كتبت: آية السيد
انتقد محمد فياض، الخبير الاقتصادي الإيراني، توجه الحكومة لتعديل الخطة الاقتصادية؛ نظراً إلى ما يعانيه المجتمع الإيراني من ضغوطات شديدة على مدار السنوات الماضية، مما يجعل القيام بهذه الخطوة الآن، يعني إيجاد ضغط إضافي على معيشة الشعب التي تقلصت بالفعل.
ووفقاً لتقرير نشرته وكالة أنباء “خبر أونلاين” 28 أغسطس/آب، فقد وصف محمد تقي فياضي خصائص الفريق الاقتصادي لحكومة بزشكيان، قائلاً: “في اعتقادي إن أهم ما يميز الحكومة الحالية عن السابقة هو توجهاتهم الكلية و الأساسية و الأكثر دقة، في الحقيقة أظهر المسؤولون الاقتصاديون في حكومة بزشكان منذ البداية أنهم يمتلكون رؤية أفضل تجاه القضايا”.
وفي ما يتعلق بأسلوب الحكومة الحالية في تحديد آليات وبرامج العمل، قال: “للأسف، لم نرَ بعدُ برنامجاً حقيقياً، بالطبع كل وزير قد أعدَّ وثيقة بعنوان برنامج، لكن هذه الوثائق تشبه البرامج السابقة التي تم تنفيذها في البلاد. في الواقع الاقتصاد ليس بحاجة فقط إلى برنامج بالمعنى الاستراتيجي، ولكن يحتاج أيضاً إلى تناول الطرق المؤدية إليه”.
وأضاف: “القول إن الاقتصاد يجب أن ينمو بنسبة 8% لا يمكن أن يعد برنامجاً بالمعنى الحقيقي، لأن القضية الرئيسية هي كيفية تحقيق هذا النمو، حيث يجب أن يتناول البرنامج شروطاً لتحقيق النمو بنسبة 8%، وطرقاً لإزالة العوائق أمام هذا الهدف، فمثلاً يجب حساب احتياجات البلاد من الاستثمار وطرق جذب المستثمرين، وإلا فسيظل البرنامج مثل البرامج السابقة عبارة عن أحلام ورغبات ولن يحقق أهدافاً عملية، ومع ذلك أعتقد أن الوزراء سيقومون بإعداد برنامج تفصيلي في المستقبل”.
وأشار مقارناً بين وزراء الحكومة الحالية والسابقة قائلاً: “من الواضح أن الوزراء الحاليين أكثر كفاءة من سلفهم، فجميعهم ينظرون إلى الاقتصاد كعلم؛ لذا من الخطأ أن نستمع إلى تصريحات غير علمية وغير منطقية كما سمعنا سابقاً. إن الوزراء الحاليين ذوو خبرة إدارية واسعة، وهذه سمة تميز الحكومة الحالية عن السابقة”.
بينما اعتبر فياضي أن التفكير والحلول الواقعية من بين ما يميز حكومة بزشكيان عن الحكومة السابقة، فقال خلال حديثه: “إذا أردنا أن نذكر خصائص الحكومتين في الفترة الحالية، فيمكن وضعها في ثلاث نقاط: الواقعية، التوجه الصحيح، المديرين ذوي الكفاءة، كما أن توجه الحكومة في السياسة الخارجية يمكنه تقليل العقوبات وخلق فرص اقتصادية أكبر”.
ووضح فياضي أهمية نجاح جميع الوزراء المقترحين في الحصول على تأييد البرلمان، وأهمية تعاون المجلس التشريعي مع الحكومة، مضيفاً: “في هذا العام دخلت البلاد لعدة شهور في حالة من عدم اليقين، وقد تسببت الأحدث المتتالية في ترك السوق والناس والمفاوضات الدبلوماسية دون اهتمام. لذا فمن وجهه نظري، إن عدم مواجهة الوزراء المرشحين لأي معارضة من المجلس يمنحهم فرصة جديدة لبدء عملهم بطاقة إيجابية ناتجة عن التناسق بين السلطات والتيارات السياسية”.
وعند سؤاله عن المطالب المنطقية من حكومة بزشكيان بناءً على الظروف الحالية، أجاب: “أكبر مشكلة في اقتصاد بلادنا هي التضخم المستمر، هذه المشكلة القديمة زادت في عهد حكومة إبراهيم رئيسي، فيمكننا اعتبار الحكومة ناجحة إذا استطاعت خفض معدل التضخم إلى نحو 20% حتى 21 يونيو/حزيران 2025، أما إذا تمكنت من خفضه إلى أقل من 20% فسيكون إنجازاً أكبر”.
وأضاف: “على الرغم من أن التضخم مشكلة اقتصادية، فإنه يؤدي إلى أزمات سياسية واجتماعية وثقافية وأمنية. لذا فإن السيطرة على معدل التضخم سيؤدي إلى تحسين كبير في الاقتصاد وأيضاً تقليل حالة التوتر المجتمعي الذي نشهده”.
وحول إمكانية خفض التضخم، قال: “يمكن السيطرة على التضخم في ظل الظروف الاقتصادية المتأزمة من خلال فرض الانضباط في النظام المالي والميزانية، حيث يمكن معالجة جزء كبير من عدم التوازن في الميزانية؛ مما يؤدي إلى خفض التضخم، فبدون العقوبات كان العجز في الميزانية يعوَّض بإيرادات النفط، ولكن هذا ليس هو المهم، بل إن القضية المهمة تكمن في أن المصروفات يجب أن تكون بقدر الإيرادات، وهذا سيكون أكثر نفعاً وضرورة في الظروف التي تعاني فيها الدولة من القيود”.
وأشار فياضي إلى اتجاه الحكومة نحو الاستقرار قائلاً: “عاش الشعب الإيراني سنوات قاسية جداً، حيث لم يتم تعويض قدرتهم الشرائية رغم التضخم الذى بلغ نحو 50%، الفقر أصاب جزءاً كبيراً من الشعب، في هذه الظروف فإن إجراء الإصلاحات الاقتصادية مرة أخرى يعني وضع عبء إضافي على المجتمع، وإضافة إلى ذلك يمكن للحكومة فرض الانضباط المالي لتقليل عدم التوازن بشكل كبير. في الواقع الإصلاحات الضرورية التي تؤدي إلى تقليل التقلبات الحالية وتحقق الاستقرار هي حاجة ضرورية للبلاد”.