ترجمة: نوريهان محمد البهي
تحدثت الناشطة السياسية فرزانة تركان عن التحديات التي واجهت حكومة الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان، مشيرة إلى محاولات المتشددين المستمرة لعرقلة مسيرته السياسية.
نشرت صحيفة آرمان ملي الإثنين 6 يناير 2025 حوارًا مع فرزانة تركان، الناشطة السياسية الإصلاحية وعضو المجلس المركزي لحزب كوادر البناء الإيراني، تحدثت فيه عن مواقف المتشددين تجاه الحكومة ومحاولاتهم لعرقلة عمل الرئيس، مشيرة إلى أنه منذ البداية بدأوا في معارضة الحكومة واستهداف وزرائها.
حيث أشارت الصحيفة وفقا لمصادرها، إلى أن المتشددين لم يتوقعوا بعد جهودهم المستمرة في الانتخابات أن يفشلوا في تحقيق النتيجة المرجوة، وأن الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان سيفوز في السباق الانتخابي بدلاً من سعيد جليلي عضو مجمع تشخيص مصلحة النظام.
وأضافت أنه بناء على هذه النتيجة، بدأ المتشددون في معارضة الرئيس بزشكيان وحكومته، وشرعوا في عرقلة مسيرتهما، بما في ذلك تعطيل عملية تشكيل الحكومة ومنح الثقة للوزراء.
وأشارت الصحيفة إلى أنه لولا دعم قائد الثورة آية الله علي خامنئي ورئيس البرلمان محمد باقر قاليباف والنواب المؤيدين، لما حصل بعض الوزراء المقترحين على الثقة.
وأضافت الصحيفة أنه بعد ذلك، استمر المتشددون في عرقلة تعيينات الرئيس وشنوا حملة تشويه ضد الحكومة، ولا سيما من خلال الضغط المستمر لإقصاء محمد جواد ظريف، النائب الاستراتيجي للرئيس الإيراني، من الحكومة.
كما أشارت الصحيفة، إلى أنه مؤخرًا تم وقف حملة التشويه ضد ظريف، لكن تم استهداف الحكومة نفسها، رغم مرور خمسة أشهر فقط على توليها مهامها، في محاولة لدفعها إلى المساءلة والاستجواب.
ورأت الصحيفة، أن هذا التوجه لا يعكس اهتمامًا حقيقيًا بمشاكل الشعب، بل هو توجه سياسي يهدف إلى إضعاف حكومة بزشكيان.
وأضافت الصحيفة، أن البرلمان قد تراجع عن الوفاق مع الحكومة، وبدأ في اتباع سياسة المواجهة، حيث تم طرح استجواب وزيري الاقتصاد، والنفط، والعمل، وهو ما يعكس عدم الاهتمام الحقيقي بمشاكل الشعب ويهدف إلى تقويض الحكومة.

ثم عرضت الصحيفة الحوار الذي أجرته مع الناشطة فرزانة تركان، وفيما يلي نص الحوار:
تولى الرئيس الإيراني بزشكيان منصبه مستندًا إلى نهج الوفاق الوطني، لكن يبدو أن الحكومة وحدها التي تسير على هذا النهج، بينما دخلت بقية السلطات، وعلى رأسها البرلمان، في مواجهة مع الحكومة. كيف ترين هذا الوضع؟
في الواقع، عندما دخل السيد بزشكيان ساحة الانتخابات، كان واضحًا تمامًا بالنسبة له جميع القيود والمشاكل التي كانت تعاني منها البلاد، خاصة تلك التي نشأت نتيجة السياسات المتبعة من قبل الجناح المتشدد والجناح المتطرف، والتي تسببت في العديد من الأزمات الاقتصادية والثقافية والاجتماعية. ومع بداية الانتخابات وبعد توليه إدارة شؤون البلاد، كان هدفه خلق نوع من التوافق والوحدة، وكان يسعى لأن يتعاون الجميع لحل هذه المشاكل والعمل معًا.
وبناء على هذا المبدأ، وبعد فوز بزشكيان في انتخابات رئاسة الجمهورية، سعى بنفس الدافع وبنفس الرؤية لتحقيق الوحدة والتوافق بين التيارات السياسية، على أمل أن يتمكنوا من العمل معًا لحل مشكلات البلاد.
ولكن هناك قاعدة مهمة لا بد من أخذها بعين الاعتبار، وهي للأسف غابت عن العديد من التيارات المتشددة في البلاد، هذه القاعدة هي أنه لا يمكن للوفاق أن يكون فعّالًا ومثمرًا إلا إذا دخل الرئيس الإيراني بزشكيان في حوار مع الأطراف التي تتبنى نفس الهدف، وهي تلك التي تشترك معه في السعي لتحقيق التنمية وحل مشاكل البلاد.
ولكن الواقع مختلف، فنحن للأسف نواجه تيارات متشددة وأفرادًا لا يظهرون أي اهتمام حقيقي بحل مشاكل البلاد؛ هذه الأطراف لا تبدي أي اهتمام بتحسين الوضع المعيشي للمواطنين أو بتطوير البلاد بشكل عام، بل تتخذ مواقف تتناقض مع جهود الوفاق والتنمية التي يسعى إليها الرئيس الإيراني بزشكيان.
ومن جانب آخر، هناك بعض التيارات التي تواصل السعي وراء أهداف حزبية ضيقة، وللأسف، في كثير من الأحيان، يصبح التركيز على مصالحها الشخصية والأجندات الحزبية أكثر أهمية من العمل على تحقيق الوحدة لحل مشاكل البلاد. وعليه، بما أن الهدف ليس موحدًا ولا يوجد توافق حقيقي، فإن هذا الوفاق لن يحقق أي نتائج ملموسة.
لذلك، أصبح الناس يدركون الفرق بوضوح بين أولئك الذين يرفعون شعارات عن حل مشاكل البلاد، وبين من يعطلون عمل الحكومة في الواقع ولا يساهمون في حل قضاياها. ومن الواضح أيضا أن هؤلاء لا يضعون مصلحة البلاد والشعب في أولوياتهم.
كما أنه في الوقت الذي بدأ فيه الحديث عن تنفيذ توصيات مجموعة العمل المالي (FATF)، إلى جانب محاولة وضع حلول للمشاكل الاقتصادية العميقة التي يعاني منها البلد، نجد أنه بشكل مفاجئ أصبحت مسألة استجواب وزير الاقتصاد عبد الناصر همتي في البرلمان موضوعًا رئيسيًا.
وهذا حدث في وقت نمر فيه بأسوأ الأوضاع الاقتصادية، كما أن همتي تولى وزارة الاقتصاد بتوجهات واضحة وأهداف مهنية تهدف إلى معالجة القضايا الاقتصادية، وبعد أشهر قليلة من بداية عمله، نجد أن معظم القضايا الاقتصادية التي كانت قائمة منذ سنوات يتم تحميلها لوزارة اقتصاده، كما يتم استهدافه بشكل شخصي.
لذا، فإن محاولات إقصاء همتي، في رأيي، فهي تشير إلى أن بعض التيارات المتشددة تضع مصالحها الشخصية وأهدافها الحزبية فوق مصلحة البلد والشعب، بل وتسعى لتصعيد الأمور عوضًا عن العمل من أجل حل المشاكل الحقيقية.
على الرغم من توجيه قائد الثورة الأعلى خامنئي إلى مجلس البرلمان بضرورة دعم الحكومة، مؤكدًا أن نجاح الحكومة يعني نجاح النظام، فكيف يمكن تفسير ما يحدث الآن؟ كما أنه بعد أقل من خمسة أشهر من تولي الحكومة مهامها، نجد أن البرلمان بدلاً من التعاون مع الحكومة، يتجه نحو معارضتها، ويبدأ في طرح استجوابات وأسئلة. ما السبب وراء هذا التحول في النهج؟
يجب أن نكون واعين لحقيقة أن البرلمان الحالي لا يعكس غالبية الشعب، بل تم انتخاب أعضائه من قبل أقلية فقط.
وفي الواقع، فإن معظم النواب لم يفوزوا بأغلبية في دوائرهم الانتخابية، بل إن بعضهم دخلوا المجلس استنادًا إلى المزايا السياسية والمصالح الشخصية.
وفي هذا السياق، نجد أن هناك معارضة غير مبررة لقضايا مثل الـ FATF وموضوع الفلترة، مما يثير تساؤلات حول الدوافع الحقيقية وراء هذه المواقف.
وعلاوة على ذلك، فإن المتطرفين قد أثبتوا أنهم تخطوا المسؤولين الكبار في الدولة، حيث تجاهلوا تمامًا توصيات قائد الثورة بضرورة الوحدة وحل المشكلات.
ونتيجة لذلك، أصبح الشعب يدرك أن هؤلاء الأشخاص لا يعملون لمصلحة الوطن والشعب، بل يسعون لخلق مزيد من المشاكل أمام الحلول الممكنة.
وفي الواقع، لو كانت نواياهم رقابية فعلًا، لكانوا قد تدخلوا في الوقت المناسب عندما كانت حكومة الرئيس الراحل إبراهيم رئيسي تواجه العديد من التحديات الكبيرة.
في ظل الظروف الحالية، كيف تفسرون عدم تحرك من يدعون تمثيل الشعب في الفترة الماضية للمطالبة بحل مشكلات البلاد؟ ولماذا برأيك يتم التقليل من جهود الحكومة رغم أنها لم تمضِ إلا خمسة أشهر على توليها المسؤولية؟
في الواقع، السلوك الذي نراه من هذا الجناح المتطرف يعزز الشكوك حول وجود مصالح شخصية وأهداف غير معلنة.
ومن هنا، نحن نأمل أن تتخذ حكومة پزشکیان خطوات حاسمة لوقف هذه الأيدي الفاسدة، سواء كانت مرتبطة بالفساد أو الاستفادة من المصالح الشخصية داخل المؤسسات الحكومية.
لنأخذ على سبيل المثال قضية تغيير سياسة الدعم للمواد الأساسية، هذه التغيرات في السياسات بالطبع تزعج الكثيرين الذين كانت مصالحهم تعتمد على الوضع السابق. ومع ذلك، نأمل أن يكون النواب في البرلمان على وعي كامل بهذه الأمور، حتى لا تكون معارضاتهم غير مدروسة.
أما إذا تبين أن هذه المعارضة ناتجة عن تهديد لمصالح شخصية أو ربح غير قانوني، فهنا يجب أن يتدخل القضاء ويقوم بمتابعة هذه المسائل بجدية.
ما هو في موقف محمد باقر قالیباف، رئيس البرلمان، بشأن التعاون والتفاهم مع الحكومة؟ هل تعتقدين أنه سيصمد في مواجهة الضغوط أم أن آقای قالیباف سيقف مع البرلمان ضد الحكومة؟
في الواقع، من الصعب التنبؤ بمواقف رئيس البرلمان قالیباف في هذا السياق، حيث نلاحظ بعض التناقضات في تصريحاته وأفعاله. من ناحية، يدعو دائمًا إلى دعم النظام وقائد الثورة والالتزام بخط القيادة، مؤكدًا على أهمية بناء وفاق وطني لحل مشاكل البلاد.
لكن من ناحية أخرى، نرى مواقف أحيانًا لا تُعطي الأمل في تحقيق هذه الأهداف، بل قد تثير القلق. في بعض القضايا، وقد تظهر لدينا انطباع أن هناك مطالب خاصة لقالیباف قد تؤدي إلى تغيير موقفه إذا تم تلبية هذه المطالب.
ومع ذلك، نأمل أن يظل رئيس البرلمان ملتزمًا بمسار الوفاق كما يدعي، ويعمل مع الحكومة لحل القضايا الوطنية بدلاً من وضع العوائق في طريقها.
في هذا ظل هذه الأحداث، يتم مقارنة الظروف التي تمر بها الحكومة الحالية مع حكومات سابقة مثل حكومة خاتمي وحكومة روحاني، حيث كنا نشهد في فترة حكم خاتمي أن كل تسعة أيام كانت تظهر أزمة جديدة، وكذلك في حكومة روحاني كانت الأزمات تتراكم. في رأيك، ما الذي يقف وراء هذه المقارنات والتصرفات؟
نعم، اليوم نجد أن الوضع في البلاد أكثر هشاشة من الفترات السابقة، سواء في حكومة السيد خاتمي أو حكومة السيد روحاني. ففي حالة حكومة خاتمي، كانت الاعتراضات تُفسر على أنها من الشعب ضد الحكومة الإصلاحية، وكان يُعتقد أن الأمور كانت ستسير بشكل أفضل لو كانت الحكومة تحت سيطرة الأصوليين.
أما في حكومة السيد روحاني، فقد كانت هناك تصورات بأن الأزمات كانت ستنتهي لو لم يكن روحاني في السلطة.
لكن في حكومة روحاني الثانية، مع أزمة البنزين، أصبح الأمر أكثر وضوحاً للشعب، وأصبحوا يدركون أن المشاكل في البلاد أعمق من مجرد الانقسام بين الأصوليين والإصلاحيين.
واليوم، يدرك الشعب أن الأزمات تحتاج إلى حلول جذرية، وإذا استمرت الخلافات الحادة في البلاد، ستزداد هشاشة الأوضاع بشكل أكبر، وهذا قد يهدد استقرار البلاد بأكملها.
وإذا استمرت هذه الخلافات، لن يكون الصراع بين الشعب والجناح الإصلاحي والأصولي أو حتى مع بزشکیان والحكومة التنفيذية بعد الآن.
ويجب أن يدرك الجميع هذا الشعور بالخطر، وأن يعرفوا أنه إذا فشلت حكومة بزشکیان في تحقيق النجاح ولم تتمكن من حل القضايا الكبرى في البلاد، فإن الشعب لن يعتبر نفسه حليفًا أو مساعدًا بعد ذلك، وقد تطرأ مشاكل أكثر حدة في المستقبل.
وبناء على تلك الخلافات، فإن البلاد قد تواجه مشاكل اجتماعية ضخمة، مثل الاحتجاجات في الشوارع أو معارضات شعبية. لذا يجب على الأطراف المتطرفة أن تدرك أن هذه التوترات قد تخرج عن السيطرة، مما قد يؤدي إلى نتائج صعبة ومعقدة يصعب التعامل معها.