لمياء شرف
مخاوف متزايدة من احتمال شن إسرائيل ضربات استباقية ضد المنشآت النووية الإيرانية في حال استمرار التصعيد العسكري.
وذلك بعدما أعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، أن حكومته ستواجه كل التهديدات الإيرانية، محملا طهران المسؤولية عن الضربات التي تتعرض لها إسرائيل من غزة ولبنان واليمن وسوريا والعراق.
وأعلنت هيئة البث الإسرائيلية، السبت 5 أكتوبر/تشرين الأول، أن الحكومة قررت شن هجوم وصفته بـ”القوي والكبير” على إيران، مؤكدةً أن الجيش الإسرائيلي في حالة تأهب للرد على الهجوم الإيراني، وأن جميع الاستعدادات تتم بالتنسيق مع واشنطن.
ونقلت هيئة البث الإسرائيلية عن مسؤولين أمنيين إسرائيليين، قولهم إن جميع الخيارات مطروحة على الطاولة بشأن الرد على إيران، وأوضحوا أن الخيارات تشمل الهجوم على طهران مباشرة أو استهداف مصالحها بالشرق الأوسط.
وعلى الطرف الآخر، هدد وزير الخارجية الإيراني، عباس عراقجي، خلال زيارته لدمشق، بأن لكل فعلٍ رد فعل مماثلا من إيران وربما أقوى، مؤكدا أن طهران سترد بقوة على أي هجوم إسرائيلي.
ونقلا عن وكالة تسنيم الإيرانية، قال مصدر مطلع في القوات المسلحة الإيرانية، إن خطة الرد اللازم على أي تحرك محتمل للصهاينة جاهزة تماما، وإذا تحركت إسرائيل فلن يكون هناك شك في تنفيذ الضربة المضادة الإيرانية.
وعن خطة إيران قال المصدر: “هناك عدة أنواع من الضربات المضادة والمحددة، وبحسب نوع عمل الصهاينة، سيتم اتخاذ قرار فوري بشأن تنفيذ واحدة أو أكثر منها”، مؤكداً أن إيران لديها أهداف كثيرة داخل إسرائيل.
والجدير بالذكر أن طهران توعدت إسرائيل بأنها سترد بضرب “بنيتها التحتية” كاملة إذا ردت على هجومها الأخير، حيث شّنت طهران الأسبوع الماضي هجوما صاروخيا واسعا على إسرائيل، ردا على اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية حماس، إسماعيل هنية، واغتيال الأمين العام لحزب الله اللبناني، حسن نصر الله.
وفي سياق متصل، نشرت صحيفة “فايننشيال تايمز” البريطانية تقريرا مثيرا، حول احتمالية استهداف إسرائيل للمنشآت النووية الإيرانية بطهران، وتساءلت الصحيفة عمّا إذا كانت إسرائيل قادرة على ضرب المنشآت النووية الإيرانية، وتدميرها دون مساعدة أمريكية.
استبعدت الصحيفة إمكانية الاحتلال الإسرائيلي على تدمير المشاريع النووية الإيرانية دون إسناد من الولايات المتحدة، وذلك لأن الرئيس الأمريكي، جو بايدن، أجاب بالنفي القاطع عندما سئل إذا كان سيدعم أي ضربات إسرائيلية على المنشآت النووية الإيرانية.
ومع ذلك، تناقش بعض الشخصيات المتطرفة في إسرائيل ما إذا كان يجب على سلاح الجو الإسرائيلي القيام بمثل هذه الضربة؛ ردا على قصف 180 صاروخا باليستيّا، أطلقتها طهران نحو إسرائيل الأسبوع الماضي.
وذكرت الصحيفة، وفقا لمحللين، أن الضربة الجوية الإسرائيلية على المنشآت النووية الإيرانية محفوفة بالمخاطر، وقد تؤجل البرنامج النووي بدلا من تدميره.
أسباب صعوبة الضربة الإسرائيلية على إيران
وارجعت الصحيفة صعوبة العملية الإسرائيلية على إيران لأسباب، من ضمنها المسافة التي تفصل بين البلدين، حيث تبعد أهم القواعد الإيرانية النووية عن إسرائيل بمسافة أكثر من ألف ميل، سيتعين على الطائرات الإسرائيلية عبور الأجواء السيادية للسعودية والأردن والعراق وسوريا، وربما تركيا.
السبب الثاني وفقا لتقرير خدمة الأبحاث بالكونغرس الأمريكي، يرجع لاحتياج الرحلة وصولا للأهداف الإيرانية والعودة إلى استخدام كل قدرات إعادة التزود بالوقود الجوية لدى إسرائيل، مما يترك هامش خطأ ضئيلا أو معدوما.
إضافة إلى ذلك، مواقع إيران النووية الرئيسية محصنة بشكل كبير، وتحتاج القاذفات الإسرائيلية إلى حماية من مقاتلات، وهذا يتطلب مجموعة ضربة تضم نحو 100 طائرة، وفقا لتقرير خدمة الأبحاث.
وأوضحت الصحيفة أن المنشآت النووية تقع تحت حماية محكمة، مؤكدةً أن تدمير منشأتي التخصيب النووي الرئيسيتين في إيران يعتبر أكبر تحدّ لإسرائيل؛ حيث إن مصنع تخصيب الوقود في نطنز، يقع تحت الأرض بعمق كبير، في حين يقع المصنع الثاني الأكبر بمحطة “فوردو” لتخصيب اليورانيوم داخل أحد الجبال.
واسترسلت الصحيفة: “إنه من غير الواضح ما إذا كانت إسرائيل تمتلك قدرات لاختراق مواقع نووية تقع تحت الأرض”.
واعتبرت أن حجم القوة المطلوبة لإلحاق الضرر الجاد بالمرافق الرئيسية في إيران، سيتطلب دعما أمريكيّا واسع النطاق، إن لم يكن تدخلا مباشرا.
وفي سياق متصل، حذرت المملكة المتحدة البريطانية إسرائيل من الهجوم على المواقع النووية الإيرانية، الذي قد يجر المنطقة إلى حرب شاملة، وقد يدفع طهران إلى تسريع بناء قنبلة نووية.
وحسب صحيفة “آي” البريطانية، صرحت مصادر في الوايتهول والاستخبارات البريطانية بأن هناك تخوفا شديدا من أن يوافق بنيامين نتنياهو على شن هجوم على المواقع النووية الإيرانية.
وقالت الصحيفة إنه عندما سألت رئيس الوزراء البريطاني، السير كير ستارمر، عما إذا كان قلقا بشأن احتمال جر المملكة المتحدة إلى صراع أوسع، أجاب: “لقد تحدثت مع الرئيس الإيراني منذ أسابيع، لأنني قلق من أن الوضع على حافة الهاوية، وأخشى أن لا نفعل كل ما في وسعنا لتهدئة الأوضاع”.
وأشارت الصحيفة إلى أن المخاوف في وايتهول تكمن في أنه إذا فشل الهجوم على المواقع النووية الإيرانية، فإن ذلك سيؤجج مطالب المتشددين الإيرانيين بتجاهل الضغوط الغربية والمضي قدما في بناء سلاح نووي.
كما حذر ثلاثة رؤساء سابقين لأجهزة الاستخبارات الغربية من أن الأزمة الحالية في الشرق الأوسط تزيد من احتمال امتلاك إيران سلاحا نوويا.
وأشارت الصحيفة إلى أن طبيعة الهجوم الإيراني أثارت القلق في العواصم الغربية، مضيفةً أن المملكة المتحدة كانت تدعو إلى “ضبط النفس من جميع الأطراف”.
رد إسرائيل المرتقب
قال الخبير العسكري المصري اللواء سمير فرج، حسب شبكة الأخبار الروسية RT، إن سيناريوهات المواجهة بين إسرائيل وإيران لا يمكن التكهن بها حاليا، وإن شكل المواجهة سيتحدد وفقا للرد الإسرائيلي المرتقب لو حدث.
وأضاف الخبير العسكري أن الرد الإسرائيلي على الضربات الصاروخية الإيرانية وارد بدرجة كبيرة إن لم يكن أكيدا، وسيحدد حجم هذه الضربة شكل المواجهة القادمة بين إيران وإسرائيل.
وأوضح أن الهجمات الإسرائيلية لو اقتصرت على غارات جوية أو ضربات صاروخية لبعض المناطق فسيكون الأمر عاديا، أما إذا طالت منشآت حيوية، مثل المفاعل النووي الإيراني، فسترد طهران، وهو ما سيؤدي إلى اشتعال المنطقة والدخول في حرب إقليمية.
وأكد أن أي حرب إقليمية بالمنطقة ستكون لها تبعات عديدة، وإن كانت الولايات المتحدة أعلنت أنها لن تشارك في أي هجوم إسرائيلي على إيران.
ونوه إلى أنه في كل الأحوال، الهدف الرئيسي هو القضاء على المفاعل النووي الإيراني الذي ترى إسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية أنه يشكل تهديدا لأمن إسرائيل، ويقف حائلا أمام مخططها بمنطقة الشرق الأوسط.