كتبت/ يسرا شمندي
يعد التخطيط لبناء ممر “زانجيزور” من مميزات الاتصال بين تركيا والشعوب التركية في آسيا الوسطى والقوقاز، ولكن تعتقد إيران أنه مع بناء هذا الممر، ستخسر طريقها البديل إلى أوروبا، وتصبح معتمدة على أذربيجان وتركيا، وستفقد أهمية عبورها تجاه هذين البلدين.
فوفقاً لتقرير نشره موقعخبر آنلاين بتاريخ 30 أغسطس/آب: “من أهم طرق النقل البري هو ممر “زانجيزور” الذي يربط جمهورية أذربيجان بروسيا وتركيا عبر أرمينيا ويوفر الأساس لربط آسيا وأوروبا والشرق الأوسط ببعضها البعض. وتابع: “ممر “زانجيزور” هو ممر سيتيح لأذربيجان الوصول دون عوائق إلى أرمينيا عبر مقاطعة “سيونيك” دون تفتيش. وسيؤدي هذا إلى قطع الحدود بين إيران وأرمينيا بشكل دائم. لذلك، يعتبر “زانجيزور” ممرًا جيوسياسيًا يستثني مقاطعة أذربيجان الشرقية في إيران من طريق العبور من تركيا إلى باكو”.
والنقطة المهمة هنا تأتي: بعد أن أكد المرشد الأعلى في الاجتماع المنفصل بين الرئيس الروسي بوتين والرئيس التركي أردوغان أن إيران ستعارض التغييرات الجيوسياسية في القوقاز، وشدد المسؤولون في إيران مرارا وتكرارا على الخطوط الحمراء في هذا الصدد.
والجدير بالذكر أن بعض المراقبين السياسيين “الإيرانيين” قالوا: إن إصرار باكو على إنشاء ممر “زانجيزور” على الحدود مع إيران وتعاونها مع إسرائيل أثار قلق طهران، لدرجة أنه إذا كانت أذربيجان تنوي إجراء تغييرات حدودية، وتخطط للانحراف عن الخطوط الحمراء الإيرانية، فإنها ستواجه رد فعل قويًا من إيران. وعلاوة على ذلك، فإن سياسة إيران في القوقاز لا تقوم على الانحياز إلى أرمينيا وأذربيجان، بل تستند سياسة إيران إلى مصالحها الوطنية وأمنها، لأن بناء مثل هذا الممر سيؤثر على اتصالات إيران وأهميتها الجيوسياسية لتركيا وجمهورية أذربيجان وسيشكل أيضًا تحديًا للمزايا الجيواستراتيجية الإيرانية ليس فقط في المنطقة ولكن أيضًا على المستوى العالمي.
وفي هذا السياق تتعارض إجراءات باكو لبناء ممر “زانجيزور” مع المصالح الوطنية الإيرانية.
أما على الجانب الآخر فإن مسؤولي باكو في “أذربيجان” صرَّحوا: بأن أهمية هذا الممر على المستوى المحلي ومساهمته الدافعة في تنمية الاقتصاد المحلي هي بالنسبة للبلدان التي ستمر عبر أراضيها فقط، وبهذه الطريقة، من المفترض أن يتصل ممر “زانجيزور” بالمناطق الجنوبية الغربية لجمهورية أذربيجان.
وبالنسبة لخبراء العلاقات الدولية فقد ذكروا: إن منطقة جنوب القوقاز تلعب دورًا بارزًا في المحور الجيوستراتيجي والجيواقتصادي لأوراسيا. لطالما كانت هذه المنطقة مجالًا لحضارة إيران وشهدت تطورات مختلفة في فترات تاريخية مختلفة، وهي الآن تقع كمنطقة عازلة مهمة بين البحرين القاسمين البحر الأسود وبحر قزوين، ولعبت دورًا مهمًا للغاية في نقل الطاقة والسلام والاستقرار والتوازن الإقليمي.
ويضيف التقرير: لا يوجد أساس قانوني لهذا الممر في اتفاقية 2020، ولا توجد حاجة لمثل هذا الممر على الرغم من الاتصال بين جمهورية أذربيجان وناخيشيفان من الأراضي الإيرانية. ومع ذلك، يعتقد المراقبون السياسيون أن الممر الطوراني لحلف الناتو هو جزء من خطة الناتو التي تركز على المملكة المتحدة لمنع الانتقال إلى نظام عالمي جديد يركز على إيران وروسيا والصين. لهذا السبب، يحاولون الاستفادة من التراجع النسبي للسلطة القوقازية الروسية بسبب الحرب في أوكرانيا لإنشاء هذا البرنامج الجيوسياسي القائم على فكرة الطورانية البريطانية التي يبلغ عمرها 200 عام.
وفي النهاية يجدر الإشارة إلى أنه اتفق مسؤولو إيران على أنهم لن يسمحوا ببناء هذا الممر بمعنى منح الأراضي لأذربيجان وقطع الحدود بين إيران وأرمينيا. وإذا كانت روسيا وجمهورية أذربيجان على دراية بذكائهما في فهم السياسة الداخلية الإيرانية، فإنهما ستجدان أن الانتخابات الرئاسية الأخيرة في إيران قد عززت قوة إيران الداخلية، وأن تصور تغيير حدود إيران هو خط أحمر وطني بغض النظر عن القضايا السياسية في إيران، مما يؤدي إلى دعم غالبية الشعب للقوات المسلحة والجهاز الدبلوماسي لإيران.