كتبت: شروق السيد
بعد مقتل حسن نصر الله، الأمين العام لحزب الله، في الهجوم الإسرائيلي على الضاحية الجنوبية ببيروت في 27 سبتمبر/أيلول 2024، شنت إيران هجوما صاروخيا على إسرائيل في الأول من أكتوبر/تشرين الأول 2024، وفي أعقاب هذا التصعيد العسكري، برزت أصوات بعض الحقوقيين الإيرانيين تعبر عن مخاوفها من اندلاع حرب جديدة.
نشطاء إيرانيون يدعون إلى وقف الحرب
أصدر مجموعة من النشطاء الإيرانيين، عشية الذكرى السنوية لهجوم حماس على إسرائيل، بيانا يشككون فيه في إجراءات حكومة نتنياهو خلال العام الماضي، وأطلقوا على أنفسهم “الصوت الثالث”، مؤكدين ضرورة تجنب تصعيد الحرب، والدفاع عن السلام والحرية والكرامة الإنسانية.
أشار 135 ناشطا إيرانيا من داخل البلاد وخارجها، في بيان نُسخة منه وصلت إلى موقع “صوت أمريكا” يوم الاثنين 7 أكتوبر/تشرين الأول 2024، إلى “الذكرى السنوية لهجوم حماس على إسرائيل”، معتبرين أن الهجوم الإسرائيلي “بأمر من حكومة نتنياهو” على غزة يمثل “مظهرا واضحا للإبادة الجماعية”.
وجاء في البيان: “في أعقاب اغتيال قادة حماس وحزب الله، وهجوم الجيش الإسرائيلي على جنوب لبنان، وإطلاق الصواريخ من قبل الحكومة الإيرانية على إسرائيل، ارتفع خطر تصعيد الحرب وقد تتحول إيران إلى واحدة من بؤر وساحات الحرب”.
ووصفوا تصريحات المسؤولين الإسرائيليين حول “شرق أوسط جديد” بأنها “مزاعم متطرفين إسرائيليين” و”هي مجرد دعوة للصراع والمزيد من القتل والدمار في المنطقة”.
كما ذكر الموقّعون على هذا البيان أن لا إطلاق الصواريخ من قِبَل إيران ولا الهجمات العسكرية التي تشنّها المجموعات المعروفة بـ”محور المقاومة” على إسرائيل تُسهم في مساعدة الفلسطينيين، و”لا القنابل الإسرائيلية على غزة ولبنان وإيران تجلب السلام والديمقراطية والحرية”.
وبحسب قولهم، فإنَّ “دعم أي جانب من جوانب الصراع” في سياق الأحداث الجارية في الشرق الأوسط يعد “خيانة للشعوب وإيذاء لحياة البشر”، وإن “النتيجة لن تكون إلا الموت والدمار”.
ودعا الموقّعون على البيان إلى “وضع حدّ لجنون تجّار الموت”، وقالوا: “باعتبارنا الصوت الثالث الذي، رغم اختلاف الرؤى، يعارض نزعة الحرب وتأجيج الصراع من كلا الطرفين، نطالب الأمم المتحدة، والدول الأعضاء، والمؤسسات الحقوقية، والشعوب الداعمة للسلام والديمقراطية في إيران وإسرائيل والمنطقة والعالم، بزيادة الضغط على جميع أطراف النزاع، والعمل من أجل تحقيق وقف فوري لإطلاق النار في المنطقة، للحيلولة دون اتساع رقعة الحرب ووقفها”.
نرجس محمدي: لا للحرب
قالت نرجس محمدي، الناشطة الحقوقية في حوار صحفي في ذكرى حصولها على جائزة نوبل للسلام: “السلام بالنسبة لي ليس مجرد غياب الحرب، بل هو التحرر من أي نوع من الاستبداد، والسيطرة، والتمييز، والتهديد، والرعب، وانعدام الأمن. الحياة في ظل الفصل العنصري القائم على النوع الاجتماعي لا تمثل أي شكل من أشكال السلام للنساء.
أتذكر الحرب المدمرة التي استمرت ثماني سنوات بين صدام حسين والخميني.
لقد مرت أيام مراهقتي تحت تهديد القنابل التي كانت تتساقط على مدينتي الجميلة والحبيبة زنجان، لم يكن ذلك الخوف مجرد شعور في عيني وجسدي، بل تسرب إلى عمق عظامي ولم يغادرني قط، هذه الأيام، يعود شبح الحرب ليخيم على بلدنا العزيز مرة أخرى، أنا أكره الحرب”، وذلك وفقا لموقعها “narges mohammadi“.
آتنا دائمي: هذه الحرب ليست حرب الشعب الإيراني
كما كتبت آتنا دائمي الناشطة الحقوقية: “لقد رأينا أن الفساد، والفقر، والتمييز، وانعدام المساواة، والقمع، والظلم المنهجي، وغياب العدالة والحريات الاجتماعية، وانعدام رؤية واضحة للمستقبل؛ قد أتعبت الناس. والآن، بعد سنوات عديدة، أضيف خطر الحرب إلى هذه القائمة وألقى بظلاله الثقيلة على بلدنا”.
لقد ظل الطرفان المتورطان في هذا الصراع يهدد بعضهما بعضا بالتدمير لسنوات، وهذه الحرب ليست حرب الشعب الإيراني!
أؤمن بأن الحرب لا يمكن أن تكون حلا لهذه المشاكل. لقد أظهرت التجارب التاريخية المؤلمة أن الحرب لا تجلب سوى مزيد من الدمار والقتل والمعاناة، وأن الضحايا الرئيسيين هم دائما المدنيون الأبرياء والعزل”.
مخاوف المجتمع المدني الإيراني من وقوع حرب
كتبت “دويتشه فيله” الألمانية بنسختها الفارسية: “في ظل الظروف التي واجهت فيها إيران عقوبات اقتصادية على مدى عقود، وتعاني حاليا من أزمات واسعة النطاق، يبدي المجتمع الإيراني والرأي العام قلقا متزايدا إزاء الضغوط الإضافية الناجمة عن احتمال وقوع حرب”.
ورغم أن إيران قد حققت، خلال السنوات التي تلت الحرب مع العراق، تقدما كبيرا في المجالات العسكرية والتكنولوجية، وأصبحت واحدة من القوى الإقليمية المهمة، فإن الذاكرة الجماعية للحرب الطويلة والمرهقة ما زالت تؤثر على العقلية العامة وصناع القرار في المجال العسكري، هذه التجربة المريرة قد تدفع صناع القرار للتعامل بحذر أكبر مع الخيارات العسكرية.
بمعنى آخر، فإن المجتمع الإيراني ليس جاهزا، لا من الناحية الأيديولوجية ولا الاقتصادية، لخوض حرب جديدة”.
تأثير الحرب على الاقتصاد في إيران
شنّت إيران هجوما صاروخيا على الأراضي المحتلة، كرد فعل على اغتيال إسماعيل هنية وانتهاك سيادتها، وكذلك على مقتل حسن نصر الله، الأمين العام لحزب الله اللبناني، لكن ما تأثير هذا الهجوم والردّ المحتمل من إسرائيل على الأسواق في إيران؟
في هذا السياق، قال مرتضى افقه، المحلل الاقتصادي، في حديث مع موقع “اقتصاد 24” الإيراني، ردا على سؤال حول رأي بعض الخبراء في أن احتمال نشوب صراع حاد بين إيران وإسرائيل قد يتسبب باضطرابات كبيرة في الأسواق العالمية وأيضا في السوق الإيرانية؛ فما هو الدور الذي يجب أن تلعبه الحكومة لإدارة الأسواق في إيران للسيطرة على التوترات الناشئة؟ قال افقه: “منذ فترة طويلة والمتغيرات الاقتصادية في إيران تتأثر بالتطورات الإقليمية والدولية، ومنها العقوبات، حيث إن تأثير هذه العقوبات لا يقتصر على الآثار المباشرة؛ بل يمتد إلى الأخبار المتعلقة بها والتي تؤثر أيضا على الأسواق”.
وأضاف: “بعد حرب غزة، شهدنا كيف أن التوترات السياسية أثّرت على السوق الإيرانية، والآن بعد هجوم إسرائيل على لبنان وشنّها عملية برية على أراضيه، واستهدفت إيران أيضا أهدافا في الأراضي المحتلة، فإن هذه المسألة ستؤثر على الاقتصاد الداخلي والعالمي أيضا، لأن اتساع رقعة الحرب سيؤدي إلى تأثيرات على منطقة الخليج بالكامل وأسعار النفط، وبالتالي، فإن العالم يشعر بالقلق من هذه الحرب بسبب انعكاساتها على المتغيرات الاقتصادية للدول الأخرى، خاصةً الدول الصناعية التي تعتمد على نفط الخليج”.
ماذا قال رواد التواصل الاجتماعي في إيران عن الهجوم الإسرائيلي المحتمل؟
كتب حساب باسم “مهدی کیادربند سری“: “وافقت الحكومة الأمنية للكيان الصهيوني مؤقتا على عدم الهجوم على إيران؛ لأن غدا هو الغفران، إسرائيل سترد على إيران من خلال اغتيال أو هجوم على أحد المراكز العسكرية في الأيام المقبلة، العقل السليم يقول: بما أن الحرب لا مفر منها، يجب أن نوجه الضربة الأولى، وأي يوم أفضل من يوم الغفران…”.
كتب حساب باسم “ميلاد رضايي“: “بالله، ثم يريدون تخويف الإيرانيين من هجوم إسرائيل، شخص مستعد لفتح حرب إقليمية من أجل إغلاق المدارس حتى يتمكن من الذهاب إلى الشمال. (يسأل أحد الطلاب في الصورة الملحقة إذا هاجمت إسرائيل إيران كم يوما ستغلق المدارس وهل يمكنه حينها الذهاب إلى الشمال؟).
هل تصدقون أنه إذا حدث شيء كهذا، ستظهر طوابير وزحام مروري شديد في المحاور الرئيسية نحو المحافظات الشمالية، وليس بسبب الخوف من هجوم إسرائيل وأمريكا، بل لأنهم يريدون الاستعداد لشوي الدجاج؟!”.
كما كتب حساب باسم “بابک عابدینی“: “نحن لا نخاف من الحرب، لكن لا يمكن تبرير قبولها إلا للدفاع، يتحدث البعض عن حياة الإنسان ومنافعه ومضاره كأنهم يملكونها، لا يهم إذا كنت في إيران أو لا، عالما أو جاهلا، خبيرا عسكريا أو سياسيا أو أي لقب آخر؛ لا أحد يمتلك هذا الحق”.
كما كتب حساب باسم “Fariborzkalantari“: “جاءت الحكومة بشعار (الوفاق)، لكنها تهدر الميزانية بمناصب غير مجدية مثل ‘(لمساعد الاستراتيجي)! في وقت يعيش فيه الناس في خوف من الحرب، يسعى هؤلاء المدعون من خلال مؤتمرات غير مجدية للبحث في كيفية تحقيق الوفاق!”.
وكتب حساب باسم “bumblebee“: “لقد دخل الخوف من الحرب إلى أذهان الناس، صوت الطائرات كان قريبا، فخرج البعض معتقدين أن الهجوم قد بدأ”.