حوار مصطفى أفضل زادة، مراسل “زاد إيران” في طهران
ترجمة: علي زين العابدين برهام
أثارت تصريحات الرئيس السوري أحمد الشرع “أبو محمد الجولاني”، حول العلاقات السورية الإيرانية تساؤلات عدة حول مستقبل هذه العلاقات، في ظل تطورات الأوضاع في سوريا والمنطقة.
أجرى موقع “زاد إيران” حوارا، للإجابة عن هذه التساؤلات، مع سعد الله زارعي، الأستاذ بجامعة العلامة طباطبائي والخبير في الشؤون الدولية، ورئيس مركز “انديشه سازان نور” للدراسات السياسية، وفي ما يلي نص الحوار:
أعلنت وسائل الإعلام أن “أبو محمد الجولاني”، قائد جماعة “هيئة تحرير الشام”و الرئيس السوري الحالي، صرح خلال مقابلة مع قناة “العربية” السعودية بأن سوريا لا يمكنها قطع علاقاتها مع دولة كبيرة مثل إيران، لكنه أشار إلى أن علاقات دمشق وطهران يجب أن تقوم على أسس دبلوماسية، واحترام متبادل لسيادة الدولتين، وعدم التدخل في الشؤون الداخلية. هل لدى الحكومة الجديدة في سوريا رغبة في إقامة علاقات مع إيران؟ وما أهمية هذه العلاقات بالنسبة لسوريا؟
تعتمد طبيعة العلاقات بين إيران والحكومة الجديدة في سوريا على مدى رغبة هذه الحكومة في التعاون مع إيران، فالسياسة الإيرانية تستند إلى إقامة العلاقات على المستوى الدولي، وهي مبدأ أساسي في السياسة الخارجية الإيرانية.
لا تعتمد إيران سياسة “الامتناع” في سياستها الخارجية، بل تسعى لإقامة علاقات فعالة مع الدول. لهذا السبب، حتى في البلدان التي لا توجد فيها مصالح اقتصادية كبيرة، تحتفظ إيران بعلاقات دبلوماسية قائمة.
سفاراتنا تعمل في العديد من الدول بشكل منتظم ومستمر، ولا يوجد مبدأ يمنع إقامة علاقات مع سوريا الجديدة، ولكن مستوى العلاقات وآثارها ونتائجها سيكون وفقا لمسار ونهج الحكومة السورية الجديدة. وهذه المسألة تتوقف على عدة عوامل، منها: مدى اهتمام الحكومة الجديدة بشؤون الشعب السوري، وإلى أي درجة تكون رؤيتها مبنية على مصالح سوريا الوطنية، ومقدار الأهمية التي توليها للعلاقات مع إيران على المستوى الإقليمي.
لكن على أي حال، من الواضح أن أي حكومة جديدة في دمشق، بغض النظر عن توجهاتها، ستحتاج حتما إلى إقامة علاقات مع إيران. إيران تتمتع بقوة وموقع استراتيجي على المستوى الإقليمي، ولا يمكن لأي حكومة سورية أن تتجاهل أهمية العلاقات مع طهران.
أقول باختصار، إن العلاقات بين إيران ودمشق ستستمر، لكن مستوى هذه العلاقات وأبعادها ونتائجها سيعتمد على نهج الحكومة السورية الجديدة ومدى استعدادها للتعاون مع إيران.
أعلنت وزارة الخارجية الإيرانية تعيين محمد رضا رؤوف شيباني ممثلا خاصا لوزير الخارجية عباس عراقجي. ما هدف إيران من هذا الإجراء؟
شيباني ليس ممثلا خاصا بالشكل الرسمي، ولم يُمنح تفويضا خاصا، هو شخصية تم تقديمها من قبل إيران لتكون مسؤولة عن الشؤون السورية. العلاقات بين إيران وسوريا ليست في المستوى الطبيعي هذه الفترة، وتعيين ممثل خاص يتطلب ردا إيجابيا من الطرف الآخر، إذ يجب أن يكون هناك تنسيق مسبق مع الدولة التي سيعمل فيها الممثل الخاص.
بعبارة أخرى، نحن لم نصل بعد إلى مستوى العلاقات الذي يسمح بتعيين ممثل خاص بشكل رسمي مع الحكومة السورية الجديدة.
كيف تقيّم أهمية العلاقة بين البلدين؟ وهل توجد عقبات أمام إقامة هذه العلاقة؟
إحدى أهم العقبات هي تشكيل الحكومة السورية الجديدة تحت تأثير الجبهات الخارجية بدلا من أن تكون مبنية على مصالح الشعب السوري. بمعنى أن تشكيل حكومة عبر توافق بين القوى الخارجية لا يتماشى مع المبادئ والرؤى والقضايا التي تتبناها إيران.
وبناء عليه فما يطرح الآن أولا هو: هل ستتشكل الحكومة في إطار وطني داخلي أم في إطار خارجي؟ والقضية الثانية تتعلق بقاعدة القوة التي تستند إليها الحكومة، فهل تعتمد على دعم الشعب السوري؟ أم أنها تعتمد على توافقات بين القوى الخارجية؟
القضية الثالثة تكمن في موقف الحكومة الجديدة من العلاقات مع إيران وجبهة المقاومة، فإذا كانت هناك رغبة في تعزيز هذه العلاقات، فمن الطبيعي أن تتشكل علاقة قوية. أما إذا لم تكن هناك رغبة، فستكون العلاقة باردة وعادية للغاية.
هل هناك دول تسعى لمنع إقامة علاقات بين إيران وسوريا؟
نعم، هناك دول لديها خلافات أساسية مع إيران، وتعتبر جزءا من الجبهة المعارضة لها. هذه الدول حاولت دائما عرقلة العلاقات الخارجية لإيران مع دول المنطقة، ومن ضمنها سوريا.
بطبيعة الحال، ستعمل هذه الدول على التدخل وخلق عقبات، لمنع تطور العلاقات بين إيران وسوريا، سواء عبر ضغوط سياسية أو اقتصادية أو من خلال دعم أطراف داخلية معارضة لتلك العلاقات.