ترجمة: أسماء رشوان
نشرت وكالة “خبر أونلاين” الإيرانية المحسوبة على مكتب علي لاريجاني، مستشار المرشد الأعلى للثورة الإيرانية علي خامنئي، تقريرا يوم الجمعة 21 فبراير/شباط، حول تعديل قانون هيئة مراقبة سلوك النواب ليتناسب مع النواب.
ذكرت الصحيفة أنه في 13 فبراير/شباط، أبلغ محمد باقر قاليباف، رئيس البرلمان الثاني عشر، بتعديل قانون هيئة مراقبة سلوك النواب للتنفيذ. وهو قانون تمت الموافقة على مبادئه العامة في 10 أكتوبر/تشرين الأول 2024 من قبل نواب البرلمان الثاني عشر، وشهدت الجلسات العلنية مناقشات مكثفة حول تفاصيله وتعديله ليتناسب مع النواب.
ويُذكر أن “قانون هيئة مراقبة سلوك النواب” ليس جديدا، إذ أُقر لأول مرة عام 2012، لكن ضعف أداء هذه الهيئة كان محل انتقاد متكرر من قبل المرشد الأعلى، الذي شدد على ضرورة أن تلعب الهيئة دورا أكثر فاعلية.
وفي لقاء جمع المرشد الأعلى بنواب البرلمان في يونيو/حزيران 2023، قال لهم:
“لقد تم تشكيل هيئة في البرلمان لمراقبة أداء النواب. من لديهم خبرة يتذكرون أنه في إحدى الدورات، وُجِّه تنبيه بهذا الشأن، فسارع النواب إلى تشكيل هذه الهيئة. ولكن ما هو الهدف من هذه الهيئة؟ هدفها منع أن يُساء إلى 290 نائبا بسبب تصرف فرد واحد، مما قد يؤدي إلى فقدان البرلمان لمكانته في نظر الشعب. لذلك يجب الوقاية أولا، وإن لم يكن ذلك ممكنا، فعلى الأقل يجب المعالجة. لكننا لم نرَ أن هذه الهيئة قامت بعملها كما كان متوقعا منها. وهذه هي توصياتنا القادمة”.
وأضافت الصحيفة، أنه لهذا السبب، وبعد اللقاء الأول مع المرشد الأعلى والتنبيه الجديد منه حول هذا الموضوع، اتجه نواب البرلمان الثاني عشر إلى تعديل لوائح مراقبة سلوك النواب، وأدخلوا تغييرات على القانون لتحسين أدائها.
وذكرت أنه وفقا للمقترح الذي قدمه البرلمان الثامن في سبتمبر/أيلول 2011، وُضعت الأسس لإنشاء آلية لمراقبة سلوك النواب، مما أدى لاحقا إلى تشكيل هيئة لمراقبة سلوك النواب. ومع ذلك، فإنَّ تدخل هذه الهيئة في القضايا والجدل الذي يثيره بعض النواب يتطلب تقديم شكوى، أي إنها لا تستطيع التحرك بشكل مستقل ما لم تتلقَّ شكوى رسمية ضد أحد النواب.
ولذلك كانت هذه ثغرة قانونية كبيرة، وكان من المتوقع أن يعمل البرلمان الثاني عشر على إصلاحها، لكن التعديلات التي أُدخلت على قانون هيئة المراقبة لم تكن سوى تغييرات عامة دون معالجة جوهرية لهذه المشكلة.
وأردفت الصحيفة، أنه بحسب القانون السابق للرقابة البرلمانية على سلوك النواب، كانت هيئة الرقابة على سلوك النواب تتألف من سبعة أعضاء، هم: أحد نواب رئيس البرلمان، وعضو من لجنة المادة 90، وعضو من اللجنة القضائية والقانونية، وأربعة أعضاء آخرين من النواب يتم اختيارهم من قبل البرلمان.
أما الآن، في التشكيل الجديد، فإن الهيئة تتألف من تسعة أعضاء، منهم ستة نواب على الأقل لديهم خبرة نيابية لدورتين، وعضو ثابت من لجنة المادة 90، وعضو من اللجنة القضائية والقانونية، وأحد نواب الرئيس يتم اختياره من قبل هيئة رئاسة البرلمان.
إضافة الي تعديل مجلس الاستئناف، بحيث أصبحت لجنة اللائحة الداخلية تختار تسعة نواب من بين المتقدمين، على أن يكون لديهم خبرة برلمانية لا تقل عن ثلاث دورات كاملة، وأن يكونوا من بين سبعة من أكبر النواب سنا، إضافة إلى امتلاكهم خبرة قضائية سابقة.
تعديلات سطحية بدلا من تغييرات جوهرية
وبحسب الصحيفة، فعند مراجعة تعديلات قانون الإشراف على سلوك النواب ومقارنة القوانين الصادرة عن البرلمان الثامن والثاني عشر، يتبين أن البرلمان الثاني عشر أمضى شهرا كاملا في إدخال تعديلات لغوية وصياغية على القانون، بدلا من إجراء تغييرات جوهرية على صلاحيات هيئة الرقابة.
ومثال على ذلك، في المادة 5 من القانون الأصلي لعام 2012، كانت تنص على أن:
“الهيئة تتولى النظر في التقارير الواردة بشأن أي نائب بشكل سري، وإذا تبين لها وقوع مخالفة، تدعو النائب إلى الجلسة الأولى للاستماع إليه، والتشاور مع الجهات المختصة قبل اتخاذ القرار اللازم”.
أما في المادة 3 من قرار البرلمان الثاني عشر، فقد تمت إضافة عبارة “يعتمد”، بينما أضيفت في المادة 5 من هذا القانون عبارة:
“الجهات الأمنية والتنفيذية ملزمة بالتعاون وتقديم المعلومات اللازمة للهيئة عند الاستفسار”.
وأضافت الصحيفة أن التعديلات التي وردت في المادة 6، والتي كانت تحدد العقوبات التأديبية للنواب المخالفين وفقا لأهميتها والظروف التي ارتكبت فيها، وتشمل:
تنبيه شفهي (دون تسجيله في الملف)، أو تنبيه كتابي (مع تسجيله في الملف)، أو التعهد بعدم تكرار المخالفة، أو خصم نصف الراتب لمدة تتراوح من شهر إلى سنة، أو الحرمان من عضوية اللجان والهيئات البرلمانية، أو الحرمان من الترشح لهيئة رئاسة البرلمان أو اللجان، أو الإعلان عن المخالفة في جلسة غير علنية من قبل رئيس البرلمان، أو الإعلان عن المخالفة في جلسة علنية من قبل رئيس البرلمان.
وأشارت إلى أنه في القرار الجديد، طرأت تعديلات على هذه المادة، حيث تم حذف عبارة “وفقا للمادة 6 من اللائحة الداخلية للبرلمان”، كما أضيفت كلمة “الموارد البشرية” بعد كلمة “الملف” في البند (ب)، وفي البند (ث) أضيفت عبارة “أو اللجان الخاصة بالبرلمان” بعد عبارة “التحقيق والتفتيش”.
التعامل مع الهدايا الدبلوماسية
وأضافت أن التعديل الوحيد الذي يُعتبر جوهريا هو إضافة بند حول الهدايا السياسية الخارجية (الدبلوماسية)، حيث أصبح القانون ينص على أن:
“الهدايا الدبلوماسية التي يتلقاها النواب من جهات خارجية تُعتبر من ممتلكات البرلمان، وعلى النائب تسليمها للبرلمان”.
وعلى الرغم من أن النواب أمضوا عدة أسابيع في دراسة مشروع تعديل قانون مراقبة سلوك النواب وتحويله إلى قانون، كان من المتوقع أن يتم سد الثغرات والنواقص الموجودة، إلا أن المراجعات تُظهر أن هذه المشاكل لا تزال قائمة ولم تتم معالجتها.
دور مجلس صيانة الدستور في مراقبة سلوك النواب
وحسب تقرير الصحيفة، فمن الواضح أنه عندما يتعلق الأمر بمراقبة سلوك النواب، فإن مجلس صيانة الدستور يرى نفسه صاحب سلطة في هذا المجال، إذ يؤكد دائما أن مراقبته لا تقتصر على الانتخابات فقط، بل تمتد إلى مرحلة ما بعد الانتخابات وطوال السنوات الأربع التي يقضيها النائب في البرلمان.
المشكلة هنا أن مراقبة مجلس صيانة الدستور لتصريحات النواب ومواقفهم تقيد استقلاليتهم وحريتهم، مما قد يجعلهم أكثر خضوعا وتملقا بدلا من الدفاع عن حقوق الشعب بشجاعة.
وأضافت الصحيفة في تقريرها، أن النائب محمد رضا صباغيان، ممثل مهريز وبافق، انتقد ذلك بشدة خلال جلسة البرلمان، حيث قال:
“كرامة البرلمان تعني أن يتمتع النواب بالقوة والشجاعة في التعبير عن آرائهم. لا ينبغي أن يتم تكميم أفواه النواب أو جعل مجلس صيانة الدستور سيفا مسلطا عليهم. البرلمان فقد دوره بالفعل أمام المجلس الأعلى للثورة الثقافية ومجمع تشخيص مصلحة النظام. ولكن لا نريد إنشاء مجلس صيانة آخر داخل البرلمان نفسه!”.
تحذيرات من إضعاف البرلمان
وأردفت أن النائب أحمد بخشايش، ممثل أردستان، كان أيضا من المعارضين للتعديلات المقترحة، حيث قال:
“المجلس أصبح ضعيفا بما فيه الكفاية، والنواب أصبحوا أيضا كذلك. ولا ينبغي التسلق على أكتاف النواب. لقد أصبح المجلس ضعيفا بسبب وجود مؤسسات تضيّع حقوقه، ومن بين هذه المؤسسات المجلس الأعلى للثورة الثقافية. هذه المسألة تؤدي إلى تلفيق قضايا ضد النواب، في حين أنه يجب أن يتمتع النائب بالحصانة. ولا ينبغي تقييد النواب. أما بالنسبة لهيئة رئاسة المجلس فهي لديها ما يكفي من القوة، والآن جاء دور النواب”.
الهيئة لا تملك سلطة حقيقية لمعاقبة النواب المخالفين
واختتمت الصحيفة تقريرها، بذكر أنه من أكبر العيوب التي لم يتم إصلاحها في القانون أن هيئة مراقبة سلوك النواب لا تملك أي سلطة حقيقية لمعاقبة النواب المخالفين، حيث يبقى هذا الاختصاص بيد السلطة القضائية.
ورغم أن البرلمان يُكلف ميزانية ضخمة تصل إلى أكثر من مئة مليار ريال سنويا، فقد أُهدرت لعدة أسابيع في نقاشات لم تقدم أي حلول جوهرية. ولا تزال المشاكل قائمة، ولم يتم تحقيق أي تقدم حقيقي في تحسين القانون.