كتب: ربيع السعدني
تصدَّر اسم وزير الخارجية الإيراني الأسبق محمد جواد ظريف الساحة من جديد منذ انتخاب مسعود بزشكيان في 2024 رئيساً للبلاد، ليثير الجدل داخل البرلمان بشأن تعيينه كنائب الرئيس للشؤون الاستراتيجية.
ويواجه ظريف انتقادات حادة داخل البرلمان بسبب جنسية أبنائه المزدوجة (الإيرانية – الأمريكية)، وبحسب صحيفة “همشهري آنلاين”، أشار النائب البرلماني حميد رسايي، عضو اللجنة الثقافية بالبرلمان، في تحذير بشأن الحفاظ على كرامة البرلمان، إلى “تجاهل محكمة العدل الإدارية لكتاب لجنة الأمن القومي بشأن تعيين محمد جواد ظريف”، ووفقاً لتقرير وكالة أنباء الطلبة الإيرانية “إيسنا”، قال حميد رسايي في الجلسة العامة للبرلمان يوم 1 يناير/كانون الثاني 2025 في مذكرة: “يجب تقدير موافقات ومراسلات البرلمان، ويجب على المؤسسات الأخرى الاهتمام بها”.
ومن جهته، أعلن إبراهيم رضائي، المتحدث باسم لجنة الأمن القومي بالبرلمان الثالث، في 23 ديسمبر/كانون الأول 2024، أن رئيس هذه اللجنة بعث بكتاب إلى رئيس محكمة القضاء الإداري بخصوص تعيين محمد جواد ظريف نائباً استراتيجياً للرئيس، لأن هذا التعيين تم بالمخالفة للقانون.
وفي هذه الرسالة وفقاً لوكالة “إيسنا” شبه الرسمية “ووفقاً للمادتين 86 و13 من قانون محكمة القضاء الإداري، أثير طلب إلغاء أمر تعيين ظريف بسبب جنسية أبنائه المزدوجة ومخالفة القوانين المتعلقة بالتعيين في الوظائف الحساسة، بموجب القانون، لا يمكن تعيين الأشخاص الذين يحملون هم أنفسهم أو أفراد أسرهم جنسية مزدوجة في وظائف حساسة”.
وعلى الرغم من مرور حوالي شهر على إرسال الرسالة، فإن محكمة القضاء الإداري لم تصدر حكمها بعد أو تقدم حتى الآن رداً رسمياً إلى اللجنة الأمنية أو أعضاء المجلس، وطلب رئيس البرلمان من هيئة التفتيش العامة الدخول في هذه القضية وإجراء التحقيقات اللازمة، وتم إرسال رسالة من نحو 160 برلمانيًا إلى رئيس السلطة القضائية من أجل تطبيق القانون بشكل لا جدال فيه دون تمييز بين الجميع.
قضايا مشابهة
بالإشارة إلى إلغاء تعيين أحد مديري الحكومة الثالثة عشرة بحسب صحيفة “همشهري آنلاین” (بسبب كونه عضواً في هيئة التدريس في جامعة الإمام الصادق)، تتوقع الهيئة سلوكاً مماثلاً من قِبَل محكمة العدل الإدارية.
وبحسب وكالة “إرنا” فقد أكد رئيس البرلمان الإيراني محمد باقر قاليباف أن القضية الأساسية للبلاد اليوم هي الاقتصاد، وينبغي تجنب العمل السياسي والتعامل على الهامش، كما يقوم رؤساء القوى والمسؤولون الاقتصاديون في البلاد باستمرار بحل القضايا الرئيسية مثل اختلال توازن الطاقة وتعزيز رفاهية الأسر.
لكن مؤخراً، وفقا لقاليباف “نشر أحد ممثلي طهران نصاً غير صحيح وبعيداً عن النزاهة ضد موقف رئيس البرلمان” بشأن التعيين غير القانوني للنائب الاستراتيجي للحكومة، الأمر الذي أثار شائعات ومعلومات مضللة.
كما كشف رئيس المجلس أن بعض النواب اقترح إحالة رئيس الجمهورية إلى المحكمة بسبب عدم التزامه القانون، لكنه اعتبر أنه الأفضل تقديم شكوى إلى ديوان العدالة الإدارية لإبطال قرار التعيين.
وأكد قاليباف في مقطع فيديو نشره موقع “تابناك”: “في قضية ظريف، بدلًا من إحالة الرئيس إلى المحكمة، أحلنا القضية إلى محكمة القضاء الإداري”.
وأعلن رئيس البرلمان: “لم أصوّت على مشروع القانون الطارئ ذي الأولوية المزدوجة لتعديل قانون الوظائف الحساسة، وقال البعض إنه يجب علينا مقاضاة الرئيس لعدم التزامه بالقانون، لكننا قلنا إنه يجب علينا تقديم شكوى إلى المحكمة الإدارية لإلغاء أمر تعيين ظريف”.
آخر تطورات القانون
وعن آخر تطورات مراجعة القانون المعدل لقانون تعيين الأشخاص في الوظائف الحساسة في البرلمان، أعلن أحمد بيكدلي عضو اللجنة الاجتماعية بالمجلس في مقابلة مع وكالة “تسنيم” التابعة للحرس الثوري 14 يناير/كانون الثاني 2025: “أنه لم يكن هناك تصويت، وتمت إحالة مشروع القانون إلى اللجنة الاجتماعية المتخصصة للمراجعة”.
وأضاف: “عقدنا اجتماعاً 7 يناير/كانون الثاني 2025 بحضور ممثلي الجهات الرقابية والأمنية الأربع بالإضافة إلى ممثل وزارة الداخلية والشؤون الخارجية وفي هذا الاجتماع، ورغم آراء المعارضين والمؤيدين، لم يتم اتخاذ أي قرار نهائي، وأحيل مشروع القانون مرة أخرى إلى اللجنة المتخصصة”.
المادة “رقم 2” من قانون تعيين الأشخاص في الوظائف الحساسة التي تتعلق بجنسية أزواج وأبناء الأشخاص المرشحين لوظائف حساسة كانت مثارا للجدل بحسب بيكدلي، الذي أوضح أن “غالبية الآراء مبنية على شرط عدم حصول الشخص وزوجته على جنسية أجنبية لتولي وظائف حساسة، والخلاف يدور حول جنسية الأبناء”.
أما ما يخص الموعد النهائي المحتمل لاستكمال مراجعة هذا المشروع في اللجنة الاجتماعية، فقال بيكدلي: “من المحتمل أن يتم تحديد مشروع القانون المذكور أيضًا في الاجتماع الأول للجنة الاجتماعية بعد أسبوع من زيارات النواب للدوائر الانتخابية، ستقوم اللجنة بإرسالها بعد ذلك إلى المجلس لاتخاذ القرار النهائي”.
وقد سعت حكومة مسعود بزشكيان منذ بداية عملها إلى تعديل هذا القانون، وفي جلسة البرلمان العلنية يوم 17 نوفمبر/تشرين الثاني 2024، طرح مجيد أنصاري، نائب الرئيس الإيراني للشؤون القانونية، طلبًا بإعطاء الأولوية لمشروع تعديل قانون “تعيين الأشخاص في الوظائف الحساسة”، لكن هذا الاقتراح رُفض بعد معارضة 207 أصوات.
ومن ناحية أخرى، وصفت الحكومة هذه الانتقادات بأنها ذات دوافع سياسية وتفتقر إلى الأسس الموضوعية، إذ قالت فاطمة مهاجراني، المتحدث باسم الحكومة الإيرانية، “إن وجود محمد جواد ظريف كـ”شخصية خبيرة” في المجال الدولي والسياسة الخارجية يمثل “قيمة” للبلاد والحكومة”.
وأضافت في تصريحات لوكالة “مهر” للأنباء يوم 20 نوفمبر/تشرين الثاني 2024: “أن قانون تعيين الأشخاص في الوظائف الحساسة هو “اغتيال للكفاءات الوطنية”.
مرسوم رئاسي
وجدير بالذكر أن محمد جواد ظريف حاصل على دكتوراه في القانون والعلاقات الدولية، وهو سفير ومندوب إيران الدائم لدى الأمم المتحدة حتى عام 2007 ونائب وزير الخارجية ثم وزير الخارجية في الحكومتين الحادية عشرة والثانية عشرة، وترأس لاحقاً مجلس الإشراف على اختيار أعضاء مجلس الوزراء في حكومة مسعود بزشكيان.
ويُعرف ظريف كإحدى الشخصيات البارزة في السياسة الخارجية الإيرانية، لكن إقامة أسرته في الولايات المتحدة وجنسية أبنائه كانت دائماً محط انتقاد من معارضيه، وأكد ظريف بحسب ما نشر حساب وكالة الأنباء الرسمية “فارس” عبر موقع التواصل الاجتماعي “X”، “أنه سيواصل أعماله ولن يشغل باله بهذه القضايا”.
وعلى الرغم من ذلك، في 1 أغسطس/آب 2024، بعد وقت قصير من تولي بزشكيان رئاسة إيران، عيّن ظريف كـ”مساعد استراتيجي لرئيس الجمهورية“.
وبحسب وكالة الأنباء الرسمية (إرنا)، أكد بزشكيان في رسالة تعيين ظريف أن الأخير سيكون “مسؤولاً عن رصد أبرز التطورات الوطنية والدولية ومدى النجاح في تحقيق أهداف الدستور وإبلاغ الرئيس بذلك”.
وقد استحدث بزشكيان منصب “نائب الرئيس الإيراني للشؤون الاستراتيجية” لتعيين جواد ظريف الذي استقال من هذا المنصب ردًا على الضغوط، لكنه عاد لاحقًا إلى منصبه.