كتب: محمد بركات
منذ بداية منافسات الجولة الرابعة عشرة للانتخابات الرئاسية، كان ملف دعم سوق رأس المال، نوعاً من الأسواق تجمع وتركز عرض وطلب الأموال لأجل طويل، والبورصة من الملفات الهامة التي حظيت باهتمام الناخبين، وقد أكد أهميتها بعض المرشحين ومستشاريهم أيضاّ. واليوم، وبعدما نجح أحد هؤلاء المرشحين في قيادة دفة الحكومة، لا يزال هو والمعنيون بشأن البورصة وسوق رأس المال في الحكومة يؤكدون هذا الأمر. ومن بين أهم تلك التأكيدات جاء تأكيد وزير الاقتصاد الإيراني خلال لقاء في التلفزيون الرسمي والذي ذكر أهم العوامل المؤثرة في الاقتصاد وسوق الأسهم، لتشهد أسواق المال في الأيام اللاحقة لتصريحاته، خروج الأموال من صناديق الدخل الثابت إلى الاستثمار في البورصة، الأمر الذي يعتبر مؤشراً مهماً نسبياً على زيادة الإقبال على سوق الأسهم، ولكن، وفي الوقت نفسه، تسأل كثيراً من المحللون عن قدرة الحكومة على تنفيذ وعودها في ظل ما تشهده البلاد من أزمات وعقوبات.
أبعاد التحسن:
فوفقاً لتقرير نشرته صحيفة دنياي اقتصاد الإيرانية بتاريخ الثالث من سبتمبر/أيلول لعام 2024، فمنذ نهاية عهد الحكومة السابقة، وبداية عمل الحكومة الجديدة، يلاحظ وجود تحسن تدريجي في عدة جوانب تؤثر بعمق على سوق رأس المال، والتي سيتم استعراضها فيما يلي. ويأمل المستثمرون أن يستمر هذا التحسن حتى يصل إلى النقطة المثلى والتوازن الحقيقي، وأن يتم تنفيذ آلية تضمن عدم الخروج مجدداً عن مسار التوازن في المستقبل بشكل قسري.
معدل الفائدة البنكية ومعدل سندات الدخل الثابت:
يعد انخفاض جاذبية سوق رأس المال بسبب ارتفاع معدلات الفائدة وزيادة التكاليف المالية، مما يعني انخفاض هامش الربح، للشركات المدرجة في البورصة من أكثر العوامل المثيرة للقلق التي تؤثر على سوق رأس المال، خاصة منذ أواخر الشتاء الماضي عندما تم إطلاق خطة لمنح عائد بنسبة 30% والتي كانت على ما يبدو بهدف جمع السيولة من السوق من قبل البنك المركزي. وفي الأسابيع الأخيرة، تحسنت الأوضاع، ومع تدخل البنك المركزي لوقف نشاط شركات الوساطة في تقديم خدمات البطاقات الخاصة بها والتي كانت تمنح عوائد أعلى من الفوائد البنكية، تزايدت هذه الأوضاع في التحسن. كما أن الارتفاع السريع في أسعار السندات في السوق ناتج عن بداية مسار خفض تدريجي لمعدل الفائدة، وهو العامل الأول الذي يؤثر على كل سهم بشكل منفصل، لذا يمكن اعتباره أهم العوامل الداخلية والاقتصادية التي تؤثر على سوق رأس المال.
الفجوة بين سعر الدولار الرسمي وسعره بالسوق الحر:
عكس معدل الفائدة الذي يؤثر سلباً بشكل مباشر وغير مباشر على كل سهم في السوق من حيث الربحية والأسعار، فإن الفجوة بين سعر الدولار الرسمي وسعره بالسوق الحر، وعلى الرغم من تأثيره السلبي العام على السوق، فإنها تؤثر بشكل مختلف على الأسهم والصناعات المختلفة. لذا، تأتي بعد معدل الفائدة من حيث الأهمية في الوقت الحاضر.
التحديات القائمة والمتزايدة:
في بعض المجالات، يكون عمل الحكومة أصعب ويتطلب إنفاق الوقت والمال، ولذلك، فمن المؤكد أن السوق ستتعامل بحذر أكبر مع وعود الحكومة في هذه المجالات، ولن تُخصِّص قيمة إضافية للأسهم بناءً على ذلك على الفور.
البنية التحتية المتآكلة:
أدى التراجع الكبير في الإيرادات النفطية على مدى أكثر من عقد من الزمان وزيادة التكاليف المرتبطة بمواصلة السياسات الدولية للبلاد، خاصة في ما يتعلق بأمريكا وإسرائيل وظروف العداء المتزايدة، إلى عدم توافر ميزانية كافية للمشاريع العمرانية والبنية التحتية الجديدة، هذا في وقت نحتاج فيه إلى تنمية وتطوير البنية التحتية للحفاظ على الوضع القائم بالنظر إلى النمو السكاني. في الواقع، على الرغم من الحاجة إلى تطوير البنية التحتية، فإن هذا التطوير لم يحدث، بل إن البنية التحتية السابقة تزداد تآكلًا يومًا بعد يوم.
أنظمة الطاقة:
على الرغم من أن موضوع أنظمة الطاقة يُطرح بشكل منفصل، فإن الجزء الأكبر من هذه الأزمة في قطاع حوامل الطاقة مرتبط بالأزمة في مجال البنية التحتية وعدم الاستثمار في استبدال المنشآت المتآكلة. فانقطاع التيار الكهربائي في الصيف وانقطاع الغاز في الشتاء يقضيان على جزء كبير من أرباح الصناعات التي تستهلك الطاقة بشكل كبير ويكونان بمثابة عامل تثبيط لعدم دخول المستثمرين في هذا المجال وعدم تنفيذ المشاريع التنموية من قبل الشركات النشطة.
الغموض الدولي:
على المستوى الدولي، أصبح الوضع أكثر تعقيداً مقارنةً بالمجال الداخلي؛ ففي الداخل، بعض التحديات تتحسن وأخرى يمكن أن تتحسن على المدى القصير بصعوبة، لكن على المستوى الدولي لا توجد رؤية واضحة. فعلى الرغم من أن نهج الحكومة الجديدة وبعض الإشارات من السلطة تُظهر تقارب المتشددين من المحافظين وتقليل العراقيل في طريق التفاعل مع أوروبا وأمريكا، فإن هشاشة الأوضاع في الشرق الأوسط من جهة وحرب أوكرانيا من جهة أخرى، تجعلان من الممكن أن تؤدي الأحداث والتطورات غير المتوقعة إلى تغيير العديد من المعادلات، على الرغم من الثقة ببدء مسار إيجابي.
عودة التوازن إلى آليات سوق رأس المال:
تقييد نطاق التذبذب في الأسهم:
إن تقييد التذبذب الإيجابي والسلبي بنسبة تبلغ 2% يعد إشارة سلبية للمستثمرين المحتملين والحاليين، فإضافة إلى أنه يمنع تحقيق التوازن في السوق. ولا يمكن قياس التأثير الحقيقي لإجراءات الحكومة وردّ الفعل الحقيقي للسوق تجاه تصريحات وقرارات المسؤولين إلا بعد رفع هذه القيود وتفريغ جميع الضغوط وحالات عدم التوازن من السوق.
الشركات القانونية، والصناديق، والقيود على التداول:
تعتبر الصناديق اليوم أهم وأكثر أنواع الشركات القانونية نشاطاً في سوق رأس المال، ويمكن أن يؤدي الإشراف غير المناسب عليها والتعليمات غير الملائمة التي تحكم أداءها وتركيبة أصولها إلى انحراف السوق عن مساره الصحيح. فينبغي أن يكون أحد إجراءات الحكومة هو التشاور مع المستثمرين في السوق وإعادة النظر في النهج الحكومي المتعلق بالصناديق.
مسألة أسهم العدالة:
إن الكمية الضخمة من أسهم العدالة، وهو نوع من الإعانات يتم توزيعه على المستفيدين من خلال الشركات التعاونية، التي بحوزة الناس والمستثمرين في السوق، والتي لا يمكن تداولها بسبب إغلاق رموزها لعدة سنوات، تمثل واحدة من المجالات التي يمكن أن يؤدي حل مشكلتها إلى زيادة ثقة المستثمرين بالفريق الاقتصادي الجديد.