كتب: محمد بركات
منذ سقوط النظام السوري بقيادة بشار الأسد في 8 ديسمبر/كانون الأول 2024، ولم يترك المرشد الإيراني، علي خامنئي، فرصة إلا وقد علق فيها على الأوضاع والمستجدات في سوريا، فخلال أقل من شهر، ظهر خامنئي أربع مرات بشكل علني تحدث في ثلاث منها عن سوريا، فسوريا التي مثلت واحدا من أهم الحلفاء الإقليميين لإيران، ما زالت تشغل مكانها في تصريحات المرشد.
فبين توضيح أسباب الدعم الإيراني وتلميحات لمستقبل آتٍ، جاءت تلك التصريحات لتوضح أن إيران ربما تمتلك خططا أخرى لمستقبل سوريا.
توضيح الموقف الإيراني من دعم سوريا
فخلال اللقاء الذي عقده خامنئي مع مختلف فئات الشعب الإيراني في 11 ديسمبر/كانون الأول 2024، وبعد أيام قليلة من سقوط نظام بشار، صرح خامنئي بأن “الأحداث في سوريا كانت نتيجة مخطط مشترك بين الولايات المتحدة وإسرائيل، حيث لعبت دولة مجاورة دورا واضحا في هذا السياق، ولكن المحرك الرئيسي هو أمريكا والنظام الصهيوني، فإسرائيل قد قصفت أكثر من 300 موقع في سوريا، وأمريكا قصفت 75 موقعا، بينها بنى تحتية حيوية كالمطارات ومراكز الأبحاث، مما يدل على انخراطهما المباشر في النزاع”.
وأكمل: “إن إسرائيل لم تكتفِ بالقصف، بل استولت على أراضٍ سورية ووصلت دباباتها إلى مشارف دمشق، واستمرت في احتلال الجولان ومناطق أخرى بدعم غربي وصمت دولي، كذلك فقد منعت الولايات المتحدة وإسرائيل وصول المساعدات الإنسانية إلى مناطق سورية مثل الزينبية، حيث حاصرت الطائرات المساعدات ومنعت عبورها”.
وقد برر خامنئي التدخل الإيراني في سوريا، بقوله: “إن سوريا كانت داعما حيويا لإيران خلال الحرب الإيرانية العراقية، حيث قطعت أنبوب النفط الذي كان يُستخدم لتمويل نظام صدام، وهو موقف له تأثير كبير على العلاقات الحالية، كذلك فقد كان تدخل إيران في سوريا يهدف إلى الحفاظ على المقدسات الدينية والأمن الإقليمي، حيث ساهمت إيران في مواجهة داعش، الذي كان يهدد سوريا والعراق ويستهدف في نهاية المطاف إيران”.
وحول الدور الإيراني في دعم نظام بشار، صرح بأن “المشاركة الإيرانية في سوريا كانت استشارية وليست عسكرية مباشرة، حيث قدمت إيران التدريب والتسليح والتنظيم للشباب السوري للدفاع عن بلادهم، كذلك فقد قام قائد فيلق القدس، قاسم سليماني، بتشكيل قوات محلية سورية ودربها لتصبح قوة فعالة في مواجهة الإرهاب، رغم بعض العوائق التي نشأت لاحقا من بعض المسؤولين السوريين، وبعد القضاء على داعش، تراجعت القوات الإيرانية بشكل كبير، حيث استمرت بعض الجهود لتعزيز الاستقرار وتقديم الدعم الاستشاري عند الحاجة”.
إيران ليست لها قوات بالوكالة
وخلال لقائه مع منشدي آل البيت، والذي عقد في 22 ديسمبر/كانون الأول 2024، تحدث خامنئي عن سوريا مرة أخرى، حيث قال: “لقد بدأت الفوضى في سوريا عندما استغل مثيرو الشغب، بدعم وتخطيط من دول أجنبية، نقاط الضعف الداخلية لإثارة الاضطراب وعدم الاستقرار، وهذا يتماشى مع استراتيجية الولايات المتحدة القائمة على فرض أنظمة استبدادية أو نشر الفوضى”.
وأكمل: “فحاليا، يتوهم الأمريكيون والكيان الصهيوني أنهم انتصروا، مما دفعهم إلى إطلاق تصريحات فارغة ومبالغ فيها، مثل إعلان دعمهم لمن يثير الفوضى في إيران، لكن الشعب الإيراني سيقف بحزم ضد كل من يتعاون مع الأعداء”.
وحول انتصار إسرائيل في حربها بالمنطقة، علق خامنئي: “يدعي الكيان الصهيوني الانتصار، لكنه لم يحقق أيا من أهداف، ففي غزة، ارتكب النظام الصهيوني جرائم ضد المدنيين دون أن يحقق أي من وعوده، كالقضاء على حماس أو تحرير الأسرى. إن المقاومة الفلسطينية وحزب الله ما زالوا أقوياء، وهذا دليل على فشل الصهاينة”.
وتابع: “أما في سوريا، ورغم تقدمهم العسكري في البداية، فلن يكون ذلك انتصارا حقيقيا، حيث سيواجههم قريبا الشعب السوري الشجاع”.
وحول خسارة إيران قواتها في المنطقة، صرح قائلا: “تروج الدعايات الغربية أن إيران فقدت قواتها بالوكالة في المنطقة، لكن هذا كذب، فالمقاومة في اليمن، وحزب الله، وحماس، حركات مستقلة مدفوعة بإيمانها وعقيدتها، وليست تابعة لإيران. إذا قررت إيران التحرك، فلن تحتاج إلى وكلاء، الرجال المؤمنون في المنطقة يقاومون الظلم بأنفسهم، وسيستمرون في هذا الطريق حتى إزالة الكيان الصهيوني”.
“الشباب السوري سيدوس القواعد الأمريكية”
وأخيرا فخلال لقائه الذي عقده بمناسبة ذكرى اغتيال قائد فيلق القدس السابق قاسم سليماني، الأربعاء 1 يناير/كانون الثاني 2025، صرح خامنئي بأن خروج ما سماه عوامل الاستقرار من أي بلد، يمكن أن يؤدي إلى سقوطه كما حدث في سوريا، حيث قال: “إن هذه المقاومة وهذه القوة الوطنية في كل دولة لها عواملها الخاصة، ويجب الحفاظ على هذه العوامل. من الأخطاء الكبيرة في بعض الدول إخراج عوامل الاستقرار والاقتدار من الساحة. مجموعة الشباب المؤمنين الذين هم مستعدون للتضحية بحياتهم، هؤلاء هم أهم عوامل قوة أي أمة، ولا يجب إخراجهم من الساحة، فعندما يتم إخراج عوامل الاستقرار، وعوامل القوة، تصبح البلاد مثل سوريا، وتتحول إلى فوضى، ويحدث احتلال أراضيها من قبل الأجانب، أمريكا من جهة، والكيان الصهيوني من جهة، وبعض الدول الأخرى المعتدية من جهة”.
وحول التدخل الأجنبي في سوريا، علق خامنئي: “بالطبع، هؤلاء لن يستطيعوا البقاء، فسوريا ملك للشعب السوري، ومن اعتدى على أرض الشعب السوري، يوما ما سيجبر على التراجع أمام قوة الشباب السوري الغيور، لا شك في أن هذا سيحدث. إن المعتدي يجب أن يخرج من الأرض التي تخص أمة، وإلا فسيتم إخراجه. فاليوم، يبني الأمريكيون قواعد عسكرية في سوريا؛ لكن بلا شك، ستداس هذه القواعد تحت أقدام الشباب السوري”.