حوار مصطفى أفضل زادة: مراسل “زاد إيران” في طهران
ترجمة: يسرا شمندي
منذ تصاعد الأحداث على الأراضي السورية، ادعت وسائل إعلام عبرية أن إسرائيل كانت على علم بموعد هجوم فصائل المعارضة السورية، كما زعمت أن هجمات الطيران الإسرائيلي على لبنان هي التي مهدت الطريق لحركة فصائل المعارضة.
حول هذا الموضوع، يناقش “زاد إيران” الخبير الإيراني في شؤون الشرق الأوسط علي رضا مجيدي.
كتبت صحيفة “يديعوت أحرونوت” في تقرير لها، أنه “من شبه المؤكد أن هناك علاقة وثيقة بين الهجوم المفاجئ لفصائل المعارضة السورية في سوريا على حلب ووقف إطلاق النار في لبنان، زاعمةً أن الهجمات الجوية الإسرائيلية مهدت الطريق لفصائل المعارضة، فما رأيك في تلك الادعاءات؟
إن فكرة العمليات ضد سوريا تعود إلى مارس/آذار 2023، لكن في أواخر سبتمبر/أيلول، عندما أصبح الصراع في لبنان أكثر جدية، وتم تأكيد ضرورة تنفيذ هذه العمليات، قامت القوات العسكرية للمعارضة بتدريب قواتها استعدادا للعملية التي بدأت تزامنا مع وقف إطلاق النار في لبنان، ولدينا دليل قوي على أنه في اليومين السابقين لوقف إطلاق النار بين إسرائيل ولبنان، قامت القوات الجوية الإسرائيلية بتدمير كل الطرق التي تربط بين لبنان وسوريا، مما أدى إلى إغلاق هذه الطرق، وهناك ستة طرق رسمية، قسمتها إسرائيل إلى عشرة، وطرقات جبلية أخرى أيضا، وقد أغلقت إسرائيل جميع هذه المسارات.
والجدير بالذكر أن النقطة الرئيسية لعبور قوات المقاومة هي نقطة حدودية في محافظة حمص السورية وتُسمى “جوسيه”، ولم يتم تدمير جوسيه فقط، بل أيضا الطريق بين جوسيه و”الغصير”، حيث تم تدميرها بالكامل بحيث لا يمكن لأي شخصٍ العبور بالسيارة، بل يجب عليه السير على الأقدام عبر الجبال.
إن هذه الدرجة من التدمير في وقت كان يتم فيه التفاوض على وقف إطلاق النار، تشير إلى أن هناك خطة أخرى كانت قيد التنفيذ، وحتى بعد قبول وقف إطلاق النار، شنت إسرائيل هجمات على المنطقة الحدودية قبل عدة ليالٍ، بهدف منع التنقل، ولكن من ناحية أخرى، اختار المعارضون توقيت بدء العملية ليكون متزامنا مع هذه الهجمات، مما يعني أن هناك عوامل أخرى تتجاوز دور إسرائيل في الحدث، ومع ذلك، من المؤكد أن إسرائيل كانت متورطة بشكل كامل في الهجمات.
بحسب الصحف الإسرائيلية، فإن مصادرها تشير إلى أن “إسرائيل كانت على علم بموعد الهجوم على حلب، وقد وقع هذا الهجوم بعد 24 ساعة فقط من تحذيرات نتنياهو للرئيس السوري بشار الأسد، قائلا له إنه يلعب بالنار وسيحاسَب على تحالفاته مع إيران وحزب الله”. ما هو سبب تأييد إسرائيل لبدء الصراعات في سوريا مباشرة بعد وقف إطلاق النار في لبنان، وماذا يقصد نتنياهو بالضبط من لعب سوريا بالنار؟
لقد تم تصميم هذه العملية في مارس/آذار 2023 من قبل الولايات المتحدة، ومن الطبيعي أن تكون إسرائيل على علم بها؛ لأن واشنطن تنظم سياستها في المنطقة المحيطة بفلسطين المحتلة، خاصة في البلدان مثل الأردن وسوريا ولبنان، إضافة إلى مصر، بناءً على التزامها بأمن ومصالح إسرائيل، لذلك، كانت إسرائيل على دراية بالعملية منذ البداية.
وفي ما يتعلق بتحذيرات نتنياهو، يجب أن نأخذ في اعتبارنا نقطتين، إذا لم تصل المعارضة إلى “حمص” وظلت عند الحدود الشمالية في “حماة”، فإن طريق الإمداد اللوجستي لحزب الله لن يتأثر، لأن هذا الطريق يتم عبر الجو من مطار دمشق، والطريق البري يمر عبر “أبو كمال” ويتجه نحو “تدمر” ثم دمشق، ومن ثم لا يتأثر بالنصف الشمالي من سوريا، أما طريق حزب الله الرئيسي، الذي كان يمر عبر “مصياف” ويمتد إلى “قصير” ثم يدخل لبنان، فهو أيضا بعيد عن حلب.
النقطة الأخرى هي أن هذه الحرب تشكل ضغطا كبيرا على الرئيس السوري بشار الأسد لدفعه إلى القبول بصفقة كبيرة ـمن هذه الزاوية، يمكن أن تكون تهديدات نتنياهو تتماشى مع هذه العمليةـ وفي السابق، كان هناك تصورٌ مفاده أن وجود المقاومة هو الضامن لاستمرار سوريا ويمنع تطورها، ولكن الآن يحاولون تقديم فكرة أن حزب الله ليس فقط غير ضامن لبقاء سوريا، بل هو عبء إضافي يهدد بقاء بشار الأسد.
تدعي القناة 12 التلفزيونية الإسرائيلية أن هناك تنسيقا محكما بين الجيشين الإسرائيلي والأمريكي استعدادا للتحولات في سوريا وتداعياتها، فهل من الممكن أن يكون لسوريا رد فعل على النظام الإسرائيلي بسبب التوترات التي نشأت في سوريا؟
لا يُتوقع أن يكون هناك رد فعل منها تجاه النظام الإسرائيلي في الوقت الحالي. من وجهة نظري، لا أعتقد أن هذا الحدث سيحدث، ومن ثمّ لن تكون الجبهة الجنوبية نشطة. لكن السيناريو المعاكس يبدو أكثر احتمالا، حيث قد تحدث تطورات في الجنوب أو الشرق السوري على غرار ما يحدث في الشمال. في جنوب سوريا، تحديدا في “درعا” حيث يوجد المعارضون، وفي “السويداء” حيث يوجد السكان المحليون، و”القنيطرة” قد نشهد تحولات ميدانية مهمة إذا لم يتحرك السكان المحليون، في الشرق.
ومع دعم الولايات المتحدة، قد نشهد ما يطلق عليه المعارضون “طلوع سوريا جديدة”، وقد يشنون هجوما على “أبو كمال” لقطع الطريق بين سوريا والعراق، هذا السيناريو يبدو أكثر احتمالا من أن تدخل المقاومة في عمليات ضد إسرائيل.
أفادت إذاعة الجيش الإسرائيلي بأن جهاز مخابراتها يتوقع خلق بؤرة توتر جديدة في سوريا خلال الأيام المقبلة. فهل ترى أن هناك احتمالا لامتداد التوتر من حلب وشمال غربي سوريا إلى مناطق أوسع؟
إن هذه المسألة قد تحققت بالفعل، في الوقت الراهن، لا يوجد حضور فعلي لجيش النظام في محافظة حلب بالكامل، والوضع في هذه المناطق يشهد تنافسا بين المناطق التي لا تزال تحت سيطرة الأكراد والأغلبية التي في يد المعارضين، والنظام السوري قد تم إخراجه من محافظة حلب، في حين سيطر المعارضون على إدلب بالكامل. كان من المتوقع أن تعود حدود 2017 وتتم السيطرة على إدلب مجددا، الآن، المعارضون يوجهون جهودهم نحو حماة، حيث تدور اشتباكات في ضواحيها، ومن المتوقع أن تتقدم المعارك أكثر، وهذا لا يعني أن المعارضين سيتقدمون فقط في هذا المحور، بل من الممكن أن تنفتح جبهات جديدة في جنوب وشرق سوريا.