كتب: حسن قاسم
بدون حضور لأي من الساسة أو العسكريين الإيرانيين -على غير العادة- التقى المرشد الإيراني علي خامنئي، السلطة الدينية والسياسية الأعلى في إيران، بحشد جماهيري في حسينية الخميني بالعاصمة طهران، ليتحدث حول آخر التطورات في سوريا وأسباب سقوط نظام الأسد.
في لقاء عقد الأربعاء 11 ديسمبر/كانون الأول 2024، لم يبث على الهواء مباشرة عبر شاشات التلفزيون الإيراني، وبحسب هيئة الإذاعة والتليفزيون الإيرانية، بعد انتقادات عدة وجهت لها ومطالبات بعرضه، فقرارات بث كلمات المرشد الإيراني يتخذها مكتب خامنئي فقط.
التطورات في سوريا
بينما خلفه لافتة كتب عليها “إن الله بالغ أمره”، بدأ خامنئي حديثه حول سوريا، مؤكدا أن الأحداث المتصاعدة فيها، نتاج خطة مشتركة بين الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل، إضافة إلى حكومة أخرى مجاورة لسوريا -لم يسمها- قد لعبت دورا بارزا في تأجيج الأحداث وما زالت.
وتجدر الإشارة إلى أن وسائل إعلام إيرانية ذكرت أن الدولة التي يشير إليها المرشد الإيراني هي تركيا.
وأضاف أن من وصفهم بـ “الغزاة” أهدافهم مختلفة، وبعضهم من سوريا ويسعون إلى الاستيلاء على الأراضي، ومن الخارج تسعى الولايات المتحدة إلى تثبيت أقدامها في المنطقة.
واتهم خامنئي كلا من الولايات المتحدة وإسرائيل بأنهما كانتا تعيقان وصول المساعدات والإمدادات إلى سوريا، وتساءل: “لماذا لم تتدخل أي منهما لفض النزاع في سوريا”.
وأضاف أن إسرائيل قصفت 300 موقع في سوريا وأمريكا 75 موقعا، مؤكدا أن القصف شمل مواقع مرتبطة بالبنية التحتية السورية .
وتساءل خامنئي: “إذا لم تكن للولايات المتحدة علاقة بالأحداث في سوريا، وإذا لم تكن متورطة فيها مستترة خلف الجماعات الإرهابية أو الجماعات المسلحة الأخرى –بحسب قوله- فلماذا تتدخل ولماذا تمتنع عن مساعدة الشعب السوري؟”
ثم عاد وأكد أن أهداف من وصفهم بالغزاة من داخل سوريا وخارجها لن تتحقق، وسوف يتمكن من وصفهم بالشباب السوري الثائر الحر من تحرير المناطق التي تم الاستيلاء عليها، في إشارة إلى المناطق الواقعة تحت سيطرة فصائل المعارضة السورية.
أما الولايات المتحدة الأمريكية، فيرى خامنئي أنها “لن تتمكن من إحكام قبضتها، وسوف يتم طردها من المنطقة من قبل جبهة المقاومة”، بحسب نص حديثه.
سوريا وإيران
كما أكد المرشد الإيراني أن إيران قدمت الدعم للحكومة السورية في أزمتها الأخيرة، وقد سبقتها سوريا بتقديم دعم مماثل أثناء ما وصفه بدفاع إيران المقدس -في إشارة إلى الحرب الإيرانية العراقية- حيث قطعت سوريا أنابيب النفط التي كانت تتدفق في البحر المتوسط وأوروبا، وكانت تصب أموالها في جعبة صدام، بحسب قوله.
وأضاف أن إيران في المقابل عندما أصبحت سوريا في منعطف حرج، أرسلت القائد السابق لفيلق القدس التابع للحرس الثوري، قاسم سليماني، حيث قام في سوريا بتدريب وتسليح وتنظيم مجموعة من آلاف الشباب، لكن بعدها اختلف بعض المسؤولين العسكريين السوريين مع القوات الإيرانية التي تقدم لهم المساعدة، وعملوا وفق مصالحهم الخاصة، لذا بعد القضاء على تنظيم الدولة في سوريا، اضطر جزء من القوات الإيرانية للعودة إلى بلاده.
وفي سياق متصل، أكد خامنئي أن إضافة إلى الدعم العسكري الذي قدمته إيران للنظام السوري قبل سقوطه، كان جهاز الاستخبارات الإيراني ينقل تقارير تحذيرية للسلطات السورية قبل بضعة أشهر، ولكنهم لم يأبهوا بذلك، حسب قوله.
وحول تأثير سقوط نظام الأسد والأحداث المتصاعدة في سوريا، على إيران وما يعرف بـ”محور المقاومة”، قال خامنئي إن “عملاء الغطرسة” سعداء بعد هذه الأحداث في سوريا، حيث كانوا يعتقدون أن “جبهة المقاومة ستضعف” بسقوط الحكومة السورية.
وأضاف أن ما وصفه بـ “المحلل الجاهل” هو فقط من يعتقد أن المقاومة أصابها الضعف، أو أن إيران فقدت قوتها، نتيجة لتلك الأحداث، واصفا المقاومة بأنها فكر ومدرسة لا يمكن القضاء عليها.
وتوعد خامنئي الجميع بأن المقاومة سوف يتسع نطاقها وتنتشر في كافة أرجاء المنطقة، مؤكدا أنه كلما زاد الضغط على المقاومة ازدادت قوتها وصلابتها، مضيفا أن إسرائيل تزيل كل الشكوك حول صحة مسار المقاومة، وصلابة حزب الله بعد اغتيال أمينه العام حسن نصر الله هي ما دفع إسرائيل إلى طلب وقف إطلاق النار، وهو ما يدلل على صحة التمسك بخيار المقاومة، حسب قوله.
تواجد إيران في سوريا والعراق
وعن التواجد الإيراني في سوريا والعراق، فأرجعه خامنئي، إلى وجود تنظيم داعش، واصفا إياه بالقنبلة التي تسببت في زعزعة الأمن بالعراق وسوريا والمنطقة بأسرها، مضيفا أن أحد أهداف التنظيم الرئيسية كان جعل إيران غير آمنة.
وبحسب حديث خامنئي، “فأمن إيران هو أحد الأسباب الرئيسية لتدخلها في تلك البلاد، حيث أدرك المسؤولون الإيرانيون أن انعدام الأمن في سوريا والعراق سوف ينتقل إلى إيران أيضا، لذا قامت طهران بإرسال قواتها إلى هناك”.
أما السبب الآخر بحسب حديثه، فهو “الحفاظ على حرمة العتبات المقدسة”، واصفا تنظيم داعش بأنهم بعيدون عن الدين ومعادون لـ”العتبات المقدسة”، حيث قاموا بعمليات تدمير وتخريب لبعض منها في سامراء وكانوا يخططون لتكرارها في النجف وكربلاء ودمشق وغيرها، مما اضطر إيران إلى الوجود العسكري في سوريا والعراق؛ لحماية “عتبات آل البيت”، حسبما صرح خامنئي.
لكنه أضاف أن “هذا الوجود لا يعني القتال عوضا عن جيوش سوريا والعراق، وإنما كانت وظيفة القوات الإيرانية استراتيجية، تتمثل في تشكيل تمركزات رئيسة مهمة، وتحديد الاستراتيجيات والتكتيكات، إضافة إلى تدريب بعض الشباب في البلدين”.