كتب: محمد بركات
ناقش البرلمان الإيراني في جلسته التي عقدت الأحد 16 فبراير/شباط 2025، مشروع قانون ينص على فصل وزارة الطرق والإسكان إلى وزارتين وهما وزارة الطرق والنقل ووزارة الإسكان، ورغم طرح المشروع بصفة عاجلة للمناقشة العلنية، فقد واجه المقترح معارضة أغلبية النواب، حيث رفضه 153 نائبا مقابل 106 نواب مؤيدين، بينما امتنع نائبان عن التصويت، ما أدى إلى عدم إقراره.
جدير بالذكر أن النواب وخلال الجلسة البرلمانية التي عقدت في 7 يناير/كانون الثاني 2025، كانوا قد وافقوا على مناقشة المشروع بشكل عاجل، ثم أُحيل إلى لجنة الإعمار لدراسة التفاصيل، في حين وافقت اللجنة في الأسابيع الأخيرة على المبادئ العامة والتفاصيل، كذلك تجدر الإشارة إلى أن لجنتي الإعمار والشؤون الاجتماعية بالبرلمان، وباعتبارهما لجنتين متخصصتين، كانتا قد أيدتا الفصل.
هذا ولم تكن تلك المرة الأولى التي يطرح فيها قانون هذا المشروع، إذ سبق أن نوقش هذا القانون خلال الدورة البرلمانية الحادية عشرة، التي كانت تحت رئاسة محمد باقر قاليباف رئيس البرلمان الحالي، لكنه لم يصل إلى نتيجة، ومع بدء أعمال الدورة الثانية عشرة، أعيد طرحه بسبب التحديات الإدارية والتخصصية التي تواجه الوزارة لكنه لم يصل إلى نتيجة.
معارضو المشروع: لا جدوى منه وإهدار للمال والوقت
قوبل هذا المشروع بالعديد من الأصوات المعارضة، كان على رأسها الحكومة نفسها، حيث أبلغ محمد رضا عارف، النائب الأول لرئيس الجمهورية الإيراني، البرلمان أن مجلس الوزراء رفض الاقتراح، مؤكدا أنه لا يتماشى مع سياسات الحكومة في تقليل النفقات الإدارية والتركيز على القضايا الاقتصادية.
في المقابل، فقد أعلن علاء الدين رفيع زاده، رئيس منظمة الإدارة والتوظيف، أن إنشاء وزارة جديدة سيتطلب نحو 5000 وظيفة إدارية، ما يكلف الحكومة نحو 400 مليون تومان سنويا لكل وظيفة، أي ما يعادل 20 مليار ريال سنويا على الأقل، ما يعادل 42 ألف دولار تقريبا، كما أشار إلى أن تنفيذ الفصل سيستغرق مدة تصل إلى عامين أو أكثر، مؤكدا أن الحل لا يكمن في الفصل، بل في تحسين كفاءة الإدارة الحالية.
ومن ناحية النواب، فقد أعرب رضا حاجي بور، نائب مدينة آمل، عن معارضته للفصل، مشيرا إلى أن ذلك سيترتب عليه تكاليف باهظة تتحملها الحكومة، كما أنه يتعارض مع السياسات العامة للإدارة الوطنية، وأضاف أن إيران تواجه أزمات اقتصادية، ومن الأفضل توجيه الموارد نحو حل المشكلات المعيشية، خصوصا مع اقتراب عيد النوروز، عيد رأس السنة الإيرانية وواحد من أهم المناسبات القومية للشعب الإيراني.
من جانبه حذر سالار مرادي، نائب مدينة سنندج، من أن فصل الوزارة قد يؤدي إلى إهمال مشاريع الإسكان الوطني وتأخير تنفيذها، مؤكدا أن البلاد تواجه قضايا أكثر إلحاحا، مثل تحسين شبكات الطرق الريفية والرئيسية وتطوير قطاع النقل الجوي.
كذلك، فقد اعتبر مصطفى معيني آراني، نائب كاشان، أن المشروع سيسبب إهدار الوقت والطاقة، وسيؤدي إلى فوضى في تنفيذ مشروع النهضة الوطنية للإسكان، أحد المشاريع القومية الإيرانية التي تهدف إلى حل أزمة السكن، مما قد يثير استياء المواطنين. كما شدد على أن إنشاء وزارة جديدة يتطلب ميزانية ضخمة، وقد يؤدي إلى ازدواجية إدارية وتعقيد الإجراءات البيروقراطية.
أيضا فقد عارض مسلم صالحي، نائب أقليد، المشروع مشيرا إلى أن دمج الوزارتين في عام 2011 كان يهدف إلى تقليل البيروقراطية، ورغم أن التجربة لم تكن ناجحة، فإن الحل لا يكمن في الفصل، بل في تقليل تدخل الحكومة في إدارة قطاع الإسكان. كما حذر من أن الفصل قد يؤدي إلى فقدان الميزانيات المخصصة للمشاريع العمرانية.
مؤيدو المشروع: توزيع المهام في الصالح العام للدولة
وعلى الجانب الآخر، فقد أيد مالك شريعت، نائب مدينة طهران، قانون الفصل، مشيرا إلى أن قطاع الإسكان يشكل أولوية قصوى للمواطنين، وأن وزارة الطرق والإسكان تتحمل عبئا إداريا هائلا لا يستطيع وزير واحد إدارته بكفاءة.
كذلك فقد دعم مجتبي يوسفي، عضو هيئة رئاسة البرلمان، مشروع قانون الفصل، مشيرا إلى أن وزارة الطرق والإسكان تدير 34 مؤسسة فرعية، وهو ما يجعل إدارتها من قبل وزير واحد أمرا غير عملي، مضيفا أن مشاكل قطاع النقل لا تحظى بالمتابعة الكافية، واستشهد بحوادث الطرق الأخيرة التي أودت بحياة آلاف الأشخاص، اخرهم كان الحادث المروري الذي وقع في كرمان.
وأضاف يوسفي أن المؤسسات المختلفة في المحافظات، مثل هيئة الموانئ، وسلطة الطيران المدني، وإدارة الطرق، تعمل بشكل مستقل، مما يجعل الوزارة غير قادرة على تحمل المسؤولية الكاملة عن هذه القطاعات.
كما أشار النائب عن مدينة الأهواز إلى أن نحو 38 دولة، وضمن ذلك روسيا والصين، قد أنشأت وزارة مستقلة للسكك الحديدية، ما أدى إلى نجاحات كبيرة في قطاع النقل، مؤكدا أن القضية ليست فيمن سيتولى الوزارة، بل في ضرورة إعادة هيكلة القطاع لضمان كفاءة إدارته.
ومن جانبه، أكد مهرداد جودرزوند، نائب مدينة رودبار، أن على البرلمان تصميم نظام إداري فعال، مشيرا إلى أن وزارة الطرق والإسكان لم تتمكن من معالجة مشاكل الإسكان في المحافظات والمدن، ما يجعل الفصل ضرورة حتمية.
أما محمد رضا رضائي كوتشي، رئيس لجنة الإعمار بالبرلمان، فأكد أن مقترح الفصل لا يتعلق بالحكومة الحالية، بل كان قد طُرح خلال حكومة الرئيس السابق إبراهيم رئيسي، حيث طلب حينها مهلة 6 أشهر لتنفيذه، وأضاف أن المشروع لا يتطلب ميزانية إضافية، ولن يسبب أي زيادة في عدد المباني أو الموظفين، بل يمكن إنجازه في غضون ثلاثة أشهر فقط.
كذلك، فقد أشار سيد منان رئيسي، عضو لجنة الإعمار، إلى أن تكلفة الإسكان باتت عبئا ثقيلا على الأسر الإيرانية، حيث تستحوذ على نحو 50% من نفقات المعيشة، وتصل في طهران إلى 55%، مضيفا أن إدارة الأراضي بشكل فعال يمكن أن تحل جزءا كبيرا من المشكلة، لكن الوزارة الحالية تفتقر إلى التركيز والقدرة على تحقيق ذلك.