كتب: ربيع السعدني
زعمت الوكالة الدولية للطاقة الذرية في تقرير لها، أن إيران قامت بتسريع إنتاج اليورانيوم إلى درجة تقترب من درجة صنع الأسلحة، حيث ارتفع مخزونها من اليورانيوم المخصب بشكل لافت، بحسب تقرير لوكالة “أسوشيتيد برس“، وقد زادت الكمية المخصبة بنسبة 60% وهي نسبة تفصلها خطوة واحدة فقط عن النسبة المطلوبة لصنع القنابل النووية.
ويؤكد التقرير المنشور يوم الأربعاء 26 فبراير/شباط 2025، أن طهران باتت قادرة على إنتاج كمية كافية من المواد الانشطارية لسلاح نووي واحد خلال شهر واحد فقط، ويمكن تحويل اليورانيوم إلى درجة نقاء 90%، وهي الدرجة اللازمة للأسلحة النووية خلال أيام قليلة، وأظهر تقريران ربع سنويين، أرسلتهما الوكالة الدولية إلى الدول الأعضاء، أن “الزيادة الكبيرة في إنتاج وتكديس اليورانيوم عالي التخصيب من جانب طهران وهي الدولة الوحيدة غير النووية التي تنتج مثل هذه المواد النووية، أمر مثير للقلق الشديد”.
وذكر أحد التقريرين السريين للوكالة بحسب ما نشرته وكالة “رويترز”، أن “مخزون اليورانيوم المخصب حتى درجة نقاء 60% في صورة سادس فلوريد اليورانيوم، ارتفع بمقدار 92.5 كيلوغرام في الربع الماضي إلى 274.8 كيلوغرام”، وتعتبر هذه الكمية كافية من حيث المبدأ لـ”صنع 6 قنابل نووية إذا تم تخصيبها إلى مستويات أعلى”، بحسب معايير الوكالة الدولية للطاقة الذرية، إضافة إلى أن هناك كميات بمستويات تخصيب أقل تكفي لصنع مزيد من الأسلحة.
وأشار التقرير إلى عدم إحراز تقدم بشأن القضايا العالقة مثل “تفسير أسباب وجود آثار اليورانيوم”، وهو ما تطلب الوكالة الدولية للطاقة الذرية من إيران القيام به منذ سنوات، وجاء في التقرير: “تقول إيران إنها أعلنت عن كل المواد النووية والأنشطة والمواقع المطلوبة بموجب اتفاق الضمانات، وهذا يتعارض مع تقييمات الوكالة في ما يتعلق بالأنشطة النووية التي لم يتم تقديم مبررات لها في كل المواقع الأربعة غير المعلنة في إيران التي تمت الإشارة إليها، ومن ثم فإن الوكالة وصلت إلى طريق مسدود في ما يتصل بحل قضايا الضمانات العالقة هذه”.
إيران: برنامجنا النووي لأغراض سلمية
بينما تصرح إيران مرارا، بأن برنامجها النووي مخصص لأغراض سلمية، بحسب موقع صحيفة “دنياي اقتصاد”، لكن رافائيل غروسي، المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية، حذر في وقت سابق، من أن طهران تمتلك ما يكفي من اليورانيوم المخصب إلى مستويات تقترب من مستويات الأسلحة لبناء عدة قنابل نووية إذا رغبت في ذلك، ويضع تسارع إنتاج إيران من اليورانيوم عالي النقاء مزيدا من الضغوط على ترامب، الذي قال مرارا، إنه مستعد للتفاوض مع طهران، بينما يستهدف أيضا مبيعات النفط الإيراني كجزء من سياسة “الضغط القصوى”.
ومن جهته، قال محمد إسلامي، نائب الرئيس ورئيس منظمة الطاقة الذرية الإيرانية، إن “التعاون بين إيران والوكالة الدولية للطاقة الذرية قائم، وبرنامجنا النووي تحت إشراف الوكالة، ومفتشو الوكالة موجودون في منشآتنا النووية يوميا، وفقا لجدول زمني متفق عليه”. أما في ما يتعلق بتقرير الوكالة الدولية للطاقة الذرية الأخير، فأوضح إسلامي لوكالة أنباء “إرنا” على هامش اجتماع للحكومة وأمام الصحفيين يوم الأربعاء 26 فبراير/شباط 2025: “من الطبيعي أن يتكون هذا التقرير من جزأين؛ ويتناول أحد أقسام هذا التقرير قضايا الضمانات، بينما يتناول القسم الآخر خطة العمل الشاملة المشتركة التي تستند إلى القرار 2231، وكثفت الدول الأوروبية ضغوطها على الوكالة لتقديم تقرير شامل”، وأعلنت الوكالة أنه “سيتم إعداد هذا التقرير في وقت لاحق، ونأمل أن تحترم الوكالة، وفقا للقانون، حقوق جميع الشعوب وتتصرف بمهنية وتبتعد عن السياسة والتحيز، وتعمل وفقا للطبيعة القانونية المحددة لها، ولا تعمل كمصدر للضغوط والأعمال غير القانونية وغير المشروعة ضد أي دولة، وضمن ذلك دولتنا”.
وتعتبر الوكالة الدولية للطاقة الذرية أن “الوقت ينفد أمام الدبلوماسية لفرض قيود جديدة على أنشطة إيران”، لا سيما أن إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب “تعتزم الضغط على إيران بشأن برنامجها النووي”.
تحول البرنامج النووي السلمي الإيراني منذ البداية بحسب موقع وكالة “خبر أونلاين”، إلى أزمة غير ضرورية، مع توجيه اتهامات لا أساس لها من الصحة واستغلال سياسي، تحت تأثير الضغوط من الولايات المتحدة وبعض الدول الغربية، وفي حين أكدت طهران دائما التعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية في إطار اتفاقيات الضمانات، فإن بعض الحكومات الغربية، مستشهدة بتقارير متحيزة والاستغلال الآلي للمؤسسات الدولية، حاولت تصوير هذا البرنامج باعتباره تهديدا وتمهيد الطريق لمزيد من الضغوط.
“اتفاق سلام نووي”
وكان الرئيس الأمريكي قد ذكر مطلع فبراير/شباط 2025، أنه يفضل التوصل لاتفاق سلام نووي “موثوق” يسمح لإيران بالنمو والازدهار بسلام، وذلك بعد يوم من إعادة تطبيق سياسة “الضغط القصوى” على طهران، واعتبر ترامب أن “إيران لا يمكن أن تمتلك أسلحة نووية، ولكن يجب أن تتوصل إلى اتفاقية سلام نووي موثوقة، التي يجب على الولايات المتحدة أن تبدأ العمل عليها على الفور”، وشدد على أن التقارير، التي تفيد بأن “الولايات المتحدة وإسرائيل، تستعدان لتفجير إيران وتحويلها إلى خراب، مبالغ فيها إلى حد كبير”.
عراقجي: لن تتفاوض تحت الضغوط والعقوبات
وكان وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي، اعتبر أن إعادة فرض ترامب سياسة “الضغوط القصوى” على إيران ستنتهي “بالفشل” كما حدث خلال ولايته الأولى، وأعرب لاحقا عن رفض بلاده إجراء مفاوضات مباشرة مع الولايات المتحدة في ظل استمرار “سياسة الضغوط القصوى” التي ينتهجها ترامب.
وقال عراقجي في مؤتمر صحفي مع نظيره الروسي سيرغي لافروف في طهران، إن “موقف إيران في ما يتعلق بالمفاوضات النووية واضح، وأنها لن تتفاوض تحت الضغوط والعقوبات”، مشيرا إلى “عدم وجود إمكانية لإجراء مفاوضات مباشرة بين إيران وأمريكا بشأن الملف النووي طالما أن سياسة الضغوطات القصوى تمارس بهذا الشكل”، هذا وتصر الدوائر السياسية في إيران، على رفض سياسات الضغوط القصوى الأمريكية، مؤكدةً رفضها التفاوض، إلا إذا توافرت الظروف القائمة على مبدأ المساواة والاحترام، “لن نتفاوض تحت الضغوط القصوى“.. كان هذا الرد القاطع من وزير الخارجية الإيراني الذي أشار إلى أن بلاده لن تخضع لما اعتبره محاولات فرض إرادات أحادية من الولايات المتحدة، وأضاف عراقجي، أن “أقصى الضغوط التي يريدون ممارستها علينا ليست جديدة، فقد جربناها من قبل ولم تكن لها نتيجة إيجابية”، وتابع: “قبل يومين واصلنا جولة جديدة من المفاوضات مع ثلاث دول أوروبية بشأن القضية النووية في جنيف، والمفاوضات ستستمر، أجرينا محادثات مفصلة للغاية مع لافروف حول كافة القضايا، ولم تكن هناك أية رسالة من الولايات المتحدة”.
وتقول إيران إن برنامجها النووي سلمي، لكنها توسعت في تخصيب اليورانيوم منذ انسحاب ترامب، خلال فترة رئاسته الأولى، من اتفاق بين إيران والقوى العالمية كان يهدف إلى الحد من طموحات طهران النووية.