ترجمة: نوريهان محمد البهي
نشرت صحيفة هم ميهن، الأحد 12 يناير/كانون الثاني 2025، تقريرا يستعرض تطورات سياسية في بعض الأحزاب والحركات الأصولية الإيرانية.
وأشارت الصحيفة إلى أن المشاركة التي بلغت 50% في الانتخابات الأخيرة تُظهر أن الإصوليين لا يزالون يتمتعون بقدرة أكبر على إقناع الجماهير، حتى في ظل مجتمع يعاني من السخط، وفي ظل هذه التطورات، يبدو أن المشهد السياسي الإيراني يشهد تحولات كبيرة، حيث تتنافس القوى المختلفة لفرض رؤيتها على مستقبل البلاد.
وحول التطورات الأخيرة في تشكيلات التيار الأصولي الإيراني، أشارت الصحيفة إلى تحولات مهمة في تشكيلتين بارزتين لحزبي شریان، ومؤتلفة.
حركة شريان
ووفقا لتقرير الصحيفة، فإنه في أواخر مارس/آذار 2023، شهد التيار الأصولي الإيراني ولادة حركة شريان، ورغم كونها أحد أحدث الكيانات الأصولية، فقد أُشير إلى أن حركة شريان تمثل امتدادا لجبهة “بايداري”؛ نظرا إلى وجود شخصيات متشددة كانت تنتمي إليها سابقا.
وأفادت الصحيفة بأنه في أول مجلس مركزي للحركة، تم اختيار عدد من الوجوه السياسية المعروفة، أبرزهم حميد رسائي، النائب السابق في البرلمان وأحد قادة جبهة “بايداري”، وسمية رفيعي، النائبة السابقة في البرلمان، وأبو القاسم جراره، العضو السابق في البرلمان خلال الدورة التاسعة، لكن فور الإعلان عن تشكيل المجلس، أصدر مكتب سمية رفيعي بيانا رسميا ينفي عضويتها في الحركة، مما أضاف تعقيدا للمشهد السياسي.
ووفقا للصحيفة، يشير تشكيل المجلس إلى بداية تحرك جاد لـحركة شريان لتعزيز نفوذها في الأوساط الأصولية؛ في محاولة لإعادة رسم معالم المشهد السياسي الإيراني.
وأشار تقرير الصحيفة إلى أن حركة شريان لها ارتباط واضح بحكومة الرئيس الراحل إبراهيم رئيسي، حيث إن 11 عضوا من أصل 31 عضوا في المجلس كانوا من أفراد حكومة رئيسي.
وأضافت الصحيفة، أنه على الرغم من هذه التشكيلة، يبقى السؤال قائما حول تأثير حركة شريان في السياسة الإيرانية: هل ستعزز نفوذ الحكومة داخل التيار الأصولي، أم ستسعى لخلق توازن جديد؟
وأشارت إلى أنه في أقل من عام على تأسيسها الرسمي، وجدت حركة شريان الأصولية نفسها أمام أول اختبار انتخابي لها.
وأضافت أن حركة شريان الأصولية سعت إلى تمييز نفسها عن التيارات الأصولية الأخرى من خلال تقديم قوائم انتخابية مختلفة تماما، ففي طهران، على سبيل المثال، كان 29 مرشحا من أصل 30 في قائمة الائتلاف الذي شكلته الحركة غير موجودين في القوائم الأصولية الأخرى.
وفقا لتقرير الصحيفة، فإنه خلال الأيام المتبقية حتى الانتخابات، تصدرت شخصيات مثيرة للجدل مثل النائب أمير حسين ثابتي المشهد، حيث شن ثابتي هجوما علنيا ضد القادة التقليديين في التيار الأصولي، وصرح في رسالة موجهة إلى غلام علي حداد عادل: “الآن لم تدرك بعدُ أن فساد شبكات المحسوبية أثار حتى حلفاءك السابقين؟”.
وأشارت الصحيفة، إلى أن غلام علي حداد عادل، السياسي البارز، الذي شغل عدة مناصب رفيعة مثل رئاسة البرلمان، يعد من أبرز القادة التقليديين في التيار الأصولي.
بينما أمير حسين ثابتي، فهو من الوجوه الجديدة في حركة شريان، ويشتهر بتصريحاته الجريئة التي ساهمت في زيادة الانقسامات داخل التيار الأصولي.
وتابعت الصحيفة، أن حركة شريان اتبعت النهج نفسه في الانتخابات البرلمانية التالية، حيث استفادت من أقل نسبة مشاركة في تاريخ الانتخابات البرلمانية، ورغم هذه المشاركة المحدودة، نجحت الحركة في تأمين مقاعد بالبرلمان، حيث تمكن ثلاثة من أعضاء مجلسها المركزي، وهم حميد رسائي، وأبو القاسم جراره، وسيد مرتضى محمودي، من الوصول إلى البرلمان.
وأشارت إلى انتخابات الرئاسة الأخيرة، حيث تبنت حركة شريان سياسة مشابهة، ولكن دون المواجهة مع جبهة “بايداري”، حيث دخلت في تحالف مع جبهة “بايداري” لدعم سعيد جليلي عضو مجلس مجمع تشخيص مصلحة النظام.
وأضافت أنه رغم هذه التحالفات، لم تحقق الحركة نجاحا في الانتخابات الرئاسية، وبعد فشلها، توجهت إلى التركيز على قضايا مثل إقصاء محمد جواد ظريف، نائب الرئيس الإيراني للشؤون الاستراتيجية، من الحكومة.
حركة شريان: تحولات جذرية
ووفقا لما ذكرته الصحيفة، فإن حركة شريان شهدت تطورات مهمة مع إعلان التشكيل الجديد لمجلسها المركزي، حيث ضم شخصيات بارزة من “مؤسسة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر”.
ومن بين هذه الشخصيات، محمد رضا ميرشمسي، أحد نواب رئيس حركة شريان، ومعاون الشؤون الاجتماعية والأجهزة التنفيذية في مؤسسة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، وطهورا نوروزي، عضو مجلس الحركة والتي تولت منصب “المدير العام لمؤسسة الحجاب والعفاف الوطنية” في مارس/آذار 2023.
وفي إطار التطورات داخل حركة شريان، أشارت الصحيفة إلى أن هناك أسماء جديدة برزت في التشكيل الثاني للمجلس المركزي، مع تعزيز حضور الوجوه البرلمانية والسياسية البارزة.
وأضافت الصحيفة، أن من بين هؤلاء، محمد معتمدي زاده عضو في البرلمان الإيراني، وأربعة أعضاء آخرين من البرلمان الإيراني، وهم: سيد مرتضى محمودي، محمد رستمي، مهدي فلاح، وأحمد آريائي نژاد.
إضافة إلى ذلك، شهد التشكيل الجديد للمجلس المركزي انضمام وجوه سياسية مرتبطة بحكومة الرئيس الإيراني الراحل إبراهيم رئيسي، مثل عبد الله مرادي، مدير عام الشؤون السياسية في وزارة الداخلية، وروح الله سلغي، نائب الشؤون السياسية والأمنية في محافظة مازندران، وكذلك مهدي صفر خانلو، المحافظ السابق لمدينة گرمسار.
حزب المؤتلفة
وفي سياق تطوراته السياسية الداخلية، أشارت الصحيفة إلى أن حزب المؤتلفة الإسلامية، أحد أقدم الأحزاب الأصولية في إيران، أعلن عن انتخاب مجلسه المركزي للمرة الرابعة عشرة خلال مجمعه العام الذي عُقد مؤخرا 8 يناير/كانون الثاني 2025.
وفي هذا السياق، أكدت الصحيفة أن هناك تغييرات ملحوظة في المجلس المركزى لحزب المؤتلفة الإسلامية، فمن أبرز التغييرات في الدورة الرابعة عشرة، زيادة عدد أعضاء مجلسه المركزي مقارنة بالدورة السابقة، حيث انضم في هذه الدورة 40 عضوا مقارنة بـ35 عضوا في الدورة السابعة عشرة، مما يعكس توسيع نطاق الحزب وزيادة تأثيره في الساحة السياسية.
وفي ما يتعلق بالموقف السياسي، أشارت الصحيفة إلى أن المجلس المركزي لحركة شريان يضم مزيجا من الشخصيات الجديدة والقديمة، تركز على توسيع نفوذها السياسي داخل إيران، حيث تسعى الحركة، عبر تعزيز أنشطتها في مختلف المحافظات، إلى زيادة تأثيرها في الساحة السياسية.
وأفادت الصحيفة بأن حركة شريان قد تستغل انتخابات المجالس البلدية والريفية القادمة كفرصة للسيطرة على المجالس المحلية بالمدن الكبرى، وفي هذا السياق، نقلت الصحيفة تصريحات أبو القاسم جَراره، الأمين العام للحركة، الذي أكد أن “شريان” تعمل على “بناء شبكة فكرية” تعتمد على دعم الشباب المؤهلين.
ومن ناحية أخرى، أشارت الصحيفة إلى أن حزب المؤتلفة الإسلامية يسير بتوجه أكثر حذرا في مسألة التغيير السياسي، وأضافت أنه رغم زيادة عدد أعضاء المجلس المركزي مقارنة بالمرحلة السابقة، فإن الحزب لا يبدو أنه يشهد تحولات جذرية في استراتيجيته السياسية.
وتساءلت الصحيفة في ختام تقريرها: “في ضوء هذه التطورات، فإن السؤال يبقى حول كيفية تأثير هذه التحولات على مستقبل السياسة الإيرانية في المرحلة القادمة؟”.