كتبت: رضوى أحمد
بعد تنفيذ قرار وقف إطلاق النار بين لبنان وإسرائيل يوم الأربعاء 27 نوفمبر/تشرین الثاني 2024، قامت جبهة تحرير الشام السورية بمهاجمة قوات بشار الأسد وسيطرت بالفعل على بعض المناطق، في عملية مباغتة للنظام السوري.
برز رد الفعل الإيراني، الذي عُرف عنه مناصرة بشار الأسد وحزب البعث منذ 13 عاما، ومع تحركات إيران الإقليمية لكبح تلك العمليات في سوريا تظل هناك علامات استفهام حول أسباب استماتة إيران في الدفاع عن بشار، البعض يقول إن الهدف هو عدم ترك الساحة السورية للتدخل الروسي والتركي -خصوصا أن تركيا منضمة إلى حلف الناتو تحت وطأة أمريكا- والبعض يقول غير ذلك.
في هذا التقرير نتناول تصريحات وتحركات إيران في هذا الشأن، وطرح بعض الأفكار حول أسباب دعم إيران للحكومة السورية.
قالت مصادر إيرانية لـ”زاد إيران”، إن بشار الأسد طلب من إيران أن تتدخل رسميا لإنقاذه، وكانت إيران قد قلصت وجودها العسكري بسوريا في الشهور الماضية؛ بسبب القصف الإسرائيلي المستمر على قواعد إيران العسكرية في سوريا.
وأشارت المصادر أيضا إلى أن حزب الله اللبناني قد قلص وجوده العسكري في سوريا بسبب سحب معظم قواته للاشتباك مع إسرائيل في جنوب لبنان، وكذلك استمرار إسرائيل في قصف قواعد حزب الله ومصانعه وأماكن تصنيع السلاح في سوريا.
تحركات الخارجية الإيرانية
على الجانب الإيراني صرح إسماعيل بقائي، المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية، صباح الأحد 1 ديسمبر/كانون الأول 2024، ردا على التطورات في سوريا خلال اليومين الماضيين، وحذر من عودة نشاط جبهة تحرير الشام السورية -الجماعات التي وصفها بقائي في تصريحه بـ”الإرهابية التكفيرية”- وفق ما نشرته وكالة أنباء ميزان الإيرانية، واعتبر تحركات تلك الجماعات جزءا من خطة إسرائيل وأمريكا لزعزعة استقرار المنطقة، وطلَب من دول المنطقة التنسيق لإحباطها.
وأشار إلى أن أطراف حلب وإدلب هي مناطق خفض التصعيد وفقا لاتفاقيات الدول الثلاث (إيران وتركيا وروسيا) الضامنة لاتفاقات أستانا -والتي بدأت عام 2017 وكان الغرض منها التفاوض على إنهاء الصراع السوري- واعتبر أن تلك العمليات تشكل انتهاكا صارخا لهذه الاتفاقيات.
وأكد مسؤولية المجتمع الدولي عن مكافحة هذه العمليات، كما عزّى في قتل سردار سرافراز كيومرث (هاشم) بورهاشمي، قائد أركان جيش إيران في ضواحي حلب؛ استمرارا لدعم إيران لحكومة سوريا لمواجهة الجماعات الخارجة عليها.
كما أعلن بقائي أن عباس عراقجي، وزير الخارجية الإيراني، سيتوجه الأحد 1 ديسمبر/كانون الأول 2024، إلى دمشق للتحدث مع السلطات السورية حول الأزمة، ويسافر من هناك إلى أنقرة، ثم إلى وجهته التالية.
بحسب وكالة أنباء إيرنا، قال عراقجي على هامش حفل إحياء ذكرى يوم البحرية يوم الأحد 1 ديسمبر/ كانون الأول 2024: “سأذهب اليوم إلى دمشق لأحمل رسالة إيران إلى الحكومة السورية، ونحن ندعم بقوةٍ الحكومة والجيش السوريين”.
وأضاف: “الجيش السوري سينتصر مرة أخرى على هذه الجماعات الإرهابية كما كان في السابق”.
تصريحات مرافق عراقجي
بالفعل قام عباس عراقجي، قبل ظهر الأحد 1 ديسمبر/كانون الأول 2024، بزيارة دمشق، ووفقا لوكالة أنباء إيرنا قال سيد علي موجاني، الدبلوماسي الذي رافق عراقجي في رحلته إلى دمشق، في منشور له على موقع التواصل الاجتماعي X: “في المطار سئل عراقجي: لماذا تريد الذهاب إلى سوريا؟ قال ببساطة: لتعويض الدعم السياسي والدبلوماسي لسوريا خلال ثماني سنوات من الدفاع المقدس، وإظهار أن الشعب الإيراني لن ينسى الأوقات الصعبة”.
وتابع موجاني في منشور آخر: “سئل عراقجي: ما هي رسالة الرحلة إلى سوريا في هذه الظروف الخاصة؟ وكان الجواب هو: إظهار إرادة إيران لجيرانها والمنطقة بأننا سنعارض أي تغيير في الحدود والتدخل والاحتلال الأجنبي وانتشار الإرهاب واستخدام العنف ضد الحكومات الوطنية والعدوان ضد الشعوب”.
وقبل زيارة عراقجي لسوريا كانت المحادثات الهاتفية الثنائية بين عراقجي ونظيريه السوري والروسي في الـ29 والـ30 من شهر نوفمبر/تشرين الثاني 2024 على الترتيب، وفيها ناقشوا الوضع المستجد في سوريا وضرورة التحالف والوقوف ضد هجمات الجماعات المعارضة لبشار الأسد، والتي وصفوها بأنها جماعات تكفيرية صهيونية مدعومة من أمريكا وإسرائيل، كما دعم كل الأطراف السيادة الوطنية لسوريا ودعم الحكومة السورية، وضرورة التنسيق بين إيران وروسيا وتركيا باعتبارها الدول الضامنة لقرارات أستانا.
تصريحات الرئيس الإيراني
وبعيدا عن الخارجية تحدث مسعود بزشكيان، الرئيس الإيراني، في الجلسة المغلقة المشتركة للبرلمان والحكومة في القاعة العامة للبرلمان صباح الأحد 1 ديسمبر/كانون الأول 2024، بحسب وكالة تسنيم للأنباء، وأشار إلى الوضع في سوريا قائلا: “يجب على الدول الإسلامية التدخل لمنع استغلال أمريكا وإسرائيل للصراعات الداخلية للدول ومنع استمرار هذه الأزمات”.
كما بحث بزشكيان في اليوم نفسه مع محمد شياع السوداني، رئيس الوزراء العراقي، التحركات الأخيرة لجبهة تحرير الشام والتي وصفها بالجماعات المتطرفة في شمال سوريا، خلال محادثة هاتفية مساء ذلك اليوم، بحسب وكالة أنباء إيرنا.
حيث دعا بزشكيان إلى الحفاظ على وحدة الأراضي السورية، وأضاف: “بينما كانت المنطقة تتجه نحو السلام النسبي بعد تنفيذ قرار وقف إطلاق النار في لبنان وتركزت الأنظار على غزة، خلقت الأحداث الأخيرة في سوريا مخاوف جدية على أمن المنطقة”.
كما تحدث عن استعداد إيران لأي تعاون لمواجهة هذه الجماعة من أجل الحفاظ على أمن المنطقة، وشدد على ضرورة تحالف الدول الإسلامية لمساعدة الحكومة السورية في التغلب على تلك الجماعات، وقال: “إن هذه الأحداث جزء من مخططات إسرائيل الشريرة لإثارة انعدام الأمن والصراع داخل الدول الإسلامية، لذا من الضروري اصطفاف جهود الأمة الإسلامية لمنع انتشار الاتجاهات الإرهابية في العالم الإسلامي” (كما يصفها بزشكيان).
أهمية سوريا بالنسبة لإيران
يعتبر السبب وراء قيام إيران بتحركات في المنطقة للسيطرة على العمليات في سوريا هو أهمية سوريا الجيوسياسية بالنسبة لإيران، حيث قالت مصادر لـ”زاد إيران”: “إن الجبهة السورية تعتبر إحدى جبهات مقاومة الاحتلال الإسرائيلي وأمريكا، كما أنها شريان تسليح حزب الله في لبنان، وكذلك نقل السلاح إلى الضفة الغربية عبر الأردن، وترغب إيران في اقتناص الفرصة بأي لحظة لاستغلال الأراضي السورية لتوجيه ضربة لإسرائيل، خصوصاً أنها تتأهب لعملية (الوعد الصادق3)”.
وبحسب تقرير همشهري، تعتبر إيران أن الهدف الرئيس من عمليات جبهة أحرار الشام هو إنشاء خط حاجز من شمال إلى جنوب سوريا (من إدلب إلى دمشق) لقطع الاتصال بين العراق والحكومة السورية ونقل الأسلحة لحزب الله اللبناني كما قطع الاتصال مع حماس.