ترجمة: شروق السيد
تشهد إيران أزمة تعليمية حادة مع تراجع كبير في درجات الطلاب، مما يفاقم التحديات التي يواجهها الشباب في ظل التغييرات في امتحانات القبول الجامعي.
كتبت الصحيفة الإيرانية “اطلاعات” 13 يناير/كانون الثاني 2025: “تواجه إيران أزمة حادة في جودة النظام التعليمي، وإحدى العلامات على ذلك هو انخفاض متوسط درجات الطلاب في المراحل المختلفة، بلغ متوسط معدل الطلاب في يونيو/حزيران 2024 في التخصصات الثلاثة الرياضيات، العلوم التجريبية إلى أعلى من المنتصف بقليل، مما يدل على الوضع الكارثي في مستوى وجودة التعليم في المدارس فبجميع أنحاء البلاد”.
وعلى الرغم من زيادة درجات الطلاب في يونيو/حزيران 2023، والتي قد تكون ناتجة عن تصميم أسئلة الامتحانات النهائية بشكل أفضل أو أداء الطلاب الأفضل، فإن متوسط الدرجات ما يزال منخفضا، وهناك انخفاض في المعدلات على الأقل في السنوات الست الأخيرة.
التوزيع غير العادل
وأضافت: “نظرا إلى أنه في هذا العام قد تغيرت شروط المشاركة في امتحان القبول الجامعي، وتم تحديد أن تأثير المعدل الدراسي (المعدل الكتابي للطالب الذي يتم حسابه بناءً على درجات الامتحانات النهائية) في امتحانات القبول سيكون 40%، بينما سيكون اختبار القبول 60%، يحتاج الطلاب إلى تحسين معدلاتهم”.
وفي هذا السياق، صرح فرشاد إبراهيم بور، نائب رئيس لجنة التعليم في البرلمان الإيراني، قائلا: “بعد دراسة موضوع تأثير المعدل الحتمي في امتحان القبول، قرر أعضاء اللجنة أن يكون تأثير المعدل للصف الثاني عشر بنسبة 40%، وأن يكون المعدل في الصف الحادي عشر له تأثير إيجابي، بينما لا يؤثر المعدل في الصف العاشر، إضافة إلى ذلك، تمت الموافقة على أن المواد العامة ستصبح جزءا من امتحان القبول، والذي تمت إزالته من التأثير النهائي للمعدل التراكمي في القرار”.
واستدركت الصحيفة: لكن العديد من المتقدمين لامتحان القبول الجامعي لعام 2025 غير مستعدين لهذه الظروف، وقد طالب بعضهم في رسالة إلى أعضاء المجلس الأعلى للثورة الثقافية بإلغاء تأثير معدل الصف الحادي عشر في امتحان القبول.
وجاء في جزء من هذه الرسالة: “نظرا إلى أن المتقدمين يجب عليهم المشاركة في الامتحانات النهائية للصفين الحادي عشر والثاني عشر، فإن هذا يؤدي إلى تمييز غير عادل ضد الطلاب والمتقدمين، خاصة في المناطق الفقيرة، ويزيد من الضغط عليهم.
كما أن هذا يتعارض مع الفقرة التاسعة من المادة الثالثة من الدستور الإيراني وقاعدة فقهية في الدين الإسلامي تنص على نفي العسر والحرج، هذا الوضع يسبب زيادة كبيرة في التوتر والارتباك بين الطلاب والمشاركين في امتحان القبول.
زيادة التكاليف
وتابعت الصحيفة: الطلاب من جميع أنحاء البلاد مجبرون على تحسين أو ترميم سجلاتهم الدراسية للصفين الحادي عشر والثاني عشر في الوقت نفسه، مما يزيد من تكاليف الطلاب والمتقدمين لامتحان القبول، ويجبرهم على شراء مزيد من الكتب وحضور مزيد من الدروس، هذه الأمور ستفرض عبئا ماليا كبيرا على الأسر”.
وقال إحسان عظيمي راد، المتحدث باسم لجنة التعليم والبحث والتكنولوجيا في البرلمان الإيراني: “إحدى مشاكل هذا القرار هي التوزيع غير العادل، حيث إن عدم وجود البنية التحتية الكافية في وزارة التربية والتعليم لتصحيح الأوراق يؤدي إلى تغييرات واسعة في تصنيف الطلاب”.
وتابعت الصحيفة في تقريرها: أكد مركز بحوث البرلمان مرارا ضرورة إجراء تغييرات وإصلاحات جادة في هذا القرار، ومن الناحية العامة، فإن موقفنا هو إلغاء تأثير المعدل الحتمي والعودة إلى قانون البرلمان بتأثير إيجابي.
وإذا تم توفير البنية التحتية المناسبة، فإن خطة تأثير السجلات الدراسية للصفوف العاشر والحادي عشر والثاني عشر ستقرب النظام التعليمي من العدالة، ولكن إذا تم اعتماد سنة واحدة فقط كمعيار، فقد لا يتمكن بعض الطلاب من النجاح في الصف الثاني عشر لأسباب مختلفة.
وأضافت أنه على الرغم من أن هذه الخطة قد لا تتمكن من تحقيق العدالة التعليمية بشكل كامل وقد يكون لها تبعات سلبية، فإنه من الممكن تقليل فرص وقوع التلاعبات في فترة ثلاث سنوات مقارنة بسنة واحدة.
امتحان القبول
وقال إبراهيم سحرخيز، المعاون السابق لوزارة التربية والتعليم، في هذا الصدد لصحيفة “إطلاعات”: يمكن للمتقدمين لإنشاء سجل دراسي أو ترميم الدرجات المشاركة في الامتحانات النهائية التي تنظمها وزارة التربية والتعليم وفقا للوائح، مع مراعاة الدبلوم والمجموعة الاختبارية التي يرغبون في التقدم لها، منذ أن تم إدراج تأثير السجلات الدراسية والمعدل الكتابي كمعايير لاختبار القبول.
وأضاف: “قامت وزارة التربية والتعليم بتوفير هذه الفرصة للمتقدمين، في السنوات السابقة، كان مركز تقييم التعليم قد أعلن أن المعدلات العالية لها تأثير إيجابي على نتيجة اختبار المتقدمين، ولكن خلال هذه السنوات لم يتم تقديم أي مستندات تثبت حدوث ذلك، وربما كانت هذه الطريقة تهدف إلى تحفيز الطلاب على الدراسة بشكل أفضل”.
وتابع: “هذا حق يجب أن يُمنح لجميع الطلاب؛ لأن بعض الطلاب في السنوات الماضية كانوا يركزون كل جهودهم على امتحان القبول، وبدلا من أن يركزوا على المهارات التفسيرية في الدروس، كانوا يحضرون دروسا لاختبار الأسئلة متعددة الخيارات، ويقومون مهاراتهم فقط من أجل القبول”.
وأردف: “بعض الطلاب كانوا يمرون بسنوات دراستهم بدرجات منخفضة، أو كانوا يدرسون مادة واحدة فقط لرفع معدلهم، يوفر ترميم المعدل للطلاب الفرصة لتعويض درجاتهم، يمكنهم التقدم لترميم المعدل في فترتين مختلفتين، وإذا حصلوا على درجات أعلى، يمكنهم استبدال هذه الدرجات بالدرجات السابقة”.
وأوضح: “إذا لم يتمكن أحد المتقدمين من الحصول على درجة في دورة واحدة من امتحان القبول، فلن يكون الأمر كارثيا، ويمكنه المشاركة في هذا الامتحان في السنة التالية أو في السنوات التالية، وينبغي أن يحدث الشيء نفسه بالنسبة لترميم المعدل، ومن أجل تحقيق العدالة التعليمية، يجب أن تتاح هذه الفرصة بشكل قانوني للطلاب”.
طلاب المناطق الفقيرة
وقال سحرخيز: “هناك أيضا متقدمون قد تأخروا في الامتحانات لعدة سنوات، وربما يحتاجون الآن إلى تعديل سجلاتهم الدراسية، لذلك يجب أن نوفر هذه الفرصة لجميع المتقدمين الذين ينوون المشاركة في امتحان القبول ليتمكنوا من تعويض درجاتهم.
وعلى الرغم من أنني معارض للتعليم المدفوع، فإن وزارة التربية والتعليم يمكنها تنظيم هذا الامتحان مجانا في الدورة الأولى، وفي الدورات التالية يمكن تحصيل رسوم من الأشخاص ليتمكنوا من تأمين دخل للوزارة وتغطية تكاليف الامتحانات، حيث إن تنظيم هذا الامتحان يتطلب تجهيز مكان الامتحان، وتعيين المصححين، وتصحيح أوراق الامتحان وإعلان النتائج”.
وأضاف مستدركا: “لكن يجب أن نولي اهتماما خاصا لظروف الطلاب من المناطق المحرومة، لكي يتمكنوا من المشاركة في امتحان تعويض المعدل بسهولة، يجب منحهم خصومات خاصة، وإذا كانت الظروف تسمح، يمكننا تنظيم دروس تقوية لهم ليتمكنوا من اجتياز هذا الامتحان بنجاح، هذه الإجراءات يمكن أن يكون لها تأثير كبير في تحسين معدل الطلاب في المناطق الفقيرة”.
وأردف: “هذا الأمر يؤدي إلى أنه فقط شريحة واحدة ميسورة الحال في البلاد ستتمكن من الحصول على الدرجات العليا في امتحان القبول؛ على الرغم من أن المنافسة الآن تدور حول المقاعد في الجامعات الخاصة، والتخصصات المرموقة، ففي الجامعات الأخرى يمكن للطلاب القبول حتى مع درجات منخفضة”.
وفي هذا السياق، يجب اتخاذ إجراءات لضمان أن لا يشعر الفقراء في المجتمع بأن هيكل النظام التعليمي مبني على التمييز، وأن النظام التعليمي، سواء بشكل علني أو غير علني، طبقي.
العدالة التعليمية
كما قال سحرخيز: “عندما يتم تحديد تأثير 40% من السجلات الدراسية بشكل قطعي في امتحان القبول، يجب أيضا التفكير في أولئك الذين لم يدرسوا خلال هذه السنوات ومنحهم هذه الفرصة، على الرغم من أن هؤلاء المتقدمين ليسوا كثيرين، فإنه لا يمكن تجاهل حقوقهم.
على سبيل المثال، في فترة وزارة محمدعلي نجفي، وزير التربية والتعليم السابق، تم إجراء تغييرات في النظام التعليمي وتم تعديل محتوى الكتب الدراسية ليتمكن الطلاب من الدراسة وفقا للنظام الجديد.
كما تم إجراء تغييرات في النظام التعليمي في بداية الثورة؛ في تلك الفترة لم يكن لدينا تخصصات مثل العلوم الإنسانية، وبدلا منها كانت هناك تخصصات مثل الاقتصاد، والعلوم الاجتماعية، والأدب، والثقافة والفنون، ولكن بعد الثورة، تم إنشاء تخصصات مثل العلوم الإنسانية والأدب الفارسي”.
وأضاف: “لا يمكن منع المتقدمين من الفئات العمرية المتوسطة أو الكبيرة من المشاركة في امتحان القبول بسبب ظروفهم العمرية، ولكن يجب أن تتوافر لهم الفرص نفسها؛ لكي يتمكنوا من المشاركة في هذا التنافس بشكل عادل باستخدام اختبار تحسين المعدل”.
وتابع: “زيادة عدد مرات ترميم المعدل يعطي الطلاب دافعا إضافيا، فإذا شاركوا في الاختبار مرة واحدة، يمكنهم المحاولة مرة أخرى للحصول على درجة أفضل، وإذا لم يتمكن الطالب خلال العام الدراسي من المشاركة في الاختبار أو لم يحصل على الدرجة المطلوبة، يمكنه إعادة الاختبار في يونيو/حزيران أو سبتمبر/أيلول أو ديسمبر/كانون الأول لتحسين معدله”.