كتب: حسن قاسم
ألقت الأزمة السورية بظلالها على المشهد الإيراني، وقد تسبب رحيل بشار الأسد، رئيس النظام السوري، عن السلطة بسوريا، في جدل كبير وما زال، داخل الشارع الإيراني، حتى إن الحرس الثوري الإيراني قد أصدر تصريحات على لسان قائد الحرس حسين سلامي، يوم الخميس 12 ديسمبر/كانون الاول 2024، تحدث فيها حول الموقف الإيراني مما حدث، وقد كانت تصريحاته مخالفة في مضمونها لتصريحات مسؤولين إيرانيين آخرين.
إذ قال القائد العام للحرس الثوري الإيراني حسين سلامي، خلال تصريحاته في ما يتعلق بالتطورات الأخيرة في سوريا، إن النظام السوري في عهد عائلة الأسد كانت له توجهات ونهج معين في السياسة الخارجية.
وأكد سلامي استمرار دعم المقاومة، مشيرا إلى أن طريق الدعم هذا ليس محصورا على سوريا فحسب، وإنه ما زال مفتوحا برغم الأوضاع الراهنة، وإنها لن تتأثر بسقوط بشار ونظامه، كما أشار إلى أن قوات الحرس الثوري كانت آخر القوات الإيرانية التي خرجت من سوريا قبيل سقوط بشار الاسد، مشيرا إلى أنه ليس من المنطقي أن يشارك الحرس الثوري الإيراني وقوات الباسيج في قتال في بلد آخر بينما جيش هذا البلد أشبه بالمتفرج.
تضارب في التصريحات
هذه التصريحات التي قالها حسين سلامي، والتي تحدث فيها عن أن قوات الحرس الثوري الإيراني كانت في سوريا حتى قبيل سقوط بشار الأسد مباشرة، تعارضت مع تصريحات للمرشد الأعلى للثورة الإيرانية علي خامنئي، التي قالها في كلمتها للشعب الإيراني يوم الأربعاء 11 ديسمبر/كانون الأول 2024، والتي كشف فيها للمرة الأولى إن إيران حاولت إدخال قوات إلى الاراضي السورية لدعم بشار الأسد، لكن أمريكا والكيان الإسرائيلي منعا إيران من تنفيذ ذلك بعد قصفهما للطرق التي كانت تربط بين العراق وسوريا وكانت تستخدمها إيران لإدخال قوات إلى داخل سوريا.
في الوقت نفسه، فقد سبق أن قال وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي، قبيل سقوط بشار الأسد مباشرة، إن إيران تدرس إدخال قوات إيرانية مسلحة إلى الأراضي السورية لدعم بشار الأسد في مواجهة فصائل المعارضة السورية المسلحة.
الوجود الإيراني في سوريا
جدير بالذكر أن إيران تتمتع بعلاقات قوية مع نظام بشار الأسد، وقد كان لها تواجد عسكري كبير وكذلك حزب الله في الأراضي السورية منذ عام 2012، حيث تدخلت إيران وحزب الله عسكريا لمواجهة الثورة السورية ودعم نظام بشار الأسد.
حجم الوجود الإيراني وحزب الله في سوريا
يعود انتشار الميليشيات التابعة لإيران في سوريا إلى مايو/أيار 2011، أي بعد نحو شهر ونصف الشهر من اندلاع الاحتجاجات ضد الحكومة السورية، وبحسب “المرصد السوري لحقوق الإنسان” يبلغ عدد هذه الميليشيات ما لا يقل عن 65 ألف عنصر يتوزعون في مناطق سيطرة الحكومة السورية، بينما أقر قائد الحرس الثوري الإيراني حسين سلامي، في أغسطس/آب ،2020 بأن عدد هؤلاء أكثر من 100 ألف عنصر وهم منضوون في 70 ميليشيا.
وفي منتصف عام 2022 نشرت خريطة جديدة لمواقع القوات الإيرانية والميليشيات التابعة لها في مناطق سوريا الجنوبية والوسطى والشمالية، وأظهرت الخريطة وجود 28 موقعا للقوات الإيرانية والميليشيات التابعة لها في المنطقة الجنوبية، قال الموقع: “قاموا بإنشاء اللواء العسكري الشيعي 313 برئاسة إبراهيم مرجي ومقره في مدينة أزرع، ويتألف من نحو 1200 مقاتل، وهو تابع للحرس الثوري الإيراني ومهمته حماية مخازن الأسلحة الاستراتيجية في المنطقة الجنوبية”.
ولم يعلن حزب الله رسميا عن عدد مقاتليه في سوريا والذي وفقا للمحللين والخبراء يتغير بين يوم وآخر تبعا للعناصر المكلفين بمهمة محددة، فضلا عن نوعية هذه المهمة، في حين لدى الحرس الثوري الإيراني وحده ما يفوق العشرين ألف عنصر في سوريا موزعين على قواعد أساسية في حلب، والشام، ودير الزور.
يذكر أن السلطات الإيرانية تعيش أجواء من “الصدمة” وعدم استيعاب رحيل بشار الأسد، خاصةً أن كل تصريحات الساسة الإيرانيين والمسؤولين كذلك، تتحدث حول أنهم فوجئوا بالانهيار السريع لجيش النظام السوري، الذي “هرب” من مواجهة الفصائل المسلحة، ولم يكونوا يتوقعون، حسبما صرحوا في وسائل الإعلام الإيرانية، أن نظام بشار الأسد يسقط بهذه السرعة.