ترجمة: علي زين العابدين برهام
نشرت صحيفة “همشهري أونلاين“، مساء الخميس 27 فبراير/شباط 2025، تقريرا عن اجتماع الرئيس الإيراني مسعود بزشکیان مع مديري الأجهزة الحكومية في جنوب غربي محافظة طهران، ذكرت فيه أهم التصريحات التي أدلى بها، إذ ذكرت أنه أكد التزامه بالوعود التي قطعها للشعب، مشددا على أن الوضع الحالي لا يليق بشعب إيران، ويجب بذل الجهود لتغييره.
وأشار إلى أنه “تم التوصل إلى اتفاق في اجتماع رؤساء السلطات، لكننا لم نقل إننا نتحكم بسعر الدولار ونفعل ما نشاء. بالطبع، هذا ليس المكان المناسب للخوض في هذا النقاش، لكنني كررت مرارا أن شخصا واحدا (ترامب) يتحدث من الطرف الآخر من العالم، ونحن هنا نرتبك ونتراجع”.
وأضاف أنه “إذا كنا نؤمن بقدراتنا، فلن نندفع إلى شراء الذهب والعملات الأجنبية، مما يؤدي إلى ارتفاع الأسعار بسبب قلة المعروض، ثم نبدأ في بث الذعر بين بعضنا البعض كأن كارثة قد وقعت. نحن لا نخاف، بل سنبقى ونعمل بقوة؛ لأننا نؤمن بقدرتنا على البناء والتغيير”.
وأكد أن التغيير والبناء لا يتحققان إلا بتكاتف الجميع، وقال: “قد لا أستطيع وحدي، لكننا معا قادرون على تحقيق ذلك، ويجب أن نؤمن بهذه الحقيقة”.
عدم التوازن بين الموارد والمصروفات
أكد مسعود بزشکیان أهمية الرؤية التي طرحها المرشد الإيراني علي خامنئي، بشأن جعل إيران نموذجا يُحتذى به في المنطقة، مشيرا إلى أن تحقيق هذه المكانة لا يمكن أن يتم بالتبسيط أو العشوائية، بل يتطلب تخطيطا استراتيجيا ورؤية واضحة للمستقبل. وأضاف: “علينا أن نحدد في خططنا ما يليق بنا، ونعمل بجد لتحقيقه وفق الإمكانات المتاحة”.
وأوضح أن أحد المعايير الأساسية للتنمية هو تحقيق التوازن بين الموارد والمصروفات، محذرا من أن أي اختلال في هذا التوازن يؤدي إلى تعثر التنمية وزيادة الاستياء العام، وصرح بأنه “إذا لم نأخذ حجم الموارد بعين الاعتبار عند تحديد الاحتياجات، فسنواجه أزمات هيكلية تؤدي إلى اضطرابات اقتصادية واجتماعية”.
وأشار إلى ضرورة ربط خطط التنمية بالقدرات الفعلية للموارد الطبيعية، قائلا: “يجب أن نتوسع بقدر ما تتيحه لنا مواردنا المائية، فلا يمكننا التوسع العشوائي في ظل شح المياه. لقد أفرطنا في حفر الآبار حتى بدأت أراضينا تعاني من الهبوط الأرضي، فماذا سنفعل عندما تجف موارد المياه الجوفية بالكامل؟”.
وشدد على أهمية التفكير المستقبلي للمسؤولين، وقال إنه “يجب أن ننظر إلى المستقبل على مدى مئة عام قادمة، ونضع خططا تكون فعالة، ذات جودة عالية، وقادرة على مواجهة التحديات، مع ضمان المساءلة والشفافية في تنفيذها”.
“لن ننحني أمام المتغطرسين”
أكد بزشکیان أن الخوف من العقوبات ليس خيارا، مشددا على ضرورة عدم الخضوع للضغوط الخارجية، وأضاف أن “البعض يقول إنه لا خيار أمامنا سوى التفاوض مع الأمريكيين. نحن لم نرفض مبدأ التفاوض، لكننا لن ننحني أمام المتغطرسين. كيف يمكننا الحوار مع من يقصف النساء والأطفال ثم يتشدق بحقوق الإنسان؟ يريدون أن نُحرم من امتلاك الصواريخ والأسلحة حتى يتمكنوا من قصفنا متى شاؤوا، دون أن يكون لنا الحق في الدفاع عن أنفسنا”.
وأضاف أنه “منذ البداية، أكدنا أننا لا نسعى إلى الصراع، فالدول الإسلامية في المنطقة هم إخواننا، ونريد العيش معهم في سلام وأمان. نحن لم نخلق الفوضى في المنطقة، بل إسرائيل هي من فعلت ذلك. الاحتلال الإسرائيلي يعتدي على الجميع، ولا يخشى العواقب بفضل الدعم الأمريكي اللامحدود”.
وتابع قائلا “إنهم قد فرضوا علينا أقسى العقوبات، والآن يدعوننا إلى الحوار، عليهم أولا أن يثبتوا أنهم جادون في التفاوض، وبعدها يمكن الحديث، لكن هذا لا يعني أن نرهن معيشتنا ومستقبل شعبنا لهذه الظروف. علينا أن نتكاتف لتجاوز الأزمات، والسير نحو تحقيق رؤية المرشد الأعلى لمستقبل إيران”.
وأشار بزشکیان إلى أهمية ترشيد استهلاك الموارد الوطنية، قائلا: “إذا أحسنّا إدارة المياه، والكهرباء، والغاز، والطاقة بشكل عام، فسنتمكن من تحسين مستوى معيشة المواطنين وضمان حياة أفضل للجميع”.
وأضاف أن مفتاح الحل يكمن في الوحدة والتخطيط السليم، قائلا: “نحن قادرون على تجاوز الأزمات، بشرط أن نعمل معا بروح جماعية، وفق رؤية واضحة، ومنهج علمي، وخطة طريق مدروسة”.
تفويض مزيد من الصلاحيات للمحافظات لتنفيذ سياسات الدولة
أكد الرئيس الإيراني ضرورة وضع آليات واضحة لاستخدام الموارد بشكل أمثل، وتحديد كيفية البناء والاستثمار، مشيرا إلى أن الحكومة عازمة على منح المحافظين مزيدا من الصلاحيات في إطار القانون وخطة التنمية الوطنية.
وذكر أن “البعض في وسائل الإعلام يدّعي أن الحكومة تسعى إلى الفيدرالية، وهذا غير صحيح. نحن نؤمن بأن المحافظ أو المسؤول المحلي، عندما يكون مكلفا بمهمة، يجب أن يتمتع بالصلاحيات اللازمة لتنفيذها. كيف يمكن مطالبة مسؤول لا يملك أي صلاحيات بالمحاسبة؟ لكن هذا لا يعني منحهم حرية التصرف المطلقة، بل يعني تمكينهم من تنفيذ السياسات الوطنية والإطار العام بكل قوة وفعالية”.
استمرار الدعم وتوزيع السلع التموينية
شدد بزشكيان، في جانب آخر من حديثه، على التزام الحكومة بحل المشكلات المعيشية للمواطنين، قائلا: “سنعمل على تحسين الأوضاع المعيشية بكل الوسائل الممكنة. من المقرر أن يتم توزيع حزمتي مساعدات غذائية على سبع فئات قبل عيد النيروز (21 مارس/آذار)، وسنواصل هذا البرنامج بعد العيد بوتيرة أقوى”.
وأكد قائلا للحاضرين: “الحكومة وأنتم كمسؤولين محليون جسد واحد. يمكننا بناء المدارس والمستشفيات، حتى لو لم نملك الأموال الكافية، لأن رأس مالنا الحقيقي هو شعبنا. الشباب الذين نجحوا في تصنيع الصواريخ أقوى من آلاف الثروات والاستثمارات، فالفكر والإبداع، إلى جانب الوحدة والتماسك والقيادة الرشيدة، هي ما يقودنا بقوة نحو تحقيق أهدافنا”.
ترشيد استهلاك الطاقة ضرورة وطنية
طالب بزشكيان بضرورة ترشيد استهلاك الطاقة، وأضاف قائلا: “أدعو أئمة الجمعة إلى توعية الناس بأهمية الاقتصاد في استهلاك الكهرباء والغاز. يمكننا الامتناع عن استخدام الطاقة حيث لا تكون ضرورية، لأن ذلك يساهم في دوران عجلة المصانع، وخلق فرص العمل، وتحقيق وفر اقتصادي يعود بالنفع على الجميع”.