كتبت: شروق السيد
مع استمرار التوتر حول الملف النووي الإيراني، تنطلق جولة مفاوضات جديدة بين إيران والدول الأوروبية في جنيف. عباس عراقجي، وزير الخارجية الإيراني، أثار جدلا بتصريحه حول احتمال تغيير العقيدة النووية لإيران إذا استمرت الضغوط الغربية، مما يضفي أبعادا جديدة على هذه المحادثات المصيرية التي قد تحدد مستقبل العلاقات الإقليمية والدولية.
التقى الخميس 28 نوفمبر/تشرين الثاني 2024، الوفد الإيراني برئاسة مجيد تخت روانجي، نائب وزير الخارجية للشؤون السياسية، مع إنريكي مورا، نائب مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي، على أن تستمر المحادثات الجمعة 29 نوفمبر/تشرين الثاني، مع دبلوماسيي الدول الثلاث: بريطانيا، فرنسا، وألمانيا.
تفاصيل المفاوضات بين إيران وأوروبا في جنيف
ووفقا لما ذكره إسماعيل بقائي، المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية، “ستتناول هذه الجولة من المحادثات، التي تم التخطيط لها منذ اجتماعات نيويورك، مجموعة من القضايا والموضوعات الإقليمية والدولية، من ضمنها قضية فلسطين ولبنان، إضافة إلى الملف النووي، حيث سيتم بحثها وتبادل وجهات النظر بشأنها”.
تعتبر إيران أن الساحة الدبلوماسية فرصة مهمة لتوضيح مواقفها، وطرح مخاوفها، ومتابعة مطالبها.
وفي هذا السياق، وامتدادا للاتصالات والاجتماعات مع المسؤولين السياسيين في الدول الأوروبية الثلاث خلال السنوات الأخيرة، عقد كل من مجيد تخت روانجي وكاظم غريب آبادي، نائبَي وزير الخارجية للشؤون السياسية والدولية، اجتماعا مع نظرائهم الأوروبيين على هامش الجمعية العامة في نيويورك.
وتم خلال الاجتماع استعراض آخر مستجدات المحادثات النووية ورفع العقوبات، كما جرى طرح وجهات النظر الإيرانية، وضمن ذلك انتقاد الدعم الذي تقدمه هذه الدول للجرائم التي يرتكبها الكيان الإسرائيلي، إضافة إلى السياسات الأوروبية المدمرة ضد إيران، ومن ضمنها فرض العقوبات.
وقد تقرر في اجتماع نيويورك أن تستمر هذه الاتصالات والمشاورات في جنيف.
علاوة على ذلك، ستتضمن أجندة الاجتماع المشاورات وتبادل الآراء حول مستقبل المفاوضات في ضوء المستجدات الأخيرة ورسم ملامح السيناريوهات المحتملة للوصول إلى اتفاق بشأن الملف النووي ورفع العقوبات، وذلك حسبما ذكرت الموقع الإيراني “همشهري“.
عراقجي يحذّر من تغيير العقيدة النووية الإيرانية
تصريحات عراقجي قبل اجتماع جنيف
ذكرت صحيفة “الغارديان” البريطانية في تقرير لها، عن اجتماع عباس عراقجي مع الصحفيين الأجانب في العاصمة البرتغالية لشبونة قبيل لقاء المفاوضين الإيرانيين والأوروبيين في جنيف، بأن اجتماع يوم الجمعة 29 نوفمبر/تشرين الثاني سيكون جلسة “عصف ذهني”؛ لمعرفة ما إذا كان هناك سبيل للخروج من المأزق الحالي أم لا.
كما اعترف بتشاؤمه بشأن هذا الاجتماع، وقال إنه غير متأكد مما إذا كانت إيران تتحدث مع الطرف الصحيح.
عراقجي: تهديدات الغرب قد تدفع إيران إلى إعادة النظر في سياستها النووية
وأوضح عراقجي للصحفيين أنه إذا استمر الغرب في التهديد بإعادة فرض جميع عقوبات الأمم المتحدة، فمن المحتمل أن يتحول النقاش النووي داخل إيران نحو امتلاك الأسلحة النووية.
وأكد أن إيران كانت تمتلك في السابق القدرة والمعرفة اللازمتين لصنع سلاح نووي، لكن هذه القضية ليست جزءا من الاستراتيجية الأمنية للبلاد.
أوضح وزير الخارجية الإيراني أن تفاعل إيران مع الغرب بشأن البرنامج النووي ليس مضمونا، قائلا: “حاليا، هناك نقاش داخل إيران حول احتمال أن تكون السياسة المتبعة خاطئة، لماذا؟ لأننا أثبتنا أننا نفذنا كل ما طلبوه، لكن عندما جاء دورهم لرفع العقوبات، لم يحدث أي شيء فعلي”.
وأضاف: “إذا قامت الدول الأوروبية بإعادة فرض العقوبات على إيران في مجلس الأمن الدولي، فحينها سيقتنع الجميع في إيران بأن هذه السياسة كانت بالفعل خاطئة”.
ثم أكد عراقجي: “إذا حدث ذلك، أعتقد أن الجميع سيقتنع بأننا نسير في الاتجاه الخطأ، وبالتالي يجب علينا تغيير المسار، وأرى أنه إذا تم تفعيل سناب باك (إعادة فرض العقوبات)، فسوف نواجه أزمة”.
عراقجي: لست متفائلا بشأن هذا الاجتماع
أشار عباس عراقجي إلى اجتماع المفاوضين الإيرانيين والأوروبيين في جنيف يوم الجمعة، مؤكدا أنه في الحقيقة جلسة “عصف ذهني”؛ لمعرفة ما إذا كان هناك فعلا سبيل للخروج من الوضع الحالي أم لا، وأوضح: “لست متفائلا بشأن هذا الاجتماع؛ لأنني لست متأكدا مما إذا كانت إيران تتحدث مع الطرف الصحيح أم لا”.
وأضاف عراقجي: “يبدو أن الدول الأوروبية، خاصةً بريطانيا وألمانيا وفرنسا، قد اختارت سياسة المواجهة”.
إجراءات إيران كردِّ فعل على الضغوط
وأوضح وزير الخارجية الإيراني أنه بعد القرار الأخير الصادر عن مجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية، قررت إيران إدخال آلاف أجهزة الطرد المركزي الجديدة والمتطورة للغاية إلى الخدمة.
وأضاف: “لقد بدأ ضخ الغاز في هذه الأجهزة، وهذا نتيجة لضغوطهم”.
أكد عباس عراقجي أن إيران ما زالت ملتزمة بمعاهدة منع انتشار الأسلحة النووية وتواصل السعي للتعاون، وقال: “في الوقت الحالي، لا ننوي تخصيب اليورانيوم بنسبة تزيد على 60%، وهذا هو قرارنا الحالي، أود أن أكرر أننا اخترنا نهج التعاون لحل هذه القضية بطريقة مشرفة”.
موقف إيران من التعاون العسكري والأزمة الأوكرانية
وفي جزء آخر من حديثه مع الصحفيين، أكد رئيس الجهاز الدبلوماسي الإيراني أن “إيران لم تزود روسيا بصواريخ باليستية، التعاون العسكري بين طهران وموسكو قديم ومشروع تماما، ومع ذلك، فإن إيران دعمت وستواصل دعمها لوحدة أراضي أوكرانيا”.
عراقجي: الهيكل التنظيمي والعسكري لـ”حزب الله” لم يمسّ
ردّا على سؤال حول وقف إطلاق النار في لبنان، قال عباس عراقجي: “لماذا أصبحت إسرائيل الآن مستعدة لوقف إطلاق النار في لبنان؟ لأنها لم تستطع إنهاء المهمة ولا تستطيع فعل ذلك، نعم، حزب الله تعرض للضرر، ولكن هذا الضرر طال القيادة والمستويات العليا فقط، في حين أن الهيكل التنظيمي والعسكري لحزب الله لم يمسّ”.
وأضاف: “حزب الله والمجموعات الأخرى ليسوا وكلاء لنا، نحن ندعمهم فقط كأصدقاء، ولذلك لم نمل يوما عليهم أي شيء ولم نمل على أي مجموعة مقاومة أخرى في المنطقة، قراراتهم نابعة منهم، وهم يتخذونها وينفذونها بأنفسهم”.
عراقجي: وقف إطلاق النار في غزة مسألة معقدة للغاية
وفي ختام حديثه، أشار وزير الخارجية إلى أن “وقف إطلاق النار مع حماس سيكون فشلا ذريعا للإسرائيليين، لقد ذهبوا هناك للقضاء على حماس، والآن يتعين عليهم التفاوض مع حماس، هذا يعني أنهم فشلوا في تحقيق أهدافهم، ولذلك، أصبح وقف إطلاق النار في غزة مسألة معقدة للغاية”.