ترجمة: يسرا شمندي
تُظهر المشاركة السياسية للنساء في إيران تحديات كبيرة نتيجة للقيود الاجتماعية والسياسية، حيث تراجعت أدوارهن بمرور الزمن بسبب الهيمنة الذكورية والمحسوبية. وعلى الرغم من وجود نساء مثل منيرة جرجي وإلهه كولائي اللاتي لعبن أدوارا هامة، فإن تأثيرهن ظل محدودا مقارنة بالرجال، مما يعكس ضرورة تعزيز تمثيل النساء في الساحة السياسية.
نشر موقع تابناك الإيراني تقريرا بتاريخ 1 يناير/كانون الثاني 2025، أفاد فيه بأنه يعتقد العديد من الخبراء أن المشاركة السياسية للنساء تُعد أحد المؤشرات الأساسية لتطور المجتمع ثقافيا واجتماعيا، كما أن مشاركة النساء الفعالة في السياسة من خلال الاستفادة من وجهات النظر المتنوعة والقدرات المختلفة، تساهم في تحسين عمليات اتخاذ القرار وتضمن تمثيلا أكثر تنوعا لاحتياجات المجتمع ومطالبه
.
وأضاف الموقع أنه على مر التاريخ السياسي المعاصر لإيران، برزت العديد من النساء في أدوار مؤثرة ضمن المجال السياسي. لكن، تراجعت العديد منهن تدريجيا عن الساحة السياسية النشطة لأسباب متعددة، تشمل الضعف الشخصي، وعدم التفاعل مع واقع المجتمع، إضافة إلى الهياكل الذكورية والقيود الاجتماعية والتغيرات السياسية، تبرز هذه الظاهرة عدم استمرارية تمثيل النساء في السياسة الإيرانية.
وأوضح التقرير أنه في العقود الأخيرة، برزت العديد من النساء السياسيات اللاتي كان لهن تأثير كبير في مراحل معينة من التاريخ السياسي الإيراني، لكن لأسباب مختلفة، بدأ دورهن يتراجع تدريجيا ولم يُلاحَظ أي تحرك سياسي جاد منهن بعد ذلك.
وذكر الموقع في تقريره بعض الإيرانيات اللواتي كنّ نشيطات في العمل السياسي ثم تراجعن أو اختفين عن الساحة السياسية.
1- منيرة كرجي
ذكر التقرير في مستهل حديثه عنأولئك النسوة، منيرة كرجي فرد، المولودة في عام 1930، وهي باحثة قرآنية وأول امرأة تُنتخب لعضوية مجلس خبراء الدستور في إيران، وأنشأت “مؤسسة دراسات وأبحاث النساء”، وهي أول منظمة غير حكومية مختصة بالنساء، كما تم تكريمها كـ”خادمة للقرآن” في الدورة الثامنة عام 2001 لخدام القرآن الكريم، وفي عام 2005 كرمتها الحكومة الإيرانية تقديرا لجهودها.
وتابع التقرير موضحا أن كرجي فرد بدأت الأنشطة القرآنية في 15 يونيو/حزيران 1963، حيث كانت تُنظم في البداية جلسات تركز على التفسير والأحكام الشرعية في طهران، ومع مرور الوقت، أخذت هذه الجلسات طابعا سياسيا أيضا، وبحسب ما ذكرته هي بنفسها، قبل الثورة الإسلامية، طلب منها رجل الدين والسياسي البارز محمود طالقاني المشاركة في جلسات قرآنية للإجابة عن أسئلة النساء، وقد كان لها دور كبير في نشر الثقافة والمعارف القرآنية بين النساء، وأصبحت واحدة من الأسماء البارزة في إحياء النقاشات القرآنية والدينية الخاصة بالنساء.
وأضاف التقرير أن كرجي كتبت في مجالات متنوعة مثل تفسير القرآن، والفقه والأخلاق، مع أن العديد من أعمالها كانت عبارة عن مخطوطات أو محاضرات مسجلة ولم تُنشر بشكل رسمي، وبفضل معرفتها الواسعة في العلوم الدينية ونشاطها التعليمي، تُعتبر جرجي واحدة من المراجع العلمية والروحية البارزة في قضايا النساء. وبعد الانتهاء من مجلس خبراء القانون الأساسي، ابتعدت جرجي فرد عن النشاطات السياسية وركزت على التدريس في الحوزة العلمية، حيث قامت بتدريس الفقه، والتفسير، والأحكام والأخلاق.
2- زهرة کاظمی (زهرا رهنورد)
زهرة كاظمي، المعروفة باسم زهرا رهنورد، وُلدت عام 1955 في مدينة بروجرد، اسمها الحقيقي هو زهرة كاظمي آزاد، لكنها استخدمت الاسم المستعار “زهرا رهنورد” خلال فترة حكم الشاه من أجل أنشطتها، وقبل الثورة الإسلامية انضمت رهنورد إلى الأنشطة السياسية مع المعارضين لحكومة الشاه، وبعد الثورة لعبت أدوارا مختلفة على الساحتين السياسية والثقافية. وخلال رئاسة محمد خاتمي، عملت مستشارة سياسية لرئيس الجمهورية.
وأكد التقرير أن زهرا رهنورد حصلت على درجة الدكتوراه في العلوم السياسية من جامعة آزاد الإسلامية، بجانب درجة البكالوريوس في النحت، والماجستير في دراسة الفن من جامعة طهران، وتولت منصب رئاسة جامعة الزهراء، كما شاركت في مجالات متعددة مثل الفن والكتابة والصحافة، وأصدرت عددا من الكتب والمقالات، كما عُرفت مع زوجها السياسي الإصلاحي ورئيس الوزراء، ووزير الخارجية الإيراني الأسبق، مير حسين موسوي كرمزَين للحركة الخضراء بعد احتجاجات الانتخابات في عام 2009، ووُضعت هي وزوجها تحت الإقامة الجبرية منذ فبراير/شباط 2011، وهي مستمرة حتى الآن، بينما تقلص نشاطها السياسي في الأعوام الأخيرة.
3- فاطمة كروبي
فاطمة كروبي، ولدت عام 1948 بمدينة كلبايكان وتزوجت في أبريل/نيسان 1962 يالسياسي الإصلاحي مهدي كروبي الذي ترأس البرلمان لدورتين وكان من قيادات الحركة الخضراء، وشاركت في النضال السياسي في أثناء حكم الشاه بجانب زوجها، كما تقلدت منصب الأمينة العامة لمجمع النساء الإسلامي، وكانت عضوا في حزب الثقة الوطنية ومديرة للصحيفة الأسبوعية “إيراندخت”، وتولت مقعدا في البرلمان خلال الدورة الخامسة.
وأوضح التقرير أن فاطمة كروبي كانت من معارضي حكومة أحمدي نجاد، وترأست الحملة الانتخابية لمهدي كروبي في طهران بانتخابات الرئاسة لعام 2009. وبعد احتجاجات الحركة الخضراء في 1 مارس/آذار 2011، تم وضعها هيوزوجها تحت الإقامة الجبرية، ولكن بعد فترة تم الإفراج عنها وأوقفت نشاطها السياسي.
4- فاطمة رجبي.
فاطمة رجبي دواني ناشطة سياسية وأستاذة في الجامعة، وهي زوجة الشخصية السياسية الإيرانية غلام حسين إلهام، وابنة الكاتب والباحث الديني علي دواني، وتعرف رجبي في الأوساط السياسية بكتاباتها وخطابها المثيرة للجدل.
أوضح التقرير أن رجبي بدأت نشاطاتها السياسية بعد وصول حكومة محمود أحمدي نجاد في 2005، وعملت أستاذة في كلية الأخبار، وكانت كاتبة بمجلات مثل “صباح” و”يالثارات الحسین”، كما كانت من أبرز مؤيدي حكومة أحمدي نجاد، وكتبت أيضا كتاب “معجزة الألفية الثالثة” تمجيدا له، وقد لاقت انتقادات بسبب مقالاتها وخطبها الحادة، خصوصا ضد الإصلاحيين والشخصيات السياسية البارزة مثل محمد خاتمي وهاشمي رفسنجاني، مما جعلها شخصية مثيرة للجدل.
وبعد انتخابات مجلس عام 2010، اختارت فاطمة رجبي الابتعاد عن الظهور العلني في الساحة السياسية، وربما كانت الانتقادات التي تلقتها من وسائل الإعلام، والشخصيات السياسية، وحتى أفراد عائلتها، وضمن ذلك والدها علي دواني الذي كان يعبر عن استيائه من تصرفاتها، من أبرز الأسباب التي دفعتها إلى التراجع عن الأنشطة السياسية.
ويشير التقرير إلى أن تعرضها للضغوطات السياسية والاجتماعية بسبب مواقفها القوية ضدها وضد عائلتها، ربما أثر في قرارها الابتعاد.
5- الهه كولاهي
الهه كولاهي (طبرستاني) وُلدت عام 1956 في طهران، وهي أستاذة العلوم السياسية في كلية الحقوق والعلوم السياسية بجامعة طهران، وحازت شهادة الدكتوراه في العلاقات الدولية من جامعة تربيت مدرس، وهي متخصصة في مجالات متعددة مثل السياسة الخارجية وعلاقات إيران مع الدول المجاورة، إضافة إلى مسائل القوقاز وآسيا الوسطى، وقد نشرت العديد من المقالات والكتب في هذه المواضيع، كما عملت لفترة في الصحافة بالتحديد في صحيفة “إطلاعات”، ثم انتقلت للعمل في وزارة الخارجية الإيرانية، وبعدها، شغلت منصب مديرة التعليم ونائب رئيس قسم التعليم في كلية الحقوق والعلوم السياسية بجامعة طهران، وألقت محاضرات في عدد من الجامعات الأخرى في الوقت نفسه.
وأفاد التقرير بأن كولاهي تعد من الأعضاء البارزين في جبهة مشاركة إيران الإسلامية ومجمع النساء الإصلاحيّات، وقد لعبت دورا كبيرا في دعم أهداف الإصلاح وتعزيز حقوق المرأة، وكانت تمثل في البرلمان الإيراني خلال الدورة السادسة، حيث نشطت في العديد من اللجان مثل لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية. ومع ذلك، يبدو أن نشاط كولاهي الرئيسي الآن يتركز على التدريس والبحث في جامعة طهران، حيث تواصل العمل كباحثة ومتخصصة في مجال الجغرافيا السياسية.
6- زهرا اشراقي
زهرا اشراقي، وُلدت عام 1964، وهي ناشطة سياسية إصلاحية وحفيدة الإمام الخميني من جهة ابنته، وابنة ابن شقيق الإمام الخميني شهاب الدين إشراقي وزوجة محمد رضا خاتمي شقيق الرئيس الإيراني الأسبق محمد خاتمي، وهي عضو في المجلس المركزي لجبهة المشاركة، ولقد حصلت على شهادة في الفلسفة من جامعة طهران، وشغلت منصب نائب وزير الداخلية للشؤون الاجتماعية لشؤون الشباب خلال فترة رئاسة محمد خاتمي، كما كانت نشطة في منظمة غير حكومية لدعم النساء في إيران.
وأقرَّ التقرير بأنه في عام 2013، أشارت زهرا إشراقي في حديث غير تقليدي مع صحيفة الشرق الأوسط، إلى اهتمامها بتحدي المحظورات، معبرة عن حبها لمسلسل “حريم السلطان” وأصوات مغنين مثل هايدة ومهستي، وإلى جانب هذه المقابلة، أجرت إشراقي مقابلات أخرى كانت مثيرة للجدل.
لكن في السنوات الأخيرة، لاحظنا تراجعا كبيرا في مشاركتها بالساحة السياسية وغيابا ملحوظا عن إبداء آرائها السياسية. أما ناعمة إشراقي، شقيقة زهرا إشراقي، فقد عاشت وضعا مشابها؛ حيث توقفت فجأة عن نشاطاتها السياسية والإعلامية بعد فترة من الحضور الفاعل بالمجال السياسي في العقد الأخير من القرن الواحد والعشرين.
7- فاطمة آجرلو
فاطمة آجرلو، وُلِدت عام 1966 في طهران، وهي حاصلة على درجة البكالوريوس في علم النفس السريري، ودرجة الماجستير في علم النفس الشخصي، وهي طالبة دكتوراه في علم النفس التربوي. كما أنها طالبة في المستوى الثاني من الحوزة العلمية وأستاذة في الجامعات والحوزات. في عام 2010، تم ترشيحها من قبل محمود أحمدي نجاد كوزيرة مقترحة لوزارة الرفاه، لكنها لم تحصل على ثقة البرلمان، كما شاركت في الانتخابات البرلمانية الحادية عشرة عن دائرة كرمان، ولكنها فشلت في الجولة الثانية.
أكد التقرير أن بعض الأشخاص انتقدوا فاطمة آجرلو بسبب علاقاتها العائلية مع شخصيات سياسية ومواقفها في البرلمان، فعلى سبيل المثال، في ملف عباس باليزدار، وُجهت انتقادات لها بسبب ارتباطها العائلي به، وبعد فترة تمثيلها في البرلمان، توقفت عن نشاطها السياسي وركزت على الأنشطة العلمية والتدريس في جامعة بيام نور.
في النهاية تجدر الإشارة إلى أن قائمة السياسيات اللواتي تم ذكرهن في هذا التقرير معظمهن مرتبطات بروابط عائلية مع رجال السياسة، وهو ما يظهر بوضوحٍ ظاهرة المحسوبية في مجال المشاركة السياسية للنساء بالمجتمع الإيراني. بمعنى آخر، رجال السياسة في إيران قد منحوا الفرصة للنساء المقرّبات إليهن فقط في المجال السياسي، ومن المحتمل أن يُعتبر فقط شخصان من القائمة أعلاه (كرجي وكولاهي) من السياسيات أو الناشطات السياسيات المستقلات، وهذا يعد من التحديات الكبرى في مشاركة النساء السياسية بإيران ويجب أن يكون محور اهتمام.