كتبت: زينب بيه
تواجه حكومة الرئيس الإيراني مسعود بزشكیان، تحديات اقتصادية ودبلوماسية كبيرة في الداخل والخارج، فيتعين عليها معالجة الاقتصاد المتضرر من خلال مواجهة قضايا مثل التضخم ومشاكل الإسكان، وقضايا الحجاب، إضافة إلى إصلاحات سريعة لتحسين الأوضاع المعيشية. كما تعهد بزشكیان برفع الحجب عن الإنترنت وتعزيز التواصل الرقمي.
ودبلوماسياً، قد تسهم التغييرات في وزارة الخارجية، مع عودة شخصيات رئيسية مثل محمد جواد ظريف وعباس عراقجي، في تحسين العلاقات الدولية وحل القضايا النووية ورفع العقوبات، ومن جهة أخرى، يبقى ملف FATF من القضايا البارزة التي تتطلب معالجة فعالة، في ظل تزايد الضغط على الحكومة للتعامل معه.
وفقاً لتقرير نشرته وكالة أنباء “خبر أونلاین” الإيرانية بتاريخ 6 سبتمبر/أيلول 2024، جاء فيه: التحديات والحلول المحتملة لقضايا الحجاب في الحكومة الجديدة : “يجب علينا أن نعمل على أن تتمكن نساؤنا من تحقيق حياة طيبة في المجتمع من موقعهن، وكيف نتعامل مع النساء والفتيات اللواتي يختلف لباسهن عما نتصوره؟ الواقع المتعلق بالشرطة الأخلاقية وهذه القضايا لا تتماشى مع المجتمع الإسلامي، وعندما يُنظر إلينا من الخارج، لا يسألوننا عن كرامتنا وإنسانيتنا “. “أي شخص يفهم بعمق ويتخذ قرارات للمستقبل يجب أن يرى ما إذا كان هذا مفيداً أم ضاراً، إذا كان ضاراً؛ فيجب علينا إلغاؤه … نحن نحاول تصحيح الحجاب منذ 40 عاماً، ولكننا زادنا الأمر سوءاً، تدخل الأفراد تحت اسم شرطة النور للحجاب والعفاف (وهى شرطة تواجه النساء اللواتي يخالفن الزي الشرعي للحجاب) يجرنا نحو الظلام.”
هذه بعض من الانتقادات والوعود التي طرحها مسعود بزشکیان خلال فترة الانتخابات بشأن الشرطة الأخلاقية وشرطة النور للحجاب والعفاف. بناءً على ذلك، يتوقع من الحكومة الحالية أن تقوم بتنظيم مسألة الحجاب والتعامل مع تدخل بعض الجهات والمؤسسات في هذا الموضوع. ويعتقد البعض أن اختيار اسكندر مومني لمنصب وزير الداخلية كان هدفه معالجة المشاكل الناتجة من شرطة النور والشرطة الأخلاقية بشكل أكثر فاعلية، نظراً لأن مومني لديه خبرة سابقة في قوات الشرطة، مما يجعله قادراً على إدارة هذه القضايا بسرعة وبتحديات أقل، حيث أن هذه المسائل أيضاً تدخل ضمن مسؤولياته في وزارة الداخلية.
وكذلك يؤكد بعض السياسيين الآخرين أن حكومة بزشکیان يجب أن تلغى شرطة الحجاب والعفاف المثيرة للجدل من البرلمان لإعادة تنظيم الأمور المتعلقة بالحجاب، ووفقاً للمادة 134 من اللائحة الداخلية للبرلمان الإيراني، أنه يمكن إلغاء لوائح القانون بعد موافقة مجلس الوزراء وفقاً لما يلي: “1- إذا كان الإلغاء قبل التصويت على جميع اللوائح في البرلمان، فإن الرئيس يجب أن يقدم طلب الإلغاء مكتوباً مع توضيح الأسباب، ويتم إعلان التقرير في الجلسة العامة.” “2- إذا كان الإلغاء بعد التصويت على لوائح القانون وفي أي مرحلة حتى قبل التصويت النهائي، ويمكن للوزير المعني أو أحد نواب الرئيس، وفقاً للموضوع، تقديم طلب الرئيس مع توضيح الأسباب في الجلسة العامة للبرلمان، ويتاح لأحد المعارضين التحدث لمدة عشر دقائق، ثم يتم إلغاء اللائحة بناءً على تصويت البرلمان.”
“وإذا كانت الإجراءات القانونية تعيق إلغاء هذه اللائحة المثيرة للجدل وتحوّله إلى قانون، فيمكن للحكومة إرسال لائحة إلى البرلمان لإلغاءه، والتعامل مع البرلمان لمراجعته والتصديق عليه بشكل عاجل … الآن، يجب الانتظار لمعرفة ما هي خطة الحكومة لحل وتنظيم قضايا الحجاب.”
تعهد بزشكيان برفع حجب الإنترنت
وكان مسعود بزشکیان من أشد منتقدي حجب بعض المنصات والبرامج العالمية في ايران خلال حملته الانتخابية، ووصفها بأنها نوع من العيش في قفص، في مناظرة مع سعيد جليلي -سياسي ودبلوماسي إيراني-، أكد أن مسئلة رفع حجب هذه البرامج قد تحول إلى تجارة لبعض الجهات، وأنه ينبغي تحسين وصول الناس إلى الإنترنت بدلاً من عزلهم عن العالم. ووَعد بإنهاء سوق إزالة حجب البرامج وتعزيز التواصل مع الشركات الكبرى لحل هذه المشكلة.
مع تعيين ستار هاشمي كوزير للاتصالات، وهو من المديرين السابقين في حكومة روحاني، وقد تعهدت الحكومة بالتركيز على رفع حجب البرامج. في حين أن بعض القرارات تتطلب موافقة مجلس الأمن القومي والمجلس الأعلى للفضاء الإلكتروني، وأكد حسين أفشين -معاون رئيس الجمهورية-، أنّ الرئيس يتابع قضية رفع الحجب وأن الإنترنت لن يكون طبقياً بعد الآن.
فصل الأساتذة الجامعيين وردود فعل بزشكيان
موجة فصل الأساتذة الجامعيين في الحكومة الثالثة عشرة ومنذ عام 2022 أحدث صدمة في المجتمع الأكاديمي الإيراني، واعتبره البعض مشروع تطهير. وقد اشتكى الطلاب والأساتذة مراراً من الضغوط على الأوساط الجامعية خلال حملة بزشكيان الانتخابية، وأكد على ضرورة فتح المجال للنخب والمجتمع الأكاديمي والعلمي. ولهذا السبب، كانت مراسم تعيين وزير التعليم العالي من بين قلة المناسبات التي حضرها الرئيس، حيث أصدر توجيهاً مهماً، وقال في هذا الحدث: “أطلب من وزير التعليم العالي إعادة النظر في عقود جميع الأساتذة الذين تم فصلهم أو إلغاء عقودهم حتى الآن؛ وإعادة الطلاب.” وهو توجيه أثار غضب أولئك الذين كانوا وراء مشروع التطهير.
تحديات اقتصادية ودبلوماسية أمام الحكومة الجديدة
تواجه الحكومة الجديدة تحديات اقتصادية ودبلوماسية كبيرة، بما في ذلك الحاجة إلى إصلاح المشاكل الاقتصادية وحل القضايا المرتبطة بالعقوبات، على الرغم من أن بزشکیان لم يقدم وعوداً اقتصادية واضحة للناس، إلا أن مسألة رفع العقوبات وحل المشاكل المعيشية تعتبر من أولوياته … فيجب على الفريق الاقتصادي بقيادة بزشکیان معالجة الاقتصاد المتضرر من خلال حل قضايا التضخم، مشاكل الإسكان، وعدم التوازن في قطاع الطاقة، بالإضافة إلى وضع برامج قصيرة المدى لمعالجة القضايا المعيشية، استعداداً للقرارات الاقتصادية الكبرى.
وفي المجال الدبلوماسي، قد يشير عودة شخصيات رئيسية مثل محمد جواد ظريف وعباس عراقجي، ومهدی سنائی إلى وزارة الخارجية، إلى تغييرات إيجابية في السياسة الخارجية الإيرانية، ويعزز الأمل في حل قضية البرنامج النووي ورفع العقوبات. كما يمكن أن يلعب مكتب الاستراتيجيات في رئاسة الجمهورية تحت قيادة ظريف دوراً خاصاً في معالجة القضايا النووية والدبلوماسية.
وفي إطار حل قضايا العقوبات، وإنعاش المعاملات الخارجية، وإعادة جذب الاستثمارات إلى البلاد، لدى بزشكیان أيضاً مهمة رئيسية يجب إنجازها، وهي معالجة ملف FATF (هي مجموعة العمل المالي، وتتمثل بوضع المعايير الدولية لمنع الأنشطة غير المشروعة في معالجة غسل الأموال وتمويل الإرهاب وانتشار الأسلحة)، الذي لا يزال معلقاً في مجمع تشخيص مصلحة النظام.