرانية، تركز على الملف النووي الإيراني. وفي ظل انتهاء فترة تنفيذ اتفاقية برجام بعد حوالي ثمانية أشهر، تهدف إيران إلى تسوية الخلافات مع الدول الغربية بشأن الملف النووي، ومنع تفعيل آلية “الزناد” من قبل الأوروبيين، وإعادة فرض عقوبات مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة.
وتابع أنه في الأيام الأخيرة، لم يقتصر إرسال الإشارات الإيجابية من قبل أعضاء حكومة بزشكيان لبدء جولة جديدة من المفاوضات مع الولايات المتحدة على الرئيس وحده. على سبيل المثال، شارك محمد جواد ظريف، نائب الرئيس الاستراتيجي، الأسبوع الماضي في اجتماع المنتدى الاقتصادي العالمي (دافوس) وأجرى مقابلة على هامش هذا الاجتماع مع فريد زكريا، الصحفي والمذيع التلفزيوني الأمريكي. وفي تلك المقابلة، أشار ظريف إلى أن انسحاب الولايات المتحدة من اتفاقية برجام خلال إدارة ترامب السابقة كان نتيجة أخطاء مستشاريه السابقين، مؤكدا: “آمل أن يعمل ترامب هذه المرة بشكل أكثر جدية وتركيزاً وواقعية”.
وأوضح أن ظريف أشار إلى التغييرات في السياسة الخارجية الإيرانية مع تغيير الحكومات ودور الجماعات المتشددة في تحديد سياسات البلاد، قائلاً: “لو أصبح سعيد جليلي رئيساً للجمهورية، لربما اندلعت حرب في منطقة الشرق الأوسط.” هذه التصريحات لم ترق لأولئك الذين يعتبرون أنفسهم “ثوريين”، حيث نظموا أمس تجمعاً احتجاجياً في طهران ضد نائب الرئيس الاستراتيجي، مطالبين بإقالته. كان التجمع بعنوان “انقلاب ضد إسلامية وجمهورية النظام من قبل المتسللين”، حيث ظهر بعض المشاركين مرتدين الأكفان ورددوا شعارات ضد ظريف، معتبرين تعيينه في منصب نائب الرئيس غير قانوني.
برجام اليوم لم يعد برجام ما قبل عدة سنوات
ذكر الموقع تصريحات مالكي عما إذا كان هناك احتمال لبدء جولة جديدة من المفاوضات بين إيران والولايات المتحدة مع تولي إدارة جديدة في الولايات المتحدة فقال: “في السنوات القليلة الماضية، لم تُغلق إيران أبداً باب المفاوضات، وكانت بعض الدول الوسيطة مثل عُمان على اتصال دائم مع الجانب الإيراني والأطراف الغربية، بمن في ذلك الأمريكيون. لقد تركت إيران باب المفاوضات مفتوحاً دائماً لتظهر للعالم أن إيران ملتزمة بالمبادئ والقواعد الدولية، وأن الولايات المتحدة هي التي تنصلت من التزاماتها وانسحبت من برجام”.
وأردف مالكي: “الكلام الذي طرحه بزشكيان وبعض المسؤولين الآخرين في الحكومة حول ضرورة إجراء المفاوضات هو كلام صحيح، ولكن السؤال المهم هو: مع من وبماذا سنتفاوض؟ يجب أن نلاحظ أن حكومتنا غير مخوّلة حالياً بإجراء مفاوضات مباشرة مع الولايات المتحدة، وقد تم منحها الإذن فقط للتفاوض مع الدول الأوروبية. بالطبع، ترامب في فترة رئاسته الثانية يختلف عن فترة رئاسته الأولى، ولكن القضايا الاستراتيجية التي تعتمد عليها إيران في تصميماتها قد تغيرت مقارنة بالماضي، بحيث أن برجام اليوم لم يعد برجام ما قبل عدة سنوات، بل انخفضت الطبيعة السياسية والأمنية لهذا الاتفاق، ولم يتبقَ منه سوى قضية فنية وقانونية محددة”.
مفاوضات إيران مع الأطراف الغربية قد لا تقتصر على القضايا النووية
أكد مالكي أن مفاوضات إيران مع الأطراف الغربية قد لا تقتصر فقط على القضايا النووية، قائلًا: “إذا أراد الغربيون التفاوض مع إيران، فإنه يمكن إجراء مفاوضات حول قضايا أخرى بالإضافة إلى الملف النووي”. في هذا السياق، من المقرر أن يحضر فريق المفاوضات الإيراني الأحد 26 يناير/كانون الثاني 2025 اجتماع لجنة الأمن القومي لتوضيح محاور المفاوضات المستقبلية لنواب البرلمان.
وأشار إلى أن تصريحات ترامب الأخيرة تُظهر أن الإدارة الأمريكية الجديدة ترغب في إجراء مفاوضات مع إيران. ومع ذلك، منذ أن تولى السلطة، لم يتم إرسال أي رسالة رسمية من الأمريكيين عبر الدول الوسيطة إلى إيران تطلب فيها إجراء مفاوضات.
الأوروبيون لا يمكن أن يكونوا وسطاء جيدين للمفاوضات غير المباشرة بين إيران والولايات المتحدة.
أكد مالكي أن قضية إيران ليست الأولوية الأولى أو الثانية أو الثالثة لترامب، قائلا: “حاليا، يواجه ترامب العديد من التحديات الداخلية مثل قضية المهاجرين غير الشرعيين والقضايا الاقتصادية، بالإضافة إلى القضايا الخارجية، خاصة حرب أوكرانيا والصراع الاقتصادي الشامل مع الصين. هذه التحديات تتمتع بأولوية أعلى بالنسبة لرئيس الولايات المتحدة الجديد مقارنة بموضوع إيران. بالطبع، ستعلن الإدارة الأمريكية الجديدة قريباً قراراتها بشأن إيران، ويجب علينا مواجهة هذه القرارات بذكاء، وهو ما يتطلب وضع استراتيجية واضحة وتنسيق بين الحكومة والمجلس في التعامل مع الأطراف الأمريكية.”
واصل مالكي حديثه قائلاً: “في الوقت الحالي، حيث يواجه فريق المفاوضات الإيراني الأطراف الأوروبية، يطرح البعض سؤالاً: لماذا لا يتفاوض الفريق الإيراني مباشرة مع الولايات المتحدة؟ يجب أن نلاحظ أن التحديات التي تواجهها الدول الأوروبية مع الرئيس الأمريكي الجديد في فترة ترامب الثانية ليست أقل مما كانت عليه في الفترة الأولى، إن لم تكن أكثر. لذلك، إذا كان من المقرر إجراء مفاوضات غير مباشرة، فإن الأوروبيين لا يمكن أن يكونوا وسطاء جيدين بين إيران والولايات المتحدة، لأن موقف الدول الأوروبية يختلف عن موقف ترامب تجاه إيران. ولكن لإدارة وقتنا بشكل أفضل في المستقبل، يمكن أن يكون التفاوض أولا مع الدول الأوروبية نهجا مناسباً”.
وأكد أن إيران أعلنت مراراً أنها لن تضع قضاياها الصاروخية والدفاعية على طاولة المفاوضات بأي حال من الأحوال، وبالتالي فإن التفاوض حول هذه القضايا مستبعد تماما. ولكن من الممكن أن تدخل إيران في مفاوضات مع الأطراف الغربية حول التطورات الإقليمية والدولية”.
كان على ظريف ألا يتحدث ضد جليلي في اجتماع دافوس
أشار مالكي إلى التجمع الأخير للجماعات المتشددة ضد محمد جواد ظريف ومعارضتهم لإجراء مفاوضات مع الأطراف الغربية، قائلًا: “الكلام الذي طرحه ظريف مؤخراً في اجتماع دافوس يختلف عن السياسة العامة للنظام فيما يتعلق بمفاوضات الأطراف الغربية. بالإضافة إلى ذلك، كان من الأفضل ألا يطرح ظريف التصريحات التي أدلى بها حول القضايا الداخلية لنا في مؤتمر اقتصادي عالمي”.
وتابع قائلاً: “عندما يطرح ظريف مثل هذه التصريحات، فإن بعض أعضاء البرلمان يردون عليه ويتخذون مواقف ضده. في الأيام الأخيرة، أرسل لي أكثر من 200 عضو برلماني رسائل نصية ينتقدون فيها تصريحات ظريف ويعبرون عن معارضتهم لها. بناءً على معرفتي بالرئيس، أنا واثق من أنه لم يكن راضياً عن طرح هذه التصريحات”.
إذا تمت أي مفاوضات مع الأمريكيين، فإنها ستكون بإذن المرشد خامنئي
أشار مالكي إلى أن التطرف من قبل جميع الجماعات السياسية يتعارض مع شعار الوفاق الوطني، وقال “إن واجبنا جميعا هو أن نكون متحدين ونوصل صوتا واحدا من إيران إلى العالم، لذلك يجب أن نوحد كلمتنا ونبتعد عن التطرف”.
وأضاف قائلا: “كيفية إجراء المفاوضات والقضايا التي يتم التفاوض عليها مع الأطراف الغربية هي من القضايا الكبرى للنظام، ولا يتم تحديدها من قبل ظريف أو بعض أعضاء البرلمان، بل يتم تحديد هذه القضايا في إطار المجلس الأعلى للأمن القومي، ويقدم المرشد الأعلى علي خامنئي توجيهاته إلى المجلس، وأي قرار يتخذه المجلس يتم تنفيذه فقط بموافقة المرشد. الآن، بما أن الفريق التفاوضي الإيراني مُخوّل فقط بالتفاوض مع الأوروبيين، لأن الإذن بإجراء مفاوضات مع أمريكا لم يُمنح. وإذا تم في يوم من الأيام منح الإذن للتفاوض مع الأمريكيين، فسيحدث ذلك أيضا في إطار السياسة العامة للنظام؛ لذلك لا ينبغي لنا، كمسؤولين، أن نزيد من التعددية في الأصوات في الظروف الصعبة الحالية التي يعاني فيها الشعب من مشاكل معيشية”.
واختتم قائلا: “في الأساس، في النظام الإيراني، يقوم المجلس الأعلى للأمن القومي باقتراح القضايا الكبرى بعد دراسة جميع الأبعاد والتشاور مع الجهات المعنية، ثم يقدمها إلى المرشد الأعلى علي خامنئي، وبعد استماع مقترحات المجلس، يتخذ المرشد القرارات، إما بتأييد رأي المجلس أو بتقديم توجيهاته إليه؛ لذلك، إذا كان من المقرر أن يجلس الجانب الإيراني يوما ما على طاولة المفاوضات مع الجانب الأمريكي، فلا بد أن يكون قد تم الحصول مسبقاً على إذن من المرشد لإجراء هذه المفاوضات”.