كتب: محمد بركات
تعالت في الآونة الأخيرة تصريحات القيادة العسكرية والسياسية حول ضرورة مواجهة “الكيان الصهيوني” بما يتجاوز العقوبات الدبلوماسية والاقتصادية، فقد تبنى بعض المسؤولين الإيرانيين خطابا شديد اللهجة يدعو إلى استخدام “كل الوسائل الممكنة” لمواجهة النفوذ الإسرائيلي في المنطقة، ويشيرون إلى العلاقات التجارية بين إسرائيل وبعض الدول الإسلامية كأحد محاور الانتقاد، تتضمن التصريحات تهديدات بإجراءات مباشرة ضد إمدادات النفط الخام من الدول الإسلامية المتجهة إلى إسرائيل.
فمن خلال عدة تغريدات نشرها الحساب الرسمي لعلي خامنئي، المرشد الأعلى الإيراني، على منصة إكس، بتاريخ 4 نوفمبر/تشرين الثاني، ظهرت لهجة التهديد لإسرائيل واضحة، حيث كتب الحساب:
“إن الأعداء، سواء من الكيان الصهيوني أو أمريكا، سيتلقون بالتأكيد ردا قاسيا على ما يقومون به تجاه إيران وشعبها وجبهة المقاومة”.
“ليس من الصحيح أن حركة العدو ستُنسى من قِبل أولئك الذين يعملون كنواب عن الشعب الإيراني في مواجهة العدو؛ لا، لن تُنسى”.
“أولئك الذين يبذلون أقصى جهدهم بالإمكانيات المتاحة يعملون بجد في مواجهة العدو، ولن يتراجعوا أبدا، ولن يتركوا أي تحرك للعدو دون رد؛ تأكدوا من ذلك”.
“إن المسألة هنا ليست مجرد انتقام؛ بل أن المسألة تتعلق بالقيام بخطوة منطقية، خطوة تتماشى مع الدين والأخلاق والشريعة والقوانين الدولية، والشعب الإيراني ومسؤولوه لن يترددوا أو يقصروا في هذا الاتجاه؛ تأكدوا من ذلك”.
“بالطبع، حركة الشعب الإيراني ومسؤوليه هي في مواجهة الطغيان العالمي والنظام الإجرامي الحاكم على النظام العالمي اليوم، وبالتأكيد لن يتهاونوا في ذلك؛ تأكدوا من ذلك”.
“ليعلم الجميع، وليعلم شبابنا الأعزاء أنه في مواجهة القوى الظالمة، سنقوم بكل ما يجب القيام به لضمان استعداد الشعب الإيراني، سواء من الناحية العسكرية أو من ناحية الأسلحة أو الأعمال السياسية، وكل ما هو ضروري سيتم تنفيذه بالتأكيد، والمسؤولون الآن بحمد الله مشغولون بتنفيذ هذه الأعمال”.
تهديدات الحرس الثوري وقادته:
ومن جانبه توعد حسين سلامي، قائد الحرس الثوري، إسرائيل بردٍّ ساحق على هجماتها الأخيرة، حيث صرح: “أنتم لم تعرفوا الشعب الإيراني؛ أنتم معزولون في العالم، وتواجهون أزمة اقتصادية، وقد وصلتم إلى مرحلة الانهيار، وفي هذه الأيام تتحركون بعشوائية، بدون أي قواعد، وتقومون بكل جريمة. نُحذركم، عليكم أن تعودوا إلى التاريخ، ولكن ليس إلى الماضي البعيد. انظروا إلى تاريخ السنوات الـ45 الماضية، وراقبوا سلوك إيران مع أعدائها؛ أنتم تسيرون في طريق الزوال، فقدتم كل شيء، وفنّكم كان في عدم أخذ العبر من التاريخ. أنتم بلا جذور، وستسقطون في النهاية”، مضيفا: “إن الإسرائيليين يعتقدون أنه بإطلاق بعض الصواريخ يمكنهم تغيير التاريخ؛ أنتم لم تنسوا (الوعد الصادق 2)؛ لقد قمتم بالعدوان، ولكن اعلموا أننا سنرد ردا غير متوقع”، وذلك وفقا لتقرير موقع ألف بتاريخ 31 أكتوبر/تشرين الأول.
كذلك، صرح على محمد نائيني، المتحدث باسم الحرس الثوري، مؤكدا أن الرد الإيراني على الهجمات الإسرائيلية آتٍ لا محالة، قائلا: “إن النظام الصهيوني قد ارتكب خطأ في حساباته بشأن إيران، ويجب أن تصحح حساباته، فبالنسبة لإيران، فقد أظهرت عملية الوعد الصادق أنه على الرغم من امتلاك إسرائيل كافة التقنيات والأسلحة في العالم وتفاخرها بدرعها الدفاعي وحلفائها، فإن النظام الصهيوني لم يكن قادرا على الدفاع عن نفسه أمام الهجمات الصاروخية الإيرانية، حيث عبر 90% من الـ200 صاروخ التي أُطلقت عبر درع القبة الحديدية للنظام، مما أضاع هيبته في العالم. كما أن النظام الصهيوني لديه حسابات خاطئة بشأن القوة الإيرانية، الهجوم الجوي الأخير على إيران كان أيضا استنادا إلى حسابات خاطئة، حيث افترضوا عدم رد إيران، ولكنهم سيفهمون قريبا أن هذا الحساب كان خاطئا أيضا. إن النقطة الأهم عند الحديث عن الحسابات الخاطئة هي أن النظام الصهيوني يعتقد أن إيران تخشى المواجهة المباشرة والحرب العسكرية معه، وأنها ستترك الهجمات العسكرية دون رد”، وذلك وفقا لتقرير موقع ألف الإخباري الإيراني بتاريخ 29 أكتوبر/تشرين الأول.
كما صرح اللواء علي فدوي، نائب قائد الحرس الثوري الإيراني، خلال لقاء صحفي له، قائلا: “إن رد إيران على اعتداءات النظام الصهيوني حاسم ولا مفر منه. لقد مضى أكثر من 40 عاما ولم نترك أي اعتداء دون رد، ويمكننا أن نستهدف كل ما يملكه الصهاينة في عملية واحدة”، وذلك وفقا لتقرير وكالة إيسنا بتاريخ 31 أكتوبر/تشرين الأول.
وفي هذا السياق، صرح اللواء إيرج مسجدي، نائب شؤون التنسيق في فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني، خلال كلمة ألقاها على هامش مراسم إحياء الذكرى الأربعين لمقتل حسن نصر الله واللواء عباس نيلفروشان، اللذين اغتيلا في غارة إسرائيلية على الضاحية الجنوبية ببيروت، في طهران، قائلا: “إن وجود الشعب في هذه المراسم يحمل رسالة، مفادها أن طريق المقاومة مستمر بقوة، فلقد أعلنت إيران مرارا للنظام الصهيوني والأمريكيين أنه إذا هددونا، فسوف نرد بقوة، وعليهم أن يكونوا في انتظار مثل هذا الرد.” وتابع اللواء مسجدی: “لا يمكن أن يهددونا، ويقوم الصهاينة ضدنا بهجمات، ثم يتوقعون ضبط النفس من إيران”، وذلك وفقا لتقرير موقع اينتيتر بتاريخ 6 نوفمبر/تشرين الثاني.
تهديدات المسؤولين والسياسيين:
في تصريح شديد اللهجة، وجّه حجة الله عبد الملكي، المحلل الاقتصادي ووزير التعاون والعمل والرعاية الاجتماعية السابق في حكومة الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي، انتقادات حادة للتعاون الاقتصادي بين الدول الإسلامية وإسرائيل. ففي تصريحاته، انتقد عبد الملكي استيراد إسرائيل النفط الخام من دول إسلامية بقيمة تصل إلى 7 مليارات دولار سنويا، معتبرا أن هذا الدعم الاقتصادي يصب في مصلحة “الكيان الصهيوني” ويقوّض وحدة العالم الإسلامي. وأشار إلى أن إسرائيل تحصل على النفط من عدة مصادر إسلامية، وضمن ذلك أذربيجان وكردستان العراق، مهددا بإجراءات عقابية ضد هذه التبادلات التجارية، وذلك وفقا لتقرير جريدة اطلاعات بتاريخ 5 نوفمبر/تشرين الثاني.
وأضاف عبد الملكي أن “تدمير إسرائيل لن يتحقق بالامتناع عن شراء الكوكا كولا”، داعيا إلى ردٍّ أكثر صرامة، واقترح استهداف ناقلات النفط المتجهة إلى إسرائيل من الدول الإسلامية، مشيرا إلى أن هذا النوع من العمليات قد يشمل السفن بغض النظر عن جنسيتها.
وفي الإطار نفسه، صرح محمدي جلبيجاني، رئيس مكتب قائد الثورة، على هامش حضوره في مراسم تكريم أقيمت لهاشم صفي الدين، القيادي البارز في حزب الله والذي أعلنت إسرائيل اغتياله، قائلا: “إن الإجراء الأخير للنظام الصهيوني في الهجوم على بعض المناطق كان خطوة يائسة، وإيران سترد على هذا الإجراء بردٍّ قوي وقاسٍ”، وذلك وفقا لتقرير صحيفة اعتماد انلاين بتاريخ 31 أكتوبر/تشرين الأول.
وفي تصريح آخر في السياق نفسه، قال روح الله حريزآوي، القائم بأعمال منظمة الدعاية والإعلانات الإسلامية، في مقابلة مع التلفزيون التابع لتلك المنظمة: “يجب على النظام الصهيوني أن يعلم أنه إذا استمر في شروره، فسنجعل جميع سفاراته في العالم غير آمنة”، وذلك وفقا لتقرير موقع تابناك بتاريخ 5 نوفمبر/تشرين الثاني.