كتبت: لمياء شرف
تحقق الولايات المتحدة الأمريكية في تسريب وثائق سرية تتعلق بخطط إسرائيل لمهاجمة إيران، وصرح مسؤولون أمريكيون بأن الوثائق تبدو شرعية.
تم نشر الوثائق، التي تم تصنيفها على أنها “سرية للغاية”، على تطبيق المراسلة “تليغرام” وتم الإبلاغ عنها لأول مرة من قبل “سي إن إن” و”أكسيوس”.
وتحدث مسؤولون أمريكيون لصحيفة الغارديان البريطانية، بشرط عدم الكشف عن هويتهم؛ لأنهم لم يُصرح لهم بمناقشة الأمر علنا.
وذكر أحد المسؤولين أن التحقيق يشمل كيفية الحصول على الوثائق، وضمن ذلك ما إذا كان التسريب متعمدا من قبل أحد أعضاء مجتمع الاستخبارات الأمريكي أو تم الوصول إليها بطرق أخرى، مثل القرصنة، وأيضا إذا ما كانت معلومات استخباراتية أخرى قد تعرضت للتسريب.
وكجزء من التحقيق، يعمل المسؤولون على تحديد من كان له حق الوصول إلى الوثائق قبل نشرها، حيث ظهرت الوثائق على الإنترنت يوم الجمعة 18 أكتوبر/تشرين الأول، عبر قناة على “تليغرام” تُعرف بأن مقرها في طهران.
وعلى الطرف الآخر، لم ترد القوات الإسرائيلية، على الفور، على طلب التعليق على تسريب الوثيقتين.
ووصف رئيس مجلس النواب الأمريكي، مايك جونسون، في تصريحاته لقناة “سي إن إن”، التسريب بأنه مقلق للغاية، بينما قال النائب الجمهوري “من لويزيانا”: “هناك اتهامات خطيرة تُطرح هنا، والتحقيق جارٍ، وسأتلقى إحاطة حول الموضوع في غضون ساعات قليلة”، وأكد مسؤول أمريكي لوكالة “أسوشيتيد برس” أن الوثائق المعنية تبدو شرعية.
وتُنسب الوثائق المسربة إلى وكالة الاستخبارات الجغرافية المكانية الأمريكية ووكالة الأمن القومي، إضافة أنها مكتوبة بأسلوب مشابه للوثائق التي سُربت سابقا من البنتاغون، كما تستخدم تصنيفات مألوفة لدى مجتمع الأمن القومي.
ويحمل المستند الأول عنوان “إسرائيل: سلاح الجو يواصل الاستعدادات لضربة على إيران ويجري تمرين توظيف قوة كبير للمرة الثانية”، بينما جاء عنوان المستند الثاني “إسرائيل: قوات الدفاع تواصل الاستعدادات الأساسية للذخائر والنشاط السري للطائرات بدون طيار، من المؤكد تقريبا أنها لضربة على إيران”، ويرجع تأريخ الوثيقتين إلى 16 أكتوبر/تشرين الأول.
وتشير الوثائق بشكل عام إلى أن إسرائيل كانت لا تزال تضع الأصول العسكرية في مواقعها حتى منتصف الأسبوع الماضي لتنفيذ ضربة عسكرية ردا على هجوم إيران الصاروخي الباليستي في 1 أكتوبر/تشرين الأول.
واستنادا إلى المراقبة من خلال صور الأقمار الصناعية ووسائل الاستخبارات الجغرافية المكانية الأخرى، تركز الوثائق على التحضيرات الإسرائيلية المتعلقة بالصواريخ الباليستية التي تُطلق جوا، وطائرات التزويد بالوقود، والمراقبة السرية بواسطة الطائرات بدون طيار لمسافات طويلة في إيران وأماكن أخرى في الشرق الأوسط.
ويشير ذلك إلى أن إسرائيل كانت تخطط لرد باستخدام صواريخ بعيدة المدى على هجوم إيران، وُصفت في مرحلة معينة بأنها مشابهة للضربات بعيدة المدى التي نفذتها ضد الحوثيين في اليمن في 29 سبتمبر/أيلول.
ويبدو أن الوثائق تعكس جهودا من الولايات المتحدة وشركائها المقربين لمراقبة خطط إسرائيل لضرب إيران بشكل مستقل، دون التنبؤ بحجم العملية أو نطاقها. ولم تذكر الوثائق أي أهداف محتملة في إيران.
ويُعتقد أن الوثيقتين تمثلان لمحة مؤقتة عن وضع معين، ومن المحتمل أن تكونا نتيجة مراقبة مستمرة.
وتذكر الوثائق أنه لا يوجد دليل على أن إسرائيل تخطط لاستخدام سلاح نووي، بينما تشير إلى استعدادات لاستخدام صواريخ بعيدة المدى من طراز “روكس”، التي تصنعها شركة “رافائيل” الإسرائيلية، والمصممة لتدمير الأهداف فوق الأرض وتحتها. كما تم ذكر نظام باليستي آخر يسمى “جولدن هورزو” ، لكن لا يوجد نظام معروف علنا بهذا الاسم.
تكهنت وسائل الإعلام الإسرائيلية بأن ذلك قد يشير إلى صواريخ “بلو سبارو”، التي يبلغ مداها نحو 1200 ميل (2000 كيلومتر)، ويُعتقد أنه تم استخدامها في الضربة المحدودة ضد إيران في أبريل/نيسان ردا على هجوم سابق من طهران.
وتُبقي إسرائيل بعض عناصر برنامج صواريخها بعيدة المدى سرية؛ لتجنب تمكين أعدائها من التعرف الكامل على قدراتها.
وتُوصف العديد من العناصر في الوثيقتين بأنها قابلة للمشاركة داخل شبكة “العيون الخمس” الاستخباراتية التي تضم الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وكندا ونيوزيلندا وأستراليا. بينما توصف بعض العناصر الأخرى بأنها قابلة للمشاركة فقط بين الولايات المتحدة والمملكة المتحدة.
وفي سياق متصل، سبق أن دعت الولايات المتحدة إسرائيل إلى استغلال فرصة مقتل قائد حماس، يحيى السنوار، والعمل على وقف إطلاق النار في غزة، كما حذرتها بشدة من توسيع العمليات العسكرية في شمال لبنان، مما قد يؤدي إلى اندلاع حرب إقليمية أوسع.
ومع ذلك، أكدت القيادة الإسرائيلية مرارا أنها لن تترك الهجوم الصاروخي الإيراني بلا رد.
وأعلنت وزارة الدفاع الأمريكية أنها على علم بالتقارير المتعلقة بالوثائق، لكنها لم تقدم تعليقا إضافيا. وأفاد مايك جونسون، رئيس مجلس النواب، بأنه تحدث مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وشجعه، وأكد أنه سيتم عقد إحاطة على مستوى سري.
وتتشابه إحدى الوثيقتين مع مواد أخرى تم تسريبها سابقا من وكالة الاستخبارات الجغرافية المكانية الأمريكية بواسطة جاك تيشيرا، الحارس في الحرس الوطني الجوي الذي اعترف بتسريب وثائق عسكرية سرية للغاية تتعلق بالحرب الروسية على أوكرانيا وأسرار الأمن القومي الأخرى.