ترجمة: يسرا شمندي
تواجه حكومة الرئيس الإيراني مسعود بزشكیان تحديات كبيرة منذ توليها السلطة، حيث تعرضت لانتقادات واسعة من شخصيات دينية وسياسية كانت تدعمها سابقًا. وفي الوقت الذي تسعى فيه الحكومة لتحقيق التغييرات الموعودة في المجالات الاجتماعية والاقتصادية، تتصاعد الهجمات عليها بسبب القرارات المتعلقة بالحظر وقانون العفة والحجاب. وتعكس هذه الانتقادات واقعًا سياسيًا معقدًا، حيث يتأرجح الدعم الشعبي بين التأييد والرفض.
وفقاً لتقرير نشرته وكالة أنباء خبر أونلاين بتاريخ 7 يناير/كانون الثاني 2025، فقد أثارت الانفتاحات الاجتماعية التي شهدتها الحكومة الرابعة عشرة، مثل رفع الحظر عن “متجر جوجل بلاي” و”واتساب”، وتعليق تنفيذ قانون العفة والحجاب، إضافةً إلى إمكانية التفاوض مع الولايات المتحدة، ردود فعل غاضبة من بعض الشخصيات المؤثرة التي كان يُفترض بها دعم الشعب.
ذكرت الوكالة أنه لم يمضِِ بعد على عمر حكومة “بزشكیان” ستة أشهر، لكن الهجمات على الحكومة وشخص “مسعود بزشكیان” في تزايد مستمر. وتسعى حكومة “بزشكیان” جاهدة لتحقيق وعودها، مثل رفع الحظر، وحل قضية مجموعة العمل المالي، ورفع العقوبات، وتعطيل تنفيذ قانون العفة والحجاب، بهدف معالجة الأزمات الاقتصادية، والاجتماعية، والسياسية. ومع ذلك، يبدو أن حل هذه القضايا ليس بالأمر السهل، وهو ما لم يلقَ استحسان المنتقدين الذين استغلوا كل منصة لتحويلها إلى فرصة لمهاجمة الحكومة وانتقادها.
وأضافت الوكالة أن أولئك الذين التزموا الصمت طوال سنوات الحكومة السابقة، بدأوا اليوم في توجيه انتقادات حادة ضد الحكومة الحالية، إذ أثارت جهود بزشكيان لتحقيق وعوده استياءهم. فهؤلاء الأشخاص الذين كانوا يعزون الركود الاقتصادي في الحكومة الثالثة عشرة إلى العقوبات الأمريكية، يحمّلون الآن الحكومة الحالية مسؤولية الأزمة الاقتصادية الراهنة. وعلى الرغم من صمتهم تجاه موضوع الحجب والحجاب خلال الأشهر الستة الأولى من عمر الحكومة الثالثة عشرة، فإنهم يرون أن إلغاء القيود وتعليق تطبيق قانون العفة والحجاب يمثل نقطة سوداء في تاريخ الحكومة الرابعة عشرة.
تفاعل أئمة الجمعة مع “بزشكیان” و”رئیسی”
أوضحت الوكالة أنه في الأيام الأولى الحكومة الثالثة عشرة استغلوا كل فرصة لمهاجمة حكومة روحاني، السابقة عليها، وانتقادها. وعند مواجهة أي تقصير أو نقص، كانوا يسارعون إلى إلقاء اللوم على الحكومة السابقة، إن هذا النهج كان واضحًا أيضًا في تصريحات أئمة الجمعة، حيث كانوا يتجاهلون المشكلات الاقتصادية والاجتماعية في عهد الحكومة الحالية، أو يحملون حكومة روحاني مسؤولية جميع الأحداث.
وأشارت إلى أن حكومة بزشكیان حاولت منذ توليها أن تتصرف بشكل مغاير لهذا النهج، بهدف معالجة المشكلات وتحقيق الوعود التي تعهدت بها. مع ذلك، فإن الانفتاحات التي ظهرت في المجالات الاجتماعية، مثل رفع الحظر عن متجر جوجل وواتساب، وتعطيل تنفيذ قانون الحجاب والعفة، بالإضافة إلى التكهنات بشأن التفاوض مع الولايات المتحدة في ظل الحكومة الرابعة عشرة، قد جعلت هذه الفئة في حالة من القلق وعدم الرضا.
وذكرت أن من بين هذه الشخصيات، إمام جمعة مشهد أحمد علم الهدى، الذي كان قد التزم الصمت طيلة ثلاث سنوات من رئاسة صهره إبراهيم رئيسي، ولكنه أصبح اليوم من أبرز منتقدي الحكومة الحالية في قصر الرئاسة. وفي صلاة الجمعة بتاريخ 29 نوفمبر/تشرين الثاني 2024، قال: “هم يريدون التفاوض مع الأوروبيين، فما الهدف من ذلك؟ هل من أجل بيان صادر عن مجلس الحكام تريدون التفاوض؟ إذا كان السبب هو المشاكل الاقتصادية، فالحكومة السابقة أظهرت أن التصدي للمشاكل الاقتصادية لا يكون بالمصافحة مع العدو.
وأضافت تصرح علم الهدى مؤخرًا في جزء من حديثه مع صحيفة خراسان قائلاً: “أصبحت مشاكلنا اليوم معقدة بالفعل، وأيًا كان ما نقوله، لا أحد يهتم بالتمييز بين الأمور. فنحن لا نواجه مشكلة مع الناس بشأن الحجاب. ولكن النقطة المهمة هي أن بعض الأشخاص حولوا خصوصيتهم إلى العلن. هذه هي قضيتنا”.
وبينت أن إمام جمعة كرج محمد مهدي حسيني همداني انتقد الحكومة الحالية عدة مرات بشأن رفع الحظر وقرارات الحكومة. وقال في صلاة الجمعة بتاريخ 3 يناير/كانون الثاني 2025: “إن الطريقة الوحيدة للحفاظ على الحجاب من الناحية الشرعية والعقلية والاجتماعية هي تنفيذ القانون، والتأجيل في تنفيذه يؤدي إلى أضرار. وللأسف، لا يتم تنفيذ القانون الجديد، كما أن القانون السابق لا يُنفذ أيضًا. إن هؤلاء الذين يؤجلون تنفيذ القانون يعلمون بمخططات العدو الشريرة ويجب أن يتحملوا المسؤولية اليوم وغدا”.
وذكرت قوله مؤخرًا: “إن بعض الأشخاص يودون أن تكون هذه الفضاءات متاحة للجميع دون أي رقابة. ويجب فحص كيفية التعامل مع هذا الأمر، ومعرفة من هم الذين يسعون لجعل هذه الفضاءات دون رقابة. كما يجب ألا يتم تمهيد الطريق لإرضاء أولئك الذين لا يعيرون أهمية لأمن البلاد”.
لكن في الحكومة الثالثة عشر، دعم العديد من قرارات الحكومة، حيث قال في 10 ديسمبر/كانون الأول عام 2021 بشأن قرارات فريق المفاوضات التابع لرئيسي: “أن فريق المفاوضات النووية متمسك بمواقفه حول رفع العقوبات الجائرة التي تتناقض مع القرار، بالإضافة إلى الحصول على الضمانات اللازمة. والتحقق من صحة هذه الضمانات يعتبر أحد مطالب الفريق”.
وأضافت تحذير إمام جمعة قزوين عبد الكريم عابديني، في خطبته لصلاة الجمعة بتاريخ 27 ديسمبر/كانون الأول 2024، من رفع الحظر، وأكد ضرورة إغلاق طرق نفوذ العدو.
وأشارت إلى أن إمام جمعة أصفهان وأحد منتقدي الحكومة أبو الحسن مهدوي، حذر رئيس الجمهورية في يوليو/تموز 2024 قائلاً: “يجب على الرئيس المنتخب تشكيل حكومته من أشخاص يتمتعون بروح الثورة ولا يتعارضون مع قيم الثورة أو مع مواقف المرشد الأعلى.
كما يعتبر مهدوي من أئمة الجمعة الذين يساندون الحكومة الثالثة عشرة، حيث أكد في 5 نوفمبر/تشرين الثاني عام 2021 قائلاً: “العدو يسعى لتفريق الشعب عن المسؤولين، ويجب على الناس أن يدركوا أن 99% من الأقوال والصور التي تُنشر في الفضاء الإلكتروني هي أكاذيب”.
وأشارت إلى مواقف إمام جمعة يزد محمد كاظم مدرسي في الأشهر الستة الأولى من الحكومة الثالثة عشرة أنه لم يكن ينتقدها. ومع ذلك، في 20 ديسمبر/كانون الأول 2024، حذر الحكومة من وجود نفوذ داخلى وخطط غربية مشددًا على التفاوتات الاقتصادية وقال: “لا يجب على الحكومة أن تثير الشكاوى أمام مختلف شرائح المجتمع، خصوصاً الفئات الأضعف نفسيًا، لأن ذلك يؤدي إلى نشر الإحباط. فهذه الشكاوى تعطي صورة سلبية عن البلاد وتبعث برسائل إيجابية للعدو. وعلى الحكومة أن تتخذ خطوات مختلفة لمعالجة التفاوتات في قطاع الطاقة، ويعد تفعيل القطاع الخاص عبر الدعم الاقتصادي والإداري وحل المشكلة خلال ستة أشهر أحد الخيارات المتاحة.”
واختتمت بأن تُوجَّه هذه الانتقادات ضد الحكومة في وقت لم تكمل فيه حكومة بزشكيان بعد ستة أشهر، بينما تسير الحكومة في طريق تحقيق المطالب والرغبات الشعبية. وقد أكدت الحكومة مرارًا ضرورة تعاون المنابر المهمة معها لتحقيق تلك المطالب، وهي مطالب لم تلقَ استجابة من بعض الشخصيات والطوائف.