كتب: محمد بركات
كان لزيارة الرئيس الإيراني، مسعود بزشكيان، للقاهرة، للمشاركة في أعمال قمة الدول الثماني الإسلامية النامية الخميس 19 ديسمبر/كانون الأول 2024، أصداء واسعة في المجتمع الإيراني، فرغم أن تلك الزيارة لم تستغرق إلا يوما واحدا، فإنها فتحت بابا جديدا بين البلدين، كان قد أغلق منذ سنوات، تلك الفرصة التي دعا كثيرين إلى الاستفادة منها في إعادة العلاقات بين البلدين مرة أخرى.
تعزيز التعاون الاقتصادي
وفي هذا الإطار، صرح سيد فريد موسوي، البرلماني الإيراني وعضو لجنة الاقتصاد بالبرلمان، خلال لقاء مع وكالة أنباء برنا، الخميس 19 ديسمبر/كانون الأول 2024، بأن “مشاركة إيران في هذا الاجتماع فرصة مهمة لتعزيز التعاون الاقتصادي بين الدول الإسلامية، خاصة في ظل القضايا الإقليمية الراهنة مثل الأزمة السورية”.
وأضاف موسوي أن زيارة بزشكيان للقاهرة يمكن أن تسهم في تعزيز العلاقات بين إيران ومصر، مشددا على أهمية الاستفادة من تلك الفرص في تطوير العلاقات مع مصر على كافة المستويات بما يخدم مصالح البلدين.
كذلك، فقد أكد جواد حسيني كيا، نائب رئيس لجنة الصناعات والمناجم بالبرلمان الإيراني ونائب محافظة كرمانشاه، خلال تصريح لوكالة إيسنا الإخبارية السبت 21 ديسمبر/كانون الأول 2024، أهمية زيارة الرئيس الإيراني لمصر وضرورة إعادة العلاقات بين البلدين، موضحا أن إيران بحاجة إلى إقامة علاقات قوية ومتماسكة مع الدول الإسلامية، ومشيرا إلى أن هذه الحاجة متبادلة، حيث تتطلع الدول الإسلامية أيضا إلى تعزيز علاقتها مع إيران.
وأشار حسيني كيا إلى أن إعادة إحياء العلاقات بين إيران ومصر سيكون له فوائد لكلا البلدين، ويسهم ذلك في مواجهة سياسات الولايات المتحدة وشركائها في المنطقة، معربا عن أمله في أن تكون زيارة الرئيس قد أسفرت عن خطوات إيجابية في سبيل إعادة العلاقات، وأن تكون الخطوة القادمة إعادة فتح السفارات بين إيران ومصر.
أيضا، وفي إطار تعزيز العلاقات بين البلدين، فقد أشار عباس جلرو، عضو لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية بالبرلمان الإيراني ورئيس مكتب رعاية المصالح الإيرانية في القاهرة بين عامي 2002 و2005، في حديثه مع وكالة إيلنا الإخبارية، الإثنين 23 ديسمبر/كانون الأول 2024، أن الزيارة، رغم كونها جزءا من قمة إقليمية متعددة الأطراف، فإنها تحمل أهمية ثنائية كبيرة؛ نظرا إلى أن مستوى العلاقات بين البلدين حاليا يقتصر على رعاية المصالح.
وأكد كلرو أن مصر تتمتع بقدرات هائلة، مشيرا إلى التشابه الثقافي الكبير بين إيران ومصر مقارنة بباقي العالم العربي، إضافةً إلى المعالم التاريخية والبنية التحتية التي تجذب اهتمام السياح الإيرانيين، وهو ما يمكن أن يكون مجالا مشتركا لجذب السياح المصريين أيضا.
وفي ما يتعلق بتأثير استعادة العلاقات بين إيران ومصر على المعادلات الإقليمية، أوضح جلرو أن مصر تحتل مكانة بارزة في إنتاج الفكر بالعالم العربي، ولديها موقع رفيع في العالم الإسلامي من خلال مؤسسة جامعة الأزهر.
أثر الزيارة في عودة العلاقات
وفي الإطار نفسه، ذكر علاء الدين بروجردي، عضو لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية بالبرلمان الإيراني، خلال حديثه مع وكالة إيسنا السبت 21 ديسمبر/كانون الأول 2024، أن انعقاد هذه القمة في ظل الظروف الحساسة الحالية بالمنطقة يحمل أهمية كبيرة، مما يجعل مشاركة الرئيس الإيراني فيها وزيارته لمصر أمرا ذا أهمية خاصة.
وقال بروجردي إن الرئيس بزشكيان قد استغل هامش القمة لعقد لقاءات مع عدد من قادة الدول، ما أتاح فرصة لتبادل الآراء حول تطورات المنطقة وتعزيز العلاقات الثنائية.
كما أكد ضرورة إقامة علاقات سياسية كاملة بين إيران ومصر، مشيرا إلى مكانة مصر كإحدى الدول الرئيسية في العالم الإسلامي وتاريخها الحضاري الممتد لآلاف السنين، موضحا أن إيران ومصر لم تربطهما علاقات رسمية على مدى الأعوام الـ45 الماضية، مع أن إقامة هذه العلاقات تصب في مصلحة البلدين.
وتابع بروجردي قائلا إن التطورات المتعلقة بسوريا قد تكون دافعًا لدى المصريين لتعزيز العلاقات مع إيران، وهو ما يتماشى مع سياسة إيران، لكنه يتطلب قرارًا مشتركًا من الطرفين.
كما أشار ولي الله بياتي، البرلماني وعضو مجموعة الصداقة البرلمانية بين إيران ومصر، خلال حديثه مع وكالة إيسنا السبت 21 ديسمبر/كانون الأول 2024، إلى أن الخطوة التي اتخذها الرئيس وحكومته لفتح باب التواصل مع العالم الإسلامي وحل المشكلات من خلال الحوار والتفاعل، تُعدّ خطوة إيجابية، حيث يجب معالجة الخلافات عبر الحوار.
وأضاف بياتي أن زيارة مصر كانت خطوة سياسية صحيحة لتبادل وجهات النظر بين الدول في هذه الظروف، مؤكدا ضرورة وأهمية إقامة علاقات سياسية كاملة بين طهران والقاهرة، مشيرا إلى أن زيارة الرئيس الإيراني الأخيرة للقاهرة قد تشكّل مقدمة للوحدة والانسجام بين الدول الإسلامية.
وعن عودة أهمية عودة العلاقات الإيرانية المصرية، قال علي مطهري، النائب البرلماني السابق، خلال لقائه مع موقع خبر أونلاين، الإثنين 23 ديسمبر/كانون الأول 2024، إن العلاقة بين إيران ومصر تحمل أهمية من جانبين رئيسيين، فأولا، تتميز مصر بمكانة ثقافية بارزة في العالم العربي، حيث تُعد منبعا لأهم الكتب المتعلقة بالمعارف الإسلامية، وثانيا وجود جامعة الأزهر التي تُعتبر مؤسسة مرموقة في العالم السني، فتعتبر مصر رمزا للثقافة والمعارف الإسلامية، كما أن إيران والعراق يمتلكان هذه المكانة في العالم الشيعي.
وأضاف مطهري أن تعزيز الروابط بين إيران ومصر يمكن أن يكون مفيدا جدا للعالم الإسلامي. ومن الناحية السياسية، تلعب مصر دورا محوريا في قضية فلسطين. في الماضي، قادت مصر العالم العربي ونضاله ضد إسرائيل، واليوم يمكن أن تضطلع بدور مؤثر في هذا السياق، رغم أنها ليست نشطة كثيرا في هذا الملف حاليا. ومع ذلك، لديها القدرة على أن تكون أكثر تأثيرا في هذا المجال.
كذلك فقد استعرض محمود صادقي، البرلماني السابق، خلال حديثه مع وكالة إيسنا الإثنين 23 ديسمبر/كانون الأول 2024، إنجازات زيارة رئيس إيران لمصر، حيث قال إن إيران ومصر تتمتعان بتاريخ حضاري طويل، وهناك العديد من أوجه التشابه بين البلدين من الناحيتين العقائدية والسياسية، وكذلك من حيث الأهمية التي يمثلها كل منهما في مجاله، فإيران تعتبر دولة حاسمة في آسيا، بينما مصر تلعب الدور نفسه في إفريقيا. كما أن كلا من إيران ومصر لهما دور مهم في العلاقات الدولية.
وأضاف صادقي: “إن التحولات الدولية قد زادت من أهمية استئناف العلاقات بين إيران ومصر، فبسبب الخلافات حول السلام مع إسرائيل بعد اتفاق كامب ديفيد، شهدت العلاقات بين إيران ومصر توترات. وفي فترات مختلفة بعد الثورة، لم تكن لدينا علاقات سياسية مع مصر. على الرغم من بعض المحاولات للتواصل، مثلما حدث في عهد هاشمي رفسنجاني، فإن تلك الجهود لم تثمر. لكن اليوم، مع تغير الظروف السياسية والدولية، أصبح من المهم للغاية إعادة بناء العلاقة بين إيران ومصر”.
وتابع أنه في ظل سياسة إيران التي تهدف إلى تطوير العلاقات مع دول العالم، خاصةً دول المنطقة، فإن مصر يجب أن تكون على رأس أولويات أجندة إيران الخارجية.
أهمية الدور الإقليمي لكلتا الدولتين
أيضا، فقد أكد نصرت الله تاجيك، الدبلوماسي الإيراني السابق، في حديثه مع صحيفة اعتماد، السبت 21 ديسمبر/كانون الأول 2024، أهمية تعزيز العلاقات بين طهران والقاهرة في ظل الظروف الحالية، وأشار إلى أن زيارة الرئيس الإيراني لمصر كانت بمناسبة مشاركته في قمة مجموعة D8، وليست زيارة ثنائية مع توقعات كبيرة، ولكن رغم ذلك، كانت هناك إمكانية لعقد لقاءات ثنائية على هامش القمة.
كما أوضح تاجيك أن التحولات الإقليمية قد أثرت سلبا على العلاقات بين البلدين، ولكن هذه الزيارة قد تفتح المجال لتعميق التعاون في مجالات متعددة، رغم أن التركيز الرئيسي سيكون على أهداف القمة.
كذلك، فقد اعتبر تاجيك أن مصر لا تزال تلعب دورا استراتيجيا في المنطقة رغم التحديات الاقتصادية، وضمن ذلك نقص الموارد الطبيعية واعتمادها على السياحة، حيث تبقى دولة ذات وزن سياسي وأمني كبير في المنطقة. كما أن زيارة بزشكيان لمصر تعكس إرادة إيران لتحسين العلاقات مع القاهرة.
كما أشار إلى أن العلاقات بين إيران ومصر تحتاج إلى بناء الثقة، وأن الوجود الإيراني في الدول المجاورة لإسرائيل يجب أن يكون نابعا من التفاعل البناء وليس من مواجهة ضد إسرائيل.
وفي الشأن نفسه، صرح محمود واعظي، القائم بأعمال رئيس حزب الاعتدال والتنمية، في مقابلة صحفية مع موقع خبر أونلاين، السبت 21 ديسمبر/كانون الأول 2024، بأن زيارة بزشكيان للمشاركة في قمة D8 بمصر، تُعتبر خطوة فعّالة ورمزا إيجابيا تجاه الجانب المصري لتعزيز العلاقات الدبلوماسية بين البلدين، وأضاف واعظي أن الزيارة تأتي في وقت تشهد فيه المنطقة تحولات كبيرة، مما يجعلها مهمة من عدة جوانب.
وأشار واعظي إلى أن “مصر لطالما كانت دائما لاعبا جادا ومؤثرا في قضايا المنطقة. ولكن للأسف، في الماضي، نشأت ظروف أدت إلى قطع العلاقات بين إيران ومصر”.
كما أكد أن كلا من الدولتين تلعب دورا جيدا وفعالا في منطقتها، ويمكن للعلاقات الإيجابية بينهما أن تسهم في تعزيز السلام والاستقرار بالمنطقة، فالتنسيق والتعاون وإقامة علاقات وثيقة بين إيران ومصر يُعتبر أمرا ذا أهمية كبيرة سواء من الناحية الإقليمية أو من منظور العلاقات الثنائية السياسية والاقتصادية والثقافية.