كتب: يسرا شمندي
يعتبر الاتفاق النووي الإيراني أحد المنجزات الدبلوماسية الهامة على مستوى السياسات الخارجية، هذا الاتفاق الذي دخل إلى حيز التنفيذ في يناير/ كانون الثاني من العام 2016 والذي بموجبه اتفقت إيران والولايات المتحدة وألمانيا وبريطانيا والصين وروسيا وفرنسا (والمعروف باتفاق 5+1) والاتحاد الأوروبي على رفع العقوبات الدولية عن إيران، مقابل تفكيك طهران برنامجها النووي، ثم أعلن الرئيس الأمريكي السابق، دونالد ترامب، عن انسحاب دولته منه في مايو/ آيار 2018، ثم عاد النقاش حول الاتفاق مرة أخرى مع تولي الرئيس بزشكيان للحكم في إيران وتسليم حقيبة الخارجية لعباس عراقجي .
عراقجي وخطة العمل الشاملة المشتركة
بحسب ما جاء في موقع إيران واير بتاريخ 25 أغسطس/آب فقد صرح وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي أنه لم يعد من الممكن إحياء الاتفاق النووي مرة أخرى، وأنه يمكن التوصل لاتفاق آخر في ضوء ورقة أعمال الاتفاق السابق. وفي هذه الحالة، سيتعين على خامنئي إعداد الحكومة لإجراء مفاوضات جديدة، والتي من المستحيل أن يُكتب لها النجاح إلا بوجود الولايات المتحدة باعتبارها العضو الأكثر أهمية في مجموعة الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس أمن الأمم المتحدة “P5+1”.
كما هدد عراقجي في مؤتمر قطر بأن إيران قد تراجع عقيدتها النووية. أي أنه ينبغي أن يُخفف الحظر المفروض على صنع الأسلحة النووية. وقد تم إدراج هذه القضية في تقرير الوكالة الدولية للطاقة الذرية كمصدر قلق جديد، ثم في قرار تم تبنيه بعد أيام قليلة من وفاة رئيس في فيينا.
وعقب تبني هذا القرار أصدرت الدول الأوروبية الثلاث، بريطانيا وفرنسا وألمانيا، بيانًا مشتركًا وصفت فيه التقرير المقدم إلى مجلس الأمن بأنه “متعلق” وأعلنت أن أكتوبر 2025 سيكون “فرصة مهمة” لإيجاد حل دبلوماسي للأزمة النووية الإيرانية”. ويشير هذا التاريخ إلى انتهاء صلاحية قرار مجلس الأمن رقم 2231، وحتى ذلك الحين، من السهل جدًا إعادة فرض عقوبات مجلس الأمن على الجمهورية الإسلامية.
وستنتهي فرصة إحياء هذه العقوبات دون الحاجة إلى موافقة الأعضاء الدائمين الآخرين في مجلس الأمن في أكتوبر 2025، أي في غضون عام تقريبًا، وإذا لم تتم إعادة فرض العقوبات قبل هذا التاريخ، فحينها سيحتاج فرض العقوبات مرة أخرى إلى موافقة جميع الأعضاء الدائمين في مجلس الأمن.
لذا فقد تبقى أمام خامنئي البالغ من العمر 85 عامًا أقل من عام واحد لكي يقرر مرة أخرى إما التفاوض المباشر مع الولايات المتحدة في إطار مجموعة P5+1 أو الاستعداد لعواقب أكتوبر 2025.
ووفقًا لما جاء في موقع يورنيوز الفارسية بتاريخ 17/يونيو/حزيران فقد قال المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية “رافائيل غروسي” :إن الاتفاق النووي الإيراني مع القوى الغربية، المعروف باسم خطة العمل الشاملة المشتركة، موجود الآن على الورق فقط وليس له معنى.” وفي مقابلة مع صحيفة “إزفستيا الروسية”، أكد السيد “غروسي” : إن خطة العمل الشاملة المشتركة أصبحت بلا معنى، قائلًا إن لا أحد يتصرف بناء عليها ولا يلتزم بها. وصرّح المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية في إحدى المقابلات: إنه لا ينبغي السماح بتكرار العملية التي أدت إلى حصول كوريا الشمالية على أسلحة نووية. وأضاف إن المشاكل المتعلقة بوصول الوكالة الدولية للطاقة الذرية إلى المنشآت النووية الإيرانية لا تزال قائمة، مشدداً على أن الهيئة الدولية لا تتبع سياسة “معادية لإيران”.
وفي إشارة إلى الجهود الدبلوماسية لإحياء خطة العمل الشاملة المشتركة، قال “غروسي” إنه على الرغم من أن الأطراف كانت قريبة “نسبيّا” من نجاح المحادثات، إلا أنها لم تتوصل إلى نتيجة لأسباب غير معروفة له.
وأضاف : إن روسيا يمكن أن تلعب دورًا هامًا في أنشطة إيران النووية السلمية. وأشار “غروسي” إلى الحاجة إلى إبرام اتفاق جديد بشأن البرنامج النووي الإيراني، قائلا: “إن طهران يجب أن تسمح لمفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية بالوصول إلى منشآتها النووية. وجاءت هذه التصريحات بعد أن تبنى مجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية قرارًا اقترحته فرنسا وألمانيا والمملكة المتحدة ضد برنامج إيران النووي، داعيًا طهران إلى الرد على أسئلة مفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية بشأن القضايا المشبوهة في برنامجها النووي. كما دعا المجلس إيران إلى إعادة النظر في قرارها بمنع عمل مفتشي الوكالة “ذوي الخبرة”. وبعد تمرير القرار، وسّعت إيران قدرتها على تخصيب اليورانيوم في موقعيها تحت الأرض. وفي أعقاب الخطوة الإيرانية، أصدرت فرنسا وألمانيا والمملكة المتحدة بيانًا مشتركًا أدانها قائلًا إن إيران “تُفرغ” خطة العمل الشاملة المشتركة بأفعالها الأخيرة.
كمالا هاريس ستسعى لاتفاق نووي جديد مع إيران
وفقًا لما جاء في تقرير وكالة أنباء ايسنا بتاريخ 28/ أغسطس/آب فقد توقع مايكل رتشارد، نائب وزير الخارجية الأمريكي السابق، الذي شارك أيضا في توقيع خطة العمل الشاملة المشتركة، أن يسعى المرشح الديمقراطي إلى التوصل إلى اتفاق جديد مع إيران إذا فاز في الانتخابات.
فيما قال جويل روبين، الخبير الاستراتيجي الديمقراطي ونائب وزير الخارجية السابق للشؤون التشريعية في عهد باراك أوباما لمجلس النواب الأمريكي “لقد تجاوزنا فكرة عودة الاتفاق النووي بشروطه السابقة” وأضاف “إن تقدم إيران في برنامجها النووي تجاوز الحدود السابقة… يجب أن يكون الهدف هو التوصل إلى اتفاق نووي قوي يمكنه الحد من القدرة على تسريع تطوير الأسلحة النووية”. وأضاف “أفضل طريقة للقيام بذلك هي اتفاق نووي متين ومؤكد، أي رئيس ذكي سيقوم بالشيء نفسه، وأعتقد أن كمالا هاريس لديها من الذكاء ما يكفي لتقوم بهذا”
وفقًا لتقرير وكالة فوكس نيوز الإخبارية فقد قالت كمالا هاريس، نائبة الرئيس الحالية والمرشحة الديمقراطية في انتخابات نوفمبر، خلال حملتها الانتخابية القصيرة في عام 2020 إنها ستنضم مرة أخرى إلى الصفقة الإيرانية إذا تولت منصب الرئاسة. ومع ذلك، من غير الواضح ما إذا كانت هاريس قد حافظت على مثل هذا الموقف في حملتها هذا العام.