كتبت: شروق السيد
بعد سقوط رئيس النظام السوري بشار الأسد الذي كان حليفا لطهران، ومغادرة خبراء عسكريين إيرانيين سوريا مؤخرا، ما زال هناك بعض الرعايا الإيرانيين في سوريا، إذ أفادت تقارير إيرانية بوجود أكثر من 10 آلاف إيراني بسوريا، وفي ظل الأوضاع الحالية، يظل السؤال قائما: أين يعيشون؟ وما مصيرهم في ظل التطورات الحالية؟
تطرق مسؤول إيراني إلى الحديث عن الجالية الإيرانية في سوريا، يوم السبت 7 ديسمبر/كانون الأول 2024، حيث صرح يعقوب رضا زادة، عضو لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية في البرلمان الإيراني، قائلا: “نأمل أن تتوقف التطورات العسكرية المؤسفة التي تحدث في سوريا حاليا، من خلال الإجراءات التي بدأت بها الحكومة الإيرانية بالتعاون مع روسيا وتركيا والعراق في قطر؛ حيث إن لدينا أكثر من 10.000 إيراني في سوريا، إضافة إلى وجود مراقدنا المقدسة هناك، مما يجعل مصير هذا البلد مهما بالنسبة لنا”، حسبما نقل عنه الموقع الإيراني “فرارو“.
الجالية الإيرانية في سوريا
وكما ذكر يعقوب رضا زادة، عضو لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية بالبرلمان الإيراني، فإن الجالية الإيرانية في سوريا أكثر من 10 آلاف إيراني. ويعود وجود معظم هذه الجالية لأكثر من قرنين من الزمن، حين هاجر عدد كبير من الإيرانيين إلى بلاد الشام قبل 200 عام.
وتعيش هذه الجالية في منطقتين من مدينة دمشق هما حي الأمين وحي زين العابدين، وكذلك في مدينة حلب الواقعة في شمال غربي سوريا .
ووفقا لوكالة الأنباء الإيرانية الرسمية “إيرنا“، فإن معظم أفرادها من الشيعة، بينما يمثل السُّنة فيها نسبة تقل عن 15%، إضافة إلى 1% من المسيحيين.
وبحسب الوكالة الإيرانية الرسمية، فإن عددا كبيرا من الإيرانيين المقيمين بسوريا يفتقدون وجود معيل الأسرة، ويعتمدون على المساعدات المقدمة من السفارة الإيرانية بسوريا، أو من لجنة الإغاثة التابعة لمؤسسة المرشد الإيراني السابق روح الله الخميني، لتأمين احتياجاتهم اليومية.
ويعود ذلك إلى وجود قوانين سورية تمنع أفراد الجالية الإيرانية من العمل، كما لا يسمح لبعض حاملي الجنسية الإيرانية أن يحصلوا على الجنسية السورية لا هم ولا أبناؤهم، ولا يحق لهم التمتع بحقوق المواطن السوري.
وهو ما حاولت إيران تجاوزه عبر شراء العقارات بمساعدة بنوك ومؤسسات مالية مرتبطة بالحرس الثوري، وتمت عمليات شراء مكثفة للعقارات والفنادق، وفي المقابل اضطر النظام السوري إلى منح هويات سورية لعدد من المستوطنين الإيرانيين.
ولم يقتصر الوجود الإيراني في سوريا فقط على على المهاجرين القدامى، بل أيضا المقاتلين، فبعد سيطرة النظام السوري والجماعات الإيرانية المسلحة على أحياء حلب الشرقية أواخر 2016، تم توطين عائلات المقاتلين الإيرانيين، في منازل المهجّرين السوريين، وتكررت هذه الممارسات في مدن سورية أخرى مثل دير الزور ودمشق.
مما يطرح تساؤلا مفاده: ماذا سيكون مصير هؤلاء ومصير المنشآت الإيرانية، بعد سقوط نظام الأسد الحليف لطهران، وسيطرة فصائل المعارضة السورية التي تصفها طهران بالجماعات الإرهابية وترفض التعامل معها؟
وكيف ستتمكن الخارجية الإيرانية من متابعة شؤون رعاياها بسوريا، في ظل الأحداث المتصاعدة هناك.
وتجدر الإشارة إلى أن وسائل إعلام إيرانية ذكرت الأحد 8 ديسمبر/كانون الأول 2024، أن فصائل المعارضة السورية هاجمت مبنى السفارة الإيرانية في دمشق.
المراقد المقدسة
وبالعودة إلى حديث يعقوب رضا زادة عضو لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية في البرلمان الإيراني، فقد أشار إلى أن إيران ليست معنية فقط برعاياها؛ بل أيضا بالمراقد المقدسة، وهي الأماكن التي تضم قبور شخصيات دينية بارزة تحظى بتقدير كبير لدى الشيعة في إيران، وتشكل هذه المراقد وجهة سنوية لآلاف الإيرانيين الذين يقصدونها بهدف الزيارة والتبرك.
وطالما حاولت إيران حماية تلك المراقد منذ تصاعد الأحداث في سوريا، عقب اندلاع شرارة الثورة ضد نظام الأسد عام 2011، وتم تشكيل لواء “حرّاس المقامات” بقيادة القيادي السابق بالحرس الثوري قاسم سليماني، لحماية المراقد الشيعية في سوريا، وتضم العاصمة السورية دمشق العدد الأكبر من هذه المراقد، أبرزها:
- المسجد الأموي في دمشق، ويقع في وسط مدينة دمشق القديمة، ويعود تاريخ بنائه إلى عهد الخليفة الأموي الوليد بن عبد الملك (705-715م).
ويحتوي المسجد على ضريح النبي يحيى، حيث يُقال إن رأسه مدفون داخله، ويُعتقد أن المسجد كان يحتوي على مقام لرأس الحسين بن علي بن أبي طالب، خلال فترة الحكم الأموي، يُعد المسجد الأموي مقصدا للصلاة والزيارة من معتنقي المذهب الشيعي وبعض السنة.
- مقام رأس الحسين بن علي بن أبي طالب، ويقع بالقرب من المسجد الأموي، بدمشق، ويعتقد بعض الشيعة أن رأس الحسين قد نُقل إلى دمشق بعد معركة كربلاء وعُرض في مجلس يزيد بن معاوية.
- قبر عبد الله بن باهر، الذي يقع أمام مقبرة باب الصغير، وبحسب المذهب الشيعي فهو أحد الشخصيات التي يعود نسبها إلى أهل بيت النبي محمد عليه السلام، ويعتبر أحد الشخصيات المرتبطة بواقعة كربلاء حيث قُتل الحسين بن علي بن أبي طالب، و يُعتقد الشيعة أنه دفن في دمشق.
- مرقد الصحابي حجر بن عدي الكندي أحد أصحاب علي بن أبي طالب، ويحظى بمكانة خاصة لدى معتنقي المذهب الشيعي.
ويقع قبره في عدرا، قرب دمشق، وقد تعرض للنبش في مايو/أيار 2013 على يد مسلحين يُعتقد أنهم ينتمون إلى تنظيم “جبهة النصرة”، وبحسب وسائل إعلام إيرانية فقد تم نقل رفاته إلى مكان مجهول.
- مقام الصحابي عمار بن ياسر، الذي يعتبر عند الشيعة من أهم أصحاب الإمام علي، وظل معه حتى آخر لحظة في حياته، حيث توفي بن ياسر وهو يقاتل في صفين دفاعا عن علي بن أبي طالب.
ويقع قبره في مدينة الرقة، وقد تعرض للتدمير عام 2013، حيث تم تفجيره من قبل مسلحين مرتبطين بـ”جبهة النصرة”، ما أدى إلى تدمير الموقع بالكامل.
لكن إيران أعلنت عام 2018 عن إرسالها عددا من الكوادر لترميم وإعادة إعمار المراقد المقدسة التي تم تضررها، ومنها قبرا عمار بن ياسر وحجر بن عدي الكندي.
- مقام السيدة زينب بنت علي بن أبي طالب، ويقع في منطقة السيدة زينب جنوب دمشق.
- قبر السيدة رقية بنت الحسين بن علي، ويقع في منطقة باب الفراديس بدمشق.
- قبر السيدة سكينة بنت الحسين بن علي، ويقع في دمشق بجوار مقبرة باب الصغير.
- مقام السيدة أم كلثوم بنت علي بن أبي طالب والتي دُفنت بجوار مرقد السيدة سكينة بنت الحسين في باب الصغير.
- مقام السيدة فاطمة بنت الحسين بن علي، ويقع أيضا في دمشق.