كتب: ربيع السعدني
أفاد مصدر مطلع بأن “محادثات الخبراء وكبار المسؤولين”، ستُعقد في عُمان، السبت 26 أبريل/ نيسان 2025، لكنها لن تكون متزامنة؛ أولًا، سيبدأ الخبراء الإيرانيون والأمريكيون مفاوضاتهم بشكل غير مباشر، وسينقلون نتائج المفاوضات إلى أعلى مستوى.
بعد المحادثات الفنية بين طهران وواشنطن، ستُعقد محادثات رفيعة المستوى، برئاسة وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي والمبعوث الأمريكي الخاص للشرق الأوسط ستيف ويتكوف”، وأوضح المصدر أيضا أن تفاهمات واستنتاجات المحادثات بين الخبراء سيتم مناقشتها في المحادثات رفيعة المستوى.
لماذا تأجلت المحادثات الفنية بين الخبراء؟
تم تأجيل المفاوضات الفنية بين الفريقين الإيراني والأمريكي في سلطنة عمان، والتي كان من المقرر أن تعقد يوم الأربعاء (23 أبريل/ نيسان 2025) في مسقط، إلى السبت (26 أبريل/ نيسان 2025) تزامنا مع الجولة الثالثة من المفاوضات بين الوفدين السياسيين.
وبحسب موقع “عصر إيران”، نقلا عن موقع “أمواج ميديا” الإعلامي العراقي، فإن سبب تأجيل هذا الاجتماع الفني جاء بطلب من الجانب الأمريكي، وبحسب التقرير: أدت الصعوبات اللوجستية إلى تأجيل المحادثات على المستوى الخبراء والفني بين إيران والولايات المتحدة في سلطنة عمان إلى يوم السبت.
ويُظهر تأجيل المحادثات الفنية على مستوى الخبراء مع إيران الضغوط على إدارة ترامب، التي أوكلت أيضا إدارة ملف غزة وحرب أوكرانيا إلى فريق ويتكوف.
لكن ترامب نجح في تحقيق مستوى أعلى من الحوار مع طهران مقارنة بسلفه الديمقراطي جو بايدن، في أقل من أربعة أشهر.
أجواء إيجابية
وفي أعقاب الجولة الثانية من المحادثات النووية بين إيران والولايات المتحدة في إيطاليا السبت الماضي (19 أبريل/ نيسان 2025) تحدث وزير الخارجية الإيراني عن “أجواء إيجابية نسبيا” وعن التقدم في المحادثات، وقال عراقجي في تغريدة على منصة إكس بعد الاجتماع في روما: “ستبدأ العملية المتخصصة في الأيام المقبلة بهدف دراسة التفاصيل، وبعد ذلك سنكون في وضع أفضل للحكم”.
وأضاف: “في الوقت الحالي، قد يكون التفاؤل مبررًا، ولكن بحذر شديد”.
وفي مؤتمر كارنيجي الدولي للسياسة النووية، أكد عراقجي على حق إيران في الحصول على التكنولوجيا النووية السلمية، وأشار إلى أن طهران مستعدة لاتفاق جديد مع الولايات المتحدة يضمن المصالح الاقتصادية الإيرانية.
ويعتقد عراقجي أن جميع الدول الأعضاء في معاهدة حظر الانتشار النووي يجب أن تتمتع بحقوق ومسؤوليات متساوية.
الخطة الإيرانية طويلة الأمد
وقال مصدر سياسي إيراني كبير طلب عدم ذكر اسمه لوكالة “أمواج ميديا” إن إيران مستعدة للانسحاب من خطة العمل الشاملة المشتركة لعام 2015، وتصر على أنها لا تسعى إلى امتلاك أسلحة نووية، والقضاء على احتمال وصول الشركات الأمريكية إلى “الفرصة التي تبلغ قيمتها تريليون دولار والتي يقدمها اقتصادنا”، وهو الاقتراح الذي يهدف على ما يبدو إلى تشتيت انتباه ترامب.
كما أشار عراقجي صراحة إلى تورط الولايات المتحدة في البرنامج النووي الإيراني، قائلاً: “إن إيران لديها حاليا مفاعل واحد نشط فقط في محطة بوشهر للطاقة النووية وخطتنا طويلة الأمد هي بناء ما لا يقل عن 19 مفاعلا نوويا إضافيا، مما يعني أن عقودا محتملة بعشرات المليارات من الدولارات قيد الإعداد”، وأضاف، “السوق الإيرانية وحدها كافية لإنعاش الصناعة النووية الأمريكية الراكدة”.
الاتفاق النووي لم يعد يلبي الاحتياجات
وأضاف عراقجي على هامش مؤتمر كارنيجي: “أفعالنا تتحدث عن نفسها: لقد التزمنا بتعهداتنا في الاتفاق النووي بعدم السعي للحصول على أسلحة نووية، وقد أكد ذلك مؤخرا مدير الاستخبارات الوطنية الأميركية علنا، وبما أننا أوفينا بالتزاماتنا حتى بعد مرور سبع سنوات على انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي، فإن إيران جديرة بالثقة وستلتزم دائمًا بما توقع عليه والذين يزعمون خلاف ذلك إما أنهم جاهلون أو مضللون عمدا”.
وأعلن ترامب في 21 أبريل/نيسان 2025 أيضا أن “لدينا بالفعل اجتماعات جيدة للغاية بشأن إيران”، مضيفا: “الخطوة التالية هي أننا نحتاج إلى القليل من الوقت”، وفي اليوم التالي، قال الرئيس الأمريكي في اتصال هاتفي مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، إنه يريد التوصل إلى اتفاق مع طهران، لكنه لن يتراجع عن مطلبه بأن لا يُسمح لإيران أبدا ببناء سلاح نووي.
عقبات أمام نجاح الاتفاق
هناك قضيتان مهمتان في المفاوضات، بحسب تقرير وكالة الأنباء الإيرانية “إرنا”، الأولى تتعلق بمصير احتياطيات اليورانيوم عالي التخصيب لدى إيران، وما إذا كان ينبغي تدميرها أو تخزينها في مكان ما، والثانية تتعلق بالضمانات الخارجية لإيران إذا تراجعت الولايات المتحدة عن التزامها برفع العقوبات الاقتصادية مقابل عودة البرنامج النووي المدني الإيراني إلى إشراف الوكالة الدولية للطاقة الذرية.
تريد إيران ضمانات بعواقب ضد الولايات المتحدة إذا انسحبت من الاتفاق مرة أخرى أو انتهكته، تريد طهران الاحتفاظ باحتياطياتها من اليورانيوم داخل البلاد، لكن الولايات المتحدة رفضت هذا الخيار وتريد تدمير هذه الاحتياطيات أو نقلها إلى دولة ثالثة مثل روسيا.
إن إحدى العقبات الرئيسية أمام التوصل إلى اتفاق نووي جديد هي مسألة تخصيب اليورانيوم في إيران مستقبلا، ومن المتوقع أن تعارض طهران الاقتراح الأمريكي بنقل احتياطياتها من اليورانيوم عالي التخصيب، إلى دولة ثالثة مثل روسيا.
عقبة أخرى تتمثل في توفير ضمان ملموس بأن الولايات المتحدة لن تنسحب من الاتفاق مرة أخرى، ومن المرجح أن تنظر إيران إلى الاتفاق المبني على التحقق باعتباره تسوية مقبولة، في حين رفضت بشكل قاطع تفكيك برنامجها النووي على غرار ما حدث في ليبيا.
مخاوف انسحاب ترامب
وفي وقت سابق هدد ترامب، الذي انسحب من الاتفاق النووي المبرم مع إيران عام 2015 خلال ولايته الأولى في عام 2018، بمهاجمة البلاد إذا لم يتم التوصل إلى اتفاق جديد بسرعة.
يزعم أنه سيمنع إيران من الحصول على أسلحة نووية، لكن مسؤولين أمريكيين قالوا إن أربع ساعات من المحادثات غير المباشرة بين الولايات المتحدة وإيران في روما يوم السبت، بوساطة سلطنة عمان، حققت تقدما كبيرا.
وعلاوة على ذلك، أشار كبير المفاوضين النوويين الإيرانيين عباس عراقجي إلى أن طهران لن تتفاوض بشأن برنامجها للصواريخ الباليستية، وأضاف: “في منطقة عنيفة وغير مستقرة مثل منطقتنا، لن تتفاوض إيران أبدا على أمنها”.
ضمانات طهران
وفي مناقشة مسألة الضمانات على التزام الولايات المتحدة بالاتفاق، تعتقد إيران أن الاتفاق الوحيد الموثوق به هو الاتفاق الذي يوافق عليه الكونجرس الأمريكي؛ ولكن قيل لـ عراقجي إنه نظرا للنفوذ القوي الذي تتمتع به جماعات الضغط المؤيدة لإسرائيل في الكونجرس، فليس هناك ما يضمن أن يتمكن ترامب من الحصول على مثل هذه الصفقة.
وهناك خيار آخر يتمثل في التزام الولايات المتحدة بتعويض طهران عن الأضرار إذا انسحبت واشنطن من الاتفاق وكان الإيرانيون قد اقترحوا في السابق فرض نوع من العقوبة المالية، ولكن في غياب اتفاق رسمي فإن آلية تنفيذ هذه العقوبة تظل إشكالية.
الخيار الثالث، في حال انتهاك الولايات المتحدة للاتفاق، هو السماح لروسيا بإعادة احتياطيات اليورانيوم المُسّلمة إلى طهران، حتى لا تتم معاقبة إيران كطرف منتهك للاتفاق ومن الممكن أن يمنح هذا الترتيب روسيا دورا مركزيا في العلاقات المستقبلية بين الولايات المتحدة وإيران.
بينما يزيل أيضا دول الترويكا الأوروبية “ألمانيا وفرنسا والمملكة المتحدة”، الضامنين الحاليين لاتفاق 2015، من العملية.