ترجمة: علي زين العابدين برهام
نشرت صحيفة “آرمان ملي“، الأربعاء 19 فبراير/شباط 2025، حوارا مع رضا أكرمي، عضو جمعية رجال الدين المقاتلين والنائب السابق في البرلمان الإيراني؛ لمناقشة عدد من القضايا المهمة، ومنها التحديات التي تواجه حكومة بزشيكان، والسبل الممكنة لتعزيز الاقتصاد الوطني وتجاوز العقوبات الدولية، وفي ما يلي نص الحوار:
لماذا لم تنجح حكومة بزشكيان في تحسين الوضع الاقتصادي للشعب؟ وما التحديات والعقبات التي واجهتها؟
على مدار 46 عاما منذ انتصار الثورة الإسلامية، مررنا بتقلبات كبيرة في مختلف المجالات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والثقافية. الحقيقة هي أننا خلال هذه السنوات لم نتمكن حتى لأسبوع واحد من التفكير بهدوء في إدارة المجتمع واتخاذ قرارات استراتيجية. فقد كانت بلادنا لسنوات عديدة، غارقة في ظروف صعبة، سواء بسبب الحرب أو العقوبات.
في البداية، كان العدو يتوقع أن عمر الثورة لن يتجاوز 40 يوما، ثم زاد التوقع إلى بضعة أشهر، وأخيرا توقع ألا تستمر لأكثر من 40 عاما. لكننا اليوم نحتفل بالذكرى الـ46 للثورة ونستعد لدخول عامها الـ47.
على الرغم من العقوبات والظروف الصعبة التي واجهناها، لم نعانِ من نقص في القدرات الداخلية، بل استفدنا من الإمكانات المتاحة بالبلاد في مختلف المجالات. اليوم، نحن في وضع جيد من حيث البنية التحتية، وقد حققنا تقدما ملحوظا في العديد من الجوانب مقارنة بالماضي. ومع ذلك، ما زلنا نواجه تحديات كبيرة في الجانب الإداري والتنظيمي. حكومات متعددة جاءت وذهبت، ولكننا لم نتمكن بعد من تفعيل الإنتاج بشكل كامل.
على الرغم من أن بزشكيان يسعى لتعزيز الإنتاج ويهدف إلى اتخاذ إجراءات فعالة لتحسين معيشة الشعب، فإن النجاح في هذا المجال لم يتحقق بعد. لذلك، أرى أن أداء حكومة بزشكيان كان متوسطا، حيث لم يكن أداؤها جيدا بشكل كبير، ولم يكن سيئا أيضا.
لماذا يبدو أداء الحكومة متوسطا؟ وما نقاط الضعف والعقبات التي واجهتها؟
من أبرز نقاط الضعف التي واجهتها الحكومة هو عدم إشراك القطاع الخاص، بشكل فعّال أو عدم التعامل مع هذا الجانب بالجدية المطلوبة. كان من المفترض أن تتعامل الحكومة بجدية أكبر مع إشراك القطاع الخاص، وأن تستفيد بشكل أمثل من الإمكانات الكبيرة المتوفرة فيه.
إضافة إلى ذلك، كان على حكومة بزشكيان ألا تقع في فخ العقوبات، بل أن تبحث عن حلول مبتكرة للتغلب عليها. من المهم التمييز بين الشعارات والأفعال، وعدم اعتماد الشعارات كمعيار وحيد لتقييم أداء الحكومة. فكل شيء يعتمد في النهاية على مدى استغلالنا للقدرات الداخلية لتغيير الواقع وتحسين الظروف.
عندما نتمكن من إنتاج الأرز والقمح والسلع الأساسية بأنفسنا، يجب أن نركز على الاستثمار في هذا المجال ونستخدم الإمكانات المتاحة بشكل كامل. في الوضع الحالي، يُهدر ما يقرب من ثلث الإنتاج الزراعي لأسباب مختلفة. أؤمن بأنه يجب علينا استخدام كل الإمكانات المتاحة لتقليل هذه التحديات والقضاء عليها.
يجب أن نستغل كل الإمكانات والقدرات المتوفرة لوقف هدر ثلث المنتجات الزراعية، وهو أمر مقلق للغاية. في هذا الصدد، يجب أن يلعب القطاع الخاص دورا محوريا ويستخدم إمكانياته لتحسين هذا الوضع، بينما تتحرك الحكومة بدور داعم ومرشد ومراقب.
في مثل هذه الظروف، تتغير النظرة من الخارج إلى الداخل، ولن نكون بحاجة إلى الاعتماد على الأجانب. ومع ذلك، ما زلت ألاحظ بعض مظاهر سوء الإدارة داخل البلاد، وأعتقد أن بعض التحديات الحالية ناتجة عن سوء الإدارة.
الإدارة الصحيحة للمجتمع هي الركيزة الأساسية للتنمية والتقدم، والقرارات التي يتخذها المسؤولون في كل مرحلة تؤثر بشكل مباشر على مصير الشعب والبلاد. يجب أن نتجاوز مرحلة الشعارات ونتجه نحو الأفعال، فقط في مثل هذه الظروف يمكننا أن نعقد الأمل على تحسين الأوضاع.
كيف يمكن للحكومة ألا تقع في فخ العقوبات دون تفعيل التعامل الحقيقي؟
لقد خضنا تجارب عديدة في المفاوضات، ويجب أن نستفيد من الدروس المستفادة من الماضي في هذا المجال. الحقيقة هي أن الولايات المتحدة وحلفاءها يسعون إلى إبقاء إيران تحت وطأة العقوبات ومواصلة سياسة الضغط الأقصى، بغض النظر عمن يكون رئيس الولايات المتحدة. لذلك، أرى أن حكومة بزشكيان يجب أن تعتمد أولا على الإمكانات الداخلية لمواجهة هذه التحديات، إضافة إلى ذلك، نحن جيران لـ16 دولة، ويمكن للعلاقات مع كل منها أن تحقق فوائد كبيرة لنا. لذا، يجب على بزشكيان أن يستفيد من الإمكانات الاقتصادية الإقليمية لصالح البلاد.
لقد كنت نائبا في البرلمان لخمس دورات، وأنا على دراية تامة بأسباب المشكلات الحالية التي تواجه البلاد. التجربة أثبتت أنه لا يمكن لأي حكومة أن تكون تاجرا ناجحا. لذلك، يجب أن نتحرك بقوة نحو الخصخصة والتعاونيات.
في مثل هذه الظروف، يجب أن تلعب الحكومة، كما أشار بزشكيان دورا داعما ومرشدا ومراقبا. طالما أن الاقتصاد الإيراني يعتمد على النفط، وسواء اشترت الدول الأجنبية منا النفط أم لا، فإن الوضع سيظل كما هو. إن أحد أكبر مشاكل الاقتصاد الحكومي هو أن سعر النفط ليس تحت سيطرتنا، مما يعيق قدرتنا على التخطيط للمستقبل بشكل فعال، فيجب على الحكومة أن تتوقف عن التدخل المباشر في الاقتصاد وأن تتحول إلى دور الدعم والرقابة.
هل الظروف الحالية تسمح لإيران بالتخلي عن الاقتصاد الحكومي؟
على الحكومة نفسها أن تخلق الظروف المناسبة لذلك، لقد جعلنا اقتصاد البلاد يعتمد بشكل غير مبرر على سعر الدولار واليورو، رغم أن العملة الرسمية للبلاد هي الريال. يجب أن نعمل على تقوية عملتنا الوطنية وإزالة الآثار السلبية لتأثير الدولار واليورو على الاقتصاد.
الحل يكمن في جعل الإنتاج أولوية رئيسية وإعطائه الاهتمام الذي يستحقه، ويجب أن يتحول الاهتمام بالإنتاج إلى ثقافة سائدة في البلاد، وأن نلتزم جميعا بتحقيقه.
إن مشاكل الاقتصاد لن تُحل بالشعارات والخطابات، بل تتطلب أفعالا ملموسة وجهودا جادة لمعالجتها. نقطة أخرى مهمة هي أن الحكومة بحاجة إلى نظام فعّال للمكافأة والعقاب. كل من يبذل جهودا حقيقية في مجال الإنتاج يجب أن يُكافأ، بينما يجب محاسبة من لا يقدم إسهامات مفيدة في هذا المجال.
في الوضع الحالي، لا أحد في الاقتصاد الوطني يعطي الأولوية للصالح العام، فالجميع يسعى لتحقيق مصالحه الشخصية وأرباحه الخاصة.
ما الآثار المترتبة على استمرار الوضع الحالي اقتصاديا على القاعدة الاجتماعية للحكومة؟
جزء كبير من المشاكل الاقتصادية لم يظهر بين ليلة وضحاها، لذا لا يمكن أن نتوقع من حكومة بزشكيان أن تحلها جميعًا في فترة قصيرة. هذه المشاكل تراكمت على مدى سنوات بل عقود، وحلها يتطلب تخطيطا استراتيجيا وطويل الأمد. النقطة الأخرى هي أن الحكومة وحدها لا تستطيع حل جميع التحديات، بل يجب أن تتعاون جميع المؤسسات والسلطات الأخرى معها.
هذا الوضع ينطبق على جميع الحكومات. في النهاية، البلاد تمر بظروف صعبة، ولذلك يجب على الجميع تقديم الدعم للحكومة. يجب أن ندرك أننا جميعًا في قارب واحد، وإذا تعرض هذا القارب لأي ضرر، فإننا جميعًا سنتأثر.
من غير المقبول أن تمنع بعض الأطراف وجود أفكار ورؤى متنوعة في إدارة البلاد، وأن تهيمن فكرة واحدة فقط على المشهد. هذا النهج لن يؤدي إلى نتائج إيجابية للبلاد. بدلا من ذلك، يجب أن نعمل على تعزيز الجاذبية للنظام وتقليل الدوافع السلبية قدر الإمكان. نقطة أخرى مهمة هي أننا يجب أن نقدم التوصيات اللازمة للناس، وإحدى هذه التوصيات هي ترشيد استهلاك الوقود والماء والكهرباء والغاز وغيرها.
وفقا للإحصاءات المنشورة، فإن استهلاك الوقود في إيران يعادل استهلاك جميع الدول الأوروبية مجتمعة. لماذا يجب أن نواجه مثل هذا الوضع؟ يجب أن نستفيد من طاقات الناس والسوق والنخب، وأن نستخدم الإمكانات المتاحة في البلاد لتجاوز التحديات الراهنة.