كتبت إسراء محمد علي
بعد تهديدات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب التي وجهها إلى طهران بأنها قد تواجه عملا عسكريا ما لم توافق على المحادثات بشأن اتفاق نووي، في مقابلة مع قناة فوكس نيوز نشرت الجمعة ٨ مارس/آذار 2025 قال فيها: “إذا اضطررنا للتدخل عسكريا في إيران، فسيكون الأمر فظيعا بالنسبة لهم، أفضل التفاوض مع إيران.
وأضاف:” ولست متأكداً من أن الجميع يتفقون معي”، والتي رد عليها المرشد الأعلى علي خامنئي، بإن إيران لن تتفاوض مع “الحكومات المستبدة” التي تصر على المحادثات، بات شبح العمل العسكري ضد المنشآت النووية الإيرانية يلوح في الأفق، ولكن وسط تحذيرات إقليمية من نتائج بيئية كارثية على جيران إيران وعلى المدانيين الإيرانيين وكذلك المخاوف من اندلاع حرب إقليمية واسعة النطاق بين معسكر الولايات المتحدة الأمريكية ومعسكر إيران”.
تلويث مياه الخليج العربي
وفي مقابلة مع تاكر كارلسون، الإعلامي الأمريكي المقرب من الرئيس دونالد ترامب نقلتها وكالة مهر للأنباء الأحد ٩ مارس/آذار 2025، تحدث وزير الخارجية القطري عن مخاطر الهجوم العسكري على المنشآت النووية الإيرانية، محذرا من أن “الهجوم على المنشآت النووية الإيرانية سيكون بداية لحرب تنتشر في مختلف أنحاء المنطقة”.
وأضاف: “لكن ذلك لا يؤثر على أمننا فحسب، بل يؤثر أيضًا على أمن بلد مثل الولايات المتحدة، إن للولايات المتحدة مصالح كبرى في هذه المنطقة، سواء تعلق الأمر بقواعد عسكرية، أو منشآت طاقة، أو مصالح اقتصادية، وحتى مؤسسات تعليمية. “لذا، إذا حدث شيء، لا سمح الله، في هذه المنطقة، فإن كل هذه المصالح سوف تتأثر”.
كارثة بيئية محتملة للمنطقة بأكملها
وفي إشارته إلى المخاطر البيئية الناجمة عن هجوم على المنشآت النووية الإيرانية، أشار الدبلوماسي القطري إلى أنه “إذا تعرضت المنشآت النووية الإيرانية للهجوم فإن المياه ستصبح ملوثة بشكل كامل”.
وأضاف:” لقد قمنا بدراسة سيناريو الخطر هذا في بلدنا قبل بضع سنوات، قبل أن نقوم ببناء خزانات المياه الطارئة لدينا. نحن نحصل على مياه الشرب من تحلية المياه، وليس لدينا أنهار، وليس لدينا احتياطيات طبيعية من المياه. “في ذلك الوقت، لو كانت هناك مشكلة في إمدادات المياه، فإن بلادنا ستصبح بدون مياه بالكامل خلال ثلاثة أيام، القضية لا تخص بلدنا فقط، بل تنطبق على قطر والكويت والإمارات وكل دول المنطقة، لا ماء، لا سمك، لا شيء آخر،سيتم تدمير الحياة في هذه المنطقة، سيكون هذا بمثابة كارثة بيئية.”
كما حذر رئيس الوزراء ووزير الخارجية القطري من العواقب الخطيرة التي قد تترتب على شن هجوم على المنشآت النووية الإيرانية، قائلاً: “نحن قريبون من إيران جغرافيا، نحن على بعد نحو 120 ميلا، مباشرة عبر المياه، يمكنك الوصول إلى هناك عبر رحلة بالقارب لمدة 90 دقيقة، وإذا انفجرت المنشآت النووية الإيرانية ووصلت المواد المشعة إلى المياه فسوف تصبح ملوثة بشكل كامل، فالمياه التي يحتاجها شعبنا يتم توفيرها من محطات تحلية المياه. وليس لدينا أنهار أو احتياطيات مائية، وبدون محطات تحلية المياه، سوف تنفد المياه من بلادنا خلال ثلاثة أيام.
ولا تقتصر هذه المشكلة على قطر فحسب، إذ ستواجه دول الكويت والإمارات العربية المتحدة أيضاً مشاكل خطيرة إذا تلوثت المياه: لا ماء، ولا أسماك، ولا شيء. لن يكون لها حياة. سيكون هذا بمثابة كارثة بيئية تاريخية ستغير التاريخ.
جهود روسية لمنع واشنطن من الانزلاق في الحرب
وكتب المحلل السياسي الأمريكي ألكسندر لانجلويس في مقال بموقع دبلوماسي إيراني الأحد ٩ مارس/آذار 2025 أن الأسوأ من ذلك هو أن أي هجوم ضخم على المنشآت النووية والعسكرية الإيرانية من شأنه أن يدمر فعليا أي محاولات مستقبلية للدبلوماسية بين طهران والغرب، ويبدو أن قادة طهران متشككون بالفعل في الغرب، وإن القرارات العدوانية ضد إيران سوف تعمل على تعزيز التيارات المتطرفة في البلاد، والعكس صحيح، ونتيجة لهذا فإن الخيارات المتاحة لكبح جماح البرنامج النووي الإيراني بشكل دائم، بخلاف التغيير العنيف، سوف تصبح أكثر محدودية، وسوف تخلق هذه العملية منافسة خطيرة من شأنها أن تؤدي إلى تعزيز السياسات والآراء المتطرفة.
وأضاف: “ومع ذلك، فإن أي حرب مستقبلية مع إيران ستكون كارثية بالنسبة للشرق الأوسط وحتى العالم – بما في ذلك الولايات المتحدة. وتضر هذه الحرب أيضاً بمصلحة حيوية أخرى وهي الحفاظ على الاستقرار الإقليمي من أجل استمرار التدفق الحر للطاقة من أجل ضمان أمن الطاقة العالمي، ولا تستطيع واشنطن والمجتمع الدولي تحمل حرب مدمرة مع واحدة من أقوى الدول في المنطقة، ناهيك عن حرب تؤدي إلى صراع إقليمي أوسع مع دخول قوات بالوكالة من إيران.
وتابع : ورغم أن إيران من المرجح أن تخسر أي حرب مع الولايات المتحدة، فإن الوضع بعد الحرب سيكون غير موات بنفس القدر.
وأردف : إن إيران بلد كبير ومتنوع عرقيا، ومن المرجح أن تتقاتل مجموعات عرقية مختلفة لتشكيل دول أصغر من بقايا الدولة السابقة، مما يخلق صراعا أهليا مماثلا للعراق في عام 2006، مع عواقب وخيمة
المنشآت النووية والمناطق السكانية
وفي سياق متصل قال وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي “إن التهديد بالحرب ضد إيران هو تهديد يتم الحديث عنه فقط، وتنفيذ هذا التهديد سيكون مخاطرة كبيرة للغاية وقد يتحول إلى حريق واسع النطاق في المنطقة”. ليس أن إيران ستفعل هذا، بل أن إسرائيل تريد توريط بقية دول المنطقة في الحرب وجر أميركا إلى الحرب، حسب تصريحاته لوكالة للأنباء الفرنسية التي نقلها موقع انتخاب الإخباري التحليلي الإيراني المنشورة الجمعة ٨ مارس/آذار 2025.
وأضاف عراقجي أنه طالما استمرت الولايات المتحدة في سياسة الضغط الأقصى فلن تدخل إيران في أي “مفاوضات مباشرة” مع هذه الدولة ولن تستأنف طهران المحادثات مع الولايات المتحدة بشأن برنامجها النووي طالما واصل الرئيس دونالد ترامب سياسة “الضغط الأقصى”.
وحسب مقال نشره موقع “توسعه إيراني” الأحد ١٠ مارس/آذار 2025 ، يواصل كلا من ترامب وإسرائيل الإصرار على التهديد العسكري من إيران، وفي هذا الصدد، كتب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في حسابه باللغة الفارسية على موقع X: “المقاتلون الإسرائيليون سيحضرون لكم قريبا نسخة من رسالة ترامب إلى طهران”.
وحسب موقع “توسعه إيراني“، فبعثة إيران لدى الأمم المتحدة كتبت في رسالة إلى الأمم المتحدة، رداً على الجهود المبذولة لإحضار إيران إلى طاولة المفاوضات: “إذا كان الغرض من المفاوضات هو تحقيق هدف إزالة المخاوف بشأن إمكانية عسكرة البرنامج النووي الإيراني، فيمكن اعتبار ذلك بمثابة ذريعة، ولكن إذا كان تفكيك البرنامج النووي السلمي الإيراني يعني القول بأننا فعلنا ما لم يستطع أوباما فعله، فإن مثل هذه المفاوضات لن تتم أبداً”.
صعوبات مهاجمة إيران من وجهة نظر إسرائيلية
وعلاوة على ذلك، فإن الهجوم على إيران لن يبدأ وينتهي بغارة جوية لسلاح الجو الإسرائيلي، بل سيتطلب استعدادات إقليمية واسعة النطاق بحيث لا يمكن إخفاؤها.
لم يتبق سوى وقت قصير للغاية للتعامل مع البرنامج النووي الإيراني. لقد وضعت إيران بنيتها التحتية النووية تحت الأرض على عمق كبير لدرجة أن القنابل الأمريكية الخارقة للتحصينات لن تتمكن في نهاية المطاف من اختراقها.
وبحسب المنشور في موقع “عصر إيران” الأحد ٩ مارس/آذار 2025، فإن هذه الجمل كتبها أرييل كاهانا، الكاتب المتخصص في الشؤون الدبلوماسية في صحيفة “إسرائيل هيوم”، نقلاً عن دبلوماسي غربي وصف عملية الهجوم لتدمير المشروع النووي الإيراني بأنها معقدة للغاية ولا يوجد لها أي سابقة تاريخية.
وتابع كاهانا: “في الوقت نفسه، يظهر أحدث تقرير للوكالة الدولية للطاقة الذرية أنه ‘إذا قررت إيران إنتاج اليورانيوم الصالح للاستخدام في صنع الأسلحة [بنسبة تخصيب 90%] بدلاً من 60% الحالية، فإنها قد تفعل ذلك بسرعة وبناء مخزونات كافية لإنتاج 4 إلى 5 أسلحة نووية في حوالي شهر'”، كما يلخص معهد العلوم والأمن الدولي نتائج الوكالة الدولية للطاقة الذرية.
ويضيف المحلل الإسرائيلي:” كما نعلم، فإن البنية التحتية النووية الإيرانية منتشرة في جميع أنحاء هذا البلد الشاسع. وهذا يعني أن سيناريوهات “الضرب والهروب” التي تشمل عدداً صغيراً من الطائرات، مثل تلك التي نفذها سلاح الجو الإسرائيلي في العراق في عام 1981 أو في سوريا في عام 2007، غير ذات صلة على الإطلاق في حالة إيران، وأنه ضد مواقع متعددة على مسافات طويلة، بعضها تحت الأرض، هناك حاجة إلى المزيد من الطائرات، ربما في موجات متعددة من الهجمات”.
ولذلك، وبحسب هذا المصدر، فإن الأمريكيين يحتاجون إلى يومين للقضاء على البرنامج النووي الإيراني، على أية حال، حتى لو كانت 8 ساعات كافية بالنسبة للأمريكيين، فإن سلاح الجو الإسرائيلي، مع محدوديته، بما في ذلك القنابل التي لا يملكها، سوف يحتاج إلى المزيد من الوقت.
حرب إقليمية في أرض جديدة
وأضاف الكاتب الإسرائيلي أنه إذا أخذ في الاعتبار أذربيجان، حليفة إسرائيل والعدو اللدود لإيران ستكون في مرمى نيران طهران إذا اتخذت إسرائيل أي إجراء ضد إيران انطلاقا من اراضيها، ومن الجدير بالذكر أنه حتى بين إيران وباكستان، كانت هناك جولات من تبادل إطلاق النار والقصف، والتي ترتبط بشكل غير مباشر بالتنافس مع إسرائيل.
وبعبارة أخرى، فإن أي عمل عسكري في إيران قد يشعل منطقة أوسع بكثير من مجرد حرب صاروخية بين القدس وطهران، ولتقليل الأضرار الناجمة عن مثل هذا التطور، هناك حاجة إلى نشر دفاع إقليمي، أوسع من ذلك الذي استعد له التحالف الدولي لإحباط الهجمات الإيرانية السابقة على إسرائيل، وفي هاتين الحالتين، تعرضت إسرائيل وحدها للقصف، وعملت دفاعات التحالف على الحد إلى حد كبير من فعالية الهجمات الإيرانية، حسب موقع “عصر إيران” نقلا عن المحلل الإسرائيلي.