لمياء شرف
وسط التصعيد العسكري السريع من قبل إسرائيل وردّ حزب الله بتصعيدات عسكرية مماثلة، لم تتدخل إيران بأي شكل من الأشكال، وبقى موقفها معلقا، على غير المتوقع، وأضاف ذلك غموضا على تهديدها بالرد بعد اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية على أراضيها.
التصعيدات العسكرية الإسرائيلية التي تتسارع وتيرتها ساعة بعد ساعة، آخرها إطلاق قوات الدفاع الإسرائيلي، في ساعات مبكرة من صباح اليوم الاثنين، الجولة الخامسة من الضربات الجوية المكثفة على حزب الله، وشملت الهجمات مناطق عميقة في لبنان بسهل البقاع.
جاءت هذه الضربات رداً على هجمات حزب الله الصاروخية أمس على شمال إسرائيل، حيث أطلق حزب الله عشرات الصواريخ على قاعدة رامات ديفيد الجوية.
وقال حزب الله إن المقاومة استهدفت قاعدة رامات ديفيد بعشرات الصواريخ من طراز فادي 1 وفادي 2، كما استهدفت بعشرات الصواريخ قاعدة ومطار رامات ديفيد جنوب شرق حيفا ردا على الاعتداءات الإسرائيلية على لبنان.
توسع بري
وقالت القناة 12 الإسرائيلية إنه من المتوقع أن يجتمع مجلس الوزراء المصغر؛ لمناقشة التصعيد المتزايد، مؤكدةً أن التقديرات في إسرائيل تفيد بأنه من المتوقع أن يوسع حزب الله نطاق إطلاق النار.
دعا صباح اليوم الاثنين، المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي أفيخاي أدرعي، في فيديو مسجل على موقع “إكس”، سكان القرى في لبنان الذين يعيشون داخل أو بالقرب من المباني والبيوت التي يخفي فيها حزب الله أسلحته، إلى إخلائها فورا؛ حفاظا على على سلامتهم.
وهدد بأن القوات الإسرائيلية ستهاجم في الوقت القريب مناطق حزب الله على طول 80 كيلومتراً على حدود لبنان، حيث توجد أسلحة حزب الله، بعدما رصدوا استعدادات للحزب في هذه المناطق.
وفق وكالة الأنباء الرسمية اللبنانية، قالت إن مكتب وزير الإعلام في حكومة تصريف الأعمال زياد المكاري، تلقى اتصالا يفيد بضرورة إخلاء المبنى.
وبحسب وكالة فرانس برس، دعا الجيش الإسرائيلي السكان في لبنان إلى الابتعاد عن مواقع حزب الله، متوعدا بشنّ مزيد من الغارات المكثّفة والدقيقة.
وذكرت وكالة رويترز، أن سكان جنوبي لبنان تلقوا مكالمات من رقم لبناني، يأمرهم بالابتعاد فورا مسافة 1000 متر عن أي موقع لحزب الله.
وقال المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي دانيال هاغاري، في بيان صحفي، إنه يجب على المدنيين في القرى اللبنانية الواقعة في أو قرب مبانٍ ومناطق يستخدمها حزب الله لأغراض عسكرية الابتعاد عن دائرة الخطر.
وحسب “الحرة”، أكد هارغاري أن الجيش الإسرائيلي قد يلجأ للتوغل البري، قائلاً: “الجيش سيفعل كل ما يلزم لإعادة الأمن إلى شمالي إسرائيل”.
وقد حذر عباس عراقجي، وزير الخارجية الإيراني، في تصريحات له، أمس، في أثناء زيارته للولايات المتحدة الأمريكية، إسرائيل من جر المنطقة إلى حرب شاملة، مؤكداً أن عملياتها في لبنان لن تمر دون رد.
وصرح بأن طهران تراقب تصرفات إسرائيل “بعناية وحكمة”، وتقوم بصياغة سياساتها لمنع تل أبيب من تحقيق أهدافها في المنطقة.
واكد أن النيران بالمنطقة قد تتسع نتيجة سياسة الكيان الصهيوني، وخطرها قد يطال الجميع، وأن الوضع في المنطقة أصبح خطيراً، مطالباً المجتمع الدولي باتخاذ إجراءات حازمة بهذا الشأن.
وبدوره، قال مصدر عسكري إسرائيلي لـ”الحرة”: “بدأنا هجمات في لبنان كجزء من العمليات التي نفذناها في الأيام الأخيرة، التي تهدف إلى تقليص القدرات وإزالة التهديدات على الجبهة الداخلية الإسرائيلية”.
وأشار المصدر إلى أنه ستكون هناك تحذيرات لبعض اللبنانيين لتوخي الحذر، دون الحاجة إلى إجلاء السكان كما في غزة.
أما عن الموقف الإيراني وعن موعد تدخل طهران في الحرب لدعم إحدى أذرعها العسكرية “حزب الله”، صرحت لـ”زاد إيران” مصادر إيرانية مقربة من جواد ظريف نائب الرئيس الإيراني للشؤون الاستراتيجية، بأن ايران تتابع عن كثب، حالة التصعيد غير المسبوقة بين حزب الله اللبناني والاحتلال الإسرائيلي، لكنها لن تتدخل بشكل مباشر في الحرب بالوقت الحالي، وبشكل علني دعما للحزب.
لكن المصادر قالت إن ايران بطبيعة الحال تدعم وبشكل كامل ومطلق، الحزب في مواجهة الكيان بالأسلحة والأموال وكافة الاحتياجات التي يطلبها الحزب سواء الآن أو قبل ذلك.
ولفتت المصادر إلى أن إيران ترى في الحرب الحالية تهديدا حقيقيا للحزب، وتتابع مدى قدرة الحزب على رد مواجهة الكيان، وفي حال تزايد الاشتباك إلى درجة التهديد الوجودي لـ”حزب الله”، فستتدخل إيران وتعلن بشكل رسمي، دخولها الحرب ضد إسرائيل، وتتوقع المصادر أن تضطر إيران إلى ذلك “قريبا” في ظل إصرار بنيامين نتنياهو رئيس وزراء الاحتلال، على توسيع دائرة الحرب في الشرق الأوسط.
وقال المحلل السياسي محمد محبوب، إن إيران غير مضطرة إلى التدخل العسكري، وحسب تاريخ إيران هي لم تتدخل في أي شؤون داخلية لأي بلد، إلا إذا دعتها أي دولة كمستشارة لها، كما فعلت الحكومتان السورية والعراقية.
وأكد محبوب في تصريحات لـ”زاد إيران”، أن حزب الله لديه من القوة والشعبية ليحمي نفسه عسكريا، مضيفا أن كل عمليات حزب الله وضرباته العسكرية ضد إسرائيل يتخذ قراراتها من تلقاء نفسه دون أي توجيه أو دعم من إيران.
وأضاف أن إيران تتواجه مع إسرائيل بسياسة الردع، معتبراً أن ذلك أكثر فاعلية، لأنها تحقق به نجاحات وتجبر إسرائيل على التراجع، مؤكدا أن ذلك يحدث بخطط دقيقة ومدروسة ويتطلب وقتا طويلا ليظهر أثره.
وقال محبوب إنه “لا يمكن تدمير حزب الله عسكريا وشعبيا بمثل هذه الاغتيالات الأخيرة، لأنه متجذر في لبنان”، مشيراً إلى أن الحزب يتعرض للتهديد في حالة موت عقيدة المقاومة بالمجتمع اللبناني.
وعن زيارة الرئيس الإيراني مسعود بيزشيكان للولايات المتحدة الأمريكية، توقع أنه من المرجح أن يدين الرئيس الفظائع الإسرائيلية في غزة ولبنان خلال العام الماضي. ويبدو أن الرئيس الإيراني في أثناء زيارته سيدعو الدول إلى مواجهة الإرهاب الإسرائيلي.
وفي تصريحات سابقة لعلي خامنئي، المرشد الأعلى الإيراني، قال إن “التراجع التكتيكي أمام العدو لا ضير فيه”، وتشير مثل هذه التصريحات إلى خشية إيران من أن تُجر إلى حرب مباشرة مع إسرائيل.