ترجمة: علي زين العابدين برهام
نشرت صحيفة “هم ميهن” الإثنين 3 مارس/آذار 2025 تقريرا حول رأس المال الاجتماعي لحكومة الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان، واتساع الفجوة بين الحكومة والشارع الإيراني، والحلول التي يجب على الحكومة اتباعها للخروج من هذه الأزمة.
وذكرت أن استجواب وزير الاقتصاد وسحب الثقة منه يعتبر نقطة تحوّل مفصلية، حيث كشف عن تعثر مشروع “التوافق الوطني” الذي رفعته حكومة بزشكيان منذ البداية، إذ لم يستطع هذا النهج كسب تأييد معارضي الحكومة كما كان متوقعا.
وأضافت أنه قد وصل بزشكيان إلى الرئاسة في ظروف استثنائية، حيث لم يشارك نصف الناخبين في الانتخابات، بينما حصل على أصوات أغلبية الذين أدلوا بأصواتهم، لكنه واجه منذ اللحظة الأولى أزمات متراكمة، سواء على المستوى الداخلي أو الدولي، انعكست على الوضع الاقتصادي المضطرب.
وتابعت: في نظر شريحة واسعة من المجتمع الإيراني، يُعد ارتفاع سعر الدولار مؤشرا على أداء الحكومة، حيث بات سعر الصرف أشبه بمقياس لمدى نجاح أو فشل السياسات الحكومية، بغض النظر عن العوامل الأخرى التي قد تكون وراء الأزمة.
وأوضحت أنه حتى لو كان لدى الحكومة مبررات موضوعية للأوضاع الاقتصادية، فإن الرأي العام يتجه نحو تحميلها المسؤولية، دون الالتفات إلى تعقيدات المشهد.
وأضافت أن الحكومة تواجه أزمة ثقة حادة، حيث لا يمكن للرئيس الادعاء بأنه لم يكن على علم بحجم المشكلات التي تعترض طريقه. خلال حملته الانتخابية، تجنب بزشكيان إطلاق وعود براقة، وركّز على تنفيذ القوانين والبرامج القائمة بدلا من طرح خطط جديدة كبرى.
وذكرت أنه في المقابل، دخل منافسوه السباق الانتخابي ببرامج اقتصادية واستراتيجيات تفصيلية، مما جعل نهج بزشكيان يبدو أكثر تحفظا وتميّزا عن بقية المرشحين.
وأشارت إلى أن هذا الاختلاف في الأسلوب كان جزءًا من هويته السياسية، لكنه لم يكن كافيًا لطمأنة المجتمع بشأن مسار الحكومة.
وأردفت أن حكومة بزشكيان هي نتاج الواقع السياسي الإيراني اليوم، لكنها لا تبدي اهتماما كافيا بهذا الواقع، كما أنها لا تملك خطة واضحة للحفاظ على رصيدها الشعبي.
وذكرت أن أخطر ما يواجهها الآن هو أن تصبح كبش فداء لمجمل الأزمات الاقتصادية، حيث إن الشارع الإيراني، المنهك من المشكلات المعيشية، مستعد لتحميل الحكومة كامل المسؤولية، فخصوم الحكومة ومعارضوها لن يفوتوا هذه الفرصة، وسيعملون على تعزيز هذا الاتجاه، مما يُضعف رصيد الحكومة الاجتماعي بشكل أكبر.
وأشارت إلى أن المفارقة أن الحكومة لا تملك استراتيجية واضحة لمواجهة هذا التحدي، وتبدو عاجزة عن تقديم خطاب سياسي مقنع للشارع.
وأوضحت أنه رغم أن الحكومة ترفع شعار “التوافق الوطني”، إلا أنه لم يتحول إلى خطاب مؤثر في المجال العام.
وذكرت أن هناك إجراءات إيجابية مثل تعزيز العدالة التعليمية والصحية، وتشكيل جلسات منتظمة للمجلس الأعلى للتعليم. كما أن تعيين شخصيات من أهل السنة والنساء في مناصب عليا ووسطى يُعد خطوة مهمة، لكن هذه الإجراءات تبقى محدودة مقارنة بحجم التحديات الاقتصادية والاجتماعية التي تواجهها البلاد.
واستطردت بأن التوافق الوطني لا يمكن أن يكون مجرد اجتماعات ومناقشات، بل يحتاج إلى أرضية اجتماعية حقيقية ليصبح فاعلًا.
وذكرت أن أكبر خطأ ترتكبه الحكومة هو حصر تواصلها مع المجتمع عبر الناطق الرسمي باسمها، والاعتماد على إدارة التخطيط الاستراتيجي لوضع السياسات، دون خلق جسور مباشرة مع الناس.
وأضافت أن رأس المال الاجتماعي للحكومة لن ينمو إلا إذا تمكنت من التواصل مع التيارات الفكرية والجماهيرية في المجتمع الإيران، فهناك قضايا مركزية مثل تخفيف التوترات الخارجية وتحقيق العدالة الاجتماعية، لكن الحكومة لم تبلور خطابا واضحا بشأنها، مما يجعل هذه القضايا أدوات ضغط ضدها بدلا من أن تكون جزءا من مشروعها السياسي.
وذكرت الصحيفة أن بزشكيان يواجه معركتين رئيسيتين وهما:
- السياسات الاقتصادية، التي تشكل التحدي الأكبر في علاقته مع الشارع.
- السياسات الخارجية، التي يمكن أن تؤثر بشكل كبير على الأوضاع الداخلية، سواء عبر العقوبات أو الاستثمارات الأجنبية.
وأوضحت أن نجاح الحكومة أو فشلها في هذين الملفين سيحدد مدى قدرتها على كسب ثقة المجتمع.
وتابعت بأن بزشكيان يقود الحكومة في ظروف معقدة وصعبة للغاية، حيث إن تنفيذ خططه لا يسير بسهولة، وحلفاؤه يشعرون بالإحباط من الأداء الحكومي. كما أن تراجع الدعم الشعبي للحكومة قد يعرّضها لضغوط أكبر، خاصة إذا لم تتمكن من استعادة ثقة أنصارها قبل معارضيها.
وذكرت أن تجاهل نبض الشارع سيكون مكلفا جدا للحكومة، لأن الرأي العام هو العامل الأساسي الذي يمكن أن يضمن استقرارها أو يعجل بأزمتها.
وأضافت أنه لا يمكن للحكومة تعزيز رأس مالها الاجتماعي دون خطاب صريح ومؤثر يلامس واقع الناس، بعيدًا عن الشعارات المتكررة. المصداقية عامل حاسم، فالمجتمع يقارن بين أقوال الحكومة وأفعالها، ويتوقع أن يرى تنفيذا عمليا للوعود،
فبدون إجراءات ملموسة، سيظل التوافق الوطني مجرد شعار بلا تأثير حقيقي.
واختتمت الصحيفة بالقول إن البيئة السياسية والاجتماعية في إيران لا تعمل لصالح الحكومة، ما لم تتخذ خطوات حاسمة للتواصل مع المجتمع، والتجاهل ليس خيارا، لأن الناس مستعدون لتحميل الحكومة مسؤولية كل الأزمات، إذا لم تبادر إلى استعادة ثقتهم، وإذا لم تنجح في ذلك، فإن كل مشكلات البلاد ستُلقى على كاهلها، مما قد يعجل بأزمتها السياسية.