كتب: زينب بيه
عكست مشاركة رؤساء إيران في الجمعية العامة للأمم المتحدة منذ تأسيس الجمهورية الإسلامية الإيرانية، تطورات دبلوماسية كبيرة. من عدم تمكن أبو الحسن بني صدر من الحضور بسبب الحرب، إلى محمد علي رجائي الذي مثل إيران بفعالية ورفع قدمه العارية علي الطاولة احتجاجا، ثم علي خامنئي الذي حضر لمرة واحدة مع تأكيد عدم التفاوض مع أمريكا، وصولا إلى علي أكبر هاشمي رفسنجاني الذي منعته العقوبات الأمريكية من المشاركة، ومحمد خاتمي الذي طرح مبادرة “الحوار بين الحضارات”، ومحمود أحمدي نجاد الذي سجل رقما قياسيا في الحضور، إلى حسن روحاني الذي واجه تحديات جائحة كورونا، وأخيرا إبراهيم رئيسي الذي انتقد الهيمنة الأمريكية، وحدوث جدلٍ لمنع إصدار تأشيرته الأمريكية، تعكس هذه المشاركات تطور السياسة الإيرانية وتعقيدات العلاقات الدولية.

أبو الحسن بني صدر (1980-1981)
نقلا عن موقع “جوان أونلاين” الإيراني بتاريخ 20 سبتمبر/أيلول 2022، لم يتمكن أول رئيس للجمهورية الإيرانية من السفر إلى نيويورك بسبب انشغاله في الحرب مع العراق.
محمد علي رجائي (1981-1981)

حضر في الأمم المتحدة بدلا من أبو الحسن بني صدر بسبب انشغال الأخير في الحرب، لكنه حضر بصفته وزيرا للخارجية قبل أن يتم تعيينه رئيسا للجمهورية، وتمكن من إيصال صوت الشعب الإيراني إلى مسامع العالم. وبحسب وكالة أنباء “تسنيم” الإيرانية بتاريخ 18 أكتوبر/تشرين الأول 2017، كانت أول مرة يذهب فيها وفد إيراني رفيع المستوى إلى نيويورك للمشاركة في الجمعية العامة للأمم المتحدة في 13 أكتوبر/تشرين الأول 1980، وخلال حضوره في المؤتمر، وضع قدمه العارية على الطاولة، مشيرا إلى التعذيب الذي تعرض له في سجون رضا بهلوي و جيمي كارتر، رئيس أمريكي سابق. ولم يتمكن رجائي من المشاركة في الأمم المتحدة بصفته رئيسا للجمهورية لأنه اغتيل في العام نفسه الذي تولي فيه المنصب.
رفض رجائي اقتراح التفاوض مع الولايات المتحدة خلال مشاركته في الجمعية العامة للأمم المتحدة، على الرغم من عرض كورت فالدهايم، الأمين العام السابق للأمم المتحدة، الذي أشار إلى استعداد الأمريكيين لقبول شروطهم، وأوضح رجائي أن هدف الوفد الإيراني في الجمعية العامة هو التركيز على قضية اعتداء النظام العراقي على إيران، وليس التفاوض مع الولايات المتحدة.
علي خامنئي (1981-1989)

شارك خامنئي في اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة مرة واحدة فقط، وذلك في 21 سبتمبر/أيلول 1987. وخلال هذه الزيارة، أبلغه أحد كبار المسؤولين من الدول الأوروبية قائلا: “عليكم في النهاية حل مشكلتكم مع الولايات المتحدة”. إلا أن خامنئي رد بأن هدفه من زيارة نيويورك هو عرض قضايا أمته أمام شعوب العالم، وليس التفاوض مع أمريكا، مشيرا إلى أن “قضية أمريكا قضية أخرى”.
وبعد سنوات أشار خامنئي في مقابلة، إلى أن الغرب اعتقدوا أن وجودهم في نيويورك قد يتيح لهم تحقيق مصالحهم، وفي تلك الفترة، كانت الولايات المتحدة تتدخل بشكل مباشر في الحرب بين إيران والعراق، وشنت هجمات على منصات النفط والسفن الإيرانية في الخليج الفارسي، مما زاد من الفجوة بين طهران وواشنطن. وبحسب تقرير موقع “مؤسسة السلام الأمريكية”، لم يزر أي رئيس إيراني نيويورك أو يشارك في الجمعية العامة للأمم المتحدة لمدة عشر سنوات بعد زيارة خامنئي.
علي أكبر هاشمي رفسنجاني (1989-1997)

لم يتمكن هاشمي رفسنجاني من حضور الجمعية العامة للأمم المتحدة بسبب العقوبات الأمريكية المفروضة عليه. وخلال فترة رئاسته، كان علي أكبر ولايتي، وزير الخارجية السابق، هو من يمثل إيران في الجمعية العامة. ورغم ذلك، ذكرت مجلة “بيان” أن رفسنجاني زار الأمم المتحدة ونيويورك مرة واحدة في عام 1991. ووفقا لتصريحاته، فقد استحوذت أجواء المؤتمر على انتباه الحضور خلال خطابه، حيث استمر التصفيق لفترة طويلة، وهو ما يعتبر غير معتاد بين القادة.
محمد خاتمي (1997-2005)

شارك محمد خاتمي في الجمعية العامة للأمم المتحدة مرتين. وفي سبتمبر/أيلول 1990، كان من المقرر أن يلقي خاتمي خطابه بعد خطاب الرئيس الأمريكي الأسبق بيل كلينتون؛ في محاولة لتحسين العلاقات بين إيران والولايات المتحدة، لكن هذا لم يحدث، وذكر لاحقا سعيد حجاريان، مستشار خاتمي، أنه كان من المفترض ألا يوجد بيل كلينتون في ممر مبنى الأمم المتحدة، لكن الوفد الإيراني صادف كلينتون وفريقه هناك، ومع ذلك، لم يتمكن الرئيس الأمريكي من مصافحة الرئيس الإيراني.
وخلال فترة رئاسة خاتمي، طرح فكرة “الحوار بين الحضارات” في الجمعية العامة، وهي المبادرة التي لاقت ترحيبا واسعا من المجتمع الدولي. هذا الطرح فتح فصلا جديدا في العلاقات بين إيران والغرب، حيث تم التباحث بين إيران والغرب حول قضايا مثل أفغانستان والبرنامج النووي الإيراني.
محمود أحمدي نجاد (2005-2013)

سجل رقما قياسيا بحضوره وتحدثه في الجمعية العامة للأمم المتحدة 8 مرات، كما أن أول زيارة خارجية له كرئيس كانت إلى نيويورك، رغم ذلك لم يظهر أي اهتمام من الجانبين الإيراني والأمريكي للقاء خلال هذه الفترة.
وخلال سنواته في الجمعية العامة، والتي تزامنت مع الضغوط الغربية على البرنامج النووي السلمي لإيران، أكد أحمدي نجاد على سلمية الأنشطة النووية الإيرانية، وأشار في خطبه إلى أن العالم ليس لديه “أدلة موثوقة” لإثبات أن البرنامج النووي الإيراني تسليحي، وطلب طرد الولايات المتحدة من الوكالة الدولية للطاقة الذرية بسبب استخدامها قنبلة ذرية في اليابان وأسلحة ملوثة باليورانيوم في العراق، كما انتقد بشكل علني وجود إسرائيل، مما أدى إلى مغادرة بعض الدول الغربية لمقر الجمعية العامة أثناء خطابه.
حسن روحاني (2013-2021)

بسبب جائحة كورونا، لم يتمكن حسن روحاني من تجاوز سجل سلفه أحمدي نجاد في عدد مرات حضور الجمعية العامة للأمم المتحدة، حيث حضر سبع مرات بشكل مباشر ومرة واحدة عبر الفيديو. وخلال فترة ولايته، سعى روحاني من خلال خطبه في الجمعية إلى إدارة الخلافات مع الغرب، وتمكن من التوصل إلى اتفاق النووي.
وأثناء فترة ولايته، أجرى روحاني اتصالا هاتفيا تاريخيا مع الرئيس الأمريكي الأسبق باراك أوباما في عام 2013، أي قبل عامين من توقيع الاتفاق النووي، وهو أول اتصال هاتفي بعد انقطاع العلاقات بين البلدين. وبعد ست سنوات، ورغم انسحاب أمريكا من الاتفاق، دافع روحاني عن هذه التجربة، مشيرا إلى أن التواصل مع أوباما كان له تأثير إيجابي في تسريع الاتفاق، وأتضح لاحقا أنه لم يكن له أي تأثير.
إبراهيم رئيسي (2021-2024)

صرح رئيسي عند وصوله إلى نيويورك بأن منظمة الأمم المتحدة لا ينبغي أن تكون منظمة حكومات القوى العظمي، ووفقا لوكالة أنباء “إيسنا” الإيرانية بتاريخ 22 سبتمبر/أيلول 2021، أكد رئيسي أن عرض صور الهجوم التاريخي على مبنى الكونغرس الأمريكي وسقوط الأفغان من الطائرة الأمريكية أرسلا رسالة إلى العالم، مفادها أن نظام الهيمنة الأمريكي فقد مصداقيته سواء في الداخل أو الخارج، كما لقيت أجزاء من خطاب رئيسي حول الاتفاق النووي تغطية واسعة في وسائل الإعلام الأجنبية.
جدل حول استخراج التأشيرة الأمريكية لإبراهيم رئيسي
وفقا لموقع “اقتصاد نیوز” الإيراني نقلا عن “عصر ایران” بتاريخ 16 أكتوبر/تشرين الأول 2022، أفاد موقع “واشنطن فري بيكون” بأن أحد أعضاء مجلس الشيوخ الأمريكي قدم اقتراحا للكونغرس لمنع إصدار تأشيرة الرئيس الإيراني الراحل إبراهيم رئيسي؛ حتى لا يتمكن من دخول الولايات المتحدة وحضور اجتماعات الجمعية العامة.
رغم ذلك، تصدت إدارة بايدن لهذه المحاولات، حيث أكدت أنها ملزمة بالسماح لرئيسي بالدخول وفقا للقوانين الأمريكية، كما تعرضت الحكومة الأمريكية لضغوط شديدة من الكونغرس والجماعات المعادية لإيران، وذلك بسبب مزاعم تعلقت بمحاولات إيران اغتيال مسؤولين أمريكيين سابقين.