كتب: محمد بركات
شيّع حزب الله قائدَيه في جنازة شهدت حضورا جماهيريا كبيرا، وسط مشاركة واسعة من قيادات الحزب ومسؤولين إقليميين، على رأسهم إيران، الدولة الداعمة الأولى للحزب، وبينما توافدت الحشود، لم يغب التوتر عن المشهد، إذ أرسلت إسرائيل مقاتلاتها للتحليق فوق بيروت، في استعراض للقوة يحمل رسائل واضحة بشأن مستقبل المواجهة.
فقد شهدت العاصمة اللبنانية بيروت، اليوم الأحد 23 فبراير/شباط 2025، مراسم تشييع كبيرة في ملعب كميل شمعون الرياضي لكل من حسن نصر الله، الأمين العام السابق لحزب الله، وهاشم صفي الدين، رئيس المجلس التنفيذي للحزب، اللذين لقيا مصرعهما خلال غارات إسرائيلية على الضاحية الجنوبية في أكتوبر/تشرين الأول 2024.
هذا وقد تم تخصيص ضريح خاص لنصر الله في الضاحية الجنوبية، المعقل الرئيسي لحزب الله والمركز الرمزي للطائفة الشيعية في لبنان، أما هاشم صفي الدين، فسيتم دفنه في مسقط رأسه ببلدة دير قانون النهر جنوب لبنان، قرب الحدود مع إسرائيل، والذي وفقا لخطة التنظيم، سيُنقل جثمانه بعد تشييعه في بيروت إلى الجنوب.
هذا وقد شوهدت أربع مقاتلات إسرائيلية تحلق على ارتفاع منخفض جدا فوق سماء بيروت، ما اعتبر خرقا لأجواء لبنان.
جدير بالذكر أن حزب الله قد اضطر إلى تأجيل مراسم التشييع وتأمين دفن مؤقت بسبب التوترات الأمنية في لبنان، مما جعل من غير الممكن إقامة الجنازة حينها، مما اضطر الحزب إلى تطبيق الدفن المؤقت للجثامين إلى حين سماح الظروف الأمنية.
وقد حظيت مراسم التشييع بحضور واسع، حيث قدّرت المصادر اللبنانية أن عدد المشاركين في المراسم وحدها تجاوز 1.4 مليون شخص، إضافة إلى 800 شخصية هامة من 65 دولة حول العالم.
خلال مراسم التشييع، ألقى نعيم قاسم، الأمين العام لحزب الله، كلمة حيّا فيها الحشود المشاركة، حي قال: “أتحدث إليكم باسم أخي وحبيبي السيد حسن نصر الله، السلام عليكم، يا أوفى الناس وأكرمهم وأشرفهم. لقد وفيتم بوعدكم، نودع اليوم قائدا يمثل رمزا للمستضعفين والمجاهدين، خاصة لشعب فلسطين”.
وخلال كلمته، تحدث قاسم عن مسيرة حسن نصر الله، منذ توليه رئاسة المجلس التنفيذي لحزب الله عام 1989 وحتى قيادته للأمانة العامة منذ 1992، كما أشار إلى الجوانب الشخصية في حياة الشهيد، ووصفه بأنه كان رجلا متواضعا وشجاعا واستراتيجيا، مؤكدا أن قضية فلسطين والقدس كانت على الدوام محور اهتمامه.
كما أكد نعيم قاسم أن حسن نصر الله كان حريصا على البقاء بجانب المقاومين حتى لحظة وفاته، مشددا على أن المقاومة ستواصل نهجها حتى تحرير فلسطين.
وخلال كلمته أيضا أشار إلى هاشم صفي الدين، قائلا إن المقاومة قد فقدت رجلا له دور كبير في تجهيز المجاهدين وخدمة الناس، لكنه سيبقى حاضرا في الذاكرة الجماعية.
كما تطرق قاسم إلى معركة الحزب ضد الاحتلال الإسرائيلي والهيمنة الأمريكية، مشيرا إلى أن حزب الله وافق على وقف إطلاق النار من موقع القوة، موضحا أن 75 ألف جندي إسرائيلي لم يتمكنوا من التقدم أمام المقاومة اللبنانية، ومضيفا أن المقاومة لا تزال ملتزمة بقضية الأسرى وبالتحالف مع حركة أمل.
الحضور الإيراني خلال المراسم
وبالطبع وكونها الشريك الاستراتيجي الأهم لحزب الله، كان لإيران حضور خاص خلال المراسم، ففي البداية، كتب القائد الأعلى للثورة الإيرانية، على خامنئي، رسالة قرئت خلال المراسم ينعى فيها الرجلين، مما أعطى له حضورا معنويا قويا.
ففي رسالته، أكد خامنئي أن المقاومة ضد الاغتصاب والظلم والاستكبار لن تتوقف حتى تحقيق الأهداف المنشودة، وأشاد بالمكانة الكبيرة التي حظي بها نصر الله وصفي الدين في تاريخ المقاومة، مضيفا: “على العدو أن يدرك أن المقاومة ليست أمرا زائلا، بل ستستمر بعون الله حتى تحقيق الغاية المنشودة”.
كذلك، فقد حضر نيابة عن خامنئي إلى بيروت وفدٌ رباعيّ يضم محمد حسن أختري رئيس لجنة دعم الثورة في فلسطين، ومجتبى حسيني عضو مجلس خبراء القيادة، ومحسن قمي نائب الشؤون الدولية في مكتب قائد الثورة، ورضا تقي رئيس مجلس تخطيط سياسات أئمة الجمعة.
وعلى المستوى الدبلوماسي، فقد حضر مراسم التشييع وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي، وبصحبته محمد باقر قاليباف، رئيس البرلمان الإيراني.
أيضا فقد حضر مهدي جمران رئيس المجلس الإسلامي لمدينة طهران، وعلي رضا نادعلي المتحدث باسم المجلس، ومهدي أقراريان رئيس لجنة الرقابة، ومهدي عباسي رئيس لجنة التخطيط العمراني والعمارة في مجلس مدينة طهران مراسم التشيع.
إضافة إلى ذلك، فقد شارك في مراسم التشييع برويز فتاح، رئيس مقر تنفيذ أوامر الإمام، وحسين شريعتمداري المدير المسؤول لصحيفة كيهان، ومحمود نبويان ومهدي كوجك زاده، نائبا طهران في البرلمان، ومحمد باقر ذو القدر أمين مجمع تشخيص مصلحة النظام، وهادي طحان نظيف عضو مجلس صيانة الدستور.
كذلك فقد حضر المراسم اللواء علي فدوي نائب القائد العام للحرس الثوري الإيراني، واللواء إيرج مسجدي نائب منسق قوة القدس التابعة للحرس الثوري.
هذا وقد أفادت وسائل إعلام إيرانية بأن عائلات قاسم سليماني القائد السابق للحرس الثوري، وإبراهيم رئيسي الرئيس الإيراني السابق، وأمير عبد اللهيان وزير الخارجية السابق قد شاركوا أيضا في هذه المراسم.