ترجمة: شروق السيد
شارك الرئيس الإيراني، مسعود بزشكيان، في قمة قادة مجموعة البريكس التي عُقدت في قازان، روسيا، وذلك للمرة الأولى كعضو جديد في المجموعة، وقد تضمنت زيارته التي استغرقت ثلاثة أيام عددا من اللقاءات والأنشطة المكثفة مع قادة دول العالم، وتركزت أهدافها على تعزيز التعاون الاقتصادي والسياسي بين الدول الأعضاء.
وكالة الأنباء الإيرانية “تسنيم” نشرت تقريرا بتفاصيل الزيارة جاء فيه :
قام الرئيس الإيراني الأسبوع الماضي بزيارة رسمية استمرت ثلاثة أيام مليئة بالأنشطة إلى مدينة قازان الروسية ، وكان قد تم الإعلان مسبقا أن الهدف الرئيسي من زيارة مسعود بزشكيان هو حضور قمة رؤساء دول مجموعة البريكس، بالإضافة إلى لقاء قادة الدول الأعضاء.
وتابعت: كانت هذه أول مشاركة لإيران في مجموعة البريكس كعضو، وعقد الرئيس الإيراني، بزشكيان وفريقه المرافق العديد من اللقاءات مع قادة دول من مختلف أنحاء العالم، من آسيا وإفريقيا إلى أمريكا اللاتينية، وقد ألقى بزشكيان خلال هذه الرحلة ثلاث كلمات في اجتماعات القمة، كما التقى وتباحث مع رؤساء الدول وكبار المسؤولين من روسيا، الصين، الهند، إثيوبيا، أرمينيا، جنوب إفريقيا، بيلاروسيا، بوليفيا، مصر، الإمارات، وفنزويلا.
وبحسب هذا التقرير، فقد تم الإعلان رسميا عن عضوية إيران في مجموعة البريكس في 24 أغسطس/آب 2023، وذلك خلال زيارة الرئيس الراحل إبراهيم رئيسي لجنوب إفريقيا، وتعود فكرة إنشاء مجموعة البريكس إلى تقارب أربع قوى اقتصادية صاعدة على مستوى العالم، وهي البرازيل وروسيا والصين والهند، في ظل تصاعد الهيمنة الأمريكية في منتصف التسعينيات، وقد تأسست هذه المجموعة بوجود أربعة أعضاء مؤسسين في عام 2001، وتم إطلاقها رسميا في 16 يونيو/حزيران 2009، وانضمت إليها جنوب إفريقيا في 21 سبتمبر/أيلول 2010، مما أدى إلى تغيير الاسم من “بريك” إلى “بريكس”.
فيما يلي نظرة على برامج الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان، خلال رحلته التي استمرت ثلاثة أيام:
تحديد أهداف الزيارة
أعلن الرئيس عصر يوم الثلاثاء 22 أكتوبر/تشرين الأول 2024، في مطار مهرآباد بطهران، قبل مغادرته، عن أهداف هذه الزيارة، فقد صرح بأن منظمة البريكس تتشكل من دول تهدف إلى تعزيز التعددية في العالم للحد من الهيمنة الأمريكية ودعم التجارة الحرة بين جميع دول العالم.
صرح بزشكيان بأن هذه الرحلة تمثل فرصة للقاء رؤساء دول روسيا، الصين، الهند وعدد من الدول الأخرى المشاركة في هذه القمة، ومناقشة سبل التعاون وتوسيع التفاعلات والتبادلات المشتركة.
وكان بزشكيان قد توجه إلى روسيا بعد دعوة من فلاديمير بوتين، وبعد ساعات من الطيران، وصل إلى مدينة قازان، مقر انعقاد القمة، حيث استقبله رئيس ولاية تتارستان الروسية.
أول لقاء: محادثات مع رئيس وزراء الهند
اجتمع مسعود بزشكيان، في أول لقاء له في روسيا، بـ “ناريندرا مودي” رئيس وزراء الهند، حيث أكد أن إيران ترغب وتستعد لتعزيز علاقاتها مع الهند، وأن عضوية البلدين في مجموعة البريكس توفر أرضية مناسبة لتعزيز العلاقات والتعاون بما يحقق المصالح المتبادلة، وأعرب بزشكيان عن أمله في الإسراع بتنفيذ الاتفاقات المشتركة، خاصة فيما يتعلق بتطوير ميناء تشابهار.
كما وصف بزشكيان رسالة وهدف إيران بنشر السلام والصداقة، في حين أشار إلى أن رسالة وهدف الكيان الصهيوني يتمثلان في الجرائم والقتل وإشعال الحروب، معربا عن أمله في أن تقوم الدول التي تدّعي الدفاع عن حقوق الإنسان باتخاذ خطوات لوقف جرائم هذا النظام.
من جانبه، أشار رئيس وزراء الهند إلى زيارته السابقة لإيران ولقائه مع المرشد الأعلى، وطلب إيصال تحياته إليه، وأكد أن توسيع رقعة التعاون مع إيران تحت إدارة بزشكيان يمثل طموحا وتطلعا للهند.
وتطرق مودي أيضا إلى الأحداث في غزة ولبنان، موضحا أن قتل الأبرياء هناك غير مقبول بالنسبة للهند، وأن بلاده تجري مشاورات بهدف إرساء السلام والاستقرار في المنطقة.
ستتلقى إسرائيل ردا لا يمكن تصوره إذا أقدمت على أي عمل ضدنا
التقى مسعود بزشكيان، صباح الأربعاء، برئيس الوزراء الإثيوبي “آبي أحمد”، حيث أشار بزشكيان بوضوح إلى الجرائم الإسرائيلية في المنطقة، موضحا أن دعم الدول الغربية يُسهم في استمرار جرائم الكيان الصهيوني، وصرّح بزشكيان بأنه إذا تجاوز الكيان الصهيوني حدوده وارتكب أي عمل ضد إيران، فسيواجه ردا صارما لا يمكن تصوره، وأكد أن إيران لا ترغب في تصعيد النزاعات والتوتر في المنطقة وترحب بأي جهود نحو السلام والاستقرار، لكن يرى أن أعمال الكيان الصهيوني تهدف إلى إشعال المنطقة بأكملها، ولذلك، من الضروري أن تتحكم الدول الأخرى، وخاصة الغربية منها، في هذا الكيان المعتدي.
من جانبه، صرح رئيس وزراء إثيوبيا في هذا اللقاء الثنائي أن إيران دولة معتبرة في إثيوبيا، وأن العلاقات بين البلدين لها صورة إيجابية في أذهان الشعب الإثيوبي، مؤكدا أن بلاده تتابع بقلق التطورات في المنطقة.
خمسة مقترحات مهمة من إيران لقادة مجموعة بريكس
شارك مسعود بزشكيان ظهر الأربعاء في قمة قادة البريكس بحضور محدود، حيث أكد في خطابه أن إيران، بفضل موقعها الاستراتيجي، تعتبر مسارا لمرور العديد من الممرات التجارية الدولية، بما في ذلك الممرات الشمالية-الجنوبية والشرقية-الغربية، وأوضح أنه يمكن من خلال تطوير التعاون البنّاء، إنشاء شبكة جديدة من العلاقات الترانزيتية لنقل الطاقة أو البضائع التجارية ضمن إطار البريكس.
وأعلن رئيس إيران في خضم خطابه، عن خمسة مقترحات رئيسية قدمتها إيران لهذه المجموعة على النحو التالي:
1- تركيز الأولويات على القضايا الاقتصادية والمالية: مع عدم إغفال الجوانب السياسية-الأمنية والثقافية-الشعبية، دعا إلى إعطاء الأولوية في العام المقبل للقضايا الاقتصادية والمالية، وطلب من جميع المؤسسات الحكومية والخاصة في البلدان الأعضاء تسريع وتيرة التعاون الاقتصادي والتجاري وزيادة استخدام إمكانات البريكس.
2- مواجهة العقوبات غير القانونية: أشار بزشكيان إلى أن العقوبات الاقتصادية التي تفرضها الدول أحادية التوجه تمثل تحديا كبيرا أمام الدول المستقلة والحرة، كما أوضح أنه على الرغم من أن عدد الدول المتضررة من العقوبات كان ضئيلا في الماضي، إلا أن ملايين البشر اليوم في عشرات الدول باتوا يعانون من هذه العقوبات غير القانونية، لذلك، دعا إلى اتخاذ إجراءات جماعية وآليات مشتركة للتصدي لهذه العقوبات، ولحسن الحظ، أعربت مجموعة البريكس مرارا عن رفضها للعقوبات، وأكدت ذلك بوضوح في “إعلان قازان” وغيرها من الوثائق، ومع ذلك، لمنع أي دولة مستقبلا من امتلاك الجرأة أو القدرة على فرض العقوبات على دول أخرى، يجب اتخاذ خطوات عملية ومدروسة لضمان تحقيق هذا الهدف.
3- تقليل الاعتماد على الدولار: بيّن أن معظم دول العالم غير راضية عن استخدام الولايات المتحدة للدولار كسلاح للسيطرة على الدول الأخرى. وقد أشار إلى أن إحدى أهداف البريكس هي الحد من هيمنة الدولار وزيادة التعاملات بالعملات الوطنية، إضافة إلى استخدام العملات الرقمية والتقنيات المالية الحديثة لتحقيق أهداف المجموعة، مثل أنظمة الدفع الرقمية، مما يتماشى مع أهداف المجموعة.
كما أن كون دول البريكس من أكبر منتجي ومستهلكي الطاقة، المواد الغذائية، وغيرها من السلع، وبفضل وصولها إلى أهم الممرات التجارية، يمنحها ميزة كبيرة تُسهل التبادل التجاري باستخدام العملات الوطنية.
4- الوصول إلى التكنولوجيا الحديثة: نظرا لأن دول الشمال غالبا ما تعيق وصول دول الجنوب إلى التقنيات المتقدمة، فقد أكد بزشكيان على ضرورة العمل الجماعي، تبادل المعلومات، والاستثمارات المشتركة لتوفير هذه التكنولوجيا للدول الأعضاء.
5- تعزيز بنك التنمية الجديد (NDB): أشار إلى ضرورة تعزيز بنك التنمية الجديد الذي يُعد أحد مؤسسات البريكس، ودعا إلى توسيع عضويته وزيادة رأس المال لدعم تطوير البنية التحتية في الدول الأعضاء، كما أبدى استعداد إيران للتعاون الوثيق مع هذا البنك.
واقترح بزشكيان إنشاء أمانة عامة للبريكس لتسهيل إدارة شؤون المجموعة وتحقيق أهدافها بسهولة.
البريكس ليست مجرد نادٍ للحوار
ألقى مسعود بزشكيان، الرئيس الإيراني، كلمة عصر يوم الأربعاء 23 أكتوبر/تشرين الأول 2024، في أول اجتماع موسع لقادة مجموعة البريكس في قازان، روسيا.
وفي كلمته، أشار بزشكيان إلى أنه منذ انهيار النظام ثنائي القطب قبل أكثر من ثلاثة عقود، أصبح واضحا أن القوى الغربية ترى أن السلام والديمقراطية والراحة والتنمية يمكن تحقيقها فقط عبر المسارات التي حددتها هي، وقد أدى هذا النهج الاحتكاري حتى الآن إلى زيادة العنف، والحروب، والإرهاب من جهة، واستخدام غير مسبوق للعقوبات الاقتصادية والسياسية من جهة أخرى.
صرح الرئيس الإيراني بأن العالم اليوم يواجه العديد من التحديات مثل الأمن الغذائي، تغير المناخ، أزمة الديون، الفجوة بين الشمال والجنوب، والعديد من المشكلات الأخرى. وأكد أن البحث عن حلول لهذه القضايا، التي تضرر منها بشكل خاص الدول النامية ودول الجنوب العالمي، يستوجب مشاركة فعالة من تلك الدول.
كما دعا مجموعة البريكس إلى العمل بجدية أكبر لتحقيق هدفها في تمثيل الأصوات غير المسموعة في المجتمع الدولي، وتعزيز الحوار الفعّال مع الدول الأخرى للوصول إلى حلول ملموسة لهذه التحديات المشتركة.
وصرح بزشكيان بأنه لا يجب أن تكون البريكس مجرد نادٍ للحوار، يجب أن تكون قرارات البريكس ذات ضمانات تنفيذية، وأن تُعتمد الأدوات اللازمة لتحقيقها، وبيّن أن النمو في مستوى التعاون الاقتصادي، بما في ذلك الاستثمارات والتجارة المتبادلة بين أعضاء البريكس، يمكن أن يُعتمد كمعيار سنوي لقياس نجاح المجموعة، ولهذا الغرض، شدد على ضرورة إنشاء مركز لتجميع وتقييم البيانات الاقتصادية الخاصة بالدول الأعضاء.
وفي ختام خطابه، تطرق بزشكيان إلى قضية غزة ولبنان، وقال إن ما نشهده اليوم في فلسطين ولبنان هو تعميق أسس الحرب والعنف من خلال تجاهل الحقوق الأساسية لشعوبٍ لا تطالب سوى بحقها في السيادة على أراضيها التاريخية، وأكد أن استمرار هذه الحالة سيضع العالم بلا شك أمام مخاطر أكبر لنشر انعدام الأمن والحروب، لذلك، دعا جميع أعضاء البريكس إلى استخدام كل إمكانياتهم الجماعية والفردية لوقف الحرب في غزة ولبنان، وتقديم المساعدة للنازحين، والحد من التوترات في المنطقة.
كما أجرى بعض الوزراء المرافقين لبزشكيان محادثات قصيرة مع نظرائهم على هامش هذا الاجتماع.
لقاء مع رئيس الإمارات ومناقشة الجرائم الإسرائيلية
على هامش اجتماع البريكس، عقد بزشكيان لقاء قصيرا مع “محمد بن زايد بن سلطان آل نهيان”، رئيس دولة الإمارات، حيث ناقشا قضايا واهتمامات البلدين، بما في ذلك ضرورة وقف هجمات النظام الإسرائيلي.
كما التقى “عباس عراقجي” وزير الخارجية الإيراني بـ “عبدالله بن زايد آل نهيان” وزير الخارجية الإماراتي في اجتماع منفصل، وأوضح عراقجي أن الموضوع الرئيسي في محادثات المسؤولين من البلدين كان ضرورة وقف الهجمات الإسرائيلية على غزة ولبنان، حيث اتفق الجانبان في هذا الصدد.
وأشار وزير الخارجية الإيراني أيضا إلى أن بعض وجهات النظر المتباينة بين البلدين تم مناقشتها خلال هذه اللقاءات، مؤكدا أنه من الطبيعي ألا يفوتوا أي فرصة لتوضيح والدفاع عن مواقف ومصالح الجمهورية إيران، خاصة فيما يتعلق بمسألة الجزر الإيرانية الثلاث.
مناقشة سبل وقف الجرائم الإسرائيلية في لقاء مع السيسي
واصل بزشكيان برنامج زيارته إلى قازان بلقاء مع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، ويعتقد الخبراء أن هذا الاجتماع، الذي يأتي في إطار اللقاءات الأخيرة بين مسؤولي البلدين، يمكن أن يكون له تأثير إيجابي في تعزيز التفاعل والعلاقات بين طهران والقاهرة.
في هذا اللقاء الثنائي، أكد بزشكيان أن إيران لا تسعى إطلاقا للحرب أو الصراع، كما أضاف أنه إذا ارتكبت إسرائيل خطأ، فإن إيران سترد ردا مؤلما، وأوضح أن الكيان قد يلحق الأذى بإيران، لكن الضرر الذي سيتلقاه في المقابل سيتجاوز التوقعات.
من جهته، أشار رئيس جمهورية مصر في هذا اللقاء إلى أن القوة الرئيسية للمسلمين تكمن في اتحادهم، وذكر أن هناك عوامل متعددة ومتنوعة للقوة، لكن الأهم منها هو وحدتنا وتلاحمنا، ودعا إلى التعاون من أجل إنهاء الحرب في غزة ولبنان ومنع انتشار الصراعات إلى مناطق أخرى.
وأكد السيسي أيضا أنه، ليس كرجل سياسي، ولكن أولا كمسلم، يؤمن بضرورة التفاهم وتعزيز الصداقة في إدارة الأمور، مضيفا أنه خلال جميع السنوات التي كانت العلاقات فيها متوترة، لم يتخذ موقفا واحدا ضد إيران.
لقاء مع بوتين في قازان.. تأكيد توسيع العلاقات الإيرانية الروسية
في إطار استمرار برنامج زيارته، التقى الرئيس الإيراني “مسعود بزشكيان” بالرئيس الروسي “فلاديمير بوتين” وفي هذا الاجتماع، أعرب بزشكيان عن اعتقاده بأن العلاقات بين إيران وروسيا استراتيجية ومفيدة جدا لكلا البلدين، كما وصف إطار “بريكس” بأنه، مثل الاتحاد الاقتصادي الأوراسي ومنظمة شنغهاي،التي انضممنا اليهم جميعا بدعم من روسيا، يشكل بيئة مناسبة للتفاعل البناء مع روسيا.
كما أعرب بزشكيان عن أمله في توسيع العلاقات الاقتصادية والسياسية والعلمية والثقافية والتجارية بين البلدين، مؤكدا أنه يأمل أن يتمكن من توقيع اتفاقية شاملة بين البلدين خلال زيارة رسمية متفق عليها إلى روسيا قريبا، وأن تدخل هذه الاتفاقية حيز التنفيذ.
من جانبه، أشار بوتين في هذا الاجتماع إلى أن زيارة بزشكيان الأولى كرئيس للجمهورية إيران إلى روسيا تحمل أهمية رمزية عالية بالنسبة لبلاده، وأكد أن البلدين دائما ما تعاونا بشكل بناء في المجالات الإقليمية والدولية، وأن روسيا دعمت طلبات إيران للانضمام إلى الاتحاد الاقتصادي الأوراسي ومنظمة شنغهاي و”بريكس”.
وفي سياق آخر من حديثه، قال بوتين إنه يرغب في استغلال هذه الفرصة ليطلب من بزشكيان نقل تحياته وأطيب تمنياته إلى القائد الإيراني، وأعرب عن تقديره العميق للاهتمام والتوجه البناء للقيادة الإيرانية تجاه تطوير العلاقات بين إيران وروسيا.
وجود إيران سيعزز من قوة “بريكس”
التقى “مسعود بزشكيان” خلال اجتماعات “بريكس” برئيس جنوب أفريقيا “سيريل رامافوزا” وفي هذا اللقاء، أشار بزشكيان إلى أن اسم جنوب أفريقيا مرتبط بكفاح “نيلسون مانديلا” ضد الظلم والعنصرية، واعتبر النظرة العادلة لهذه الدولة تجاه القضايا الإقليمية والحرب في غزة تعكس نهج مانديلا في المساواة.
كما أفاد الرئيس الإيراني أن وجود إيران في “بريكس” يمكن أن يقلل من الأحادية والتأثير الضار للعقوبات غير العادلة، وبيّن أننا اليوم نشهد تفسيرات خاطئة لمفهوم حقوق الإنسان وارتكاب الجرائم تحت ذريعة حقوق الإنسان في العالم، وأكد أن زيادة تأثير “بريكس” وتعزيز تفاعلاتنا يمكن أن يؤدي إلى تصحيح العلاقات غير العادلة الحالية.
من جانبه، أشار رئيس جنوب أفريقيا إلى أن عضوية إيران في “بريكس” ستعزز من قوة هذا التحالف، وصرح بأننا في “بريكس” نسعى إلى تحقيق التقدم الجماعي لدول العالم، ولا نرغب في التنمية الأحادية التي تؤدي إلى الإضرار بمصالح الآخرين، وذكر أن الدول الغربية كانت تعتقد أن هذا الكيان سيتفكك بسرعة، لكننا نشهد اليوم أنه يزداد قوة يوما بعد يوم.
وفي تعليقه على إدانة إيران لجرائم إسرائيل، قال رامافوزا إننا نؤمن بأن الشعب الفلسطيني يجب أن يقرر مستقبله بنفسه؛ وعلينا دائما دعم حرية وحقوق الشعب الفلسطيني، وأشار إلى أن هذا المشهد يبرز من جديد نفاق مدعي حقوق الإنسان، وأكد أن جنوب أفريقيا تتابع بجدية قضية الشعب الفلسطيني ضد إسرائيل، حيث أن مكافحة الفصل العنصري هي مسؤولية لا يمكننا نسيانها.
تأكيد قادة إيران والصين على توسيع العلاقات ووقف إطلاق النار في المنطقة
من بين اللقاءات الأخرى التي عقدها “بزشكيان” في قازان، مقابلة مع “شي جين بينغ” رئيس جمهورية الصين، والتي تمت يوم الأربعاء 23 أكتوبر/ تشرين الأول 2024 في هذه الجلسة، أشار بزشكيان إلى أن الثقة المتبادلة ستتحقق من خلال إجراءات ومشاريع مشتركة، مؤكدا أن اتصالاتنا يجب أن تستند إلى برنامج له إطار زمني محدد في اللجنة المشتركة للتعاون الاقتصادي بهدف تحقيق المنفعة المتبادلة، وأن هذا الشكل من التفاعل سيؤدي إلى تعميق العلاقات.
كما أكد بزشكيان أن الصين هي صديقنا والشريك التجاري الأهم لنا، وأعرب عن إيمانه بأننا سنتمكن معا من مواجهة الاستبداد من الدول الغربية، وأوضح أنه شخصيا يتولى مراقبة توسيع العلاقات مع الصين، ويساعد زملاءه في التغلب على العقبات المحتملة لتوسيع وتعزيز مستوى التعاون بين الجانبين.
وأشار الرئيس الإيراني خلال هذا الاجتماع إلى الأعمال الهمجية التي ترتكبها إسرائيل، وذكر أن إيران، على الرغم من حقها المشروع في الدفاع عن نفسها ضد انتهاك السيادة الوطنية واغتيال ضيفها الرسمي في طهران على يد الكيان الصهيوني، كانت مستعدة للتخلي عن هذا الحق لصالح السلام في المنطقة وإرساء وقف إطلاق النار في غزة، لكنه أوضح أنه بدلا من السلام ووقف إطلاق النار، ازدادت جراءات الصهاينة ووسعت نطاق جرائمها إلى لبنان.
وأكد بزشكيان على أن إيران لا تعتبر الحرب مفيدة لأحد، وبالتالي لا تسعى إلى الحرب أو النزاع، لكنه أضاف أنه إذا أراد أحدهم الاعتداء علينا، فسيحصل على رد قاسي وحاسم.
من جانبه، أعلن الرئيس الصيني خلال هذا الاجتماع استعداده لتعميق العلاقات مع إيران، مؤكدا على ضرورة تعزيز الثقة المتبادلة، وقال إن العلاقات الودية مع إيران لها قيمة كبيرة بالنسبة لنا، ونحن مستعدون للدفاع عن المصالح المشتركة للبلدين، واعتبر أن هذا هو أول لقاء لنا، وأعرب عن اعتقاده بأنه يمكننا توسيع التعاون والعلاقات بين الجانبين.
وفي سياق آخر، وصف شي الوضع الحالي وزيادة التوترات في المنطقة بأنها مقلقة للغاية، مشددا على أن مفتاح تقليل التوتر هو إرساء وقف إطلاق النار الفوري، وأعرب عن ثقته بأن أصدقائنا الإيرانيين سيتخذون تدابير مناسبة لإقامة السلام والاستقرار في المنطقة، وأكد على ضرورة منع تصعيد الصراعات في المنطقة.
تأكيد قادة إيران وأرمينيا تعزيز العلاقات
التقى مسعود بزشكيان، صباح الخميس 24 أكتوبر/تشرين الأول 2024، رئيس الوزراء الأرميني نيكول باشينيان. خلال هذا الاجتماع، أشار الرئيس الإيراني إلى أن هناك تركيزا خاصا على توسيع العلاقات مع الدول المجاورة، مؤكدا أن أرمينيا صديق وجار جيد لإيران.
وأضاف بزشكيان أنه يدعم بشدة أي فكرة لإنشاء وتعزيز الاتحادات الإقليمية، مشيرا إلى أن ما يُسعى لتحقيقه في إطار مجموعة “بريكس” هو مواجهة وهزيمة الشمولية والاحادية الأمريكية والغربية التي تهدد الدول الأخرى وتفرض عليها العقوبات دون أي منطق، فقط في إطار الهيمنة.
من جانبه، وصف باشينيان إيران بأنها جارة مهمة وصديق حميم لبلاده، مؤكدا أن أرمينيا ستستمر في تعزيز علاقاتها الطيبة مع إيران في جميع الظروف، وأن الأولوية في سياستها الإقليمية هي تطوير التعامل مع إيران.
بريكس تجسيد لحقيقة “أن بناء عالم أفضل لا يمكن أن يتم بمفردنا”
من البرامج المهمة الأخرى لرئيس الإيراني في قازان كانت حضوره وإلقاء كلمة في الاجتماع الأول لمجموعة “بريكس بلس”، وهو “الاجتماع المشترك لقادة بريكس مع الدول المدعوة وأصدقاء بريكس”.
وأفاد بزشكيان في هذا الاجتماع، بأن هذه القمة تجسيد لهذه الحقيقة أنه لا يمكن بناء عالم أفضل بمفردنا، وفي العالم المتداخل اليوم، هناك حاجة للإرادة والعمل المشترك؛ وهو تغيير جذري يستلزم إصلاح النظام الحالي وإنشاء نظام جديد للتوازن في القوة يعتمد على العدالة والرضا، بعبارة أخرى، سيكون العالم الأفضل هو المكان الذي لا يوجد فيه أثر للعقوبات، أو فرض الإرادة، أو التعدي، أو الحروب، أو التوسع الاستعماري، أو الإبادة الجماعية، حيث تحل التعددية محل الأحادية، والأغلبية محل الأقلية، والمساواة محل التمييز، والشفافية محل الخداع، والديمقراطية محل الاستبداد، والحوار محل الحرب.
وأشار بزشكيان أيضا إلى أن إيران تؤمن بأن الأزمات والتحديات الإقليمية والدولية لن تختفي بدون الجهود المشتركة، ولهذا الغرض كانت دائما تعمل في إطار سياستها الأساسية، من خلال إنشاء شبكات ذكية وفعالة من العلاقات التجارية، لتعزيز التعاون الدولي وتعميق عناصر الصداقة بين الدول، وذلك في الوقت الذي تتحدى فيه العقوبات الأحادية، التي تتعارض مع جميع المعايير الدولية وحقوق الإنسان المعترف بها، المعايير الدولية وحقوق الإنسان، مما يعرض العديد من عمليات التنمية للتحديات نتيجة للأعمال القهرية والمصالح السياسية، مما يعوق الحركة المستدامة نحو عالم آمن ومتطور.
وأكد الرئيس الإيراني أن العديد من الدول الأعضاء أو المرتبطة بمجموعة “بريكس” تتمتع باقتصاد ديناميكي ومتطور، وهذه القدرة تحمل فرصا قيمة يمكن أن تعود بالفوائد الغزيرة والشاملة في حال تم التركيز والاهتمام لإنشاء روابط اقتصادية وتجارية عميقة، استخدام العملات الوطنية في التبادلات التجارية، والمنصات البنكية الجديدة، والعملات الرقمية، وتعزيز بنك التنمية الجديد (NDB) وترتيبات الاحتياطي الاحتياطي (CRA)، وغيرها من الإجراءات، ستساهم في بناء عالم أفضل للجميع.
يمكننا بناء علاقات مع بيلاروسيا على نحو مماثل لعلاقاتنا مع روسيا
وضمن برنامج زياراته، التقى مسعود بزشكيان برئيس بيلاروسيا “ألكسندر لوكاشنكو”، وفي هذا الاجتماع، أشار بزشكيان إلى المشاورات التي جرت خلال هذه الزيارة، بما في ذلك مع رئيس الجمهورية الروسية حول موضوع الممر الاستراتيجي الشمالي-الجنوبي، حيث قال إنه من المقرر أن يتم توقيع اتفاق شامل وعدد من مذاكرات مهمة أخرى بين المسؤولين من البلدين خلال زيارة مستقبلية إلى روسيا، وأكد أن نموذج توسيع التعاون مع روسيا يمكن أن يُعمم على بيلاروسيا أيضا.
كما أوضح بزشكيان أن الولايات المتحدة لن تنجح في استخدام أداة العقوبات ضد الدول المستقلة، قائلا: “اليوم، لم تعد الدول تتبع الولايات المتحدة، وقد تمكنت الدول المستقلة من التغلب على الهيمنة الأمريكية من خلال التفاعلات الواسعة في منصات متنوعة، بما في ذلك في الاتحادات الإقليمية والدولية.”
من جانبه، أكد لوكاشنكو في هذا الاجتماع أن أسواق بيلاروسيا متعطشة للمنتجين والتجار والمنتجات الإيرانية، مشيرا إلى أن إطلاق الممر الشمالي-الجنوبي سيكون له تأثير كبير على تسهيل وصول المنتجين والتجار من كلا البلدين إلى أسواق بعضهم البعض، وأعرب عن دعمه الكامل للحكومة الإيرانية، مؤكدا التزامه القوي بتعزيز العلاقات بشكل أكبر.
لقاء مع مادورو في قازان: سياسة إيران هي تعزيز العلاقات مع الأصدقاء
في آخر فعالياته في روسيا، التقى مسعود بزشكيان نظيره الفنزويلي نيكولاس مادورو، خلال هذا الاجتماع، أشار بزشكيان إلى أن توجه إيران نحو التوافق الداخلي وتعزيز العلاقات مع العالم قد حظي بقبول الشعب الإيراني في الانتخابات الرئاسية الأخيرة، مؤكدا أن تعزيز التوافق والانسجام الداخلي وكذلك العلاقات الودية مع الجيران والدول الأخرى هو من العناصر الأساسية للقوة.
وأشار في أثناء حديثه، إلى عملية “الوعد الصادق 2” والجرائم التي ارتكبتها إسرائيل، قائلا إن الهجوم الصاروخي الإيراني على الأراضي المحتلة تم بناء على حق الدفاع المشروع لإيران، مؤكدا على أنه إذا استمرت الحكومة الإسرائيلية في محاولاتها لتوسيع التوترات ولم تتوقف عن إشعال الحروب، فإن المنطقة ستشهد توترات وصراعات، إن الكيان الصهيوني يرتكب أبشع الأعمال الإرهابية باسم مكافحة الإرهاب؛ هل تعني محاربة الإرهاب قتل عشرات الآلاف من النساء والأطفال العزل؟
كما وصف رئيس فنزويلا في هذا اللقاء أن العصر الجديد من تاريخ البشرية قد بدأ، مشيرا إلى أن الدول الغربية ترغب في فرض هيمنتها مرة أخرى على العالم من خلال الحرب والعنف والضغوط الاقتصادية والعقوبات، وفي مثل هذه الظروف، يعد تعزيز العلاقات بين الدول المستقلة، بما في ذلك إيران وفنزويلا، من خلال التعاون في الاتحادات الإقليمية والدولية مثل “بريكس” أمرا حيويا.
كما وصف مادورو الفاشية والنازية بأنها نتاج القوى الغربية في العالم، مؤكدا أن سلوك الأمريكيين والغربيين في أماكن مختلفة في العالم هو نوع من إعادة إنتاج علاقات النازية الجديدة والفاشية الجديدة.
وأضاف أن الصهيونية تمثل نوعا من العودة إلى النازية والفاشية في العالم، موضحا أن النزاع اليوم بين الصهاينة لا يتعلق فقط بالأراضي الفلسطينية، بل تسعى الصهيونية مثل الأخطبوط للسيطرة على العالم بأسره، تماما كما سعت الفاشية والنازية إلى التخلص من المجتمع الدولي القديم، وبالتالي، يجب على الشعوب المستقلة اليوم أن تقترب من بعضها البعض أكثر من أي وقت مضى، لأن الأمريكيين والغربيين يسعون فقط إلى دبلوماسية الخداع، ولا يلتزمون بأي وعد أو تعهد.
البرنامج الختامي: لقاء مع رئيس بوليفيا
التقى لويس آرسي، رئيس بوليفيا، عصر الخميس 24 أكتوبر/تشرين الأول 2024 في مقر إقامة بزشكيان، برئيس جمهورية إيران، حيث ناقش الطرفان أهم محاور التعاون والعلاقات الثنائية والقضايا الدولية.
وكان هذا آخر برنامج لبزشكيان في قازان بروسيا، وأكد رئيس إيران في هذا اللقاء على ضرورة توسيع التعاون بين البلدين نظرا للقدرات والإمكانات المتبادلة.
من جهته، أعرب رئيس بوليفيا عن اهتمام بلاده واستعدادها لتعزيز العلاقات مع إيران في مختلف المجالات.
العودة إلى طهران.. مجموعة البريكس مهتمة بتطوير العلاقات مع إيران
غادر بزشكيان مساء الخميس 24 أكتوبر/تشرين الأول 2024، روسيا متوجها إلى العاصمة طهران بعد رحلة مليئة بالأنشطة وبعد ساعات من الطيران، وصل إلى طهران حيث استقبله محمد رضا عارف، النائب الأول لرئيس الإيراني، ومحسن قمي، مساعد الشؤون الدولية لمكتب المرشد الأعلى، وعدد من أعضاء الحكومة.
وفي كلمة ألقاها بزشكيان في مطار مهرآباد، أوضح تفاصيل برنامج هذه الرحلة قائلا إنّ هذه أول دورة من قمة مجموعة البريكس التي شاركنا فيها كعضو رئيسي، وما تحقق خلال الرحلة من نتائج يُعتبر إنجازا جيدا.
وأوضح الرئيس الإيراني أنّ مجموعة البريكس بدأت بتأسيسها مع خمسة أعضاء فقط، لكنها اليوم تضم عددا أكبر من الدول الأعضاء، مع وجود أكثر من 30 دولة راغبة بالانضمام إليها، بالإضافة إلى مشاركة رؤساء 6 منظمات دولية، منها الأمين العام للأمم المتحدة، وذكر بزشكيان أن أحد المحاور الهامة في القمة كان إنشاء صندوق مالي مستقل يساعد الدول على دعم بعضها البعض في مواجهة العقوبات الأمريكية.
وأشار إلى أن قمة البريكس، بمستواها الرفيع، تهدف إلى تعزيز موقعها العالمي في مواجهة الأحادية، من خلال تعزيز التعاون بين الدول الأعضاء، كما أتاحت لنا هذه القمة فرصة مهمة للقاء وبحث العلاقات الثنائية مع رؤساء دول عديدة، إذ تعادل مشاركتنا فيها فعليا عشر زيارات خارجية.
وأضاف بزشكيان، في إشارة إلى ترحيب رؤساء دول البريكس بمواقف إيران، أن بعض قادة الدول الأعضاء، مثل مصر، أفادوا بأنّ الصورة التي ينقلها سفراء الدول الأوروبية عن إيران تختلف عن الواقع الذي شاهدوه، وشجعوا إيران على تعزيز علاقاتها الإقليمية، كما رحب رئيس الإمارات بزيارة إيران، معتبرا أن علينا حل مشاكلنا بأنفسنا دون تدخلات خارجية.
وفي ختام حديثه، وصف بزشكيان هذه الزيارة بأنها فرصة ذهبية لتعزيز التوافق مع دول البريكس، كما تم الاتفاق على تسريع تنفيذ الاتفاقات المبرمة مع بعض هذه الدول.
وفقا لهذا التقرير، وبعد انضمام إيران إلى مجموعة البريكس وتعبير قادة المجموعة عن رغبتهم في تعزيز التعاون مع إيران، يرى الخبراء أن على الحكومة استثمار القدرات المتنوعة للبلاد بهدف تعزيز التواصل المستمر والمتين مع دول هذه المجموعة، يعتقد الخبراء أن هذا التوجه يمكن أن يُسفر عن تحقيق العديد من الفوائد والامتيازات التي ستنعكس إيجابيا على حياة المواطنين ومستوى معيشتهم بشكل ملموس.