كتبت: لمياء شرف
مع بدء الهدنة ووقف الحرب بين إسرائيل وحزب الله لمدة ستين يوما، بدأ آلاف اللبنانيين بالعودة لمناطقهم التي هجروا منها، وانطلقت مواكب السيارات بالعودة للمدن رغم تدميرها، حيث قامت إسرائيل بمسح 37 بلدة جنوبي لبنان بالكامل، بحسب الوكالة الوطنية اللبنانية للإعلام.
وسبق أن تحدثت صحيفة فايننشال تايمز عن محاولة إسرائيل إنشاء منطقة عازلة عند حدودها، وعلى الرغم من ذلك سارع اللبنانيون بالعودة إلى أرضهم، في خطوة لبداية إعمار مدنهم المهدمة من جديد.
ومن جانبه، أبدى رئيس الوزراء اللبناني نجيب ميقاتي، أمله في استعادة السلام بجنوب لبنان بعد اتفاق وقف إطلاق النار مع إسرائيل، مؤكدا أنه من اليوم سيبدأ لبنان في الأعمال: “سنبدأ اليوم عملية إعادة بناء ما دمر، ونأمل أن يعيد الجيش الأمن إلى الجنوب”.
إيران تستعد لإعمار لبنان
أبدت إيران استعدادها لإعادة إعمار لبنان بعد الحرب، في إطار دعمها للمقاومة، أهم ذراع مسلحة لها في المنطقة “حزب الله”، ولتعزيز استقرار المنطقة، ورغبة منها في المساهمة في تخفيف معاناة الشعب اللبناني، الذي يعاني منذ سنوات، أزمة اقتصادية كبيرة.
ونقلا عن وكالة إيلنا الإيرانية، قال بهمان جاويد صالحي، أمين سر جمعية مصدري الخدمات الفنية والهندسية الإيرانية، إن إيران على استعداد تام لبناء وإعمار بيروت في حالة توفير الموارد المطلوبة من إيران، ويمكن بذلك للقطاع الخاص المشاركة في إعادة إعمار بيروت.
وأشار صالحي إلى أن الشركات الإيرانية لديها تاريخ من الوجود في السوقين اللبناني والسوري منذ سنوات طويلة، مؤكدا أنه على الر غم من المخاطر التي قد تحيط بإعادة الإعمار في لبنان لكونها منطقة صراع حاليا، فإن هذه المخاطر ستنخفض في حال توافرت الموارد المطلوبة من قبل إيران.
وأوضح أن الشركات الإيرانية كان لها وجود واسع في لبنان وسوريا في مجال بناء وتوريد معدات محطات الطاقة والمصافي وبناء الطرق، وفي لبنان، وفي قطاع البناء والمشاريع الإنشائية.
وأكد أن الحكومة الإيرانية يمكنها جذب الشركات الخاصة للعمل والمشاركة في عملية الإعمار داخل لبنان، وذلك من خلال التعويضات مقابل المخاطر واستخدام التأمين والضمانات وتخفيض تكلفة المشروع للقطاع الخاص.
ومن ضمن أسماء الشركات التى ترددت للعمل على إعمار لبنان شركة خاتم الأنبياء، ولديها خبرة عمل داخل السوقين اللبناني والسوري.
شركة خاتم الأنبياء
“خاتم الأنبياء” من أكبر شركات المقاولات الإيرانية، وهي هندسية تابعة للحرس الثوري الإيراني، وتعرف الشركة أيضا باسم”غـُرب”، وتعتبر الذراع الهندسية الرئيسية للحرس الثوري.
أسست الشركة في أثناء الحرب الإيرانية العراقية 1980-1988 للمساعدة في إعادة بناء إيران، وتنوعت على مر السنين لتشمل شركات تتعامل مع الهندسة الميكانيكية والطاقة والتعدين والدفاع.
وبحسب وكالة خبر أونلاين، قال سردار محمد جعفر الأسدي، نائب المقر المركزي لخاتم الأنبياء، الذي رحب بالهدنة ووقف إطلاق النار بين النظام إسرائيل ولبنان، وثمّن جهود المقاومة في غزة ولبنان، مشيرا إلى أن المقاومة منعت من تغلغل إسرائيل في لبنان وأمطرت القوات الإسرائيلية بصواريخ كثيفة، حتى قبل الاحتلال الإسرائيلي بمناقشة وقف إطلاق النار، وهو ما لم يقبله في البداية.
وأكد أن المقاومة دفعت إسرائيل إلى الاستسلام لشروط حزب الله، موضحا إن إيران سعت منذ البداية إلى وقف الحرب في غزة ولبنان.
وأشار إلى أن “قرار وقف الحرب هذا ليس في صالحنا بنسبة 100%، إلا أننا نرحب به وندعمه ككل، لأن وقف إطلاق النار هذا يعد انتصارا لجبهة المقاومة اللبنانية وهزيمة كبيرة للكيان الإسرائيلي”.
العراق يدعو إلى إعمار لبنان
في سياق متصل، خرجت قوى وأحزاب سياسية عراقية ببيانات تدعو إلى دعم لبنان في مسيرة إعادة الإعمار بعد الحرب.
وأكدت جماعة الدعوة الإسلامية بالعراق أن إعادة الإعمار واجب عربي وإسلامي، مشيرة في بيانها الرسمي، إلى أن إعادة إعمار لبنان تمثل الحد الأدنى من الواجب الإسلامي والإنساني تجاه الشعب اللبناني.
وأوضحت أن حزب الله خاض واحدة من أعنف معاركه خلال العام الماضي، وقدم تضحيات جسيمة لمواجهة العدوان الإسرائيلي.
وطالبت الدول العربية والإسلامية الإسراع في الوقوف إلى جانب لبنان لإعادة بناء ما دمرته الحرب.
من جانبه، دعا رئيس المجلس الأعلى الإسلامي العراقي، الشيخ همام حمودي، إلى تعاون دولي لإزالة آثار العدوان الإسرائيلي على لبنان، وإعادة بناء ما دمرته الآلة الحربية.
وهنأ حمودي الشعب اللبناني والمقاومة على صمودهم وانتصارهم، مشيرا إلى أن توقف الحرب رغم عدم رضا إسرائيل، يعكس انتصارا للبنان ومحور المقاومة.
برزت دولة العراق كأحد الداعمين الرئيسيين للشعبين اللبناني والفلسطيني خلال فترة الحرب، حيث أصدر المرجع الديني الأعلى في العراق، آية الله السيد علي السيستاني، فتاوى تحث على تقديم المساعدات الإنسانية.
ولعبت الفصائل المسلحة العراقية دورا كبيرا في دعم المقاومة عبر عمليات نوعية استهدفت إسرائيل.
يذكر أن إيران ساهمت في إعادة إعمار لبنان بعد حرب تموز 2006، حيث قامت الهيئة الهندسية الإيرانية بتنفيذ نحو 2200 مشروع بين ترميم وإعادة بناء، منها 141 مركزا تعليميا وتربويا، إضافة إلى 73 دار عبادة بين مسجد وكنيسة.
وقامت ببناء 844 طريقا فرعيا في 251 قرية بطول 383 كيلومترا في الجنوب والبقاع والضاحية، إلى جانب 27 طريقا رئيسيا ومهما، منها طرق دولية.
ونفذت 380 مشروعا في بلديات لبنان موزعة على طرقات داخلية وحدائق وحوائط وجزر وسطية وشبكات مياه وصرف صحي، إضافة إلى 110 من مشاريع الكهرباء، حيث ساد الظلام بعد العدوان في الجنوب، لكن إيران قدمت لقرى الجنوب مولدات ضخمة بطاقة 200 (كي في إيه).