كتب: ربيع السعدني
بدأت الحكومة الإيرانية تنفيذ مشروع خطة تطوير الجزر الثلاث المتنازع عليها مع الإمارات “أبو موسى وطنب الكبرى وطنب الصغرى” الواقعة في الخليج العربي، وتماشيا مع تنفيذ مشروع النهضة الوطنية للاسكان المكون من 110 وحدات سكنية في جزيرة “أبو موسى”.
وأعلن علي خضريان، عضو لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية في البرلمان ورئيس فريق العمل لتطوير البنية التحتية للجزر الثلاث بحسب وكالة “إيرنا” الرسمية، مشروع المذكرة الثلاثية بين هيئة التخطيط والميزانية ووزارة الطرق والتطوير الحضري والبحرية التابعة للحرس الثوري لتطوير هذه الجزر من قبل هيئة التخطيط وأنه تم إعدادها وتقديمها.
كما تقرر في هذا الاجتماع، أن تقوم منظمة التخطيط والميزانية بالتحضيرات لزيارة لجزيرة أبو موسى بحضور ممثلي وزارات الطاقة (المياه والكهرباء)، والطرق والتنمية الحضرية، والأشغال العامة، وعلى وزارة الخارجية أن توفر للجنة البرلمانية زيارة ميدانية لفحص المشاكل الجارية، لمراجعة وتقديم خطة تنفيذية، وحل لاستكمال حلقة إمداد المياه المطلوبة للجزيرة من قبل شركة (ABFA).
ووفقا لوكالة “إيرنا” في 13 يناير/كانون الثاني 2025، “تقرر سفر ممثلين عن وزارة الدفاع إلى جزيرة أبوموسى خلال الأسبوعين المقبلين؛ للتحقق من حالة المنازل السكنية التنظيمية والاحتياجات الدفاعية.
كما تقرر إسناد تنفيذ البنية التحتية للاتصالات في الجزر الثلاث إلى منظمة الخطة والميزانية (PBO) كتابيا، وأن تقدم وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات الاقتراح المثار بالاجتماع بشأن “مدينة بوموسى الذكية” كتابيا إلى المنظمة لمراجعته، وأبلغ خضريان، عضو لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية بالبرلمان، هيئة تنظيم الاتصالات الراديوية، الجهات المعنية بإيقاف تغطية الاتصالات الإماراتية في الجزر الثلاث.
وأكد رئيس مجموعة العمل المعنية بتطوير البنية التحتية للجزر الثلاث، أن تحصل جميع الأجهزة التنفيذية على موافقة البحرية التابعة للحرس الثوري على مراحل مشاريعهم المرغوبة بالجزر من الدراسة والتصميم والموافقة والتنفيذ.
بداية خطة التطوير
في 26 أكتوبر/تشرين الأول 2024، تم طرح مشروع تطوير جزر: أبو موسى وطنب الكبرى وطنب الصغرى، في اجتماع لجنة الأمن القومي بالبرلمان الإيراني مع أعضاء مجلس توفير الأمن بمحافظة هرمزجان بحسب تصريحات إبراهيم رضائي، المتحدث باسم لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية بالمجلس.
وتقرر أن يُدرج في جدول الأعمال كأولوية إسكان وتطوير الجزر الإيرانية الثلاث من الناحيتين الاقتصادية والثقافية؛ حتى يتمكن الشعب الإيراني بأكمله من الاستفادة من الفرص الثمينة التي توفرها هذه الجزر.
وفي وقت لاحق، أكدت وزيرة الطرق والتنمية الحضرية في إيران “فرزانة صادق مالواجرد“، يوم 5 نوفمبر/تشرين الثاني 2024، توصيات المرشد الإيراني علي خامنئي في ما يتعلق بالتنمية البحرية للجزر، والبداية بتنفيذ عمليات بناء 110 وحدات سكنية بجزيرة أبوموسى.
ووصفت مالواجرد تنفيذ الـ110 وحدات سكنية كجزء من برنامج النهضة السكنية الوطنية في بوموسى بما يتماشى مع زيادة عدد السكان في الجزيرة: “يجب النظر إلى التوظيف والاقتصاد جنبا إلى جنب مع الإسكان، من أجل تحقيق الازدهار في الجزر الثلاث”.
موقع استراتيجي
تقع الجزر الثلاث عند مدخل مضيق هرمز الاستراتيجي، وهو أحد أهم المضائق الدولية ويربط الخليج العربي ببحر عمان والمحيط الهندي، حيث يمر عبره يوميا نحو 40% من الإنتاج العالمي من النفط المنقول بحرا في العالم، ومن يسيطر على هذه الجزر يتحكم في حركة الملاحة البحرية بالخليج.
تتكون مدينة “بوموسى” المعروفة سابقا باسم “أبو موسى”، من ست جزر هي: “بوموسى، وسيري، وطنب الكبرى، وطنب الصغرى، وفارور الكبرى، وفارور الصغرى”، ومركزها جزيرة أبوموسى التي تبلغ مساحتها 12 كيلومترا مربعا وتقع على بعد 222 كيلومترا من مدينة بندر عباس جنوب طهران، وهي إحدى الجزر الأربع عشرة التابعة لمحافظة هرمزجان، وهي أبعد الجزر عن الساحل الإيراني للخليج العربي، ويبلغ طولها وعرضها نحو 4.5 كيلومتر ويبلغ ارتفاعها 46 مترا عن سطح البحر.
جذور النزاع على الجزر
وفقا لتقرير صحيفة “خبر أونلاين“، تعود سيادة إيران على جزر: “بوموسى وطنب الكبرى وطنب الصغرى” إلى الإمبراطوريات العيلامية والميدية والأخمينية والبارثية والساسانية، خلال هذه الفترة ساد النظام والأمن الإيراني في كافة أنحاء الخليج وجزره.
وفي وقت لاحق خضعت الجزر الثلاث للاحتلال البريطاني في عام 1908 باعتبارها الحماية الرسمية للإمارات بموجب معاهدة الحماية الموقعة عام 1819 بين حكام الخليج وبريطانيا، ولكن حتى عام 1971 لم تقبل أي من الحكومات الإيرانية هذا الاحتلال، وكانت بوموسى، إلى جانب طنب الكبرى وطنب الصغرى، جزءا من الانقسامات الوطنية الإيرانية.
وفي عام 1971، وبعد الاتفاق بين إيران والمملكة المتحدة وقبل انسحاب القوات العسكرية البريطانية من المنطقة وتأسيس دولة الإمارات العربية المتحدة، عادت الجزر الثلاث إلى طهران بعد ما يقرب من 70 عاما من الاحتلال.
وفي عام 1992، إثر انتهاء حرب الخليج، بدأت دولة الإمارات خلافا لرأي شيخ الشارقة ومذكرة التفاهم التي وقعتها الشارقة مع إيران عام 1971 بشأن أبو موسى، في المطالبة بملكية الجزر الثلاث، وأثار هذا الإجراء رد فعل غاضبا من جانب الحكومة الإيرانية، وقد كررت الإمارات هذا الادعاء عدة مرات منذ ذلك الحين.
بيان “أوروبي- خليجي”
وفي وقت لاحق، اتهم مجلس التعاون الخليجي طهران بـ”احتلالها” بشكل غير قانوني منذ العام 1971 عقب انسحاب بريطانيا من المنطقة، وجاء في البيان الختامي المشترك للقمة الأولى لمجلس التعاون الخليجي مع الاتحاد الأوروبي في العاصمة البلجيكية بروكسل يوم 16 أكتوبر/تشرين الأول 2024: “نريد أن تُنهي إيران احتلالها لجزر الإمارات الثلاث: طنب الكبرى وطنب الصغرى وبوموسى، الأمر الذي ينتهك سيادة دولة الإمارات العربية المتحدة ومبادئ ميثاق الأمم المتحدة”.
في المقابل تتمسك طهران بحقها في الجزر الثلاث “طنب الكبرى وطنب الصغرى وجزيرة أبو موسى”، وتعتبرها جزءا لا يتجزأ من أراضيها، وفقا للقوانين والسياسات الإيرانية.
“الأمن القومي”: بيان غير مقبول
وفي معرض إدانته لبيان الاتحاد الأوروبي ومجلس التعاون لدول الخليج العربية الذي نشره موقع “تابناك” بشأن الجزر الثلاث في 14 يناير/كانون الثاني 2025، قال رئيس لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية بالبرلمان الإيراني إبراهيم عزيزي: “إن هذا البيان يفتقر إلى الصحة والمشروعية، وهو غير مقبول ولا أساس له من الصحة، لقد كانت هذه الجزر تابعة لإيران منذ الماضي، وستظل دائما جزءا من الأراضي الإيرانية”.
كما ذكرت وكالة أنباء (إيرنا) الرسمية، أنه “تم استدعاء السفير المجري إلى وزارة الخارجية الإيرانية؛ للاحتجاج على تكرار بعض التأكيدات التي لا أساس لها في البيان المشترك لقادة الاتحاد الأوروبي ودول مجلس التعاون الخليجي”، ووصفت الخارجية موقف الاتحاد الأوروبي بشأن الجزر الثلاث، بأنه “طائش وغير مسؤول ويفتقر إلى أي أساس قانوني”.
في 21 يوليو/تموز 2023، استدعت إيران السفير الروسي للاحتجاج على إعلان موسكو دعمها مطالبات الإمارات بالجزر الثلاث، وعيّنت إيران سفيرا لها لدى الإمارات في أبريل/نيسان 2023، حسبما نشرت وكالة الأنباء الإيرانية الرسمية “فارس” بعد نحو ثماني سنوات من مغادرة سلفه، في إطار تحسين علاقاتها الدبلوماسية مع دول الخليج العربية.
في 16 أكتوبر/تشرين الأول 2024، عقدت القمة الأولى للاتحاد الأوروبي ومجلس التعاون الخليجي في بروكسل، وفي نهاية هذا الاجتماع وفي البيان المشترك، أثيرت مطالبات ضد الجزر الإيرانية الثلاث (طنب الصغرى والكبرى وأبو موسى).
عراقجي: “الجزر إيرانية للأبد”
من ناحية أخرى، كتب وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي، على منصة “إكس” يوم الخميس 17 أكتوبر/تشرين الأول 2024: “لقد انتهى عهد سياسة فرق تسد، الخبيثة التي يمارسها الأوروبيون في منطقتنا منذ زمن طويل”.
وأضاف عراقجي حسبما نقلت وكالة “إيرنا” الرسمية: “إن البيان المشترك للاتحاد الأوروبي ومجلس التعاون الخليجي يحتوي على رسائل كثيرة، ومن الواضح أن طريق التعاون المحترم الذي اقترحناه عليهم في اجتماعات مختلفة قد تم الرد عليه الآن من خلال رغبة أوروبا في المواجهة من خلال حظر رحلات الركاب الجوية والاتهام السخيف لإيران بالاحتلال!”.
وأكد وزير الخارجية الإيراني أن “الجزر الثلاث كانت دائما تابعة لإيران وستظل كذلك إلى الأبد”.