كتبت أسماء شاكر
بحسب تقرير نشرته وكالة تابناك الإخبارية، الأربعاء 28 أغسطس/آب، فقد التقى الرئيس مسعود بزشكيان وأعضاء وفد الحكومة الرابعة عشرة، القائد الأعلى علي خامنئي، في حسينية الخميني. ويعد هذا اللقاء هو الأول للحكومة الرابعة عشرة مع القائد الأعلى.
وفي هذا اللقاء، أثنى القائد الأعلى للثورة الإسلامية على التشكيل السريع للحكومة بجهود الرئيس والمساعدة القيّمة من البرلمان، وناقش نقاطاً مهمة مثل مراعاة الأولويات العاجلة مثل التضخم والغلاء، وكيفية اختيار المديرين والزملاء، والحضور بين الناس، وضرورة سيادة القانون في مواقع التواصل الاجتماعي والاهتمام بالإنتاج، هذه هي مفاتيح حل المشاكل الاقتصادية. ووصف تشكيل الحكومة في موعدها بأنه فضل من الله ونعمة عظيمة، كما شكر كل من ساعد في إدارة البلاد بشكل طبيعي وإجراء انتخابات آمنة بعد الحادث المأساوي لاستشهاد السيد رئيسي ورفاقه، ومن ضمنهم المشاركون في الحكومة السابقة، ووسائل الإعلام الوطنية والمؤسسات الأخرى.
وفي شرحه لكيفية تشاور الرئيس معه بشأن الحكومة، قال قائد الثورة: “لقد أيدت عدداً من الذين كنت أعرفهم أو كنت متأكداً من مؤهلاتهم من مصادر موثوقة، وأكدت على بعض الأسماء، لكنني قلت إنني لا أملك رأياً بشأن العدد الأكبر الذي لا أعرفه، حيث تمكن من إقناع البرلمان والحصول على تصويت التأييد للجميع”.
وأضاف: “اليوم، كل الوزراء المحترمين الذين نالوا ثقة الرئيس والبرلمان من كبار المسؤولين في البلاد، وواجب الجميع هو دعمهم ومساعدتهم على النجاح”.
وفي أول خطاب له للحكومة الجديدة، اعتبر خامنئي فرصة خدمة الشعب والسعي لتقدم البلاد نعمة كبيرة من الله، وأضاف: “قدِّروا هذه الأمانة من الله والشعب، واعلموا أن فرصة 4 سنوات من الخدمة ستمر بسرعة البرق؛ بالطبع، يمكن القيام بأشياء عظيمة خلال هذه الفترة. تماماً كما فعل (أمير كبير) أشياء عظيمة في 3 سنوات، وكما أقام رئيسي العزيز بعض الأسس الجيدة في نحو 3 سنوات من الخدمة، والتي ستجني البلاد ثمارها، إن شاء الله”.
وفي النقطة الثانية، اعترف قائد الأعلى بالقدرات واعتبرها شرطاً لكفاءة الحكومة، وقال إن هناك أمثلة كثيرة في الماضي، حيث لم يعترف بعض المسؤولين أو لم يؤمنوا بالمواهب والقدرات المحلية، وبسبب هذا جلبت الخسائر على البلاد”.
وذكر أن الإيمان الديني والسياسي للشعب والمواهب البشرية وملايين الشباب المتعلمين، ثروة لا يمكن تعويضها، فإذا عرفناهم واستخدمنا فكرهم وقوتهم، فسوف تحل العديد من المشاكل”.
ووصف آية الله خامنئي الشعب الإيراني بأنه قادر على إنتاج العباقرة، وأشار إلى شخصيات بارزة مثل خواجه نصير الدين الطوسي وابن سينا والملا صدرا وزكريا الرازي، وقال: “هؤلاء دليل على القدرة اللانهائية للانطلاقة الفكرية للشعب الإيراني، والآن يمكننا تربية العباقرة من الشباب الموهوب في البلاد”.
وذكر خامنئي أن القدرات السياسية والعمق الاستراتيجي والقوة الإقليمية من بين القدرات الأخرى لإيران، وأضاف: “إن التجارب الإيجابية والسلبية خلال السنوات الـ45 الماضية هي أيضاً من بين النقاط الأكثر قيمة التي يجب أخذها في الاعتبار”.
وكان توضيح النقاط الأساسية في اختيار زملاء الحكومة الجديدة هو النقطة الثالثة في خطاب خامنئي بهذا الاجتماع. فقال: “اختاروا زملاء شباباً مخلصين ثوريين ملتزمين لديهم الحافز لحل العقد، ومن خلال رعايتهم في مختلف مستويات الإدارة من الأدنى إلى الأعلى، سيتم تشكيل جيل من المديرين المتميزين والمتحفزين لمستقبل البلاد تدريجياً”.
ونصح الرئيس قائلاً: “قم بتوظيف مائة شاب يتمتعون بهذه الصفات، وفي نهاية الحكومة قم بتسليم مائة مدير قوي وجاهز، وهذه ستكون مهمة كبيرة للغاية؛ وبطبيعة الحال، حقق الشهيد رئيسي نجاحاً في هذا المجال أيضاً”.
وفي النقطة التالية، أشار إلى تصريحات الرئيس بشأن قضية الخبراء، وأكد: “لديّ رأي ثابت بشأن الاستعانة بالخبراء؛ لأن هذا العمل، في الوقت الذي تنهض فيه البلاد ونرضي الناس، يجعل الحكم حكيماً ومثيراً للتفكير وينقذ من دائرة العمل والصداقة والنصيحة”.
وفي توصية أخرى، وصى خامنئي المسؤولين الحكوميين بالظهور بين الناس، وقال: “لا تلتفتوا إلى الكلام الذي إذا سافرتم إلى المحافظات فسيقولون إنها شعبوية، لأنه لا يمكن الاطلاع على سياق حياة الناس بالحقائب والتقارير المكتوبة، حتى لو كانت هناك تقارير جيدة؛ لذلك تابعوا السفر والوجود بين الناس في المحافظات، وضمن ذلك القرى، واتخذوا القرارات بناءً على المشاهدات والاستماع لشكاوى الناس”.
النقطة المهمة التالية التي اعتبرها خامنئي أحد مؤشرات النظام والثورة هي قضية العدالة.
وفي إشارة إلى إقرار وتنفيذ البرامج والقوانين المختلفة، اعتبر أن من المهم للغاية تحديد تأثيرها على تحقيق العدالة، وأشار إلى أنه “قبل بضع سنوات، أثرنا قضية تقرير العدالة وقلنا إنه يجب إعداد تقرير عدالة لكل قانون وقرار مهم، كما حقق المرحوم السيد رئيسي بعض التقدم في هذا المجال وقام ببعض الأعمال، لكنه بقي غير مكتمل”.
وصف خامنئي تقرير العدالة بأنه ليس مهمة إدارية وشكلاً ورقياً واحتفالياً بالقوانين، بل هو أمر حقيقي في نص القوانين والبرامج، وأضاف: “تقرير العدالة يعني مراكز مثل منظمة البرنامج والميزانية المسؤولة عن اتخاذ القرار أو إعداد اللوائح والقوانين أو مجموعة موظفة من قبل الرئيس، يجب أن تكون مطلوبة لقياس تأثير البرامج والقوانين على مؤشرات العدالة الاجتماعية، وضمن ذلك المسافة الطبقية، وإذا زادت الفجوة الطبقية، يجب إزالة هذا الجزء من البرنامج”.
وفي إشارة إلى المعلومات التي وردت عن إنتاج برمجيات الحاسوب على يد مجموعة من الشباب الجامعيين تلائم البرامج والقوانين المذكورة في تقرير العدالة، ووصى القائد المسؤولين بدعوة هذه المجموعة والاستفادة من إنتاجها، وأكد أن العدالة بالقول والتعبير اللغوي المتكرر لا تتحقق، بل تتطلب التحفيز والدخول في الميدان، وهو أمر موجود لحسن الحظ في الرئيس، ويجب أن يتم بطريقة لا يستطيع أي مسؤول أن ينتهك الطريق المؤدي إلى العدالة.
وفي الوصية السابعة، لفت خامنئي الانتباه إلى مراعاة الأولويات في ضوء الموارد والفرص المحدودة والمهام العديدة التي تنتظرنا، وأضاف: “بعض الأولويات تتعلق بقضايا عاجلة، مثل قضية التضخم وارتفاع الأسعار، والتي يجب حلها بشكل صحيح. لكن بعض الأولويات تشير إلى قضايا البنية التحتية، والتي إذا أهملت اليوم، فسنضطر إلى البدء في العمل عليها بعد 10 سنوات من الآن”.
واعتبر الطاقة النووية من الأولويات الأساسية والضرورية لمستقبل البلاد، ورفض بعض التصريحات المشكوك في فوائدها، وقال: “لا يمكن للبلاد أن تحرم نفسها من مسألة علمية وتقنية متقدمة في العالم وتتخلف عن هذا المسار لسنوات ثم تبحث عن بدايته”.
كانت قضية مواقع التواصل الاجتماعي هي النقطة الثامنة التي وجهها خامنئي إلى رجال الدولة في خطابه، حيث قال: “إن مواقع التواصل الاجتماعي اليوم لم تعد افتراضية، بل أصبحت واقعاً متطوراً في حياة الناس، ومن ثم يجب أن يكون هناك سيادة للقانون في مواقع التواصل الاجتماعي”.
ووصف تفسيره السابق لمواقع التواصل الاجتماعي في البلاد بالكسل، بسبب غياب الحكومة القانونية، وقال: “إذا كانت لديك ثغرة قانونية في هذا المجال، فقم بإنشاء القانون المطلوب، وأمسِك زمام الأمور بناءً عليه، كما يتعامل الجميع مع هذا الأمر على محمل الجد؛ وكما ترون الآن أن الفرنسيين ألقوا القبض على هذا الشخص الذي انتهك حكمهم.
وفي التوصية التاسعة اعتبر خامنئي أن مفتاح حل المشاكل الاقتصادية في البلاد هو في تعزيز وزيادة الإنتاج، وقال: “من خلال تعزيز قضية الإنتاج والتعامل معها بجدية سيتم حل مشاكل التضخم وقيمة العملة الوطنية”.
وفي توصية أخرى أشار خامنئي إلى خطر الشيخوخة المبكرة لسكان البلاد، وأكد ضرورة نشاط ومرونة السياسات بما يتوافق مع احتياجات البلاد، وقال: “يجب على وزير الصحة متابعة قضية السكان بجدية ويأخذ الإجراءات اللازمة، وضمن ذلك مراقبة الشبكة الصحية وإزالة العوائق أمام النمو السكاني؛ لأن البلاد بحاجة إلى سكان شباب، وإذا عانت من العواقب المريرة لشيخوخة السكان، فلا علاج لها”.
وأكد خامنئي عدم الخوف من العوائق في التوصية الحادية عشرة، وأشار إلى حقيقةٍ مفادها أن أي خطة أو عمل لا يخلو من العوائق، وأضاف: “الخيار الأول لبعض الناس في التعامل مع العوائق هو التراجع، لكن هذا النهج خاطئ ويجب تجاوزه أو البعد عنه”.
وفي نقطة أخرى أكد أنه “لا ينبغي أن نضع أملنا في العدو وننتظره”، وقال: “هذه الحقيقة كانت حاضرة أيضاً في كلام الرئيس وتصريحات وزير الخارجية قبل أيام؛ وهذا بالطبع لا يتنافى مع كوننا نتعامل مع العدو في بعض الأحيان، لكن المشكلة هي أنه لا ينبغي لنا أن نثق به”.
وكانت النصيحة الأخيرة والثالثة عشرة لخامنئي لرجال الدولة هي النصيحة بالروحانية وتعزيز الإيمان والعبادات، والأنس أكثر بالقرآن الكريم والدعاء إلى الله سبحانه وتعالى.